كتب :- محمد زكي
أوضح سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في محاضرته التي جاءت تحت عنوان: “كيف نستقبل شهر رمضان؟” أن الصيام مدرسة أخلاقية يتكيف فيها الإنسان وفق الأخلاق الفاضلة ،وأن الغاية من
مشروعيته هي التقوى، مشيرا إلى أن الصيام الشرعي هو الذي تكف فيه النفس عن كل المعاصي الظاهرة والباطنة وليس هو مجرد الكف عن الأكل والشرب وقضاء الوطر الجنسي فحسب. وأن الذي يتجرأ على الغيبة والنميمة والكذب أو لمز الناس وهمزهم لا قيمة لصيامه عند الله تعالى.
وأكد سماحته أن من عوّد نفسه أن يضبط لسانه وسمعه وبصره وسائر جوارحه عن الوقوع في معاصي الله خلال هذا الشهر الفضيل يهون عليه في سائر العام أن يضبط نفسه ويقيد جوارحه ويكيف تصرفاته وأعماله وفق منهج الله تعالى فلا يقع في شيء من محارم الله.
أشار الخليلي إلى أن المؤمن وهو يستقبل هذا الشهر الفضيل لتشف نفسه ويرهف حسه ويحس انه أمام عتبة من عتبات الأيام المقدسة التي جعل الله سبحانه وتعالى فيها صلة العبد بربه تتمتن وتقوى. وان الإنسان ليجدر به وهو يستقبل هذه المناسبة الطيبة العظيمة أن يحرص كل الحرص على محاسبة النفس أولا، ذلك لأن هذه العبادات الدورية التي تتكرر بتكرر مواسمها، إنما جعلها الله سبحانه وتعالى كذلك لتكون فيها مواقف يقفها العبد، من أجل النظر فيما قدّم وفيما أخر، ذلك لأنها في كل وقت تتكرر فيه يكون الإنسان قضّى مرحلة من مراحل العمر، هذه المرحلة لا يمكن أن تعود.
فالإنسان وان كان في حقيقته في كل لحظة من اللحظات يتقدم إلى الأمام في عمره ولا يمكن لهذه اللحظة أن تعود إليه، وكل نفس يتنفسه إنما هو خطوة من خطواته إلى لقاء ربه سبحانه، إلا انه باجتماع جزء من الزمن كالعام والشهر أو حتى اليوم يكون الإنسان حريا أن يقف وقفة مع النفس لمحاسبتها على ما قدمت وأخرت.
وأضاف سماحته: لا ريب أن الله سبحانه وتعالى، فضّل هذا الشهر الفضيل، بما جعل فيه من خير عميم، فالله تعالى جعله ميقاتا لحدث تاريخي عظيم حوّل الطبيعة الكونية من وضع إلى وضع آخر، وجعل الإنسان الذي هو قطب في هذا الكون تدور عليه رحاه أيضا يتحول تحولا عجيبا، ذلك لأن هذا الحدث كان سببا لصلة الإنسان بربه، وللربط بين المسير والمصير والدنيا والآخرة والعمل والجزاء، فجدير بالإنسان يقف مع هذا الحدث وهو نزول القرآن الكريم على قلب النبي صلوات الله وسلامه عليه في هذا الشهر المبارك فان الله سبحانه وتعالى إنما جعل هذا الشهر ميقاتا لهذا الحدث التاريخي العظيم الذي بدد وضع هذه الحياة وقلب موازين البشر فيها وجعل الحق سبحانه وتعالى هذا الحدث سببا لأن يكون الإنسان على بصيرة من أمره اذ يستشف من خلال هذا الحدث حقيقة طبيعة هذه الحياة فهو يطلع من خلاله على نواميسها وسننها ويعرف حل لغزها اذ الحياة كانت بأسرها لغزا معمى قبل أن يكون هذا الحدث، فإذن على الإنسان أن يقف وقفة طويلة مع هذا الأمر
التعليقات