الجمعة - الموافق 25 أبريل 2025م

الشيخ المنشاوي : الصوت الباكي رفض دعوة الزعيم “عبدالناصر” وال المنشاوي اسم من نور وصوت من ذهب

الشيخ صديق محمود صديق المنشاوي1 الشيخ صديق محمود صديق المنشاوي

حوار ” شحاته السيد

تصوير ” جابر الشيخ

الشيخ صديق محمود صديق المنشاوي رابع مزامير آل المنشاوي ومازال يطوف بلاد العالم الإسلامي خادمًا لكتاب الله في حوار خاص

تعد عائلة المنشاوي من أشهر عائلات سوهاج والتي اكتسبت صيتا واسعا؛ لأنها تضم كوكبة من أبرز قراء القرآن الكريم، ليس في مصر فحسب، بل في العالم الإسلامي بأثره.. على رأسهم الشيخ صديق المنشاوي “رحمه الله” ثم الشيخ محمد صديق المنشاوي “رحمه الله ” وشقيقه الشيخ محمود صديق المنشاوي وطبقة الأحفاد الشيخ صديق محمود والشيخ بسّام.

ولد الشيخ صديق السيد تايب المنشاوي ببلدة “المنشأة” بمحافظة سوهاج في سنة 1898 م . بدأ الشيخ صديق حفظ القرآن على يد والده، فقد كان محفظًا جيدًا للقرآن وعلى سعة كبيرة من العلم, وأكمل حفظ القرآن وهو يبلغ من العمر 9 سنوات. انتقل الشيخ صديق بعد ذلك إلى القاهرة وتلقى علم القراءات على يد الشيخ المسعودي وكان معلم قراءات مشهور بمصر في ذلك الوقت. والتحق الشيخ بالأزهر الشريف من أجل هدف واحد وضعه نصب عينيه وهو تنمية المعلومات الدينية التي ترتبط بعلوم القراءات كالتفسير وعلم اللغة إلى أن تمكن من إتقانه للقراءات العشر الكبرى فعاد إلى بلدته بمحافظة سوهاج واشتهر عنه وقتها أنه القارئ الوحيد على مستوى الصعيد فلم يكن هناك وقتها قراء مشهورون . وهناك نذر نفسه لتلاوة القرآن فكان يجد حياته مع كتاب الله وفي ضيافته وبين دفتيه مرتلا كلماته, ولم يتقاض أجرا على القراءة ولم يتفق على أجر معين طوال حياته المديدة حتى لقي ربه. ذات مرة دعاه أحد الناس لتلاوة قرآنية وبعد أن انتهى الشيخ من القراءة وضع الرجل يده في جيبه ثم أخرجها وأعطى ما بها للشيخ فقبلها على استحياء, ثم عاد الشيخ إلى بلدته وفي اليوم التالي جاءه الرجل معتذرًا فقد أعطاه مليما فأكرمه الشيخ صديق المنشاوي؛ لأنه كان على سفر وقال له: الحمد لله هذا رزقي . وإذا كانت هذه الرواية قد وردت مع الشيخ رفعت فهي إن دلت على شيء فإنما تدل على نزاهة هؤلاء القراء فهي ليست تكرار بقدر ما فيها من دروس وعبر ؟! ويروي الشيخ صديق عن ابية الشيخ محمود المنشاوي أنه كان لوالده صديق من كبار الأعيان يسمى محمد باشا حمادة الشريف وكان هذا الرجل يقيم المآدب يوميًا طوال شهر رمضان للفقراء ويدعو الشيخ صديق لتلاوة القرآن وفي إحدى السنوات اشترى الرجل آلاف القناطير من القطن وبلغ سعر القنطار في ذلك الوقت ثلاثين جنيهًا ثم دهمته البورصة فأعلن إفلاسه وكان شهر رمضان قد اقترب موعده فماذا يفعل الرجل ؟ يقول الشيخ صديق محمود علي لسان والدة : أرسل الرجل خطابا للوالد يخبره فيه أنه لم يعد ذا قدرة مالية على إحياء ليالي رمضان ولو دعاه أحد الناس فعليه أن يقبل فما كان من الشيخ صديق إلا أن ترك الخطاب وفي ليلة رؤية هلال رمضان أرسل إلى بيت الباشا كل ما يلزم لإحياء هذه السنة وعاد الرجل في منتصف شهر رمضان فوجد كل شيء كما كان من قبل ووجد الشيخ يقرأ القرآن وظل الشيخ على هذه العادة لمدة ثماني سنوات إلى أن توفي محمد باشا الشريف. وكان الشيخ يردد دائما : إنه الوفاء ولم ينس طيلة حياته أن هذا الرجل وقف بجواره يوم كانت حالته المادية بسيطة جدا فكان يعطيه خمسين قرشا كل يوم !! عاصر الشيخ صديق كلاً من الشيخ محمد رفعت والشيخ أحمد ندا والشيخ منصور بدار والشيخ علي محمود والقدامى من القراء وكان كريما يفتح بيته لكل محتاج فما كان ينفقه كثيرا حتى ظن الناس أنه مليونير. ولم ينتقل الشيخ صديق المنشاوي إلى الإذاعة شأن غالبية القراء بل انتقلت الإذاعة إليه حيث كان يقرأ ببلدة العسيرات وهناك سجلت له عشرين شريطا أذيع منها شريط واحد فقط وللأسف فقد مسحت الشرائط كلها بعد ذلك لتسجل عليها أشياء أخرى دونما تحقيق وفقدت الإذاعة صوتا قلّ أن يوجد. وحاول محمد أمين حماد رئيس الإذاعة في ذلك الوقت عمل أي شيء لظهور الأشرطة فلم يستطع وطلب من الشيخ أن يستقر في القاهرة فرفض وأصرّ على عدم مغادرة الصعيد وقال : يكفي ابني محمد في القاهرة. وكان الشيخ محمد قد ذاعت شهرته بالقاهرة بعد أن سجلت له الإذاعة بإسنا إحدى ليالي شهر رمضان سنة 1953 م. وكان الشيخ يردد دائما أن أفضل قراءاته هو ما سجله للإذاعة وله سبعه أشرطة في هيئة الإذاعة البريطانية ومثلها في إذاعة سوريا . قرأ الشيخ القرآن في كثير من محافظات مصر حتى إنه كان يتلو القرآن في محافظتي قنا وأسوان لمدة ثلاثة شهور متتالية ولم يغادر مصر إلى أي دولة طوال حياته إلا لقضاء فريضة الحج عام 1924 م وكانت رحلة بالجمال . كان الشيخ لا يرد طلب إنسان وذات مرة وهو يسأل عن صديق سمع حوار بين امرأة يبدو الفقر على ملامحها وبين آخرين قائلة لهم ” عندما نطاهر ابني سأطلب الشيخ صديق المنشاوي لتلاوة القرآن فسخر منها الناس “. فما كان من الشيخ إلا أن ذهب إليهم وطلب من المرأة أن تحدد الميعاد حتى يأتي ليقرأ القرآن بل أرسل لها ما جاد الله عليه من خير. كان الشيخ يقرأ القرآن مغمض العينين حتى يستشعر جلال الله وترك مكتبة ضخمة تضم آلاف الكتب فقد كان شغفا بالاطلاع على كل فروع العلم والمعرفة وكان دائما ما يدخل في مناقشات علمية أو دينيه وكانت تنتهي لصالحه. وكان الشيخ صديق يصطحب أولاده معه في حفلاته ليُنَمِّي فيهم حب القرآن ..وساعدهم كثيرا في حفظ كتاب الله وكان وقته المزدحم بالعمل دفعه لإحضار قارئين لهذه المهمة. لم يحصل الشيخ صديق على أي وسام طوال حياته وعاش للقرآن فقط وكان يقول : إن أجمل وسام يشرفني وأفتخر به هو حب الناس لي. وقد عوضه الله بوسامين في عالم القراءة : محمد صديق المنشاوي ((1920, 1969)) ولد الشيخ محمد بقرية المنشاة التابعة لـمحافظة سوهاج في جمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في الثامنة من عمره؛ حيث نشأ في أسرة قرآنية عريقة، فأبوه الشيخ صديق المنشاوي هو الذي علمه تلاوة القرآن الكريم وقد وضع أبوه الشيخ الجليل صديق المنشاوي هذه المدرسة العتيقة الجميلة والمنفردة بذاتها، وبإمكاننا أن نطلق عليها (المدرسة المنشاوية)؛ حيث اشتهر الشيخ محمد بقراءته بمقام النهاوند الذي أبهر بها المصريين، وصار علمًا من أعلام خدام القرآن. وقد استمد