تتكون الثقافة من عدة عناصر من مثل اللغة والعادات والتقاليد والألعاب الشعبية وغيرها والقيم الروحية والمجتمعية وأساليب التعلم وميادين التربية. لقد حققت الدول الخليجية في فترة قصيرة إنجازات مذهلة في مجال رعاية الطفل ولكن الطموح أكبر مما تم إنجازه فنحن نطمح إلى توسيع نطاق الثقافة القرائية وتعميقها وترشيدها وإشراك أكبر شريحة من الأطفال في الأنشطة الثقافية. لم تلعب المكتبات العامة دورها المنشود في الرقي والتقدم إلى الآن ولا بد من تفعيل دور المكتبات ولا أقصد في فترة الامتحانات وفترة إعداد بحوث الطلاب ولكن المطلوب من المكتبات جذب الأطفال والشباب من الجنسين إليها. في العموم ينعم الطفل الخليجي بالكثير من الحقوق التي وفرت له فرصة التعليم الجيد وبما أن الثقافة تشمل الفنون والعلوم والآداب فإن الثقافة السمعية هي الطاغية على أطفالنا فالطفل ينهل من مصادر محدودة متركزة في الأسرة والمدرسة. يحتاج الطفل الخليجي إلى توثيق ثقافته بالمطالعة الواسعة، وخوض غمار موسوعات الأطفال، وتذوق جماليات عالم المسارح ودور السينما والمتاحف العلمية والفنية ، والأندية الرياضية والمجلات بصورة دورية. يموج العالم بالمعلومات وأصبحت الصورة المرئية أساس الدعاية والإعلان وبدأت انعكاسات العولمة تمد أذرعها إلى الطفل الجالس في داره وهذا يتطلب تنمية الفكر الناقد عند الطفل كي يميز بين خرافات الخيال وبين حقائق الواقع. أعتقد جازمة أن الطفل الخليجي يحتاج إلى جرعات مكثفة من مهارات الحياة (أسلوب حل المشكلات- التعامل مع البيئة- المحاورة الجيدة- أسس تكوين الصداقات) فهذه مهارات هامة بحاجة إلى المزيد من التركيز عليها حاليا كي تصبح سهلة المزاولة. إن السلوك الخلقي (التواضع, الصدق…) يتصنعه الإنسان في البداية حتى يصير السلوك له سجية غير متكلفة. لقد أكدت في الكثير من إصداراتي ودوراتي على أهمية التدريب على مزاولة المهارات الحياتية بطريقة منهجية في مؤسسات التربية الرسمية والشعبية كي نحسن نوعية ثقافة أطفالنا بما يتفق مع معطيات العصر.
هناك تقارب كبير بين دول الخليج وأتوقع أن التحديات والانجازات المتعلقة بالطفل متقاربة نظرا لتشابه العوامل المؤثرة في تكوين الثقافة الخليجية. إضافة إلى قوة الإمكانات المادية المتاحة. ولقد قمت في الآونة الأخيرة بزيارة بعض المراكز الخليجية المهتمة بتنمية الطفل ولمست أوجه التشابه في الأهداف والبرامج والأنشطة والإصدارات، ولاحظت الحرص على مسايرة الاتجاهات العالمية في شأن العناية بثقافة الطفل بصورة مؤسسية كما أن الكثير من المؤسسات الخليجية تتواصل مع المؤسسات العالمية من أجل النهوض بثقافة الطفل وفق المتطلبات العصرية.
جمع و اعداد
د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
قسم وقاية النبات – كلية الزراعة – جامعة سوهاج
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر
التعليقات