مسقط، خاص: محمد زكي
أكد الدكتور علي بن أحمد العيسائي سفير سلطنة عُمان المعتمد لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن العلاقات المصرية العمانية تمثل محور ارتكاز مهم علي الساحة العربية، بفضل الانسجام والتناغم في الرؤى والسياسات المشتركة للبلدين، حيث يسعى البلدان دائما إلي حل كل الخلافات بالحوار والتفاوض، والدعوة إلي إحلال السلام والاستقرار إقليميا ودولياً، ويقدر المسئولون العمانيون على كافة المستويات الدور الذي تلعبه مصر في حل الصراعات والنزاعات في المنطقة.
وشدد السفير العُماني بالقاهرة في تصريحاته بمناسبة احتفال مصر وسلطنة عُمان بذكرى ثورة 23 يوليو 1952المصرية، وبالذكرى السابعة والأربعين ليوم النهضة العُمانية، على أن مؤشر العلاقات بين مصر وسلطنة عمان يسجل تقدما مطردا نتيجة العديد من المستجدات الإيجابية في ظل استمرار الاتصالات بين القاهرة ومسقط، انطلاقا من المواقف الثابتة للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان التي تعكس تقديره العميق لمصر ولشعبها بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو ما سبق وأن جسدته العديد من المبادرات التاريخية، حيث قال السلطان قابوس، في كلمته التي ألقاها بمناسبة العيد الوطني الـ (14) للسلطنة في سنة 1984: “لقد ثبت عبر مراحل التاريخ المعاصر أن مصر كانت عنصر الأساس في بناء الكيان والصف العربي. وهى لم تتوان يوماً في التضحية من أجله والدفاع عن قضايا العرب والإسلام. وأنها لجديرة بكل تقدير”.
أوضح الدكتور على العيسائي أن السياسة الخارجية العُمانية تحمل رسائل السلام والتعايش بين مختلف الأمم والشعوب والثقافات، مؤكداً أن السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان وضع منطلقات وأسس السياسة العمانية، داخليا وخارجيا وفق مرتكزات ثابتة تقوم على قاعدة صلبة هي العمل من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار، ليس فقط على الصعيد الداخلي، ولكن ايضا على الصعيدين الاقليمي والدولي، انطلاقا من ان السلام والامن والاستقرار هي ضرورات لا غنى عنها للبناء والتنمية وصنع حياة أفضل، وتكريس كل الجهود لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة مع الأشقاء والأصدقاء على كل المستويات .
ذكر السفير العُماني بالقاهرة أن السلطان قابوس أكد منذ سنوات عديدة أن سلطنة عُمان ” دولة سلام “، تسعى اليه وتعمل من أجل تحقيقه ولا تتردد في بذل كل ما يمكنها من أجل هذه الغاية النبيلة، التي تتطلع اليها كافة شعوب المنطقة والعالم من حولها.
وأضاف: في الوقت الذي يشهد فيه العالم العربي والدولي موجات متزايدة من التطرف والعنف والحروب والدمار، يعمل العُمانيون على تكريس نموذج فريد من التسامح والتعايش والسلام، وهو نموذج مُتأصل، ومكون أصيل من مكونات وهُوية الشخصية العُمانية، وقد ترسَّخ هذا المفهوم، واكتسب أبعاداً جديدة بدافع من قوة الإرادة السياسية التي يجسدها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، حيث انتهج ومنذ نصف قرن تقريباً نهجاً فريدًا من التسامح والصلح، في اتساق وتناغم مع التجربة التاريخية العُمانية، مع إضفاء مزيد من الفاعلية والديناميكية عليها.
وأكد الدكتور علي بن أحمد العيسائي سفير سلطنة عُمان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن نهج السياسة الخارجية العُمانية ارتكز على تجربة عُمانية في بناء مؤسسات الدولة العصرية الحديثة وآليات الشورى والديمقراطية، والتي تتناسب وخصوصية المجتمع العُماني عبر مراحل تطور التجربة حتى باتت نموذجاً يحتذى، مشيراً إلى أن البناء المؤسسي العُماني ارتكز على مجموعة من الثوابت والمبادئ، من أهمها أن يتم البناء وفق الخصوصية العُمانية وفي إطار من النهج التدريجي الذي يستوعب النخب السياسية الجديدة التي تثري التجربة السياسية العُمانية، وأن يكون في إطار من التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة العصرية الحديثة التي يحكمها القانون، باعتبار أن هذا التعاون بين مؤسسات الدولة تنفيذية وتشريعية يصب في خدمة الوطن والمواطن.
وأوضح أنه على مدار نصف قرن تقريباً، قطعت السلطنة شوطاً كبيراً في إرساء مؤسسات الدولة الحديثة التي يحكم طبيعة تفاعلاتها القانون. فإضافة إلى مجلس الشورى بتطورات مراحله الثمانية، ومجلس الدولة بمراحله الستة وبالتالي مجلس عُمان بفتراته الست أيضًا، كانت تجربة سلطنة عمان في المجالس المحلية البلدية.
وفيما يتعلق بالجوانب التنموية العُمانية، أكد السفير الدكتور علي بن أحمد العيسائي، أن السياسة العامة لسلطنة عُمان ارتكزت على المبادئ التالية: تعميق فكرة المواطنة باعتبارها المحرك الأساسي لاستمرار عملية التنمية الشاملة. وتحفيز الشباب على الانخراط في كافة مؤسسات الدولة على أساس أن القانون أو النظام الأساسي للدولة يكفل لكل المواطنين ذلك الحق بدون تمييز. وأن التنمية ليست غاية في حد ذاتها، وإنما هي من أجل بناء الإنسان الذي هو أداتها وصانعها، ومن ثم لا تتوقف التنمية عند مفهوم تحقيق الثروة وبناء الاقتصاد، بل تتعدى إلى تحقيق تقدم الإنسان، وإيجاد المواطن القادر على الإسهام بجدارة ووعى في تشييد صرح الوطن. وعدم الافتخار بالماضي والوقوف عند منجزات القدماء والحفاظ على التراث وضرورة الأخذ بالنافع المفيد من الفكر المتطور والعلم المتقدم والفن المتحضر والعمل المفيد المثمر. وهو ما يسمى بالمزاوجة بين التراث العريق ومتطلبات العصر الحديث.
أوضح السفير العُماني بالقاهرة أن القيادة السياسية العمانية تبنت مفهوماً واسعاً لتنمية الموارد البشرية، ويعتبر الإنسان الهدف والغاية النهائية لعملية التنمية وليس وسيلة فقط لتحقيقها، لهذا اهتمت كافة خطط التنمية السابقة بتنمية الموارد البشرية ، مشيراً إلى أنه من خلال انتهاج سياسات وآليات عملية متكاملة لتنمية الموارد البشرية، استطاعت السلطنة أن تعد المجتمع العُماني لاستشراف آفاق القرن الحادي والعشرين الذي ستتركز خلاله الجهود على تنمية الموارد البشرية بأوسع معانيها المادية والروحية.
وأكد الدكتور العيسائي أن تنمية الموارد البشرية لابد أن يتم في بيئة اقتصادية سليمة تعتمد في الأساس على إرساء أسس البنية الأساسية اللازمة لاستدامة التنمية الاقتصادية، فقد استطاعت الحكومة العُمانية على مدى نصف قرن تقريباً من الجهود المتواصلة أن تؤسس لبناء منظومة اقتصادية مستدامة، من خلال الخطط الخمسية المتوالية التي تراعي التطورات الاقتصادية العالمية.
وأشار السفير العيسائي إلى أن الجهود الاقتصادية العُمانية تتم بناءً على خطوات سابقة تمهيدية تمثلت في تهيئة البنية الأساسية المُشجعة للاستثمار من طرق ومرافق وموانئ ووسائل اتصال، وهي المرحلة الصعبة التي تم إنجازها لتهيئة البلاد كي تكون مصدر جذب للمستثمر، ووجود مناخ مناسب في بلد يعتمد على رؤى حديثة ومتطورة في تنويع مصادر الدخل، إضافة إلى القطاع الصناعي الواعد الذي يمضي قدماً نحو الأمام، وكقاطرة للتنويع الاقتصادي، في إطار خُطط السلطنة الساعية إلى تنويع تلك المصادر كبدائل لمواجهة تقلبات سوق النفط.
وذكر العيسائي أن الاقتصادي العُماني اقتصاد واعد بسبب ما تتمتع به سلطنة عُمان من موقع جغرافي استراتيجي بين شرق آسيا وغربها وفي إطلالة سواحل مدنها على الخليج العربي وبحر عمان وبحر العرب وذلك يمكنها من أن تكون مقصدا مهماً وريادياً في مجال الخدمات اللوجستية في منطقة الخليج والدول المطلة على المحيط الهندي وبلدان شرقي إفريقيا.
وانطلاقا من ذلك تسعى الحكومة العُمانية جاهدة إلى جعل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم مركزا لوجستيا إقليميا متطورا وقادرا على تنشيط حركة النقل والتجارة بين منطقة الخليج والعالم من حولها، إلى جانب إتاحة الفرصة لاستثمارات عديدة ومتنوعة في عدة مجالات، سواء للتكامل مع المناطق الصناعية الأخرى في السلطنة، أو للاستفادة من الموقع المتميز للمنطقة.
وأضاف: تواصل الحكومة العُمانية تنفيذ توجيهات قيادتها السياسية في العمل على تنويع مصادر الدخل القومي، من خلال تفعيل وطرح المبادرات الاقتصادية الجديدة ودعم مشروعات الشباب وتحفيز الفرص الاستثمارية في منطقة الدقم والمناطق الاقتصادية الأخرى.
التعليقات