الأربعاء - الموافق 02 يوليو 2025م

* الرجل الرشيد ذو الرأى السديد * بقلم – أحمد العش

تابعت من طرف خفى المضمون البيانى والإيجازى لكل من الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر ونظيره الدكتور الخشت رئيس جامعة القاهرة ، فى المناظرة التى جمعتهما على رؤوس الأشهاد ، والتى حملت فى طياتها تجديد الخطاب الدينى ، والتى تمخضت عن عدم تكافؤ بين أيديولوجيتين مختلفتين ، إحداها مكتسية بالثوب الإسلامى القشيب الرصين ، والأخرى متغطرسة بالبوق العلمانى الأثيم ، ولئن حٌسمت المناظرة فى سرعة خاطفة ، لصالح رجل الأزهر الحصيف ، الذى نضرت حٌجته على نظيره وعزه فى الخطاب ، غير أن هنالك بعض الكلمات والمصطلحات التى دارت بين كليهما ، قد استعجمت ماهيتها على العوام ، ولم يستسيغها كذلك أكثر المتعلمين بغير العلوم الشرعية ، ولعهدى مع قلمى أن أتجرد للحق أينما كان ، فلتكن هذه رؤيتى ،،،
لقد بدت هشاشة الحجة على رئيس جامعة القاهرة من أول وهلة ، عندما انتقد التراث صراحاً ، فتعثر فى أذياله وتلعثم فى بيانه ، الخاوى على عروشه من الصبغة الشرعية والثقافة التاريخية ، ليسهل على شيخ الأزهر مهمة الحسم تعقيباً وتفنيداً ، بإقامة الحجة وصياغة المحجة ، إلا فى واحدة اختلف معه فيها ، ولا أختلف على غيرته الدينية والأخلاقية ، ولا على صلابته المنهجية والمعرفية ،،،
قدم شيخ الأزهر حفظه الله دروساً أشد نصوعاً ، فى المنافحة عن تراث الأمة المجيد ، وأقرن تجديد الخطاب الدينى بحتمية إحياء هذا التراث ، لا استبداله كما عبر الخشت ، فالتراث الإسلامى أخلاقياً وبطولياً ، هو الذى عبأ بكنوز الحضارة من المشرق والمغرب ، فى مناحى تأصيل العقيدة وعلم الحديث والفقه والتفسير ، وعلوم النحو واللغة والبلاغة ، والأدب والشعر والتأريخ والجغرافيا ، وأمد الأرض بروافد العلوم التجريبية والتطبيقية ، فى الطب والصيدلة والهندسة والفلك والفيزياء ، كأبى بكر الرازى وابن زهر والزهراوى وابن النفيس وابن سينا ، والبيرونى وابن الهيثم وابن يونس والخوارزمى وجابر بن حيان وثابت بن قره والمجريطى ، والإدريسى وياقوت الحموى وابن بطوطة ، وأحمد بن فضلان وابن خلدون ،،،
أثلج شيخ الأزهر صدور السواد الأعظم ، بثباته على الحق وقصف الجبهة العلمانية ، بسلاسة العبارة وبراعة الإجادة ، فبلغت مراميه كافة القرائح بأنبل أمانة ، غير أنى أخذت عليه واحدة ولا شىء سواها ، ألا وهى تمذهبه الأشعرى ، شأنه شأن أكثر التراثيين الأزهريين ، وكيف أنهم يخالفون أهل السنة والجماعة ، وما كان عليه أهل القرون الثلاثة الأول ، لاسيما فى باب العقيدة وتأويل بعض الصفات على القياس العقلى ، وهذا ما صدح به شيخ الأزهر بملء فيه ، بأن الأشاعرة لا يأخذون بخبر الآحاد فى باب العقيدة لظنيته دون يقينه ، وإنما ايمانهم بالأحاديث المتواترة ، ومع جميل تقديرى لفضيلته الجليلة ، يطيب لى التأكيد على أن خبر الحديث الواحد يقيم حجة ، بالدليل القرآنى والسند النبوى ، قال تعالى ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) التوبة 122
أما الأدلة على قبول خبر الواحد من السنة فهى كثيرة منها بعثه صلى الله عليه وسلم إلى الآفاق معلمين وداعين ، فأرسل معاذ بن جبل وحده إلى أهل اليمن ، واعتبر بعثه حجة ملزمة لأهل اليمن بقبوله ، وكذا دحية الكلبى إلى هرقل ، وعبدالله بن حذافة إلى كسرى ، وقوله صلى الله عليه وسلم لوفد نجران ( لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين ) يقصد أبا عبيدة بن الجراح رضى الله عنه ، وكذلك نسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، جاءت بخبر الواحد كما فى صحيح البخارى من حديث ابن عمر رضى الله عنه ،،،
أخيراً روى الترمذى من حديث عبدالله بن مسعود رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( نضر الله امرأ سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه غيره ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ورب حامل فقه ليس بفقيه )
فاللهم نضر وجه عبدك أحمد الطيب بعد أن فند الأباطيل ودحض الضلال ، ومحق أهل الخبال ، ونافح عن دينك الحنيف برسوخ واقبال —

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك