الأربعاء - الموافق 15 يناير 2025م

سيبك من العلم والاقتصاد والتقدم.. لماذا لا يؤمن اليابانيون بأى دين؟

المجتمع اليابانى بوابة كبيرة مفتوحة على مساحة لا نهائية من الغرائب والتناقضات والمفارقات، ليس فقط على صعيد الإنجاز الاقتصادى والعلمى والمعرفى الذى حققه هذا المجتمع محدود الموارد الطبيعية، والمحصور فى عدد كبير للغاية من الجزر الواقعة فى حزام زلزالى وبركانى، والناجى من آثار مدمّرة عقب استهدافه بقنبلتين ذرّيتين فى الحرب العالمية الثانية، ولكن بدءًا من التاريخ البعيد لليابان، وما عانته هذه الدولة من متاعب ومشكلات سياسية واقتصادية، وتطور نظام الحكم وآلية الإدارة فيها، وصولاً إلى الجوانب الاجتماعية والعادات والتقاليد والطقوس الروحية والمعتقدات الدينية، فرغم مساحة الإنجاز الشاسعة التى حققها المجتمع اليابانى، إلا أنه لا يؤمن بأى دين، ولا تتوفر لديه مرجعية روحية واضحة ومتماسكة، وهى مفارقة كبيرة وتحتاج إلى الالتفات، هنا نقترب منها، نحاول البحث عن السبب، وعن الحيّز الذى يسغله الدين ويعنيه بالنسبة لليابانيين المعاصرين، من خلال التقرير الذى عرضه موقع Nippon ونلخص لكم أهم عناصره فى هذه السطور. 

لماذا لا يؤمن اليابانيون بأى دين؟

نشر الكاتب وعالم الأديان اليابانى “أما توشيمارو”، كتابًا من تأليفه يحمل عنوان “لماذا لا يؤمن اليابانيون بأى دين”، عام ١٩٩٦، وقد أثار ردود أفعال لدرجة ترجمته إلى اللغتين الكورية والإنجليزية وتحقيقه لانتشار واسع ومبيعات مرتفعة، ويرجع السبب فى هذا قوله إن اليابانيين “لا يؤمنون بدين”، وخاصة الأديان التى ليس لها مؤسّس معروف لديهم، مثل الشنتوية والهندوسية، ورغم هذا تأثرت اليابان بشكل كبير بتلك الأديان، ودخلت البوذية اليابان فى القرن السادس وكانت الأكثر تأثيرًا حتى منتصف القرن التاسع عشر. 

سيبك من العلم والاقتصاد والتقدم.. لماذا لا يؤمن اليابانيون بأى دين؟ (3)

البوذية وحضورها الدائمة فى حياة اليابانيين

ما زالت البوذية حاضرة فى الحياة اليومية اليابانية، ويقيم معظم اليابانيين شعائر جنائزهم على الطريقة البوذية، ويظهر هذا فى أداء طقوس الصلوات عند المقابر، وقدأثرت المسيحية تأثيرًا ثقافيًّا كبيرًا فى هذا، من خلال المدارس والجهود التبشيرية، ورغم هذا التأثير فلا يتعدى عدد المسيحيين اليابانيين 1 % فقط من تعداد السكان، الذى يبلغ ١٢٨مليون نسمة، وخاصة مع انتشار الأديان الوضعية ونزوع اليابانيين إلى البعد عن الأديان والأفكار الروحية المنظّمة، وهو ما يتجلّى فى كثير من المواقف التى تشهدها اليابان، ومنها أن إحدى المزارعات من محافظة “نارا” – تُدعى ناكاياما ميكى – أسّست ديانة جديدة سُميّت “تنريكيو”، ولكنها كشأن معظم الأديان اليابانية الجديدة كانت متأثّرة بالديانة الشنتوية أو بالديانة البوذية أو بالاثنتين معًا. 

الديانة الشنتوية جزء لا يتجزأ من البوذية

كانت الديانة الشنتوية جزءًا لا يتجزأ من البوذية، وكان تأثير البوذية عليها كبيرًا جدًّا،ومن جانبه رصد الكااتب والمفكر “أما توشيمارو” فى كتابه، أن القاعدة الكبرى التى ترتكز عليها العقيدة اليابانية هى الأديان الطبيعية، وحينما يؤمن اليابانيون بآلهة الأرض وغيرها، لا يؤدون طقوس عبادة معينة، وكلمة “لا دين” تعنى مفهوم الشنتو، أو مفاهيم المعتقدات الشعبية بشكل عام، وفى البداية كان تأثير الأديان الطبيعية واضحًا، لكنها رغم هذا الوضوح لم تترسّخ فى المجتمع اليابانى. 

سيبك من العلم والاقتصاد والتقدم.. لماذا لا يؤمن اليابانيون بأى دين؟ (1)

الشنتو عقيدة قريبة من الأديان الطبيعية

كذلك صرح “أما توشيمارو” أن وجود الأديان الطبيعية ليس معناه بالضرورة أنها آتية من الماضى البعيد، لأنها ظهرت منذ ظهور الإنسان البدائى، وتطور شكلها، وأضيفت إليها حكم سامية، ثم ظهرت كأديان لها مؤسسون، وقد تأسس جانب من حضارات العالم على أساس تلك الأديان، ويعتبر “توشيمارو” أن الشنتو دين قريب من الأديان الطبيعية، إلى جانب ارتباطها بالفكر القومى فى اليابان واستبعاد الأجانب، فالشنتو دين موجود قبل وجود دولة يابانية متماسكة، وهذا ما يصدقه معظم اليابانيين، أما من وجهة نظر علماء الأديان، فإن هذا التفكير ما هو إلا طريقة يريح اليابانيون المعاصرون بها أنفسهم من التفكير بعمق فى تلك القضية.

سيبك من العلم والاقتصاد والتقدم.. لماذا لا يؤمن اليابانيون بأى دين؟ (2)

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك