الجمعة - الموافق 25 أبريل 2025م

الاعلام والسودان والجهل بالتاريخ بقلم: على القماش

كلما حدثت مشكلة مع السودان تم ترديد الاتهامات لعبد الناصر وثورة يوليو انهم فرطوا فى السودان ، وهو ماحدث مؤخرا عند اعتداء الامن بتعذيب مواطن سودانى بقسم شرطة  ، ومن قبل مع اثارة قضية مياة النيل .. وبدلا من ان يواجه هؤلاء المشكلة مباشرة ويدينوا الضابط الذى

قام بتعذيب المواطن السودانى وتواطؤ وتستر كل القيادات الآمنية عليه بدءا من وزير الداخلية حيث لم يقدموا بيانا للاعتذار ، رغم بشاعة التعذيب وتجريمه ، ورغم حساسية ما يتعلق بالسودان ، ورغم ” الولولة ” عند الاعتداء على مواطن مصرى فى الاردن وفى الكويت ( وبالطبع نحن لسنا مع الاعتداء على مواطن مصرى ) ولكن السودان ايضا دولة ومن حقها ان تدافع عن كرامه مواطنيها فى اى مكان  ، والآخطر انه تربطنا بها مصالح تاريخية ومصيرية ، ونفس الآمر فى قضية وادى النيل بدلا من التصدى بحسم لما تفعله أثيوبيا بدلا من الرعونة التى لا تتناسب مع حجم الخطر الداهم وكسب الآخر للوقت و فرض الآمر الواقع  يبحثوا عن شماعة و ” اسطوانة  مشروخة ” ، حيث وجه العديد من الكتاب- واخرهم فاروق جويدة –  والاحزاب والجماعات المعادية للرئيس عبد الناصر – مثل الوفد والاخوان –  بكيل الاتهامات لثورة يوليو بانها ارتكبت اكبر الخطايا بفصل السودان عن مصر ،   وأن السودان انقسم نتيجة تقصير الرئيس عبد الناصر عند مطالبته بجلاء الانجليزعن مصر، اذ انه فرط فى السودان والتى كانت الحكومات المتعاقبه قبل الثورة تتممسك بوحده مصر والسودان .

تماما كما كان  يروج لنفس المعنى بعض انصار الحزب الوطنى البائد ظنا ان هذا يخفف من الهجوم لتقصير الذى تسبب فى انفصال جنوب السودان
وللأسف يصدق بعض الشباب الذى لم يعش تلك الفترة كما، انه بعيد تماما عن القراءه الصحيحه للتاريخ الذى يتلاعب به البعض ، ويضلل من اجل مكاسب حزبية ضيقة او لتصفية احقاد ، او للمداهنة .. ونحن نعرض نقاط تاريخية لمن يريد ان يتناقش ويفكر .. مع التأكيد على الحب الجارف من الشعب السودانى لعبد الناصر وهو ما تجلى فى استقباله الاسطورى رغم ان هذا كان بعد أيام معدودة من هزيمة يونية 67 وهو ماحدث عند المشاركة فى المؤتمر المعروف باللاءات الاربعة

بدايه تاريخ  مؤامرات الانفصال بين مصر والسودان  ولدت قبل ان يولد عبد الناصر بسنوات طويلة ، اذ بدأت المؤامرات باتفاقيه المستعمر الانجليزى مع مصر عام 1899 بعد تمهيد وتربص منذ احتلال مصر عام 1882 وكان الموقع على معاهدة 1899 عن مصر بطرس غالى –  وهو من اسوأ الشخصيات السياسيه فى تاريخ مصر –  ثم تأججت مع معاهدة 36 والتى وقع عليها حكومة الوفد ، اى قبل ثورة يوليو بنحو 16 عاما
فوحدة مصر والسودان لايختلف عليها أحد ، فهى ولدت مع فجر التاريخ ومازال شاهدا عليها بالسودان معبد ” صلبالفرعونى بالقرب من الجندل او الشلال الرابع ،  والذى اقامه سونسرت الثانى  أعظم ملوك الفراعنه الذين اهتموا بالنيل ، كما اقام بالقرب من المعبد مقياس للنيل عند بلدتى سمنه وقمنة ، – وكم طالبنا بحفاظ مصر على تلك الاثار وكان ياتينا الرد :”اننا لم ننته من الحفاظ على اثارنا بالداخل – !!” 

