الإثنين - الموافق 23 ديسمبر 2024م

أتاكم شهر رمضان ” جزء 5″ بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع أتاكم شهر رمضان، فالإمساك عن الطعام والشراب وكافة الملذات وكذلك الإفطار في وقت واحد لجميع المسلمين، مفسدات الصيام الجِماع وهو إقامة العلاقة الزوجية الكاملة مع الزوجة أثناء النهار فيبطل الصيام ويلزمه القضاء مع الكفارة، وإنزال المني دون ممارسة العلاقة الزوجية وتكون عادة، بسبب تكرار النظر، أو اللمس، أو التقبيل فى نهار رمضان، فيفسد الصوم وعليه القضاء دون الكفارة، وتناول الطعام أو الشراب متعمدا أثناء النهار، أما من فعلهما ناسيا فلا يؤثر على صومه، وكذلك إخراج الدم من الجسم متعمدا عن طريق الحجامة أو التبرع بالدم، أما خروج الدم بدون قصد كالجرح، أو النزيف، أو الرعاف فلا يؤثر ذلك على الصيام، والتقيؤ المتعمد أى إخراج ما بداخل المعدة من طعام وشراب.
أما إن تقيأ الصائم رغما عنه فلا يؤثر ذلك على صيامه ويكمل صومه إن لم يكن عليه ضرر من إتمامه، إيصال أي شيء إلى داخل الجوف عن طريق الأنف كالسعوط وهو دواء يدخل الأنف، أو بخاخات الأنف، أو عن طريق الوريد كالمغذيات فهى تقوم مقام الطعام، لكن إن كانت إبرا غير مغذية فهناك خلاف فى ذلك والأفضل للمسلم أن يتجنبها حفاظا على صيامه، وإن الصوم فى اللغة هو الإمساك بشكل عام، أما في الاصطلاح الشرعى فالصوم هو الإمساك عن المفطرات كالأكل، والشرب، والجماع، بِنية التقرب إلى الله عز وجل، في زمن مخصص، وهو من طلوع فجر الشمس وحتى غروبها، وصوم رمضان يعتبر الركن الرابع من أركان الإسلام، والتى لا يصح إسلام المرء دون الإيمان والعمل بها، فرض الله عز وجل فريضة صوم رمضان لأسرار.
وحكم معينة مختلفة تعود بالنفع على الفرد والمجتمع بشكل عام، وعندما فرض الله عز وجل فريضة الصيام بأحكام معينة كان الهدف من ذلك تحقيق الهدف المرجو من هذه الفريضة وهو بناء النفس وتنشأتها وإعداد قوامها كي تنهض بأمتها ودينها، وجعل الله عز وجل في الصيام أهدافا حيوية وغايات عميقة ترتبط وتتفاعل بوجدان وسلوك الصائم، وأن أوسع وأشمل هدف للصيام هو تحقيق التقوى في القلوب، وهي المبتغى الأول من الصيام، فالتقوى حارس للقلوب والجوارح من ارتكاب المعصية، ومراقبة المرء لنفسه في سره وعلانيته، ويظهر جليا دور الصوم في تحقيق التقوى من خلال التدرب على الصبر في مواجهة صعاب الحياة، ومن خلال مراجعة النفس وحسابها في هذه الدورة الرمضانية، فيراعي المسلم سلوكه ويستلهم رقابة الله له في كل الأوقات.
وهذا أعظم مربى للنفس، وكذلك الاستعلاء على الشهوات البدنية والمادية وتحرر فريضة الصيام المسلم من اتباع غرائزه، وتقوى عنده الإرادة والتحكم بها، فيسمو عن غيره من باقى الكائنات الحية، وتتغلب روحه على شهواته، ويعلو بعقله وروحه، وهذا أيضا مغزى عظيم من فريضة الصوم، وأيضا من مزايا الصيام هوتقوية صلة الإنسان بربه فيُدرك الإنسان نعم الله عز وجل عند أداء فريضة الصوم، ويستشعر أهميتها وقيمتها، فيُدرك قيمة الشبع وقيمة مطالب الجسد، فيستشعر المسلم نِعم الله عز وجل عليه، كما اقتضت الحكمة الصيام في النهار لا في الليل حتى تتضاعف المشقة والكفاح، بالتالي يدرك المسلم أكثر قيمة هذه النعم المحيطة بهن وإظهار العبودية الكاملة لله عز وجل، وإن صوم المسلم هو ترجمة عملية صادقة للخضوع لله عز وجل.
فيترك الصائم جميع المحظورات المتاحة بين يديه، رغبة في مرضاة الله عز وجل وكسب الثواب، لهذا نسب الله عز وجل ثواب الصوم إليه فقال فى الحديث القدسى ” كل عمل بن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك” وإن الصوم يزيد الإخلاص وإن نية الصوم هي شرط من شروط الصيام وأساس لقبولها، والنية الصادقة للصوم هي تدريب عملى للإخلاص بين العبد وربه بعيدا عن الرياء، فمعظم العبادات قد يداخلها الرياء إذا كان لها مظاهر خارجية كالزكاة والصلاة، أما الصيام فلا يعلم حقيقته إلا الله، وبذلك تتحقق التقوى ومراقبة الله عز وجل، وأيضا فإن من مزايا الصيام هو تقوية الجانب الخُلقى والنفسى فإن الصوم يغرس الأمانة في النفس والصوم خير وسيلة لغرس وتنمية الأمانة، ومراقبة النفس دون رقيب.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك