في البداية نود ان نقول: –
تتسم العلاقات الإماراتية-المصرية بأنها نموذجاً يُحتذي في العلاقات العربية ـ العربية سواء من حيث قوتها ومتانتها وقيامها علي أُسس راسخة من التقدير والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة أو من حيث استقرارها ونموها المستمر أو من حيث ديناميكية هذه العلاقة والتواصل المستمر بين قيادتي البلدين وكبار المسئولين فيها.
تأتي زيارة الرئيس لأبوظبي في إطار خصوصية العلاقات المصرية الإمارتية، وما يربط بين الدولتين من علاقات تعاون متشعبة على كافة الأصعدة، حيث يعكس تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين خلال الفترة الماضية حرص الدولتين على التنسيق المتواصل بشأن كيفية مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة في المرحلة الراهنة، والتي تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومي العربي، والتصدي لمحاولات التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية و أن الزيارة تتعلق بعدد من الملفات منها السياسية والاقتصادية المشتركة، خاصة الملف الليبي ومحاولة جمع الفراق وإجراء مصالحة بين فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وخليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، والتي بدأت من القاهرة وجاري استكمالها في أبو ظبي.
ولم يقتصر التقارب بين البلدين على الجوانب الاقتصادية والسياسية، بل تعدى ذلك إلى التوافق الفكري، إذ استعانت الإمارات بمصر في تأصيل الفكر الإسلامي الوسطي، من خلال الاتفاق على افتتاح أول فرع خارجي لجامعة الأزهر في الإمارات.
تبادل الزيارات رفيعة المستوى بين الجانبين خلال الفترة الماضية، يعكس حرص الدولتين على التنسيق المتواصل بشأن كيفية مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة في المرحلة الراهنة التي تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومي العربي والتصدي لمحاولات التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وزعزعة استقرارها».
وامتد التنسيق ليصل إلى حد التكامل والتطابق في المواقف، فالإمارات تؤكد دعمها المطلق لأمن مصر، ووقوفها إلى جانبها في مكافحة التنظيمات الإرهابية. وإلى جانب ذلك، يتبنى الطرفان مواقف متشابهة من أزمات سوريا والعراق وليبيا واليمن.
وتؤكد مصر والإمارات دوما على مواجهة التدخل الخارجي من دول إقليمية تحاول استغلال الأوضاع غير المستقرة في بعض البلدان العربية لفرض أجنداتها.
لان دور الإمارات في المنطقة ينم عن أنها دولة متوازنة ولديها إحساس عميق بالمسؤولية. وتحمل زيارة الرئيس لدولة الامارات أبعادًا سياسية خاصة في الدور الدبلوماسي والسياسي المشترك في ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس إذ تتشارك الدولتان في دعمها، وربط بين استمرار الدعم وتوقف حركة حماس عن علاقتها الوثيقة بقطر.
أن الطريق لا يزال طويلة أمام إتمام المصالحة الفلسطينية، وهو ما يجب أن تضعه القاهرة وأبوظبي في الحسبان، خصوصاً في ظل إلحاح حركة حماس على تسلم السلطة الفلسطينية مهام قطاع غزة للتخلص من أعباء الرواتب والكهرباء وغيرها، و أن العقبات التي ستكون في طريق المصالحة هي القرار الأمني، الذي تتمسك حركة فتح بأن يكون بيد السلطة، وهو ما يمكن أن تعرقله حماس بحسب تقديرنا.
وتأتي الأزمة القطرية من أهم محاور التنسيق بين الدول الأربع الكبرى التي تقود الدعوة لمقاطعة الدوحة (السعودية، مصر، الإمارات، البحرين)، ونتوقع بأن تسفر جولة المباحثات المصرية -الإماراتية، عن نتائج ملموسة وقوية على مستوى إجبار الدوحة على الاستجابة لمطالب الدول الأربع.
واجمالا فقد تميزت العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية بالخصوصية والاحترام المتبادل منذ نشأتها خاصة في ظل العلاقات الأخوية الوطيدة بين حكام البلدين مما انعكس ايجابيا على مجمل العلاقات الثنائية في مساراتها الرسمية على المستوى السياسي والاقتصادي وفي مسارها الأهلي على المستويات الثقافية والاجتماعية والتجارية. غير أن من أهم ما يميز العلاقات السياسية بين البلدين، قدرتها على إرساء جذور الصداقة والأخوة القائمة بينهما وتطويرها في إطار تحكمه عدة أهداف مشتركة أهمها التضامن والعمل العربي المشترك، والعمل في المحافل الدولية على نبذ العنف حل الخلافات بالطرق السلمية. وقد أدى ازدياد قوة العلاقات الثنائية بين البلدين وتوثق عراها من يوم إلى آخر، إلى ازدياد التعاون بينهما في جميع المجالات وخاصة المجالات الاقتصادية، الأمر الذي ضاعف حجم الاستثمارات الإماراتية في مصر.
أن أمن واستقرار الإمارات ودول الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن القومي لمصر، لان الموقف القوى لدولة الإمارات بـ “الداعم لمصر بلاحدود” منذ قيام ثورة 30 يونيو، والذي أسهم في إنجاح ثورة الشعب المصري وتثبيت أركانها، وكذلك زاد من قدرة الدولة المصرية على الصمود أمام التحديات الخارجية والداخلية، وقدرتها أيضاً على محاربة الإرهاب.
وساهمت الإمارات بجانب المنح والودائع المساندة منذ 2013 وحتى الآن في توفير كميات من الوقود لمصر لحل أزمة الطاقة، التي عانت منها مصر، إضافة إلى المشاركة في تنفيذ عدد من المشروعات التنموية في قطاعات اقتصادية أساسية مختلفة و المشروعات التنموية الجاري تنفيذها في مصر، ولاسيما مشروعات إنشاء المدن الجديدة ومشروعات البنية الأساسية في مجالات الطاقة والنقل أن جميع زياراته الخارجية تستهدف بالأساس جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر.
في إطار علاقات الأخوة الوثيقة بين مصر والإمارات، بما يساهم في دفع أفق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وتأكيداً لحرص الجانبين على استمرار التنسيق بشأن سبل التعامل مع التحديات التي تواجه الأمة العربية، بهدف تعزيز العمل العربي المشترك وحماية الأمن القومي العربي.”
أن هذه الزيارة تأتي لوضع استراتيجية أكثر وضوحًا لمواجهة الإرهاب، وبحث المستجدات التي حدثت في المنطقة العربية في الفترة الأخيرة. وسوف تكون هناك تحركات إقليمية للدول الأربعة المقاطعة لقطر خلال الأسابيع المقبلة، حيث سيكون هناك اجتماع لعدد من شيوخ وكبار الأسرة في قطر، الذين سيقاطعون سياسات تميم. أن الاجتماع يعد خطوة إيجابية تدعو إلى التفاؤل نحو ضمان حل سياسي تتزعمه ليبيا للأزمة هناك، وحالة عدم الاستقرار التي عانت منها الدولة لسنوات عديدة، مع التزام الإمارات الكامل بدعم جميع الجهود الرامية إلى البناء على الزخم الحالي للجهود، وبما يسهم في إيجاد حل سريع وشامل ومستدام للأزمة الليبية. وجددت الوزارة التزام الإمارات التام بموقفها الثابت الذي يقوم على دعم استقلال ليبيا ووحدتها، وتأييدها جميع الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الحالية التي تمثل جميع اللاعبين والأقاليم الليبية الرئيسة.
و أن دولة الإمارات تؤمن بأن الاتفاق السياسي الليبي رغم تأخير تنفيذه يمثل أفضل إطار للتوصل إلى مخرج من المأزق الحالي، وتحظى الجهود الرامية إلى تعديل الاتفاق السياسي الليبي والتي تهدف إلى معالجة المخاوف المشروعة لبعض الأطراف بأهمية كبيرة تستدعي الدعم من جميع الأطراف الليبية والمجتمع الدولي.
يأتي توقيت زيارة الرئيس السيسي إلى الإمارات بعد عودته من نيويورك جاء ناتجا لهذه الزيارة، لان كلمة الرئيس السيسي ونظائره من الدول المقاطعة، كانت واضحة وحازمة، على أن المرحلة المقبلة ستشهد مرحلة جديدة لهذه المقاطعة، والتي ستنتقل إلى المحاسبة وليس المقاطعة فقط. و التحديات التي تواجه الأمة العربية وعلى رأسها خطر الإرهاب، وتدخل بعض القوى الخارجية للعبث بأمن واستقرار الدول العربية، حيث تطابقت رؤى البلدين بشأن ضرورة تكثيف العمل العربي المشترك والجهود الدولية بهدف التوصل لحلول سياسية لكافة تلك الأزمات، على النحو الذى يحفظ وحدة أراضيها ويصون سلامتها الإقليمية ومؤسساتها الوطنية، وبما ينهى المعاناة الإنسانية لشعوبها ويحقق مصالحها العليا.
التعليقات