الجمعة - الموافق 27 ديسمبر 2024م

… المدراج في خبري الإسراء والمعراج … بقلم أحمد العش

تشكل ذكرى حادثتي الإسراء والمعراج كل عام، ملمحاً جدلياً واسعاً بين فرق ثلاث، فريقاً يؤمن بوقوع الحادثتين يقظة بالروح والجسد، وفريقاً يعتقد بوقوع الإسراء مناماً مع نكارته لحادثة المعراج، وفريقاً مارقاً ينكر الحادثتين مناماً أويقظة..
فما حقيقة الإسراء والمعراج؟؟
باديء ذي بدء
أكد القرآن الكريم على وقوع حادثة الإسراء، وذلك بإفراد سورة كاملة، حيث أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وصلى بالأنبياء إماماً، ونزل عليه قوله تعالى واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون) ٤٥ الزخرف … فما سأل ليقينه بمعرفة ربه عن سائر الأنبياء..
أما بالنسبة لحادثة المعراج فقد أثبتتها سورة النجم من بدايتها إلى قوله تعالى لقد رأى من آيات ربه الكبرى، وبعض الأحاديث في صحيحي البخاري ومسلم، منها ما جاء في صحيح البخاري عن مالك بن صعصعة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بين النائم واليقظان، حيث وضع في طستٍ من ذهب، ملىء حكمة وإيماناً ، ثم انطلق مع جبريل عليه السلام على دابة البُراق، فصعد إلى السماء الدنيا، فلقي آدم عليه السلام في السماء الأولى وقال له مرحباً بك من ابن ونبي، ثم إلى السماء الثانية فلقي ابنا الخالة يحيى وعيسى عليهما السلام وقالا له مرحباً بك من أخ ونبي، ثم إلى السماء الثالثة ولقي يوسف عليه السلام، فقال له مرحباً بك من أخ ونبي، ثم إلى السماء الرابعة فلقي إدريس عليه السلام، فقال له مرحباً بك من أخ ونبي، ثم إلى السماء الخامسة فلقي هارون عليه السلام، فقال له مرحباً بك من أخ ونبي، ثم إلى السماء السادسة فلقي موسى عليه السلام، فقال له مرحباً بك من أخ ونبي، ثم بكى موسى فقيل له ما أبكاك؟ قال يارب هذا الغلام الذي بعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي!!
ثم صعد إلى السماء السماء السابعة فلقي إبراهيم الخليل، فقال له مرحباً بك من ابن ونبي، فرفع إلى البيت المعمور فقال له جبريل هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه؛ ثم رُفع لسدرة المنتهى، فرأى أقوام يعذبون وأقوام ينعمون، ورأى أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران!! أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فهما النيل والفرات،، ثم فرضت عليه خمسين صلاة، فقال له موسى عليه السلام أنا أعلم بالناس منك، عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، وإن أمتك لا تطيق، فرجع إلى ربه فظل يسأله التخفيف، حتى بلغت خمس صلوات في اليوم والليلة…
وعليه فإن من ينكر المعراج فإنما ينكر أحكاماً شرعية تمخضت بفرض ركن الصلاة ..
ثم ندلف إلى قضية هي من الأهمية بمكان، في رحلة معراج النبي صلى الله عليه وسلم، وتتمثل في هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه؟ الجواب لم يرى رسول الله ربه بحاصل أقوال الصحابة والتابعين، وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقد أورد البخاري ومسلم في صحيحيهما أن مسروق بن الأجدع رحمه الله سأل عائشة رضي الله عنها يا أمتاه هل رأى محمدُ صلى الله عليه وسلم ربه؟ فقالت لقد قف شعري مما قلت.. أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب، من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب رواية البخاري وعند مسلم فقد أعظم على الله الفرية، ثم قرأت ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) الأنعام ١٠٣
( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب) الشورى ٥١
(وما تدري نفس ماذا تكسب غدا) لقمان ٣٤
ومن حدث أنه كتم فقد كذب ثم قرأت ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) المائدة ٦٧
وأما عن قوله أفتمارونه على ما يرى.. لقد رأى من آيات ربه الكبرى.. وكذلك قوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير.. فلو كان النبي رأى ربه رأي العين لذكر القرآن الكريم صراحاً..
وقيل أن أباذر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال نور أنَّى أراه) أي كيف أراه
وقيد ابن عباس رضي الله عنهما رؤية الرسول لربه بالفؤاد لا بالعين..
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن قال في هذه المسألة حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه…
أما استدلال البعض بآيتي وهو بالأفق الأعلى.. ولقد رأه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى! فإن المقصود بهما جبريل عليه السلام، فقد رأه النبي صلى الله عليه وسلم على هيئته وله ستمائة جناح ….
والحاصل ثبوت حادثتي الإسراء والمعراج بالروح والجسد من القرآن الكريم والسنة النبوية، أما الرؤية العينية فلم تثبت وإن كانت بالقلب والفؤاد…

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك