السبت - الموافق 05 أكتوبر 2024م

الثورة التونسية و إعلام التواصل الاجتماعي..بقلم الدكتور عادل عامر

عرفت الثورة التونسية بأنها (ثورة الحرية والكرامة)، وثورة 17 ديسمبر التي اندلعت بتاريخ 17/12/2010 والتي بدأت بإضرام بوعزيزي النار في نفسه احتجاجًا على البطالة، ومصادرة الشرطية فادية حمدي عربته التي يبع عليها الفاكهة. وتوفي متأثرًا بحروقه في مشفى عروس التي سميت بعدها مشفى بوعزيزي، ما أشعل شرارة الثورة في الشارع التونسي.

واندلعت مواجهات دامية بين المواطنين وقوات الأمن على خلفية مباراة رياضية، إثر انحياز الحكم إلى فريق الترجي الذي يرأسه أحد أصهار الرئيس المخلوع. كان دور الجيش التونسي عاملًا حاسمًا في قيادة الثورة وإعادة الاستقرار لتونس.

اكتشف الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قوة وسائل التواصل الاجتماعي عندما نشر الثوار مقطع فيديو له وزوجته يستخدمان طائرة تمولها الحكومة للسفر إلى أوروبا في رحلات تسوق فاخرة ما أثار غضب الشعب التونسي الذي كان يكافح في أوضاع اقتصادية متردية؛ فساهم مقطع الفيديو في سقوطه. (ukessays، 2020)

وتعد تونس الدولة التي حققت خطوات نحو الديمقراطية، حيث بدأت بإضرام بوعزيزي النار في نفسه احتجاجًا على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية وانتهت بمغادرة زين العابدين تونس؛ ووصفت ثورة تونس بأنها ثورة الفيس بوك والفضائيات؛ قد يكون ذلك تقليلًا من شأن الثورة، ولكن ليست تقنيات التواصل الحديثة التي ساهمت في انطلاق الثورة التونسية على الرغم من أنها قد ساهمت في تواصل أكبر وأسرع بين الناشطين والثوار والمتظاهرين بعيدًا عن رقابة السلطة.

وتميزت الثورة التونسية بظهور التدوينات والشعارات باللغة العربية والفرنسية، وظهور موسيقى الراب التونسي أثناء الثورة، ومن نجوم الراب الجنرال دالي دي جي، وبلطي، وسايكو إم، وتميزت بمواكبة الا بداع الفني من أهازيج وأشعار وموسيقى الروك ومزجها بالألحان الشرقية والضربات الإيقاعية من شبان الثورة، وتحويلها إلى مقاطع فيديو على اليوتيوب بعد أن كانت تذاع بالمكبرات في الميادين والساحات. ويعد المدون عزيز عمامي من ناشطي الثورة، وواحدًا من الشخصيات التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، وشارك في تنظيم الفعاليات والاعتصامات عبر الإنترنت، فكان مزعجًا للسلطة التونسية،

وتم اعتقاله بتهمة استهلاك مادة مخدرة، وتحول إلى قضية رأي عام بين متعاطف ومشجع على محاكمته، وتعاطف معه قضيته عالم الاجتماع الفرنسي إدغار موران، وأطلق حملة لمناصرته، ما دفع المحكمة لتبرئته من جريمة المخدرات. وكذلك سجن المدون ياسين العياري بتهمة المس بكرامة الجيش، وإهانة قادة عسكريين، ما حمل الرأي العام على الضغط على الحكومة للإفراج عنه، متمسكًا بحرية التعبير عن الرأي عبر النت والمدونات. برزت شبكات التواصل الاجتماعي” تويتر”، “فيس بوك” ، “يوتيوب” في “الربيع العربي” كعامل فاعل ومحفز للتغيرات السياسية. وكان لشبكة الإنترنت و شبكات التواصل الاجتماعي الدور الكبير في “ثورة الشباب” في تونس .عودة في برنامج “إي ميل” مع نايلة الصليبي للحديث عن الدور الذي لعبته شبكات التواصل الاجتماعي في الثورة التونسية. كان نظام زين العابدين بن علي يحكم بقبضته على الاتصالات الالكترونية و يضيق على الصحافيين و الإعلاميين و منع المراسلين المحليين و الأجانب من السفر إلى سيدي بوزيد لتغطية الأحداث. و كان الإعلام الرسمي يصف الأحداث بأعمال إرهاب و تخريب وقد حاولت السلطات حجب المعلومات و تحويرها .

فمع القمع و التضييق الإعلامي الذي كان يعيشه التونسيون كان البديل شبكة الأنترنت و بالتحديد موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” الذي تمكن من خلاله التونسيون الالتفاف على الرقابة و على التعتيم الإعلامي وقد حاول النظام إسكات الأصوات المنددة بالأوضاع في تونس بأساليب مختلفة كالسيطرة على صفحات الناشطين على الموقع أو القيام بعمليات الحجب و القمع و الاعتقال.

فقبل ثمانية أيام من سقوط بن علي تم اعتقال المدون سليم عمامو و نشطاء أخرين، فرد نشطاء الأنترنت في تونس و خارج تونس بحملة الكترونية واسعة النطاق لقرصنة و تعطيل المواقع الإلكترونية الحكومية و تهديد مشغلي الاتصالات و مزودي خدمة الانترنت في حال تم قطع الاتصالات الهاتفية و خدمة الأنترنت . أضف إلى أن الشباب التونسي يمتلك درجة عالية من الخبرة التقنية سمحت للكثيرين من كسر الرقابة و الحظر لنشر الوثائق المختلفة و نقل المعلومات لتنظيم الاحتجاجات، فقد قام شباب الثورة في تونس بنقل كم هائل من المعلومات من صور و فيديو إلى العالم وإلى التونسيين عبر موقع “فيس بوك” و الانترنت ، مما ساعد في إقناع التونسيين بأن الوقت قد حان للانتفاضة و التحرك للخروج إلى الشارع و الانضمام إلى الشباب في ثورتهم .

لعبت الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي دورا هاما في انطلاق شرارة “الربيع العربي” قبل عقد من الزمن، إذ ساهمت في التعبئة ونقل المعلومات والصور داخل العالم العربي وخارجه. وبالعودة إلى المشهد السياسي الجديد، عشر سنوات بعد اندلاع ثورة شعبية في تونس، ثم في أنحاء متفرقة من البلدان العربية، لا يزال “الربيع العربي” يثير جدلا واسعا. فهل كانت الهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي أداة هذه الاحتجاجات؟

دور الإعلام البديل في نجاح مسار الثورة

الحق يعلو ولا يعلى عليه يبزغ شمسه رغم أنف غيوم وظلام الباطل، كلما حاولوا طمسه وإخفائه تمسك بالظهور والخروج للعلن. بقدر الانحياز المفضوح من الإعلام الرسمي وتغييبه لأخبار الاحتجاجات التي جدت بكامل تراب الجمهورية وإن تطرق لها فالغرض الأساسي كان التشويه ونسبها لشرمذة من اللصوص، تمكن التونسيون من كسر هذا الحصار والتمكن من نقل الأحداث الدموية وتخليد شهدائهم بفضل التكنولوجيات الحديثة المتمثلة أساسا في فيسبوك وتويتر والمواقع الإخبارية الغربية بالرغم للحجب الكبير الذي كان تمارسه الشرطة الإلكترونية لنظام بن علي. ساهمت هذه المنصات الإعلامية البديلة في نشر أخبار الانتفاضة ومواكبة تحركات الشعب التونسي بجميع أطيافه وحساسياته السياسية والاجتماعية بكل نقطة من تراب الوطن الجريح.

الإعلام البديل كان له فضل هام ليس بنقل الحقيقة المخفية فقط بل أيضا ساهم في كسر حاجز الخوف الذي كان مقيدا للتونسيين لسنين طويلة ولحد الآن يظل فيسبوك مثلا الناقل الرسمي لأخبار المنسيين والمهمشين لدى الإعلام الرسمي العمومي منه أو الخاص الذي لم يرتق إلى مستوى الأحداث والتطلعات التي جاء من أجلها، فقد بوصلته ودخل جوقة الإعلام المبتذل، الركيك والناشر للميوعة. أثناء انتفاضتهم وثورتهم وجد التونسيون قناة الجزيرة الملاذ والصدى لإبلاغ صوتهم وتدويل قضيتهم وثورتهم ونقلها لجميع أنحاء العالم الذي صفق كثيرا لصمود ورغبة التونسيون للتحليق في سماء الحرية وإزاحة جدار الصمت بعد سنين طويلة من الكتمان والحرمان.

غياب الحياد في زمن الحرية

منذ اعتلاء الباجي قائد السبسي لسدة الحكم صحبة حزبه نداء تونس شاهدنا تغيير في الخطاب الإعلامي ب 180 درجة وغاب النقد وأصبحنا نشاهد إعلام مساند ومطبل

الرسالة الإعلامية من أهم ثوابتها الأمانة ونقل الحقيقة كما هي والوقوف على نفس المسافة بين جميع الأطراف السياسية خاصة في دولة تعرف حراك وتنوع سياسي غير مسبوق إبان 14 جانفي 2011، شهدت المنابر الإعلامية العديد من التجاوزات اللاأخلاقية وغياب الحيادية والحرفية المهنية أين احتلها أشباه المحللين وتكرار استضافتهم والحاملين لنفس الفكر والتوجه السياسي الموالي لحزب التجمع المقبور مع محاولة التطبيل للنظام في مشاهد خلناها اختفت برحيل الدكتاتورية.

 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك