رصدت فى ذى قبل عدة آفات تحيط بالمجتمع من كل جانب ، كل آفة أرذل من أختها ، أثقل فى حجمها ، أبشع فى خطرها ، آلمتنى بشدة ظاهرة العنوسة ومعها توازيا الطلاق ، أفزعتنى بحدة كارثة البطالة وما استتبعها من ملايين فى املاق ، وأدهشتنى بقوة عاصفة التسول بين الاعراض والاشفاق ، وداهمتنى بغلظة أهوال التشرذم وشقاق المجتمع فما لها من دواء الوفاق ، واستفزتنى صيحات سفهاء قوم فى المنابر والأقلام جلية النفاق ، ثم فاجعتنى أم الآفات والذلات رجسا ، فسحقا للادمان بئس المرضعة وبئست الفاطمة ، بئس قوم تعاطوا فأدمنوا فتاجروا فروجوا للادمان ترويجا ، انها الآفة التى فتكت بنسبة كبيرة من المجتمع المصرى باختلاف شرائحه ، حضره وريفه ، غنيه وفقيره ، صغيره وكبيره ، فتياته ونسائه ، مثقفيه وغير مثقفيه ، فمن ذا الذى ساهم فى شيوع تلكم الظاهرة ؟ ومن ذا الذى بيديه آليات المقاومة والمجابهة ؟ وأى السبيلين أنصع وأنصح للمقاومة ؟ القوة والصرامة أم اللين والسلاسة ؟ الحق أن ظاهرة الادمان فى مصر مبعوثة فى الأصل من وباء مصانع التدخين ، فالذى استباح التدخين من نعومة أظافره ، استهوته المخدرات والكوكايين طائعا غير مكره ، انتشر الادمان فى المدر والوبر ، وفى مدارس البالغين ودون البالغين ، وفى الجامعات ، وفى أماكن العمل وفى الشوارع والطرقات ، وعلى المقاهى والملاهى والحدائق العامة ، وليس بعيدا أن نسمع بارتكابه بين جدران الأماكن والمقامات المقدسة تنكرا وخفية ، يتفق الأعمى والبصير والدانى والقاصى على الأسباب التى فجرت هذه الظاهرة ، وان اختلف أولوا الأمر فى سبل المكافحة ، فالتسليم يقينا بأن سوء التربية والتفسخ الأسرى ومرافقة السوء ومحاكاة الآخر ، هى الخطوط العريضة لانتشار أسوأ كارثة أخلاقية انسانية صحية شهدتها مصر ولا تزال من وبالها شاربة ، وكم من الجرائم ترتكب باسم الادمان ، يكفى فى هذا الصدد التلويح بجريمة واحدة يتشعب منها جمة كوارث ، فهل بعد تغييب العقل من كارثة ؟ فاذا أصيب العقل باللاوعى ، تتابعت الآثام واحدة بعد أخرى على نحو التحرش بالأطفال واغتصاب الفتيات والنساء وان كانوا ذووا محرم ، فضلا عن موبقات أخرى كالقتل بدافع عدم التكليف شرعا وقانونا ، ناهيك عن تكبد أهالى المدمنين أموالا تستعصى على طاقاتهم المادية ثمنا لاعفاء أبنائهم ، ومن جانبى لا أرى الا تنامى الظاهرة بشكل فج ، حتى وان تعددت المراكز والمؤسسات الصحية لمكافحة الادمان ، فيبدوا لى دور هذه المراكز وتلك المؤسسات ثانويا محضا ، فهم يستلمون جثثا هامدة دب فى عروقها السموم دبيبا مبينا ، واذا كان هنالك دور يقتضى وجوده لاستئصال هذه الجذور المترامية سموما فى بطن المجتمع ، فهو يقع على عاتق صناع القرار رأسا ، باجتثاث مصانع التدخين باعتبارها شرارة اطلاق السموم من كل حدب وصوب للفتك بالجسد الضعيف الواهن ، فأى فلسفة اقتصادية تلك التى تستجلب الدمار والوبال لأجيال مفطور بنيانها على النقاء ، صناعة التدخين وزراعة البانجو والحشيش فى مصر كوارث دامية على مستقبل الأمن القومى ، أوبئة قاتلة لا يسلم منها أخضر ولا يابس ، صناعة وزراعة وتجارة الأوبئة فى مصر حرمتها الشريعة الغراء ، فلم لا يجرمها القانون الوضعى تناغما وترادفا مع الفضيلة السمحاء ، انها حيل ماكرة كافرة مارقة لتبديد أجيالنا وتشويه تراثنا ، التدخين والبانجو والحشيش والكوكايين سموم قاتلة والأدهى أنها مدفوعة الأجر ، أخيرا وليس آخرا ألا تستوجب ظاهرة الادمان التصعيد الاعلامى والسياسى والمجتمعى ؟ ألا تستحق هذه الظاهرة أن يتتبع أثرها وظلها لاستئصالها ؟ بلى تستوجب = بلى تستحق وان كره المبطلون – – الادمان قضية من الأهمية بمكان ====
انتهى
التعليقات