أهمية المواطنة في تقدم الدول تعتبر المواطنة فكرة اجتماعية والقانونية وسياسية ساهمت في تطور المجتمع الإنساني بشكل كبير بجانب الرقي بالدولة إلى المساواة والعدل والإنصاف، وإلى الديمقراطية والشفافية، وإلى الشراكة وضمان الحقوق والواجبات. لا يكفي للدولة الناجحة أن
يكون لها حكومة وطنية تقدمية، ذلك أن الدولة المعاصرة لها مقوماتها وتدخل من ضمن هذه المقومات الحكومة والشعب والأرض. ورغم وجود هذه العناصر الرئيسية والعناصر الثانوية الأخرى غير أن وجود هذه العناصر لوحدها غير كافية لبناء دولة حديثة متقدمة، حيث من الممكن أن ينتج من وجود هذه العناصر دولة غير أن هذه الدولة قد تكون متأخرة والسبب في ذلك هو الخلل الحاصل في تكوينات العناصر الرئيسية لقيام الدولة. وهذا الخلل إذا لم يتم إصلاحه وتداركه فإن مصير الدولة يبقى مرهون بالتأخر. إذن هناك عناصر أساسية تدخل في مقومات الدولة والذي نريد التحدث فيه هنا هو العنصر الرئيسي والأساسي في إقامة الدولة ونجاحها وهو الشعب بل مواطنة الشعب، ومن الطبيعي أن نعرف أن التكوينات الإجتماعية لشعب كل دولة تختلف من دولة إلى أخرى. وعندما تنظر إلى هذه التكوينات تجدها للوهلة الأولى أنك أمام فئات مجتمع متقاطعة العادات والتقاليد مما يجعلها مختلفة ومتخالفة وأيضاً يخيل لك أنك أمام مجتمع متناقض التقاليد والأجناس بل حتى لا تجمعهم لغة واحدة غير أن العنصر الأساسي الآخر وهو الحكومة الوطنية متى ما كان لها من القوة في الفكر والتدبير ومالها من العدالة والمساواة بين تلك الفئات المختلفة في دولتها يجعل من تلك التناقضات في مجتمعها وتحولها إلى قوة هائلة مما تضفي القوة على الدولة بحيث تضعها في مصاف الدول المتقدمة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف استطاعت حكومة تلك الدولة من تحويل التناقضات في مجتمعها إلى قوة موحده تصب في أساس قوي لتكوين الدولة وإستمرارها مما أصبحت عليه اليوم قوة بشرية وإقتصادية كبيرة ومؤثرة على المستويين المحلي والدولي. ومن البحث نجد أن الإجابات واضحة ومطروحة على أرض الواقع وأول ما نتلمسه أن حكومات تلك الدول عملت على إقرار مبدأ الحرية واحترامها وان حرية كل فرد تنتهي عند حرية الآخر وأن الإنسان هو الجوهر الحقيقي الذي يجب الاهتمام به والإستثمار فيه من أجل ذلك تعمل حكومات الدول على تطويع كل الظروف لخدمة الإنسان وإيجاد البنية التحتية التي يستطيع معها الإنسان الانطلاق في حياته اليومية وأعماله دون عوائق. كما يتلمس المتتبع أيضا إقرار مبدأ المساواة في التعامل مع أفراد المجتمع ولا يمكن بفضل هذا المبدأ تفضيل فئة على أخرى ولا حتى شخص على آخر هذا يعطي انطباع لكافة فئات المجتمع أن القانون يطبق على الجميع. وهذه المعطيات بمجملها تجعل من التناقضات في المجتمعات وحدة إجتماعية يهب فيها الجميع متوحدين للمحافظة على هذه الانجازات الاجتماعية. وهذا ما نطلق عليه روح المواطنة، لذا نجد أن هناك قاعدة جماهيرية كبيرة وذات أساس قوي إستطاعت خلق مجتمع راق وضع له أسلوب قانوني إجتماعي في الحياة، وهذه القاعدة ما كان لها أن تنهض لولا التناصر فيما بينها وجعل مصلحة المجتمع فوق مصلحة الفرد بل فوق مصلحة الطائفة وبالتالي مصلحة دولتهم فوق كل مصلحة وهذا هو أساس المواطنة. ونطلق على هذه الأواصر بين المجتمع ووحدته ولحمته وتفضيل مصلحة الدولة والمجتمع على المصلحة الفردية ومصلحة الطائفة بالمواطنة الصالحة.
وخير مثال على ذلك نأخذ الولايات المتحدة الأميركية، فهذه الدولة تكونت من شعوب قدمت إليها من مختلف أنحاء العالم ومنهم من أوروبا ومن شعوب آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبية وهذه الشعوب المتكونة من أجناس مختلفة ومتناقضة لا تجمعها حتى اللغة فما بالك بالأشياء الأخرى، هؤلاء الناس اكتشفوا أنهم أمام حدث تاريخي . وأنهم صانعوه من خلال ترك فرض النفس على الآخرين والإقرار بمبدأ حق الغير في العيش والمشاركة في الأرض والحياة، فكان لهم ما أرادوا وتم بناء دولة أصبحت اليوم من أفضل دول العالم اجتماعياً واقتصادياً وتجد أولئك الشعوب الذين كانوا متناقضين أصبحوا الآن متوحدين تجمعهم كلمة الوطن فوق كل شيء. ومن هذا المفهوم نصل إلى أن الوطن أو الدولة لا تنهض إن لم يكن هناك شعب يتجرد من تبعاته الطائفية ويصب في حب الوطن والمجتمع ويتمتع بامتيازات المواطنة الصالحة وبدون ذلك نجد الدولة مشتته مصيرها التخلف والجهل بسبب تعنصر الناس إلى طائفة لا إلى الوطن رغم أن الوطن يحتويهم ويجعلهم في موضع العز، فلا يتصور أن تكون هناك دويلات داخل الدولة أو حكم طوائف داخل حكم الدولة.
أهمية المواطنه
- تعمل على رفع الخلافات والاختلافات الواقعة بين مكونات المجتمع والدولة في سياق التدافع الحضاري، وتذهب إلى تدبيرها في إطار الحوار بما يسمح من تقوية المجتمع .
2 ـ تحفظ على المواطن حقوقه المختلفة وتوجب عليه واجبات تجاه دولته، بمعنى أنها تحفظ على الدولة حقوقها تجاه المواطنين. وتؤدي إلى الرفع من الثقة لدى المواطن والدولة في تجاه أحدهما للآخر.
3- تضمن المساواة والعدل والإنصاف بين المواطنين أمام القانون وخدمات المؤسسات، وأمام الوظيفة العمومية والمناصب في الدولة، وأمام المشاركة في المسؤوليات على قدم ومساواة، وأمام توزيع الثروات العامة، وكذلك أمام الواجبات من دفع الضرائب والخدمة العسكرية والمحافظة على الوطن والدفاع عنه
- ـ تعترف بالتنوع والتعدد العقائدي والعرقي واللغوي والإيديولوجيا والسياسي والثقافي والطائفي والاقتصادي والاجتماعي …الخ وترتفع عنه في العلاقة بين المواطن والدولة.
- ـ تمكن المواطن من تدبير الشأن العام من خلال النظام الانتخابي ناخبا ومنتخبا للمؤسسات المنتخبة التي تعبر عن دولة القانون والمؤسسات. ومن خلال العضوية في منظمات وهيئات المجتمع المدني.
- ـ تحدد منظومة القيم والتمثلات والسلوك الأساس لاكتساب المواطنة والتربية عليها.
7 ـ تضمن حقوق الإنسان في المجتمع والوطن والدولة؛ لكونها تنقل الحق الإنساني إلى حق للمواطنة عبر تشريعه وتقنينه و في النهاية المواطنة هي عمل ذاتي نابع من ضمير الفرد وبه يدافع عن وطنه بشتى الطرق ويبني مجتمعه على أسس صحيحة مما يتولد عنه دولة متقدمة. داعين الله عز وجل أن يديم علينا نعمته ويحفظنا ويحفظ أوطاننا،، اللهم آمين
د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
كلية الزراعة – جامعة سوهاج
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج
التعليقات