الجمعة - الموافق 27 ديسمبر 2024م

الجريمة النفسية للخيانة الزوجية ..بقلم الدكتور عادل عامر

الخيانة لا تأتي من فراغ‚ قد يكون هناك قصور في العلاقة بين الزوج والزوجة‚ وقد تكون الزوجة مهملة في إحساسها بمشاعر الزوج وفي القيام بواجباتها نحوه‚ أو قد تبالغ في سيطرتها عليه‚ وبناء على كل هذا فان هناك شعورا بالانتقام يتولد داخل الزوج لإحساسه بأنه مظلوم‚ وبالتالي يلجأ إلى الخيانة‚ وفي أحيان أخرى يلجأ الزوج للخيانة لأسباب أخرى‚ مثل إحساسه بالملل والضجر من رتابة الحياة‚ وعدم بذله لأي جهد يتقرب به إلى زوجته وهو في هذه الحالة يعاني من عدم تجديد نشاط الحياة الزوجية بالفكر والحوار وقد يكون سبب الخيانة الزوجية تدخل إطراف خارجية في أسرار الحياة الزوجية مما يجعل الزوج يشعر بأنه لا ينتمي لزوجته بالشكل الذي يريده وهناك أسباب أخرى تتعلق بالزوج وحده أهمها انه يكون شخصية ضعيفة وتابعة بحيث يمكن لأي امرأة أخرى أن تسيطر عليه بسهولة شديدة وقد يكون شخصية عدوانية تميل إلى الانحراف أو انه بطبعه عدواني تجاه زوجته وأسرته.

المواجهة اللينة:

إذا استشعرت الزوجة أن زوجها يخونها فلا بد أن تضع يدها على الدليل القاطع من دون الاعتماد فقط على الأقاويل والإشاعات ولا داعي للتسرع واتهام الزوج من دون دليل أما إذا ثبتت الخيانة بالدليل القاطع فعلى الزوجة أن تلجأ إلى المواجهة اللينة ومعالجة السبب فإذا شعرت أنها مهملة تجاه زوجها فعليها أن تعالج هذا الخطأ‚ وأن تكون أمينة مع نفسها وان تحاول اكتشاف الدافع وراء خيانة الزوج بمنتهى الصراحة وتحاول أن تقضي على هذا الدافع وان تلفت نظر زوجها بالحسنى إلى الآلام التي تسببها خياناته لمشاعرها وإنسانيتها‚ وإذا اتبعت الزوجة هذا الأسلوب مع زوجها ولم يأت بنتيجة واستمر في غيه فعلى الزوجة أن تواجهه بعنف فإذا لم تجد استجابة أيضا فلا بد عليها أن تشكو لكبار أفراد الأسرة وتطلب منهم أن يتدخلوا لإصلاحه بشكل حاسم‚ فعليها أولا أن تسعى لإصلاح الأوضاع ‚ فإذا فشلت فيكون الطلاق في هذه الحالة هو أنسب الحلول.

الطلاق ثم الطلاق :

رغم كل الحالات التي استعرضناها فان بعض الزوجات لا يستطعن مواصلة الحياة بعد اكتشافهن لخيانة الزوج: تقول زوجة عن تجربتها الخاصة: عندما تأكدت من أن زوجي يخونني شعرت بكراهية له وواجهته بمنتهى الصراحة وبالطبع لم يستطع أن ينكر ثم حاول أن يعتذر لى ولكني رفضت وانتهى الموضوع بالطلاق وأنا الآن غير نادمة على هذه النهاية لأنني بصراحة لم اقدر على نسيان جرح كرامتي وإخلاصي معه لقد عشت معه على الحلوة والمرة قدمت له أجمل سنوات عمري شبابي وجمالي وكل ما املك لكن بكل أسف لم يقابل إخلاصي له وتضحياتي بالحب والتقدير وكانت النتيجة أنني احتضن أولادي لأقضي معهم بقية عمري وكل ما املك العب دور الأم والأب حتى ينتهي العمر.

لذلك ينبغي أن تتذكر المرأة أن :-

الفاطر العظيم أقام فطرتها على أسس نفسية جعلت منا مطلوبة أكثر من أن تكون طالبة ,, فمهما استشعرت إلحاحاً غريزيا في كيانها تظل ميالة إلى أن تتصف بمركز الانتظار والاستعلاء ، وأن تفرض على الرجل ظروفاً وأسبابا تجعله يلح في طلبها والسعي ورائها ،وبذلك تكون المرأة فتنة للرجل أكثر من أن يكون الرجل فتنة للمرأة .( القلمونى ، 1419 ،63 ) وأحاديث الرَّسول- صلى الله عليه وسلم- في حثِّ المرأةِ على التودد لزوجها كثيرةٌ لا تُحصى، فَعن “أم سلمة” قالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “أيُّمَا امرأةٍ مَاتَت وزَوجُهَا عَنهَا راضٍ دَخَلت الجَنَّةَ”، وعنه- صلى الله عليه وسلم- قال: “يَستغِفرُ للمرأةِ المُطِيعَةِ لِزَوجِهَا الطَّيرُ فِي الهَوَاءِ وَالحِيتَانُ فِي المَاءِ والمَلائِكَةُ فِي السَّمَاءِ وَالشَّمسُ والقَمَرُ مَا دَامَت فِي رِضَا زَوجِهَا”.

وعن “أنس”- رضي الله عنه- قال:جاءت امرأة إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال لها: “أذاتُ زوجٍ أنتِ؟” قالت نعم، قال: “فَأينَ أنتِ مِنهُ؟” قالت: ما آلو إلا ما عجزت عنه. قال- صلى الله عليه وسلم-: “انظُرِي أينَ أنتِ مِنهُ؛ فَإنَّهُ جَنَّتُكِ ونَارُكِ”.العلاقة الزوجية قائمة على الحبِّ، وهو الكفيل بأن يقضي على كل نقصٍ، ويغطي كلَّ عيبٍ، فإذا نقصت المودة أو ضعفت، فإن شيئًا آخرَ يحفظُ الحياةَ الزوجية، هو:الرحمة، والعِشرة، والأولاد .وقد جاء في بعض الإحصائيات أن 88% من الزيجات التي تتم نتيجة الميل العاطفي انتهت بالطلاق.أن هم المجتمعات الغربية من الزواج المتعة فقط ، فهي لا ترى في الحياة الزوجية سوى العشق والغرام، وتتفكك فيها الأسر، ويلجأ الزوجان إلى نظرة المجتمع لها.

خيانة بالصدفة:

زوجة لها أسلوب مختلف في التعامل مع زوجها الخائن‚ انتقمت من خلاله لكرامتها المجروحة‚‚ تقول: عرفت عن طريق الصدفة أن زوجي كان يخونني مع إحدى السيدات‚ ثم تطورت بينهما العلاقة‚ حتى تزوجها في نهاية الأمر‚ في بداية زواجه بها ثرت عليه وواجهته بكل غضبي‚ خاصة وهو يحاول إقناعي بأنه لم يكن له بها أي علاقة قبل زواجه منها‚ ولكني اضطررت بعد أن هدأ غضبي أن أكمل حياتي معه لظروف اقتصادية بحتة‚ ورغم هذا فإنني لم أسامحه حتى الآن‚ وأنا بكل صراحة أتبع معه أسلوب التعذيب النفسي‚ ولكن على نار هادئة جدا‚

الزوج الخائن:

زوجة أخرى ترفض أي محاولة لإيجاد أي عذر لزوجها الذي خانها وتقول: الزوج الخائن غير جدير بالاحترام أو الحب من زوجته مهما حاول أن يبدي ندمه ومهما ادعى من أسباب وأعذار‚‚ هذا الزوج لا يمكن إصلاحه‚ ولا يمكن للمرأة أن تثق به مرة أخرى مهما ادعت أنها تحبه أو أنها تريد أن تحافظ على بيتها‚ لأن ذكرى هذه الخيانة ستظل تلاحق الزوجة في كل يوم من حياتها‚ ولن تستطيع أن تكذب على نفسها وتسامحه من قلبها أبدا‚ فإذا كان هذا الزوج عنده ولو ذرة احترام وتقدير لزوجته‚ لما اقدم على ما فعله‚ كما أن أمامه عشرات الحلول يمكنه من خلالها أن يعيد الدفء إلى حياته الزوجية‚ وحتى إذا فشل في كل هذه المحاولات فهو يستطيع أن يتزوج بامرأة أخرى بعد أن يوضح لزوجته انه غير سعيد معها‚ فهذا أهون من أن يأتي اليوم الذي تشعر فيه بالصدمة عندما يصلها أو تشعر أن زوجها يخونها‚ وانا بصراحة لا اجد عندي أي عذر أو أي احترام لهذا الزوج الخائن‚ وكل هذا طبقته على نفسي بكل تفاصيله عندما خانني زوجي الأول‚ حتى وفقني الله إلى زوجي الثاني الذي يحرص على دينه.

كيف أنساه ؟!

وهذه نماذج لزوجات أخريات‚ تعرضن أيضا لخيانة أزواجهن‚‚ سئلن عن قدرتهن على نسيان ما حدث؟

ــ عندما عرفت أن زوجي قد خانني مع امرأة أخرى شعرت أن الدم يغلي في رأسي كيف يعرف امرأة أخرى وهو يؤكد لي دائما على حبه‚ بل أن إحساس الزوجة لا يكذب‚ نعم أشعر انه يحبني لكن كيف يخونني إذن؟! ماذا أفعل‚ اتركه؟ انتهى كل شيء؟ ولكن أنا أحبه وأيضا أغفر له

وتتحدث زوجة أخرى عن تجربتها الشخصية فتقول:

ــ أبلغتني صديقتي أن زوجي على علاقة بأخرى كان رد فعلي عجيبا‚ لقد غضبت منها بشدة‚ كان إحساسي بالإهانة عميقا كيف أعرف من صديقتي أمرا في هذه

الخصوصية؟ كيف لم يبلغني هو انه لم يعد يحبني أو أنه يحب أخرى كان هذا أهون عليّ؟!

الغضب القاتل

الآن‚‚ ماذا يقول الخبراء عن الخيانات الزوجية وهل تستطيع المرأة أن تغفر وكيف؟ بث اندرسون مستشارة الزواج البريطانية تقول في دراستها عن هذه القضية: أول شعور ينتاب المرأة عقب معرفتها بخيانة الزوج هو الغضب القاتل والإحساس بالمهانة وجرح الكرامة‚ وفقدان الثقة بالنفس والعجز عن الفهم‚ كل هذه المشاعر طبيعية تماما‚ ومع ذلك فانه لا ينصح أن تحاول المرأة أن تتخذ أي قرار في تلك الفترة‚ ذلك أن مشاعرها المتضاربة ستدفعها لمحاولة جرح الزوج والأخذ بالثأر مما يحطم أي احتمال لاستعادة الحياة الطبيعية بينهما‚ وتضيف الباحثة: انه يجب على المرأة قبل اتخاذ أي قرار أن تحاول أن تحدد السبب الذي دفع الرجل للخيانة‚ فهل خانها مثلا أثناء فترة مضطربة في علاقتهما أم أنه زير نساء‚ المهم أن تدرك بينها وبين نفسها ما حدث ولماذا‚ بعدها يمكنها التحدث مع الزوج في الموضوع بهدوء لتحديد موطن الخطأ‚ فأسوأ أعداء الحب هو الصمت وعدم التواصل‚

وتستطرد بث قائلة: انه من الضروري إلا تشعر المرأة انها ملومة أو فاشلة‚ فخيانة الرجل لا تعني أن هناك عيبا في المرأة‚ ولكنها تعني ببساطة أن هناك شيئا ما خطأ في العلاقة‚ فقد يلجأ الرجل لامرأة أخرى لاستعادة إحساسه بالاهتمام والثقة بالنفس‚ أما زوجها فهو أمر مرفوض أثبتته تجارب الحياة‚ فالزوجة تشعر بحقد وكراهية تجاه الصديقة التي تسببت في تدمير حياتها‚ وفي العادة تتحطم الصداقة بينهما.

 

 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك