الخميس - الموافق 26 ديسمبر 2024م

فى طريق الهدايه و إنتبهى أيتها المرأه ” الجزء الرابع ” إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع ومع إنتبهى أيتها المرأه، وقد توقفنا عند فتنة النساء فى زمن بنى إسرائيل ومع المرأة التى ظلت تفكر زمانا طويلا للبحث عن أفضل الطرق لجذب أنظار الناس إليها، حتى اهتدى عقلها إلى حيلة تزيل ما تظنه عيبا فيها، فقد صنعت لها نعلين من الخشب تلبسهما تحت الثياب فيزيد من قامتها، ويظهرها أمام الناس طويلة، وأمام الحيلة التي ابتكرتها ، تغير منظرها الخارجي، فلم يتعرّف عليها الرجال، وظنوا أنها امرأة غريبة عن الديار، بل أرسلوا أحدهم ليعلم عن هذا الوافد الجديد بالنسبة إليهم، ويتقصّى حقيقتها فلم يفلح، وبذكائها أيضا، اتخذت خاتما من ذهب صنعته خصيصا عند أحد الصاغة، وأمرته أن يجعل فيه تجويفا له غطاء لتملأه مسكا قوي الرائحة، ثم كانت تذهب إلى مجامع الناس وتحرك يدها ذات اليمين وذات الشمال، فيفوح شذى العطر في أرجاء المكان ليسلب بعبقه ألباب الرجال وينال استحسانهم لها، والنبي صلى الله عليه وسلم، إذ يعرض هذه القصة، يريد من المجتمع الإسلامي أن يحذر من تلك الآفات ويرفع من تطلعاته وطموحاته، ويوجه تركيزه نحو إصلاح الباطن وتحسين الأخلاق، وما قيمة المرء إلا بنبل صفاته، وجميل أفعاله، وبياض صفحته، كما جاء تقرير ذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” رواه مسلم، ونلمح أيضا في ثنايا القصة تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء، وتفننهن في طرق الغواية والإضلال، في ظل انتكاسة أخلاقية تنبيء بذوبان العفة وقلة المروءة.
وذهاب الغيرة من قلوب الرجال، وما يؤديه من الفساد العظيم، والشر المستطير، وكان الإشفاق من خطر هذه الفتنة هو ما أشغل بال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يحذر أمته من فتنة النساء، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “اتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء” رواه أحمد، ويجب علينا جميعا أن نعلم أننا فعلا ابتعدنا عن منهج الله تعالى، ومنهج رسوله صلى الله عليه وسلم، إلا ما رحم الله تعالى، وخاصة ونحن في هذه الأيام التي خرج علينا فيها من أقوال الجهلاء ما لا يخرج من أفواه أبي جهل وغيره أيام عداوتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان التبرج في الجاهلية أن يظهر جزء من رقبة المرأة، وجزء من كعبها لا زيادة على ذلك، واليوم نرى العجب العجاب، ممن يدعون أنفسهم بفلاسفة العصر، وكذبوا لأنهم يريدون أن يفترسوا المرأة، وكأنهم ذئاب وحشية، وإن العاقل يعلم أن الله الذي أنعم بهذه النعم قادر على سلبها، ولذا فهو يشكر الله على نعمه، ويخشى أشد الخشية من الوقوع في أي أمر يغضب الله تعالى, فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة النازعات ” وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى” وأما من انساق وراء شهوته، واتبع هواه، فقد انحط عن رتبة الإنسانية إلى رتبة الحيوانية، فقال سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة الفرقان ” أرأيت من أتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ”
ولذا نقول أن الزنا من أكبر الكبائر وأقبح الفواحش، ولا فرق في الأصل بين أن يصدر هذا الفعل الشنيع من رجل أو امرأة، متزوج أو غير متزوج ، وقع فعله القبيح كردة فعل لما صدر من الطرف الآخر أو لا ، كل هذا زنا وكله داخل تحت قوله تعالى كما جاء فى سوة الإسراء ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ” وكل هؤلاء داخلون تحت قوله تعالى كما جاء فى سورة الفرقان ” والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا، إلا من تاب” وكذلك فإن الزنا أصحابه عرضة لأن يشملهم الوعيد الوارد في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي قصها على الصحابة الكرام وفيها ” فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات قال فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا، وفي آخر الحديث سأل عنهم صلى الله عليه وسلم فقيل “وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني” رواه البخارى، ولذا فلا يجوز للمسلم أن يفكر في معصية الله تعالى وانتهاك حرماته بسبب أن غيره فعل ذلك، فأى عقل يدعو إلى هذا؟! وأى دين يسمح للمسلم بهذا؟ وإن إثم الزنا وعقوبته سواء في حق الرجل والمرأة ولا نعلم في ذلك خلافا، فكل منهما مرتكب لمعصية كبيرة، وعقوبتهما إن كانا غير محصنين سواء، وعقوبتهما إن كانا محصنيين سواء، وزنى الرجل بامرأة متزوجة أشد إثما من زناه بغير المتزوجة.
لأنه انضاف إلى المعصية والكبيرة ذنب آخر وهو أن يُدخل على زوج المزني بها من ليس منه، ويؤدي إلى اختلاط الأنساب، وكذلك زنى المرأة المتزوجة أشد إثما من زنا غيرها لأنها تدخل على زوجها من النسل من ليس منه، هذا بالإضافة إلى ما قد ينجر من الأمراض الفتاكة عن ارتكاب الفواحش، ولا شك أن من أصيب بشيء منها فهو عرضة إلى نقله إلى غيره، وإن عقاب الزاني يوم القيامة، يكون بينه وبين الله تعالى، فمن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم والسنة النبوية حذرت من هذه الجريمة، مما يعني أنها محرمة شرعا ويترتب عليها عقابا في الدنيا والآخرة، فعقاب الآخرة مقتصر على العذاب الذي سيتلقاه جراء فعلته التي تعد من الكبائر، لقوله تعالى ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا” فإن الزنا واحدة من أكبر وأبشع الجرائم المقترفة والموجبة لغضب الله تعالى في الدنيا ومضاعفة العذاب في الآخرة، ويطلق عليها اسم الفحشاء، ويقصد بها إقامة العلاقة الجنسية الكاملة بين الرجل والمرأة دون زواج شرعي برضا الطرفين، وتعتبر فاحشة الزنا من الفواحش والأفعال المحرمة والمجرّمة في جميع الأديان فقد جاء تحريمها في الديانات السماوية الإسلام والمسيحية واليهودية، تحريما مغلظا كما حُرمت في الديانتين الهندوسية والبوذية على الرغم من ظهور العديد من الأصوات المنادية بتخفيف النظرة التحريمية للزنا واستبدال هذا المصطلح بآخر وهو العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج، ويعد تساؤل لماذا حرم الله الزنا تساؤلا منطقيا ومشروعا في ظل تغليظ العقوبة في الدنيا والآخرة.
لمرتكب هذا الفعل الشائن، وقبل معرفة لماذا حرم الله الزنا يتوجب على المسلم الامتثال لأمر الله سواء أدرك الحكمة منه أم لم يدركه، فلماذا حرم الله الزنا؟ وأنه تكمن الحكمة في ذلك التحريم في التماشي مع الفطرة الإنسانية السليمة والقائمة على الميل إلى الحلال والغيرة على العرض، وحفظ الأنساب من الاختلاط وإدخال من ليس من صلب العائلة فيها بحيث يصبح له سائر الحقوق كالنسب والميراث وغيرهاوأيضا الحفاظ على البيت المسلم من الدمار والضياع وتشتت شمل العائلة وضياع الأبناء حين يأتي الزوج أو الزوجة بهذا الفعل الشنيع، وكذلك الحدّ من انتشار الأمراض المنتقلة عن طريق الممارسة الجنسية والناتجة عن تعدد الشركاء كالإيدز ومرض الزهري والسيلان وغيرها من الأمراض الفتاكة، إذ يعد الإيدز المنتشر بكثرة في دول العالم والنامية والفقيرة على وجه التحديد رابع المسببات الرئيسية للوفاة حول العالم وأيضا الحد من انتشار الجرائم المترتبة على فعل الزنا والمعروفة في عرف الناس والقانون بجرائم الشرف، وكذلك صيانة كرامة المرأة من الهدر بحيث لا تكن سلعة رخيصة سهلة المنال لكل طامع، وأيضا الحد من ظاهرة الأطفال اللقطاء المتروكين في الشوارع العامة والحدائق وقرب دور العبادة للتقليل من معاناتهم الناجمة عن رفض المجتمع لهم، وكذلك الوقاية من الوقوع في الزنا الواجب على كل مسلم ومسلمة الاحتياط من الأسباب المؤدية إلى الوقوع في المعاصي الموجبة للحد في الدنيا كفعل الزنا الذي أسماه القرآن الكريم فاحشة، والموجب لغضب الله تعالى.
وعذابه في الآخرة عن طريق الزواج الشرعي لما فيه من صون النفس وحفظ النسب، وغض البصر، والابتعاد عن مشاهدة أو سماع كل ما يحرك الغرائز لدى الإنسان عبر المواقع الإباحية وما شابه، والصيام إذ يثبط الصيام من إفراز الهرمونات الجنسية الدافع وراء الانجرار نحو هذه الرذيلة، والإكثار من قراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار ومجالسة الصالحين، وإشغال وقت الفراغ بممارسة الرياضة والقراءة والخروج مع رفقاء الخير لصرف التفكير عن الغرائز والسعي لتلبية متطلباتها بفعل الفاحشة، وكذلك إلتزام المرأة باللباس الشرعي الساتر، ومنع الاختلاط بين النساء والرجال إلا للضرورة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس ما تيسر له من اللباس الحلال الساتر للعورة والمظهر الحسن، سواء أكان صوفا أم قطنا أم غير ذلك، من غير تكلف ولا إسراف ولا شهرة ولا تكبر، بل كان لباس تقوى وستر وتجمل وكان يلبس للحرب وللسفر وللحل والترحال وللجمعة والأعياد ولقاء الوفود أثوابا مختلفة الألوان والهيئات والأسماء، وكان صلى الله عليه وسلم يهتم بنظافة ثيابه ويحرص على تطييبها، ويوصي أصحابه بذلك، وقد لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثياب القميص، وكان أحب اللباس إليه لما فيه من الستر وحسن الهيئة للرجل والمنافع العديدة، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص، والقميص هو ما يعرف في أيامنا بالدشداشة أوالتوب في بعض البلاد، وكان قميصه صلى الله عليه وسلم واسعا يصل لنصف الساق وله كم.
ففي حديث السيدة أسماء بنت يزيد قالت كان كم قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ، أي ما بعد الكف، وفي الترمذي من حديث معاوية بن قرّة عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة لنبايعه وإن قميصه لمطلق أو قال عليه زر قميصه مطلق قال فأدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم” وإنما أدخل يده ومرادُه التبرك” وقد لبس النبي صلى الله عليه وسلم الجُبة من الصوف أو القطن أو نحوه وهي ثوب سابغ، واسع الكمين، مشقوق المقدم، يلبس فوق الثياب، وهو يشبه في زماننا الجُبة في اللباس التى يلبسها المشايخ وأهل العلم، ففي الترمذي عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس جبة رومية ضيقة الكمين، وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها أخرجت جُبة طيالسة كسروانية لها لبنة ديباج، وفرجيها مكفوفين بالديباج، وقالت هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عند عائشة فلما قبضت قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسلها للمرض نستشفي بها” رواه مسلم وزاد البخارى في الأدب المفرد وكان يلبسها صلى الله عليه وسلم للوفد والجمعه، وفي هذا الحديث بيان تبرك الصحابة بثوب النبي صلى الله عليه وسلم وبالماء الذي أصابه الثوب رجاء الشفاء من الله للمرضى تبركا بما مس جسده الشريف المبارك صلى الله عليه وسلم، ولبس النبي صلى الله عليه وسلم الخميصة، وهي كساء من صوف أو غيره فيه خطوط ، قال الخطابى، الخميصة كساء مربع من صوف ويكون معلم الطرفين فإن لم يكن معلما فليس بخميصة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال لما ولدت أم سُليم قالت لي يا أنس، انظر هذا الغلام فلا يصيبّن شيئا حتى تغدو به إلى النبى صلى الله عليه وسلم يحنكه، فغدوت به، فإذا هو في حائط وعليه خميصة حريثيه ” رواه البخارى ومسلم.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك