الخميس - الموافق 26 ديسمبر 2024م

فى طريق الهدايه و إنتبهى أيتها المرأه ” الجزء الثالث ” إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث ومع إنتبهى أيتها المرأه، ولقد منّ الله سبحانه وتعالى على المرأة المسلمة بعد أم كانت قبله متاعا للرجل، فجاء وأعطاها قدرها وحقوقها، وكان الميراث هو أحد وأهم وأظهر الحقوق التي أعطاها الله تعالى المرأة في الإسلام، فصارت إن توفي عنها صاحب ثروة ورثت منه كما يرث الذكور، ولكن مقدار هذه الورثة لا تكون دائما بقدر ما يرث الرجل، وإنما يكون الميراث بحسب العدل الذي يحكم به سبحانه، ومراعاة الظروف القائمة، فأحيانا تأخذ من الميراث كما يأخذ، وأحيانا تأخذ أكثر مما يأخذ وأحيانا تأخذ أقل مما يأخذ، ولا يكون هذا التفاوت في الأخذ من الميراث إلا لتحقيق مصالح من شأنها بناء الأسرة المتكاملة، وإن وقوع الرجل أو المرأة في الزنا أو ما دونه من أي علاقة مشبوهة محرمة، هو خيانة لحق الله تعالى، ونقض لميثاقه سبحانه وتعالى، وتعد لحدوده، وهذا الأمر هو الذي ينبغي أن يشتغل به المسلم وأن يفكر فيه كثيرا كثيرا، فإن العزيز الجبار القوي القهار خلق هذا الإنسان من العدم، وأنعم عليه بعظيم النعم، ورزقه الصحة في بدنه، والعقل الذي به يزن الأمور، ويهتدي به إلى خالقه، والعبد محاسب على كل صغيرة وكبيرة، فالعاقل من أعد للسؤال جوابا، وقام بما أوجب الله عليه، وانتهى عما نهى الله عنه، وقد توقفنا عند قوله صلى الله عليه وسلم “إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبِر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه” وفي الرواية الأخرى “إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته فليواقعها.
فإن ذلك يرد ما في نفسه” وهذه الرواية الثانية مبينة للأولى، ومعنى الحديث أنه يستحب لمن رأى امرأة فتحركت شهوته أن يأتي امرأته أو جاريته إن كانت له، فليواقعها ليدفع شهوته وتسكن نفسه ويجمع قلبه على ما هو بصدده، وقوله صلى الله عليه وسلم ” إن المرأة تقبِل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان” وقال العلماء معناه الإشارة إلى الهوى، والدعاء إلى الفتنة بها لِما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقا” وإن الفقهاء أكثروا من نصح النساء باستكمال زينتهن داخل المنازل وذلك بتسريح الشعر وتزيينه، والتطيب بالطيب أمام الزوج حتى يطيب قلبه، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء” وقال النووي رحمه الله في شرح الحديث ما مختصره ومعناه تجنبوا الافتتان بها وبالنساء، وتدخل في النساء الزوجات وغيرهن، وأكثرهن فتنة الزوجات، ودوام فتنتهن وابتلاء أكثر الناس بهن، ومعنى الدنيا خضرة حلوة، وهو يحتمل أن المراد به شيئان أحدهما هو حسنها للنفوس ونضارتها ولذتها، كالفاكهة الخضراء الحلوة، فإن النفوس تطلبها طلبا حثيثا، فكذا الدنيا، والثاني هو سرعة فنائها.
كالشيء الأخضر في هذين الوصفين، ومعنى مستخلفكم فيها، أى جاعلكم خلفاء من القرون الذين قبلكم، فينظر هل تعملون بطاعته أم بمعصيته وشهواتكم؟ وإن من مجاهدة الفتن هو غض البصر والصوم، فالصيام وقاية من هياج الشهوة الجنسية وهي أخطر غرائز الإنسان ويؤدي إلى كبحها، وهو علاج نبوى فعال وقوى، ولا يغيب عنا أن هذا عند عدم الاستطاعة، وإلا فالعلاج الأصلي لهذه الفتنة هو الزواج، ويقول ابن القيم رحمه الله تعليقا على الحديث، فدل المحب على علاجين أصلي، وبدلي، وأمره بالأصلي وهو العلاج الذي وضع لهذا الداء، فلا ينبغي العدول عنه إلى غيره ما وجد إليه سبيلا، والمقصود أن الصوم قامع لشهوة النكاح، وفوائده عظيمة، وقد شرعه الله تعالى لعباده رحمة بهم، وليتقربوا به إليه، وجُنة لهم من الشهوات المهلكات، وعن جرير رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة، فقال “اصرف بصرك” رواه أبو داود، وإن الصوم وغض البصر لا ينفعان في هذا الزمان، مقولة غير صائبة بالمرة بل هي حجة ضعفاء الإيمان والإرادة، الذين أسلموا قيادهم للشيطان وأوليائه، ولو تمهلوا وتدبروا لوجدوا في غض البصر والصوم الملاذ من فتنة النساء، وكما أن من مجاهدة الفتنة هو تجنب الخلوة بالمرأة بغير محرم، فإن الخلوة بالمرأة الأجنبية من غير محرم من أعظم الأسباب في الوقوع فيما حرم الله عز وجل، وهياج الغريزة، وضياع الشرف والعفة، وكم من الجرائم تأتي من هذا الباب، وقد حذر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من ذلك في كثير من الأحاديث.
مثل حديث ” لا يخلون رجل بامرأة، ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم” فقام رجل فقال يا رسول الله، إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة، قال ” اذهب فحج مع امرأتك” وحديث ” لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان” ولا يخفى أن من العادات المنتشرة في بعض المجتمعات خلوة المرأة بالرجل الأجنبي عنها وهو الذي يحل له أن يتزوجها وإن كان من أقاربها كابن عمها وابن خالتها، هذا ناهيك عن البعيد، كصديق الزوج وجاره وما أشبه ذلك، وحتى لو كان التحريم مؤقتا كأخ الزوج، فلا يجوز للمرأة الخلوة به دون محرم، وهو الحمو الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم بمنزلة الموت، ففي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إياكم والدخول على النساء” فقال رجل من الأنصار يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال “الحمو الموت” وهذه مشكلة يعاني منها كثير من الناس بل يتساهلون فيها تحت عناوين، مثل أنا أثق في أخي وأخلاقه أو أنا أثق في زوجتى وهذا وغيره من تلبيس إبليس، والحق أحق أن يتبع، وينبغي الحذر من تلبيس إبليس وخطورته، وقد قال الله تعالى كما جاء فى سورة الأحزاب ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا” ولا يخفى على العقلاء أن الخلوة بكل أشكالها ووسائلها الحديثة، كالتحدث في الهاتف، وعلى الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل، وغير ذلك مما لا يطلع عليه أحد من المحارم هو خلوة محرمة ينطبق عليها ما ذكرنا من ترهيب.
وقد جاء في الحديث المتفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قول الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” ما تركت بعدي فتنةً أشد على الرجال من النساء” فكان صريحا في كون المرأة فتنة للرجل، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته تحذيرا بليغا من فتنة النساء، فقال ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء” رواه البخارى ومسلم، وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل، كانت في النساء” رواه مسلم، وقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” ألا لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له، فإن ثالثهما الشيطان، إلا محرم” رواه أحمد، وأنه لا تجوز لك الخلوة بامرأة أجنبية، إلا مع وجود محرم لها، ولقد جاء ذكر بعضِ فتنة نساء بني إسرائيل في الحديث النبوي الشريف، وإن من صور افتتان نساء بني إسرائيل، وهو تزوير الطول والتعطر خارج البيت، فعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” كانت امرأة من بني إسرائيل قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين، فاتخذت رجلين من خشب، وخاتما من ذهب مغلق مطبق، ثم حشته مسكا وهو أطيب الطيب فمرّت بين المرأتين فلم يعرفوها، فقالت بيدها هكذا، ونفض شعبة يده” وفي رواية للإمام أحمد ” فكانت إذا مرّت بالمجلس حركته، فنفح ريحه” وكذلك أيضا هو تزوير الشعر، فعن سعيد بن المسيب قال، قدم معاوية المدينة، فخطبنا وأخرج كبة من شعر.
فقال ما كنت أرى أن أحدا يفعله إلا اليهود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه، فسماه الزور، وفى رواية عند البخارى ” إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم” وأيضا تزوير المستوى الاجتماعي والتنافس في المظاهر الدنيوية، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” إن أول ما هلك بنو إسرائيل أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصيغ ما تكلف امرأة الغنى” وهذا يدل على انكباب النساء على الدنيا وشهواتها، ومطاوعة الرجل لها لافتتانه بها، بحيث تكلفه ما لا يطيق، فتشغله عن الدين بحمله على التهالك على الدنيا، وقد يطلب المال من حرام، فتفسد عليه دينه ودنياه، وساق بعده فى باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه، وفيه حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، فقال حدثنا سعيد بن أبي مريم قال أخبرنا نافع بن عمر، قال حدثني ابن أبي مليكة أن السيدة عائشة زوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه، إلا راجعت فيه حتى تعرفه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من حوسب عذب، قالت عائشة، فقلت أو ليس يقول الله تعالى كما جاء فى سورة الانشقاق ” فسوف يحاسب حسابا يسيرا” قالت، فقال ” إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش الحساب يهلك” وهذا من حسن ترتيبه رحمه الله، فإن تعليم النساء يأت بخير كثير على الأمة، كما هو فضل علم السيدة عائشة رضي الله عنها على بنيها، والنبي صلى الله عليه وسلم يعرض من خلال القصة التي بين يدينا، جانبا من جوانب الفساد الاجتماعي والافتتان بزخارف الدنيا.
والذي أودى بالمجتمع الإسرائيلي مهاوي الردى، وكان سببا في تسلط أعدائهم عليهم، وقد ظهرت بوادر الفساد الاجتماعي في تلك الأمة بقوة من خلال المبالغة في الاهتمام بالمظاهر، فكان الإنفاق على الملابس والحلي وأنواع الزينة ومراسم الحفلات على أشده، ولم يكن التسابق المحموم على تلك الأمور محصورا بالطبقة الغنية القادرة، بل اكتوى بنارها الفقراء والمعدمين، سعيا لمجاراة الواقع الموجود، ومع مطالب النساء وما جرّه من النفقات الباهظة، كانت النتيجة الحتمية الغرق في دوامة لا تنتهي من الديون والقروض الربوية، أما الصورة الأخص التي ذكرها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فهي حال امرأة من بني إسرائيل، تملكها الشعور بالحسرة على قصر قامتها، ورأت في نفسها أنها أقل حظا في نيل إعجاب الرجال ولفت أنظارهم، وكان الرجال من بني إسرائيل يرون الجمال في طول المرأة، وبدلا من الرضى بقضاء الله وقدره، فقد ظلت تفكر زمانا طويلا للبحث عن أفضل الطرق لجذب أنظار الناس إليها، حتى اهتدى عقلها إلى حيلة تزيل ما تظنه عيبا فيها، فقد صنعت لها نعلين من الخشب تلبسهما تحت الثياب فيزيد من قامتها، ويظهرها أمام الناس طويلة، وأمام الحيلة التي ابتكرتها ، تغير منظرها الخارجي، فلم يتعرّف عليها الرجال، وظنوا أنها امرأة غريبة عن الديار، بل أرسلوا أحدهم ليعلم عن هذا الوافد الجديد بالنسبة إليهم، ويتقصّى حقيقتها فلم يفلح، وبذكائها أيضا، اتخذت خاتما من ذهب صنعته خصيصا عند أحد الصاغة، وأمرته أن يجعل فيه تجويفا له غطاء لتملأه مسكا قوي الرائحة.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك