دلالة الألوان كالأمثال و الحكم فما تصدق دلالته من الألوان على حالات لا تصدق على حالات أخرى والأمثال التي تصدق على بعض المناسبات لا تصدق على مناسبات أخرى..
في هذا النص لديفا غنام وهي كاتبة واعدة جاء صوتها الأدبي معلنا ولادة كاتبة جديدة في بلاد البرتقال وأجزم أنه سيكون هذا الصوت رصاصةً برتقالية حد تعبير درويش في رائعته أحمد الزعتر .. في هذا النص نرى أن اللون يأخذ دلالتين متضادتين متناقضتين نرى من خلاله كيف أن الحياة تعيد صياغة الأشياء ودلالتها بمعطيات العصر , ووفقا لمزاجه , ومع ذلك فالدلالات الثابتة للألوان هي معطيات الطبيعة فقط أما الحالات النفسية فتعطي دلالات هي دلالات الرابط الذهني التي تربط بين اللون والحالة أو اللون والموقف تماما مثل نظرية الارتباط الشرطي الكلاسيكي لأيان بافلوف..
ولنأخذ في تفاصيل الدلالات اللونية وفقا لنص ديفا غنام والذي يبدأ بالأزرق ومعناه في السماء حيث تعطينا الحالة النفسية للكاتبة دلالة للأزرق مع الطبيعة أنه لون الغربة والغيب وسماء الطفولة وهذا ما نما في نفسها عنه وعلمته لطفلها لكن ما سيعلمه طفلها حين يكبر أنه لون الجريمة … كيف!
ثمة طائفة من الصوفية تدعى النقشبندية وترى هذه الطائفة أن للإنسان عدة أنفس و لكل نفس هالة أو ضوء خاص بها فترى أن اللون الأخضر هو لون النفس الراضية والأسود لون النفس المرضية(أرضاها الله) والأبيض لون النفس المطمئنة والأحمر لون النفس الملهمة والأصفر لون النفس اللوامة والأزرق لون النفس الأمارة بالسوء…
اللون الآخر في النص هو اللون الوردي فيأخذ دلالة في النص ومعنى يكتشفه الطفل الذي سيكبر ويعرف أنه مثلما المحتل يروج لكيانه بلون السماء وزرقتها رمزا و هو الذي يدنس الأرض ويهلك الحرث والنسل يستحيل لون الورد والزهور من لون للبهجة والسرور إلى لون للموت و صراع البقاء من لون لدمية تدخل البهجة وتؤنس الطفل إلى موت ضروس في عرض البحر في رحلة الهروب من الموت إلى حضن الموت..
وهكذا يثبت نص ديفا أن الألوان تصبح مسوخا في معانيها حين حينما تستخدم في يد القتلة والمجرمين ..
أما النجوم التي سرقت بيوت ساكني الأرض واهلها من فيكفي أن نتذكر قول نزار قباني في مرثية بلقيس” لو أنهم حملوا إلينا من فلسطين الحزينة نجمةً أو برتقالة ومحوا عن التاريخ عاره لشكرت من قتلوك يا محبوبتي حتى الثمالة .. لكنهم تركوا فلسطينا ليغتالوا غزالة..” وكذلك قول محمود درويش في قصيدة فكر بغيرك:” وأنت تنام وتحصي الكواكب .. فكر بغيرك .. ثمة من لم يجد حيزا للمنام….” أي ثمة من سرقت بيوتهم كما تقول المبدعة إيفا غنام..
النص :
(دمية وكفن وموت أزرق ..
بقلم : إيفا غنام..
لأجــلـه
ما أن تطرق أيامنا سنه جديده حتى تغادرنا مسرعة …تغادرنا وهي قد ملّت من واقعنا
تمضي…نكبر نحن ويكبر أطفالنا .
ولدي….
سيبدأ السير في الطريق بخطواته هو.
ويبصر العالم بعيّنيه .
يرتب تفاصيل الحياة بطريقته بعدما كنت أنا أضعها بين يديه.
قلقي… أن يعلم غداً أنني كذبت عليه.
قلقي ..أن يكتشف أني وضعت ستاراً ملوناَ مزركشاً لأبعد حزن الواقع عنه وأزين بالفرح حياته.
قلقي أن يعلم أنني كذبت عليه…….
حين أخبرته بأن روعة السماء بزرقتها .وأخفيت قبح الأزرق على ذلك العلم الذي غرس في قلب أرضه .
سينسى اللون الوردي ..لون زهرته التي أحب حين يراى ذلك اللون على لعبة محشوة عائمة على سطح البحر بعدما غرق صاحبها وهو يقطع ذلك المستحيل ليجد مكان آمن له وللعبته.
سيرى النجوم….التي علقت على بيوت سرقت من اهلها لاتشبه النجوم التي نثرتها على سقف غرفته ليهنى .
ولدي…..
سيرى اللون الأبيض لا يرمز للسلام..حين يراه يلف على جسد شهيد ممدود على نعش مزيّن بالورد…
ولدي سيعلم أنني كذبت عليه
كذبت عليه ولكن لأجله..)).
التعليقات