وظلت العلاقات المصريه القديمه مرتبطه بالسودان وبدول افريقيا والنقوشالمرسومه على جدران معبد حتشبسوت بالدير البحرى خير شاهد ايضا اذ امتدت علاقتها حتىبلاد بونت ” الصومال حاليا ” فضلا عن لبنان وسوريا والعراق فى الشمال

و استمرت هذه العلاقة الطيبة بالسودان طوال تاريخ مصر، وعندما جاء محمد على الى مصر ادرك اهميه السودان فضمها الى مصر عام 1822 لتكون ارضا واحدة  وشعب واحد , وخشيت دول اوروبا من طموحاته وطموحات ابنه ابراهيم، وانتهى الامر الى اقرار ملكه على مصر والسودان كأقليم واحد او دوله واحدة فهذا اخف ضررا عليها من فتوحاته التى شملت بلاد الحجاز بل واثاره التى مازالت فى اليونان ،وفى عهد   اسماعيل تزايدت انشطة مصر فى السودان من انشاء المدارس والمساجد والمرافق بل وصل الاعمار الى الصومال
ولكن مع احتلال الانجليز لمصر عام 1882 بدأ السعى الى تفتيت هذة الوحدة ، الى ان تمكن الممستعمر  من فرض اتفاقيه 1899 والتى نصت على  أن يتولى الاشراف على السودان ممثلا لحاكم مصر وممثلا للأنجليز ، وان يرفع العلم الانجليزى بجانب العلم المصرى، وسمح لمصربتقديم معونات ماليه للسودان .. وان كان هذا الحكم يتخذ شكلا ثنائيا الا ان الواقع هو انفراد انجلترا بحكم السودان رغم رفع العلم المصرى بالسودان بل ورغم وجود قوات للجيش المصرى هناك .. وكان هذا منطقيا اذ ان مصر ذاتها كانت محتله من الانجليز
وظلالسودان يمثل شقا اساسيا فى قضايا مصر الوطنيه حتى ان سعد زغلول قال ان المفاوضالذى يفرط فى السودان كالشخص الذى يفرط فى عرضه، الى ان جاء مقتل السردار الانجليزىالسيرلي ستاك فصدر الانذار الانجليزى عام 1924متمضنا عقوبات شديدة خاصه بنفوذ مصر فىالسودان، وتعثرت المفاوضات المصريه مع الانجليز بسبب تمسك مصر بوحدة السودان الى انجاءت معاهده 1936، ليتفق الطرفان على الادارة المستمدة من اتفاقيه عام 1899 معالاحتفاظ بمسأله السيادة المصريه الى مفاوضات مقبله ( تعد معاهده 1936 احدى ابرزسقطات حكومه الوفد ولذا كان رد الفعل ايجابيا عند الغاء الاتفاقيه عام 1951

ورغم ان وحده مصر والسودان ظلت – كما ذكرنا – هدفا رئيسيا للحركه الوطنيه حتى ان مصطفى النحاس اعلن مقولته “تقطع يدي ولاتقطع السودان”، وفى نفس المعنى قال الامير عمر طوسون – من الرعيل الاول للحركه الوطنيه – ” اذ لم نستعمر السودان فليستعمرنا السودان ..” الا ان فكرة نزع الحكم المصرى عن السودان ظلت فى اجنده الانجليز ، وذادت مع اتفاقيه عام 1936 مع ميلاد عوامل اخرى

فالواقع ان معاهده 1936أججت الشعور الوطنى لدى فصيل من العناصر المتعلمه فى السودان، اذ رأوا انه يتم اغفال رايهم، وسعوا لاثبات انهم قوه ايجابيه وعليهم العمل ” لسودنة ” السودان .. وظهر تأسيس نادى الخريجين وماتبعه من ظهور تيارات سودانيه تدعو للأنفصال( كانت تعمل لتحقيق الهدف الانجليزى  بقصد او بغير قصد)
فرغم ايمان غالبيه الشعب السودانى بالوحده وتشكلت احزاب تدعو  للاتحاد اهمها الحزب الاتحادى برئاسه اسماعيل الازهرى الا ان حزب الامه ومن يدينون بالزعامه الروحيه لعبد الرحمن المهدى استجابوا لدعوة الانفصال .. وكان هذا احد اهم المسامير فى نعش الانفصال اذ تبعته تيارات اخرى.

  ولعب الاستعمار على مسأله الحكم الذاتى للسودان  ففى عام 1946 عقد اسماعيل صدقى اتفاقيه مع الانجليز والمعروفه باسم اتفاقيه ( صدقى – بيفن ) تضمنت فكرة الدفاع المشترك مع موافقه انجلترا على بقاء التاج المشترك لمصر والسودان.

  ولأن الانجليز كانوا يعرفون بضعف صدقى على المستوى الشعبى فكان تنازلهم بشأن التاج المصرى السودانى شكليا حيث بقيت الاوضاع العمليه والقانونيه والدوليه !
وقد ِحاول الانجليز فرض هذا الواقع الانفصالى بشكل عملى عندما انتهت مده عمل الشيخ حسن مأمون قاضى القضاه المصرى عام 1946 ،وكان مفترض تعيين مصرى خلفا له وفقا للاتفاقيات السابقه الا ان الانجليز فرضوا تعيين خلف سودانى له ( رغم ان هذا المنصب يكاد ان يكون الصله الاداريه الوحيده لمصر بالسودان وقتذاك ) .. بل انه فى العام التالى انتهت خدمه الحاكم العام البريطانى فى السودان فتم تعيين حاكم عام بريطانى اخر دون الاشاره فى المرسوم الى اتفاقيتى 1899 و 1936 وهو فارق شكلى ولكنه يحمل معنى .

وفى عام  1947توجه النقراشى على رأس وفد  لعرض قضيه وادى النيل على مجلس الامن، وفى الوقت الذى ارسل مندوبى الاحزاب الاتحاديه السودانيه لتأييد مطلب النقراشى فى الوحده وان يكون السودان تحت التاج المصرى مع اجلاء الانجليز من كل وادى النيل ، وان يقر الشعب وحده ذلك ارسلت الاحزاب الاستقلاليه الانفصاليه وعلى رأسها وفد برئاسه الصديق المهدى لتوضح مطالبهم باستقلال السودان فصارت القضيه نحو الصدام ، حيث قامت مظاهرات فى السودان تطالب بالوحدة ، ولكن حدثت اعتقالات لعدد من النشطاء ، وتوجه وفد من كبار المحاميين المصريين يتصدرهم احمد حسين – زعيم مصر الفتاه – ومكرم عبيد وعبد الرحمن الرافعى الا ان الانجليز منعوا البعثه من الطيران للخرطوم وهو ما احدث اضطراب عام للمحاميين فى مصر.

ولكن فى النهايه كان الموقف فى مجلس الامن ضد مصر بقياده الدول الاستعماريه انجلترا ( المستعمر ) وفرنسا التى كانت تخشى ان يمتد تأثير مطالب الاستقلال عن المحتل الى دول المغرب العربى , وامريكا الى كانت تطلع لأن تتسلم رايه الهيمنه والاحتلال مكان انجلترا .

وهنا تبرز ملاحظه عن نزاع وفكر حزبى ضيق الافق بين الوفد والنقراشى كان يجب الترفع عليه اذ ارسل الوفد وزعيمه مصطفى النحاس الى مجلس الامن ببرقيه أعلن فيها ان الحكومه المصريه التى رفعت دعوة مصر امام المجلس لاتمثل شعب وداى النيل الذى تؤيد اغلبيته الساحقه الوفد ( !!) بينما دافع سراج الدين ” وقتذاك ” عن موقف الوفد اذ القى باللوم على النقراشى لأن تغيير الانجليز للحاكم المصرى بعد انتهاء مدته لحكم سودانى كان يستوجب على النقراشى ان يستصدر قرارا بعزل الحاكم العام البريطانى فى السودان اذ انه يعين بقرار مصرى طبقا للأتفاقيات المعقوده ( وهكذا علت الصراعات الحزبيه فوق المصلحه القومي )
الا انه فى كل الاحول ورغم قوة حجج مصرالا ان مجلس الامن امتنع عن صدور قرار واتخذ موقفا سلبيا ..
وبينما اعتبرت مصر يوم 19 يناير 1947 ( ذكرى توقيع معاهده 1899 ) يوم حداد كان تصعيد الانجليز من تنفير الشعب السودانى وبث روح الانفصال، واستجابه حزب الامه بالغاء الاحتفال بعيد الفاروق والمطالبه بعلم وعمله خاصيين بالسودان ليؤكد ترسيخ روح الانفصال
وفى عام 1951 اعلن الحاكم العام الانجليزى بالسودان مشروعا لدستور جديد يمنح السودان الحكم الذاتى حتى يستطيع تقرير مصيرة طبقا لمبادىء الامم المتحده ورغم معارضه حكومه الوفد بل ومصر كلها الا ان ماحدث على ارض الواقع ان تصرف وزير الخارجيه المصريه بلغه الرهان والمقامرة والتحدى اذ سافر   د. محمد صلاح  للموافقة و  التحدى .. وحاولت حكومه الوفد تدارك الخطر والتحدى غير المضمون لعوامل عديدة الا ان مؤامرة الانجليز والملك فى حريق القاهرة وقعت ، وأقيلت حكومه الوفد دون تحقيق هدف وحده السودان

 كان هذا هو الارث والملف الذى تسلمته ثورة يوليو عن وحده مصر بماله وما عليه ، من شعور رسمى وشعبى با ستمرار الوحده من جانب .. ومن جانب اخر واقع عملى بمعاهدات واتفاقيات واستمرت لعقود ، وظهور فيصل سودانى يطالب بالانفصال واستمرت مطالبته 16 سنه متواصله ( من 1936 حتى الثورة عام 1952 )
تسلمت الثورة هذا الملف ا و الا رث ، وكان لابد ان تجرى مفاوضات الجلاء ، وأوكلت ملف المفاوضات من اجل الوحده مع السودان وفدا برئاسه محمد نجيب وعضويه عبد الحكيم عامر وصلاح سالم وعبد اللطيف البغدادى ومحمود فوزى وسعت اللجنه لمحور الكسب والتأييد الشعبى من السودان ، اذ ان محمد نجيب كانت تربطه علاقات طيبه بزعماء السودان على كافه مشاربهم، فقد كان ينحدر من اصل سودانى وولد بالسودان وكان محبوبا من السودانين .. كما ان صلاح سالم ولد بالسودان عندما كان والده موظفا هناك .

  واجرى نجيب اتصالات بالسودانين لتحفيزهم على الوحده , وسافر صلاح سالم الى جنوب السودان وشاركهم فى الرقصه التى يؤدونها لأستقبال الضيوف ، ومنحت الثورة الاموال للسودان بسخاء، ورغم هذا لم تتحقق الوحده ونجحت انجلترا ودعاه الانفصال فى السودان الى فصل السودان عن مصر.

  وفى تقديرنا ان الوضع فى السودان فى هذة الفترة تأثر ايضا بأزمه عبد الناصر مع محمد نجيب عندما انحاز الاخير للأخوان  -والذين كانوا يسعون لخطف الثورة – وحدثت الازمه المعروفه باسم ازمه الديموقراطيهمارس 1954 وتم عزل محمد نجيب والذى كان ارتباط السودانين بشخصيته يفوق الحد .

ولكن لم يكن هذا السبب فقط فى عدم نجاح الوحدة، بل الدسائس الانجليزيه ، والأهم هم دعاه الانفصال فى السودان سبب الفشل.

  فحتى الحزب الاتحادى برئاسه اسماعيل الازهرى سار هو الاخر ليؤيد الانفصال .

وطرحت الثورة القضيه بشكل جديد على اساس تمكين السودانين من ممارسه الحكم الذاتى الكامل وتهيئه الاجواء لتقرير مصيرة , واسقاط هدف بريطانيا بربط السودان بها وهذة اقل الخسائر .

وفى النهايه تم جلاء الجيش الانجليزى عن مصر فى يونيو 1955 واعلان قيام جمهوريه السودان فى ديسمبر من نفس العام .

ورغم هذا الانفصال ظلت الروابط بين مصر والسودان فى عهد الرئيس عبد الناصر تفوق كل تصور وتؤكد الوحده بين الشعبين, وكان التعاون المصرى السودانى خاصه فى مجالات الرى والتعليم والتبادل التجارى وغيرها متميزا .. ويؤكد اعتزاز السودان بعبد الناصر ويشهد على ذلك  الاستقبال الاسطورى له حتى فى اعقاب هزيمه 1967 ..

اما عن مايقوله بعض انصار الوفد والاخوان من تفريط الثورة فى  وحدة مصر والسودان، فهم  يسوقون حججا واهية ومردودا عليها

اذ يقولون ان عبد الناصر دخل فى مفاوضات مع الانجليز رغم ان الوفد كان انتهى قبيل الثورة الى رفض اى تفاوض مع الانجليز حتى بعد الجلاء، وهى اقوال عجيبه اذ انه ضرب من الخيال ان يخرج محتل دون اى تفاوض .. وبمفهوم المخالفه يتصور الوفد انه  لو استمر فى الحكم ولم تقم الثورة لخرج الانجليز دون اى تفاوض  !

وحتى مع هذا التصور او التخيل فأن الملك كان سيظل باقيا وهو مرتبط بالانجليز والوفد مؤيدا للملك .. كما ان طبيعه الوفد فى الحفاظ على الشكليه القانونيه والدستوريه تغلبت على ثوريته وابعدت الخط الثورى عنه وهو ماحدث مع  بدايه استبعاد الخط الثورى الذى كان يمثله عبد الرحمن فهمى عام 1919

ثم اين كان الوفد طوال 39 عام ( من 1919 حتى 1952 ) وهو يحكم مصر معظم هذة الفترات دون ان يحقق الوحدة بين مصر والسودان دون مشاركة المستعمر  الانجليزى ؟.. وهل الثورة هى التى وضعت اتفاقيه 1936 والتى بدأ على اثارها دعوة حزب الامه السودانى للأنفصال ؟!.

  الاتهام الاخر من الوفد للثورة هو ان الوفد الذى شكلته الثورة فى ملف السودان ( نجيب وسالم  وعامر والبغدادى وفوزى ) من العسكريين وكانت تنقصهم الخبرة .. فاذا كانت الخبرة قاصرة على الوفد فلماذا لم يحققوا الهدف طوال نحو 40 عاما ؟!.

 

 

هذا ومع اهمال السودان فى عهد السادات  ثم خطايا عهد مبارك وحزبه  كان طبيعيا ان يصل الامر الى انقسام او تفتيت  السودان الى دولتين بل هناك مخاطر  لتفتيت دارفور
فالتاريخ يؤكد على ان انهيار ترابط مصر بالسودان بدأ منذ عهد السادات وبالتحديد عام 1978 بتوقيع اتفاقيه كامب ديفيد” المشئومه ” والتى فرطت العقد العربى كله والذى كان مؤيدا للوحدة على راس الثوابت العربيه – ومنها السودان الذى هو ضد اسرائيل – وهاهو التاريخ يثبت الخبث والعداء الصهيونى حتى مع توقيع الاتفاقيه “المشؤمه”.

كما ان السادات اعلن قراره بتحويل نهر النيل الى اسرائيل عام 1979 دون مشورة شريكه الاساسى فى النيل وهو السودان، ويضاف الى ذلك عداء السادات لأثيوبيا ،علما بأن الرئيس عبد الناصر كان فى موده مع اثيوبيا وكافه الدول الافريقيه وتجدر الاشاره الى الحنكه السياسيه فى استضافه عبد الناصر لأمبراطور الحبشه هيلا سلاسى فى افتتاح الكاتدرائية  بالعباسيه فى مصر ليؤكد على ترابط المسلمين والاقباط فى مصر وترابط وادى النيل ..

  وبسبب ارتماء السادات فى احضان السياسه الاسرائيليه غزت اسرائيل معظم دول افريقيا وعلى رأسها دول حوض النيل ولم يكن لها مكان فى كل افريقيا من قبل، عدا جنوب افريقا فى زمن التماثل معها فى العنصريه .

  وغزت اسرائيل ايضا دول اسيا وشرق اوروبا وكان ردهم طبيعيا لن تكون ملكيون اكثر من الملك !

وفى عهد  مبارك خاصة فى  التسعينيات بالوصف الدائم للسودان بايواء الارهاب واعداد معسكرات للارهابين, وغيرها من التصريحات العدائيةالتى جاءت غطاءا لامريكا بضرب امريكا الدواء بدعوى انه يصنع مواد كيماويه للأرهابين وهو ماتضح انه على عكس الحقيقة

 وتجدر الاشاره الى ان ماكانت تقوم به اسرائيل فى جنوب السودان ودول حوض النيل لم يكن سرا وكان واضحا وضوح العيان

وللأسف كان حال الاحزاب المصريه اقل من المستوى المطلوب مابين ” بوتيكات ” صفوت الشريف المشغولة بنفاق الحزب الحاكم من اجل ان ينالوا الرضاء وفتات الغنائم وبين احزاب شامته نكاية فى حكومة السودان بدعوى انها كانت تطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية ،وكان حزب العمل اكثر الاحزاب المتواجده على الساحه السودانيه الا انه كان مؤيدا لسياسه الترابى فى تطبيق الشريعه الاسلاميه وهو امر كان  يصعب تحقيقه  خاصه مع وجود اعداد كبيرة من المسيحيين والوثنيين فى الجنوب ، اضافة الى التغيرات الدولية وغيرها ، وكانت الحكمه تطلب تأييد المبادىء الاسلاميه خاصه فى مجال العداله الاجتماعيه .. ويحسب لحزب العمل ماقام به رئيسه المهندس ابراهيم شكرىرحمه الله – اذ ترجم التعاون مع السودان الى واقع فاستزرع خمسه الاف فدان، وانشأ شركه زراعيه، ورغم هذا لاقى وقتها  هجوما داخل مجلس الشعب المصرى من بعض ” الفسلات ” الذين نجحوا بالتزوير ونالوا عضويه البرلمان رغم ان شكرى كان عضوا بالرلمان وهم يرتدونالكافوله والبراباتوز ” وان شكرى قدم للوطن مالم يقدموه او حتى يحلموا بتقديمه .. ورد شكرى عليهم بأن ماقام به تم بموافقات رسميه من الدول وانه فى النهايه يصب لصالح الوطن ،فقد كان ابعد نظرا واثقب بصيرة وهاهو محل الترحم على وطنيته وهم فى مزبلة التاريخ

وحتى الدور الثقافى الذى كان يمكن ان يلعب ضد توجهات الانفصال غاب تماما .

  ومثل الحزب الوطنى البائد  فى مصر كانت النظم العربيه التى لم تحرك ساكنا من باب تصفيه الحسابات مع النظام السودانى، بل ان بعضها ساند الحركه الشعبيه لتحرير السودان وبعد الانفصال صار البكاء على اللبن المسكوب وهاهو ” يندلق ” فى الصومال واليمن وغيرهما بعد ان تصفى تماما فى العراق .

والسؤال هو  لماذا لم يذهب المصريون للأستثمار فى جنوب السودان والدول الافريقية والتعاون معهم  بدلا من ترك  الامر لأسرائيل والصين وامريكا ؟!

  ان الدبلوماسيه فى عهد عبد الناصر لم تسقط فى امتحان السودان بل هى سقطت فى عصر السادات وفى عهد مبارك ، ومازال العهد الحالى فى محك الاختبار التصو

وفى كل الاحوال فان الترابط المصرى السودانى منذ عهد سوناسرت الثانى ومرورا بالاسرة الـ18 اعتبرت السودان ارضا مصريا وشعبا واحدا وهو امر مختلف تماما عن ان تستعمر مصر  السودان او تستغله وهو معنى يجب تعميقه ويستوجب استدراك مايمكن ادراكه

ترى هل يراجع بعض من يهاجمون عبد الناصر ويتهمونه بالتفريط فى السودان قراءة التاريخ أو فهمه لوجه الله والوطن بعيدا عن الجهل بتفاصيل الاحداث أو تصفية الحسابات ؟

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك