فالرجال صِنفٌ من بني البشر لا يقصد بها الذكران جنساً وإنما لهم صفات تزيد وتعلو عن الذكورة ليتصفوا ويفوزوا بلقب الرجولة قولا وفعلا .
ومن هنا فقد كان لازماً أن نتعرف على هذه الصفات حتى نستطيع تحديد معنى لفظة رجال إسماً وصفةً خاصة وأن جميع الفئات الذكورية في مجتمعنا المعاصر يصفون أنفسهم بأنهم رجال ونحن لا نستطيع أن ننكر عليهم ذلك إلا إذا حددنا صفات الرجولة حتى نجعلها مقياسا للفارق بين الذكورة والرجولة .
وفى خضم البحث عـن هذه الصفات والعلامات والمقاييس التي ترسم شخصية الرجـــــل وتجعل له علامة فارقه عن غيره من بني جنسه وتحدد من هم الرجال ؟ سنقع في خلافات في التعريف ومعناه ومدى صدق العبارة والثقة في مصدرها وعليه فإننا لن نجد هذا التعريف الذي سنتفق جميعا علي صدقه والثقة في مصدره إلا من كتاب الله تعالى .
وبناء علي ما تقدم سندع القرآن هو الذي يجيب من هم الرجال ؟ ومنه سنحصل علي الميزان الذي يحدد مستوى الرجولة ، فمن ينطبق عليه كان منهم ، ومن كان دون ذلك فهو لم يصل بعد إلي هذا المستوى وبإمكانه أن يصل بإتباعه ما جاء فى آى الذكر الحكيم حيث ذكر القرآن كلمة رجل في غير موضع ، وكل مرة يصفه بصفات تحدد معالم الرجولة فيه لتجعل منه عَلَمَاً يعرف بين أقرانه من بني جنسه حيث قال جل من قائل في وصف الرجال في غير موضع في آيات الذكر الحكيم بسم الله الرحمن الرحيم
*﴿ لَمَسجِدٌ أُسِسَ عَلىَ الَتقّوىَ مِن أولِ يَومِ أَحَقُ أَن تَقَومَ فِيهِ * فِيهِ رجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ
يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ } التوبة: 108{
* ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ
تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ
وَالأَبْصَارُ﴾ } النور 36 ,37 {
* ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾} الأنبياء 7 {
*﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا
بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ﴾ } الأحزاب :23 {
* ﴿ ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما ﴾ } الاحزاب -40 {
* ﴿ الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات
قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع
واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا ﴾
} النساء (34) {صدق الله العظيم
فَهَلُمَ بنا نستخلص من هذه الأدلة ونلخص صفات الرجال كما جاء بها دستورنا الذى لا ينطق عن الهوى :
فالرجال هم أهل الإيمان الصادق الذي ملأ قلوبهم بقربهم من الله ، وإمتثالهم لأوامره وتجنبهم لنواهيه فبها فقد يسر لهم طريق طاعته وعبادته ، وتمسكوا بمبادئ الدين السامية في كل أحوالهم ولم تغيرهم المدنية الحديثة التي يتشدق بها الكثيرين من أهل هذا الزمان ، ولم يزحزحهم عن خط الاستقامة الذي رسموه لأنفسهم بريق حضارة الغرب ، كما لم ولن ترهبهم أسلحة عدوهم التي تنوعت في أسمائها وتعددت في أشكالها ، فهي تلاحقهم منذ بزوغ فجر الدعوة ، فكان المسجد عرينهم ومدرستهم ومنبع قوتهم ، ففيه أقاموا شعائرهم ، ومنه انطلقت فتوحاتهم ، فهم لا يعرفون إلا طريق الجنة ، لأن المسجد هو الذي ربى أبطال الأمة ورجالاتها .
فلو تصفحنا كتب التاريخ والسِيِر سنجد أن الله حماهم من كل رذيلة وسدد خطاهم في كل أمر أرادوا به نصرة الدين ورضا الله فهم أهل الأخلاق الحميدة والخصال النبيلة من مروءة وشجاعة ورحمة فيما بينهم وأهل علم وفقه في أمور الدين والدنيا
أما الصنف الثانى المحسوبون علي الرجال خطأً فهم قوم يفسقون ويفسدون في الأرض ولا يتركون معصية من معاصي الله إلا إقترفوها ، ويبيعون دينهم وأنفسهم في سبيل مرضاة عدوهم الذي إرتضوا أن يكون مصدر عزتهم ، وهم لا يعلمون أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين الصادقين الذين لا يخافون في الله لومة لائم ، فمهما علت مراكزهم ومكانتهم في الحياة الدنيا فهم في نظر الرجال أقزام لا يملكون من الرجولة إلا شخوصهم ، ولم يستفيدوا من دنياهم إلا الطعام والشراب إن هم كالأنعام بل هم اضل سبيلا .
لعلي وضعت إشارة البدء لهذا الموضوع الشائك حتى نُخلص الرجولة من الشوائب التي لصقت بها وهي ليست منها ، فلنجتهد جميعا لنوسع دائرة الفهم لدى أبناءنا لنربيهم على المنهج القويم ونرسم لهم الطريق المستقيم الذى لا اعوجاج فيه ولا إزورار ولا انحراف ، علينا أن نعلمهم ونأصل فى نفوسهم ما كان عليه صحابة رسول الله صلّ الله عليه وسلم الفاتحين المجاهدين العابدين الحامدين الشاكرين الأطهار (الاساطير الحقيقية) كما ترويها لنا كتب السير التى يجب أن يَعُوها ويتعلموها ويتعرفوا خصالهم وسلوكياتهم وليست الاساطير التى تصورها لهم الفضائيات الفاسدة والاعلام المضلل فى هذه الآونة
نسأل الله أن يهدينا إلى سبيل الرشاد وأن يلهمنا طريق الجنة وأن يجعلنا وذوينا ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، حتى نسعد يوم لقياه وجنة عرضها السماوات والأرض .
والله من وراء القصد ،،،
د.الغلبان
التعليقات