الشيخ محمد من تلك المدرسة الكثير الذي كان سببًا في نجاحه بعد صوته الخاشع، ولُقِّب الشيخ محمد صديق المنشاوي بـ”الصوت الباكي”. قال عنه إمام الدعاة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي إنه ورفاقه الأربعة المقرئين الآخرين يركبون مركبًا ويبحرون في بحر القرآن الكريم، ولن تتوقف هذه المركب عن الإبحار حتي يرث الله ـ سبحانه وتعالي ـ الأرض ومن عليها. ذاع صيته ولقي قبولاً حسنًا لعذوبة صوته وجماله وانفراده بذلك، إضافة إلى إتقانه لـمقامات القراءة، وانفعاله العميق بالمعاني والألفاظ القرآنية. وللشيخ المنشاوي تسجيل كامل للقرآن الكريم مرتلا، وله أيضا العديد من التسجيلات في المسجد الأقصى والكويت وسوريا وليبيا، كما سجل ختمة قرآنية مجودة بـالإذاعة، وله كذلك قراءة مشتركة برواية الدوري مع القارئين كامل البهتيمي وفؤاد العروسي. محمد صديق المنشاوي كان على رأس قراء مصر في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي مع القراء أمثال الشيخ المرحوم عبد الباسط عبد الصمد والشيخ محمود خليل الحصري وغيرهم من القراء وما زالوا إلى يومنا هذا على رأس القراء لما كان عندهم من رونق في صوتهم جعلهم يحرزون المراتب الأولى بين القراء. الدعوة وجهها إليه أحد الوزراء قائلاً له: سيكون لك الشرف الكبير بحضورك حفل يحضره الرئيس عبد الناصر ففاجأه الشيخ محمد صديق بقوله: (ولماذا لا يكون هذا الشرف لعبد الناصر نفسه أن يستمع إلى القرآن بصوت محمد صديق المنشاوي؟) ورفض أن يلبي الدعوة قائلاً:(لقد أخطأ عبد الناصر حين أرسل إلي أسوأ رسله). تزوج مرتين أنجب من زوجته الأولى أربعة أولاد وبنتين، ومن الثانية خمسة أولاد وأربع بنات، وقد توفيت زوجته الثانية وهي تؤدي مناسك الحج قبل وفاته بعام. وفي عام 1966 أصيب بمرض دوالي المريء ورغم مرضه ظل يقرأ القرآن حتى توفي- رحمة الله عليه – في يوم الجمعة 5 ربيع الثاني 1389 هـ، الموافق 20 يونيو 1969م. وثاني الأوسمة التي رزق بها المنشاوي الأب: هو الشيخ محمود صديق المنشاوي ثالث فرسان القراءة في عائلة المنشاوي أشهر قراء سوهاج، عمل قارئا للسورة بمسجد الإمام الشافعي خلفًا للمرحوم الشيخ عبدالباسط محمد عبدالصمد , طاف العديد من الدول الإسلامية. ومع اتحادهم- الأب والأبناء – في نبرة الصوت إلا أن لكل منهم ميزة خاصة، ثم يأتي الشيخ صديق محمود صديق المنشاوي رابع مزامير آل المنشاوي ومازال يطوف بلاد العالم الإسلامي خادمًا لكتاب الله. الشيخ بّسام صديق المنشاوي رحمه الله قارئ القرآن والإمام بالأوقاف وكان يؤم الناس بمسجد مصطفى كامل بخليل الخياط والذي يشبه صوته صوت الشيخ محمد صديق المنشاوي، وكان يؤم المسلمين بألمانيا في رمضان بأحد المراكز الإسلامية. وحول علاقة العائلة بأهالي المنشاة قال الشيخ صديق محمود “إن العائلة رغم الإقامة بالقاهرة فإن لهم حضورا دائما في مختلف المناسبات وإن علاقة من الود تربطهم بجميع أهالي المنشاة” فيما أشار خالد صالح إلى أن جماعة الشيخ صديق المنشاوي لها أيدٍ ممدودة بالخير للعديد من الفقراء والأيتام وعمل الخير في كثير من أبوابه.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك