ونكمل الجزء الحادى عشر مع لله على الناس حج البيت، ومن دروس الحج أيضا هو التربية على هجر العوائد وقطع العلائق وتغيير نمط الحياة، فالعوائد ما اعتاده الواحد من سكون ورخاء، والعلائق ما تتعلق به القلوب من دون الله من ملاذ الدنيا وأناسها، ويكون هجرها بقوة التعلق بالمطلب الأعلى وهو رضا الله سبحانه وسلعته الغالية، وإن في الحج تدريب عملي فالحاج هو المسؤول عن إتمام المناسك لا غيره وقد يكون في حملة أو رفقة فيتولى بعض أمرهم ويتاح له من التطبيق العملي والتدريب المكثف ما لم يكن متاحا له بغير الحج، وفي الحج تربية على التعلم والتعليم، فالحاج يتعلم مناسك الحج ومحظوراته وقد يحضر دورة قبل الحج أو يسأل مفتيا في أثناء الحج وحسن السؤال نصف العلم.
وقد يضبط الأحكام والفتاوى بإحكام يؤهله لنقلها لغيره مبلغا ومعلما، وعن أبي بكر الصديق رضى الله عنه قال سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أفضل الحج؟ قال ” العجّ والثجّ ” رواه الترمذي وابن ماجة، ويعني بالعجّ العجيج بالتلبية والثجّ نحرالبُدن، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من الحج أو العمرة، كلمّا أوفى على ثنية أو فدفد كبّر ثلاثا، ثم قال ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده” متفق عليه، ومعنى أوفى أي ارتفع، ومعنى فدفد أى الغليظ المرتفع عن الأرض، وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
” ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسها، فينزل بالسبخة، فترجف المدينة ثلاث رجفات، يُخرج الله منها كل كافر ومنافق” رواه مسلم، وعن المدينة المنورة, قال عليه الصلاة والسلام ” من أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين” متفق عليه، وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال حُجّ بي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وأنا ابن سبع سنين” رواه البخارى، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة,وليس للحجّة المبرورة ثواب إلا الجنة” رواه الترمذى.
وأما الحج عند الشيعة فهو ثلاثة أقسام أيضا لا يصح الحج إلا على أحدها وهم تمتع، وقران، وافراد، وعن أبا عبد الله أنه قال في القارن “لا يكون قران إلا بسياق الهدي، وعليه طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، وطواف بعد الحج، وهو طواف النساء، وأما المتمتع بالعمرة إلى الحج فعليه ثلاثة أطواف بالبيت، وسعيان بين الصفا والمروة” كذلك يؤمن الشيعة أن التمتع فرض على كل من كان منزله يبعد مسافة ثمانية وثمانين كيلومترا عن مكة المكرمة وعلى من يحج حجة المتمتع إذا قدم مكة طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة وعليه للحج طوافان طواف الحج وطواف النساء، وسعي بين الصفا والمروة.
ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيم ووقوف في عرفات ومبيت ليلة في مزدلفة ومبيت ليلتين في منى ورمي الجمرات وحلق ونحر ثم يفيض مع الحجاج ظهر يوم الثاني عشر من ذي الحجة بعد صلاة الظهر في منى، وأما المفرد للحج فعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة، وطواف الزيارة، وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أضحية، أما بالنسبة لمواقيت الحج فهي نفسها عند أهل السنة والجماعة، ويعتبر الشيعة زيارة المدينة المنورة من المستحبات المؤكدة لديهم، وهناك يجب زيارة النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وزيارة السيدة فاطمة الزهراء التي لا يعرف الشيعة قبرها بالتحديد ولكن يزورونها عن بعد من أماكن مختلفة، وكذلك زيارة مقبرة البقيع المدفون فيها أربعة من أئمة الشيعة.
التعليقات