استمر الإقرار بدور الرياضة في تعزيز التقدم الاجتماعي: والرياضة هي أيضاً من العناصر التمكينية المهمة للتنمية المستدامة. ونعترف بالمساهمة المتعاظمة التي تضطلع بها الرياضة في تحقيق التنمية والسلام بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام ومساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات وفي بلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي.
التسامح والروح الرياضية، وجهان لعملة واحدة في «وطن السعادة»، الإمارات، وتثبت ملاعبنا كل يوم أن التحلي بالتسامح العنوان الأبرز لكل الرياضيين، ويمتد من اللاعبين واللاعبات إلى الجمهور، الذي يمثل عصب اللعبة وروحها.
وعندما نربط بين التسامح والروح الرياضية، نجد أن كليهما يصلان للهدف نفسه، فالتسامح يمثل قيمة أخلاقية تساعد على بناء المجتمع، ويعد من الصفات النبيلة التي تعزز الترابط بين أفراده، وتساعد على نشر المحبة بين الناس، حيث ينعكس أثره على حياة الفرد والمجتمع ويبرز من خلاله العديد من الدلالات التي تلامس قلوب البشر فينغرس فيها الاحترام والمودة، ويظهر هذا المفهوم في الكثير من المجالات منها: قبول الناس لبعضهم بعضاً وقدرتهم على التعايش فيما بينهم، ويعتبر الشخص المتسامح من أقوى الأشخاص في مجتمعه.
الروح الرياضية هي الوجه الآخر للتسامح وتتضمن الكثير من القيم والمبادئ المتداخلة منها، العدل، والاحترام، والالتزام باللعب النظيف، والسلوك الراقي في حالة الفوز أو الهزيمة، ولها فلسفتها ومبادئها المعروفة لدى الرياضيين والجمهور،
وهناك 10 مبادئ أساسية في الروح الرياضية، هي: احترام حقوق وإنسانية المنافسين، والتعامل باحترام ومحبة قبل وأثناء وبعد النشاط الرياضي، وأن يكون الرياضي عادلاً، ويحترم القوانين ويتحمل المسؤولية عند مخالفتها، ويبتعد عن إيذاء الآخرين قولاً أو فعلاً، ويحافظ على الهدوء حتى في حالة استفزاز الخصم، ويتجنب حل النزاعات واختلاف الرأي بالقوة والعنف، ويتقبل قرارات الحكام وإن لم تكن لمصلحته، ويتجنب إهانة الآخرين، ويقوم بتهنئة الفائز بكل روح رياضية.
وتعتبر الدولة وجهة مفضلة للرياضيين من حول العالم، سواء للمشاركة في البطولات الرياضية أو حتى للزيارة وقضاء أوقاتهم، وذلك لما لمسوه من احترام الخصوصية، وتبادل احترام بين الجميع، كما أن العديد منهم اختار أرض الدولة للإقامة الدائمة عقب اعتزاله المنافسات الرياضية، ومنهم من توجه لافتتاح مشاريع رياضية مثل الأكاديميات، وغيرها من المبادرات التي جاءت لما لمسوه هنا من تسامح وتشجيع للآخر. وهناك الكثير من المبادرات التي تصب في نفس الاتجاه منها التسامح في علم الاجتماع الرياضي: عندما تحتدم الصراعات نتيجة عدم تقديم أي تنازلات من جانب أطراف النزاع الرياضي الذي يحدث داخل الملاعب الرياضية، بحيث لا يقبل أي طرف ولا أي وساطة أو تحكيم، حيث أن الحل هو التسامح؛ أي بمعنى بقاء آرائهم على ما هي عليه، كما أنه في نفس الوقت رغبة الأطراف في تحقيق عدد من المصالح المشتركة والتي لا يمكن أن يستقيم لها الحال في ظروف تنازعهم.
كما أنَّ الدور الذي تلعبه الرياضة ومختلف أنشطتها ومجالتها في توفير مناخ يتسم بالتسامح، حيث تتقابل فرق من عقائد وأيديولوجيات مختلفة على الساحة الرياضية ووفق قواعد لعب محايدة لا صلة لها بهذه العقائد؛ الأمر الذي يجعل الفرد الرياضي يعتاد على لقاء أبناء عقائد دينية أو سياسية مختلفة عنه، حيث يجب أول ما يُلقَّن الفرد الرياضي هو ضرورة أن يتواضع عند تحقيق النصر وأن يتقبل الهزيمة دون أي كره وحقد لمنافسه، وأن منافسه هو إنسان قبل أي اعتبار آخر.
كما أنه منافس له في الرياضة لا أكثر من ذلك وأنه ليس بعدوه، ولتكن الساحة الرياضية بمختلف عن الخلافان العقائدية والعرقية والعنصرية أو الطائفية بكل أنواعها خلال فترة اللقاء الرياضي، حيث أنّ كثيراً ما تتقابل الأيديولوجيات المختلفة والمتصارعة على الساحة الرياضية، حيث يتصوّر كل فريق رياضي من الفرق المتنافسه أن نصر فريقه يعني نصرة عقيدته ومبادئه، ومع ذلك فإن اللعب الشريف والأداء الرياضي رفيع المستوى هو الذي ينتصر بشكل فعلي على أرضية الملعب، حيث أنّ القيم الإنسانية تمثل أرضية مشتركة بين الأطراف الرياضيين أو الفرق المتنافسة.
حيث تغلب صفة التسامح على الأفراد الممارسين للأنشطة الرياضة في المنازلات الفردية، والتي تتسم بالاحتكاك البدني مثل الملاكمة والمصارعة، حيث غالباً ما تنص قواعد اللعب على آداب معينة ومحددة، كبروتوكول تقديم التحية للفرد الرياضي المنافس وكذلك تقديم التحية لرئيس الحكام الرياضيين، حيث أن هذا الأمر يضيف جواً من الإخاء والتسامح على المنافسة ويقلل من حدة التوتر قبل اللقاء.
فكثيراً ما نشاهد أن عملية تحية المنافس تتخطى المستوى الرسمي إلى مستوى قد يصل إلى التعانق أو التقبيل، كنوع من تقدير المنافس واحترام أدائه، كما أن اللاعب الذي يتجاهل هذه البروتوكلات يتهم بالتعصب وتجاهل الروح الرياضية، كما أنه يوجد بعض القوانين قد تعاقبه بدرجات مختلفة.
كما يوجد الكثير من التحفظات الاجتماعية والتربوية ينبغي الأخذ بها في سياقات المنافسة الرياضية، وخاصةً فيما يتصل بمعالجات الإعلام الرياضي وإدارة الأنشطة الرياضية، مثل استخدام المسميات والألقاب الموغلة في التعصب والهمجية والتي تستثير نوازع الصراع بسلبياته المعروفة، كأن يتم إطلاق على الفريق المنافس لفظ (الخصم)، أو أن يتم القول فريق محدد ومعين ضد فريق محدد معين، أي بمعنى تعبيرات مثل المعركة الفاصلة.
كما أن النقد الموجه للقيم التسامح الرياضي الموجود في المنافسة الرياضية ما زالت تعتبر الأساس المتين والقوي الذي تقوم عليه الرياضة والتي تبوأت مكانة كبرى في حياة الشعوب الرياضية، حيث يتم استخدامها لرفع وتطوير الصحة الأفراد الممارسين لنشاط الرياضي، ولإضافة الروح المعنوية العالية لهم، كما تقوم بعض الدول باستغلالها من أجل الاعتزاز القومي والفخر بقدرات أبنائها الرياضيين.
حيث أن الاتجاه المُطالب بضرورة التخفيف من حدة التركيز على الفوز في المنافسات الرياضية، كان من أهم المقومات التي دعت إلى ظهور فكرة الرياضة للجميع؛ أي بمعنى يمارس الناس الرياضة بمختلف أعمارهم وقدراتهم وميولهم ليس بهدف تحقيق الفوز إنما بهدف اللياقة البدنية والصحة والترويح، كما أنه بشكل عام ما زالت تلعب المنافسة دورأ هاماً في استثارة الدافعية الرياضية.
كما أنه في الرياضة وفي المسابقات البدنية تلعب المنافسة دوراً هاماً وضرورياً، ففي المدارس تصبح دروس التربية البدنية باهتة لا معنى ولا فائدة لها كما أنها لا تثير الحماس بين الطلاب الرياضيين في حالة افتقدت للعنصر المنافسة الرياضية، كما أنه تم وجود الملاحظة أن الطلاب الرياضيين يتفاعلون في الدروس والأنشطة الرياضية التي تتسم بعنصر المنافسة والتحدي بين بعضهم البعض.
كما أنَّ تعلم مهارات عنصر التسامح كنعصر اجتماعي رياضي، من الأفضل له أن تتم داخل جو يتسم بالمنافسة والتحدي، كما أنه بالرغم من وجود نقد للقيم التسامح الرياضي، فإنه يبقى جوهر الرياضة وواحد من أهم مقومات الرياضة الاجتماعية، حيث يجب الابتعاد عن المنافسة عن الصراع وعودة الوجه الاجتماعي التنافسي الأصيل للرياضة. يمكن للرياضة أن تلعب دوراً مهماً في تعزيز التسامح وقبول الآخر. من خلال الرياضة، يجتمع الأشخاص من خلفيات وثقافات وقدرات مختلفة للتنافس والتعاون وتحقيق الأهداف المشتركة. يمكن لهذا التفاعل أن يعزز الاحترام المتبادل والتفاهم والتعاطف، حيث يتعلم الأفراد تقدير نقاط القوة والضعف لدى بعضهم البعض، والعمل على تحقيق هدف مشترك. بالإضافة إلى ذلك،
يمكن أن تساعد الرياضة في تحدي الصور النمطية وتعزيز الإدماج، حيث يُرى الأفراد ذوي الإعاقة والقدرات والخلفيات المختلفة يشاركون وينجحون في الألعاب الرياضية. علاوة على ذلك، يمكن للرياضة أن تساعد في خلق شعور بالانتماء للمجتمع، حيث يجتمع الناس لدعم وتشجيع فرقهم أو زملائهم الرياضيين، وتجاوز الاختلافات وتعزيز الوحدة. وبشكل عام، يمكن للرياضة أن تكون بمثابة أداة قوية لتعزيز التسامح وقبول الآخر، من خلال جمع الناس معًا، وتحدي الصور النمطية، وتعزيز الاحترام والتفاهم المتبادلين.
—
التعليقات