الأربعاء - الموافق 22 أكتوبر 2025م

حكم الاعتداء على الأجانب في بلاد المسلمين: بقلم: هند درويش

 

لقد لقى السفير الروسي “أندريه كارلوف” مصرعه مساء اليوم الاثنين، عندما أطلق شرطى مسلح النار عليه فى متحف الفن الحديث بالعاصمة أنقرة، و هو يقول: ” “الله أكبر نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما دمنا على قيد الحياة”.

 

ومن المؤسف انتشار ظاهرة التطرف الفكري والإرهاب في الأوان الأخيرة، وهذا نتيجة للجهل بتعاليم الإسلام وطمس معالمه السمحة من قبل المتشددين والمتطرفين عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع العلم وكثرة الجهل وهذه من علامات الساعة التي أخبرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم ” “إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامًا يَنْزِلُ فِيهَا الْجَهْلُ، وَيُرْفَعُ الْعِلْمُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الْهَرْجُ “. وَالْهَرْجُ الْقَتْلُ”. (أخرجه الشيخان وأحمد والترمذي). ويشير الحديث هنا أن كثرة القتل تكون نتيجة لتفشى الجهل بتعاليم الإسلام الصحيحة بين الناس، والمراد بالعلم هنا علم الكتاب والسنة وما يتفرع عنهما، وكلما بعد الزمان عن عصر النبوة قل العلم وكثر الجهل بصورة عامة. مما يؤدي إلي اللجوء إلي رؤوساء جهالاً فافتوا بغير علم وهذا ما نشاهده في زمننا هذا، ولقد أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً، فسُئِلوا فأفتَوْا بغير علم فضلُّوا وأضلُّوا”.

وفي ذلك الشيخ محمد صالح المنجد : أن هذه العمليات التي تحدث في بلاد المسلمين وتستهدف الأجانب ، ليست جهاداً ، بل هي فساد وإفساد ، وتخريب وتشويه ، وهي دالة على جهل مرتكبيها وطيشهم ، فإن هؤلاء الأجانب مستأمنون في بلاد المسلمين ، لم يدخلوها إلا بإذن ، فلا يجوز الاعتداء عليهم ، لا بالضرب ولا بالنهب ، فضلا عن القتل ، فدماؤهم وأموالهم معصومة ، والمتعرض لهم على خطر كبير ، كما روى البخاري (3166) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا). وهذا شامل للذمي والمعاهد والمستأمن.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في “فتح الباري” : ” وَالْمُرَاد بِهِ : مَنْ لَهُ عَهْد مَعَ الْمُسْلِمِينَ سَوَاء كَانَ بِعَقْدِ جِزْيَة ، أَوْ هُدْنَة مِنْ سُلْطَان ، أَوْ أَمَان مِنْ مُسْلِم ” انتهى .
عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” أَيُّمَا رَجُلٍ أَمِنَ رَجُلا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ ، فَأَنَا مِنَ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا ” ( حديث مرفوع).

وفي تفسير الحافظ ابن حجر: ” أمان من مسلم ” إشارة إلى ما هو معروف عند الفقهاء من أن الأمان لا يشترط أن يكون من الحاكم والسلطان ، بل يجوز أن يكون من رجل من عامة المسلمين ، وهؤلاء الأجانب المشار إليهم يدخلون بلاد المسلمين بأمان من الدولة أي التأشيرة ( فيزا) فقد أعطي الأمان من قبل المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم)، فإذا دخل بأمان فلا يجوز نقض هذا الأمان، ولا يجوز لك أن تخون المستأمن بحال من الأحوال في دمه ولا في عرضه ولا في ماله، كما قال علي بن أبي طالب : المسلم والمستأمن يستويان في الحرمة، حرمة الدم والمال والعرض. وبأمان أيضاً من أحد من المسلمين في كثير من الأحوال، فلا يجوز التعرض لهم ، ولو كانوا في الأصل محاربين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَن قتل معاهداً في غير كُنهه حرَّم الله عليه الجنَّة )) رواه أبو داود (2760)، والنسائي (4747) بإسناد صحيح، وزاد النسائي (4748): (( أن يشمَّ ريحها )).

ومعنى (( في غير كُنهه )) أي: في غير وقته الذي يجوز قتله فيه حين لا عهد له.
وأمَّا قتل المعاهد خطأ، فقد أوجب الله فيه الدية والكفارة، قال الله عزَّ وجلَّ: ” وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً”

وفي النهاية نذكر كل من يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم – بقوله تعالى: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ” ( النساء : 115).

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك