عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلاَ يَقْعُدَ وَلاَ يَسْتَظِلَّ وَلاَ يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ))..صحيح البخاري ..
* شرح الحديث *
الإسلامُ دِينُ اليُسْرِ والسَّماحةِ، وقد أخبَرَ اللهُ بذلك في القُرآنِ، وعلَّمَنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ العِبادةَ لا يُشترَطُ فيها المشقَّةُ على النَّفْسِ، بلْ يأتي الإنسانُ بقَدْرِ استطاعتِه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: “بيْنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخطُبُ”، أي: الجُمعةَ في المسجِدِ، “إذا هو برجلٍ قائمٍ”، أي: وجَدَ بنَظرِه رجلًا واقفًا في الشَّمسِ، “فسأَلَ عنه”، أي: عن شَخصِه، وعن سَببِ وَقفَتِه تلك، “فقالوا: أبو إسرائيلَ”، وهو رجلٌ مِن قُريشٍ مِن بني عامرِ بنِ لُؤيٍّ، “نذَرَ أنْ يقومَ ولا يَقعُدَ، ولا يَستظِلَّ، ولا يتكلَّمَ، ويصومَ”، أي: أنَّ سببَ وَقْفتِه نذرٌ جعَلَه على نفْسِه، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “مُرْهُ فلْيتكلَّمْ، ولْيستظِلَّ” مِن حَرِّ الشَّمسِ، “ولْيَقعُدْ”، أي: يَترُكْ قِيامَه، “ولْيُتِمَّ صومَه”، الذي نذَرَه، فقد أمَرَه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بالطَّاعةِ واليُسْرِ، وهو إتمامُ صَومِه، وأسقَطَ عنه المشقَّةَ في المباحِ، وهو عدَمُ الكلامِ، والاستظلالُ، والقعودُ، فالنَّذرُ لا يصِحُّ إلَّا فيما فيه قُربةٌ, وما لا قُربةَ فيه فنَذْرُه لَغْوٌ لا عِبرةَ به.
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الدِّينَ مَبناهُ على اليُسْرِ وعدَمِ المشقَّةِ.
وفيه: أنَّ النَّذرَ لا يقَعُ إلَّا في الطَّاعاتِ .
التعليقات