الإثنين - الموافق 09 ديسمبر 2024م

أسامة إمام يكتب: ابحث عن كنزك المفقود وغير حياتك

أ.د أسامة إمام

رغم تعدد النعم التي منحها الله- سبحانه وتعالى- لنا جميعاً، إلا أن في حياة كل منا ثروة  وكنز موزع علينا جميعاً بالتساوي، ولا يوجد إنسان منح قدر أكبر أو أقل من الآخر.. هذه النعمة هي ”الوقت”- (فهو كالسيف إن لم تقطعه.. قطعك).

 

كلنا يملك سبعة أيام في الأسبوع، ولكن الفرق بيننا في كيفية إدارتنا للوقت… عزيزي القارئ.. إدارة الوقت هي كنزك المفقود الذي سيغير حياتك إن كنت ترغب حقا في ذلك.

 

ولندلل على ذلك، دعنا نتصفح حكاية ”قديمة” لعلنا نجد فيها غايتنا ورسالة قد تشكل فارقا في حياتنا… يحكى أن رجلاً حكيما استأجر عاملا لنقل غلال من الحقل إلى المتجر، واتفقا على أن يحصل العامل على ”عشر” الكمية المنقولة نظير ذلك.

 

كان العامل يحمل الغلال مستخدما آلة أقرب في هيئتها للميزان في أيامنا هذه (عبارة عن وعائين كبيرين متصلين ببعضهما عن طريق عصا غليظ)، وكان العامل يضع حجرا كبيرا في أحد الوعائين، ويحمل الغلال في الآخر لنقلها من الحقل إلى المتجر- بحسب اتفاقه مع الحكيم- وبعد انتهاء أول ”نقلة” سأله الحكيم: ”لماذا تضع حجرا كبيرا في أحد الوعائين؟.. فابتسم العامل ساخرا؛ ﻷن الغلال ثقيلة، وإن لم أضع حجرا فإن الوعاء الآخر سينقلب وتضيع الغلال على الأرض ويضيع معها نصيبي.. فنصحه الحكيم بأن يضع الغلال في الوعائين فيحفظ التوازن ويضاعف سرعة النقل.. فشكره العامل على نصيحته، ولكنه استمر على نفس طريقته، ولم يضع الغلال في الوعائين.. فعاد الحكيم ليسأله: ”لماذا لم تعدل طريقتك.. هل ما نصحتك به خطأ؟”، فأجابه العامل: ”بالعكس كان صوابا، ولكن سأبدأ من يوم السبت”… لم تنته القصة عند هذا، ولكن هذه هي النقطة التي نرغب في تسليط الضوء عليها؛ لنبين أهميتها، والهدف منها.

 

عزيزي القارئ.. كم مرة قررت أن تبدأ الريجيم من يوم السبت؟، في حياتك الدراسية.. كم مرة قررت أن تذاكر بكد من أول يوم في الدراسة من العام المقبل؟

 

فعن رسول الله- صل الله عليه وسلم- قال: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع… عن عمره فيما أفناه؟، وعن شبابه فيما أبلاه؟، وعن ماله من أين اكتسبه؟.. وفيما أنفقه؟، وعن علمه ماذا عمل فيه؟).

 

إن الإنسانَ لا تزول قدميه عن موقفِ ”الحساب” يومَ القيامةِ حتى يُسألُ.. هل أحسنت استغلال وقتك؟، أم كانت حياتك قاربا بلا شراع؟.. هل كنت تضيع وقتك هباء منثورا بلا هدف؟، أم استثمرته جيدا فيما ينفعك والناس من حولك؟

 

كما أقسم ربنا- عز وجل- بالوقت في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، حيث أقسم بالليل، والفجر، وغيرها من الآيات التي تبين لنا عظمة وقيمة هذا الكنز الثمين، الذي نضيعه، غير مكترثين به، ولا نشعر به إلا في الأزمات الكبيرة أو بعد فوات الأوان.

 

من الآن غير حياتك.. اعمل بكد على تحديد جدول لحياتك تحدد فيه أوقات العمل والراحة والترفيه ومشاركة الأسرة… إلخ، ولتضمن سهولة تحقيق ذلك يجب أن تكتب كل التزاماتك هذا الأسبوع مثلا، ثم ترسم خطة العمل وتوزعه بدقة على أيام الأسبوع، ولا تنس أن تجعل يوماً لأسرتك، ونيل قسط من الراحة.

 

والآن ننتقل لجدول اليوم ونوزعه إلى ساعات، ثم تحدد الهدف المطلوب من كل فترة، ستجد ذلك مجهدا جداً في بادئ الأمر، ولكن بعد ذلك سيصبح ”أسلوب حياة”، وهو ما يسمى في دول العالم الأول ”الأجندة”.. أي أن تحول أوقات العمل إلى أهداف محددة يجب تحقيقها من اليوم الذي تعيشه، ثم تقيم ما تم إنجازه يوميا، مع تعديل خطط اليوم التالي، والذي بدوره سيؤدي مباشرة إلى زيادة تركيزك في كل عمل تقوم به وعدم تشتتك في أكثر من موضوع، ولن تسقط من ذاكرتك أي مهمة قد تكون مكلفاً بها أو قررت الانتهاء منها في وقت سابق.

 

“من الآخر”.. اجعل لحياتك هدفا ورسالة، وقسم عمرك إلى مراحل، وحدد الهدف من كل مرحلة وكيفية استخلاص كنوزها والاستمتاع به، ومع الوقت ستجد أن الضغوط بدأت تزول عن كاهلك، والنجاح سيدفعك إلى نجاح آخر، وبذلك ستسير حياتك على ما يرام.

 

 

أ.د أسامة إمام

رئيس قسم نظم المعلومات بكلية الحاسبات جامعة حلوان

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك