تدني نسبة المشاركة في انتخابات مجلس النواب 2015 ، كانت صدمة حقيقية بكل المقاييس خاصة وهي الاستحقاق الثالث والأخير في خارطة الطريق . فقد شهدت الإنتخابات الرئاسية والإستفتاء على الدستور حضوراً مكثفاً لم يسبق لها مثيل .
لكن يبقي السؤال ماذا حدث ؟ لماذا عزف المصريون عن المشاركة؟ وحتي نتمكن من الاجابة على هذا السؤال علينا الرجوع الي الوراء لبضع شهور حيث الارتباك في وضع قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية وفتح باب الترشح ثم قرار المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر وتأجيل الانتخابات ، وحالة الإرتباك في توزيع مقاعد الفردي والقوائم .
هذا بالإضافة الي حالة الإحباط واليأس التي سيطرت على المواطن المصري من شعور بأن شيئ لم يتغير والحالة تزداد ضبابية ، فأصبح المواطن محاصر بين يأس قاتل وحالة سياسية وإجتماعية وأخلاقية تزداد من سيئ إلى أسوأ.
كل هذا جعل المواطن في حيرة لعدم مصداقية كل ماقيل ، فكان هذا المشهد الضبابي ، الكل يتحسس الطريق ، دون جدوي ودون رؤية واضحة .
أما ثاني العوامل وهو يعتبر من أهمها ، دور الإعلام في تشوية كل الخبرات والنخبة المثقفة الحقيقية خلال الشهور الماضية ، تلك النخبة القادرة على التأثير الحقيقي في الشارع المصري والقادرة علي صياغة صيغة للمستقبل ، فقام الإعلام الذي أصبح جزء وطرف في كل أزمة تواجه المجتمع ، فأصبح الفاسدين والمفسدين والمنافقين والآفاقين هم من يتصدرون المشهد السياسي ويحملون مشعل التنوير ، وتوجيه الرأي العام إلى حيث يريدون فانسحب أصحاب الرؤى والفكر ، وكما يقال أن البضائع الرديئة تطرد البضاعة الجيدة من السوق . وهنا يظهر السؤال المهم هل الإعلام أصبح لاعب أم حكم في المشهد السياسي.
فانعكس ذلك على المشهد الإنتخابي حيث تقدم للسباق الإنتخابي المتردية والنطيحة وما أكل السبع (إلا من رحم ربي) وأنسحب من يستطيع حشد الشارع المصري . فلم يجد المصري في المرشحين من يصلح لتمثيلهم . ولم يستطع المرشحون الوصول إلى الناخب فعزفوا عن المشاركة وهي رسالة قوية للنظام السياسي أن يعلنها بوضوح ، أن لا مكان للفساد ولا لبطانة السوء ولا للمطبلتية أصحاب الأقنعة ورجال كل العصور . وثمة رسالة أخرى تؤكد علي وجود فجوة كبيرة بين الشباب والنظام السياسي . فلابد من دراسة متانية وافية توضح حجم المشكلة ومعرفة أسبابها والعمل على حلها .
تلك لمحة ونظرة ومحاولة لفهم لماذا عزف المصريون عن المشاركة في الانتخابات؟ ربما هناك أسباب أخرى وجوانب أخري علينا أن نتداركها لتعود الثقة من جديد بين الشعب والنظام .
التعليقات