الإثنين - الموافق 14 يوليو 2025م

بدأ الحصار على مصر بقلم :- الدكتور عادل عامر

إن ما يتعرض له الرئيس عبد الفتاح السيسى من مؤامرات قوى خارجية، هو نفس ما تعرض له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عندما حاول بناء السد العالي، وجعل قرار الدولة المصرية من داخلها وحماية سيادتها، ما دفع الغرب لتدبير مؤامرة خارجية له.

لن ترضخ دولة مصر العريقة للسيناريوهات المدبرة والضغوطات المخططة ضد الجيش المصري، هو جيش كل العرب، والجيش المصري هو الأول عربيا والعاشر عالميا، لا أتصور أن جيشا بكل تلك الهيبة والقوة يركع لأي دولة مهما كانت تلك الضغوطات إن خطط الغرب وأمريكا ضد مصر لن تنتهي، داعيا جميع القوى السياسية بالوقوف خلف الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال الفترة المقبلة، للنهوض بالبلاد مصر تعتبر قوة كبيرة فتعداد شعبها كبير وموقعها استراتيجي ولها تأثير في القرارات التي تتخذ في المنطقة العربية وفي أهم قضية وهي قضية فلسطين

وبلا شك أنها تحت الأنظار منذ أمد بعيد ولكنهم يتحينون الفرصة المناسبة للانقضاض عليها. وجاءت هذه القضية لتكون مناسبة لوقوع مصر تحت الحصار. بالنسبة للحصار لا نعلم كم يأخذ من الزمن ليصبح واقعا وترى آثاره إلا أن حديث الحصار تكون العراق الأولى ثم تليها الشام ثم مصر. وحصار الشام لم يقع بعد ولكنه قد يكون قريبا ثم يليه حصار مصر.     واجتياز مرحلة الخطر والعبور إلى بر الآمان.

خاصة أننا دولة يسودها تلاحم بين شعبها وقيادتها السياسية التي تعمل على عودة علاقات مصر الدولية والإفريقية إلى مكانتها، وتسعى القيادة السياسية لتحقيق ذلك وفتح هذه الصفحات المغلقة لتحقيق التوازن بين مصر والدول الأخرى الدولية والإفريقية، وبالفعل بدأت تزداد علاقات مصر العربية يوما بعد يوم قوة وتناميا وأرى أننا بدأنا نحتل دورنا العربي الإقليمي كدولة، وما زال العمل على عودة العلاقات مستمرا إلى تلك اللحظة.

حينما يطالب الغرب من مصر إتباع إجراءات اقتصادية تتناسب مع الأوضاع التي تعيشها مصر حاليًا، ومن بينها تقليل فاتورة الدعم، وتعويم الجنية مقابل الدولار، وبعدما تبدأ مصر فى هذه الإجراءات لقناعة داخلية بأهمية ولوج هذا الطريق لإعادة الاعتبار مرة أخرى للوضع الاقتصادي، فنفاجأ بضربات إعلامية وسياسية ممن نصحونا بهذه الإجراءات، لكنهم اليوم يحاولون تأليب المصريين على هذه الإجراءات الضرورية والمهمة بالنسبة لنا

وتصويرها للمصريين على أنها بداية لانهيار مصر اقتصاديًا، بالإضافة إلى حملات مأجورة من سياسيين وإعلاميين وحقوقيين تحركهم أذرع خارجية، تحاول إثارة المصريين على هذه القرارات.. ألا  تعتبر هذه الازدواجية مؤشرًا على أن هناك من يريد تركعينا؟ وكان مشروع القانون الروسي في مجلس الأمن يطالب بوقف القتال في مدينة حلب السورية من دون أن يلحظ وقف القصف الجوي الروسي والسوري على الأحياء الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة في المدينة الواقعة في شمال سوريا والذي تطالب به الرياض والدول الغربية الداعمة للمعارضة. ورفض مجلس الأمن المشروع الروسي. وسبق أن قررت السعودية إمداد مصر بمنتجات بترولية مكررة بواقع 700 ألف طن شهريا لمدة خمس سنوات بموجب اتفاق بقيمة 23 مليار دولار بين ارامكو وهيئة البترول وبموجب الاتفاق تحصل مصر شهريا على 400 ألف طن سولار و200 ألف طن بنزين.

إلا أن مسئول بشركة أرامكو السعودية نفي وقف إمداد النفط لمصر حيث أوضحت وزارة البترول السعودية أن الجانب السعودي قام بإيقاف شحنات شهر أكتوبر فقط تبعا لقرار تخفيض الإنتاج الذي تبنته أوبك في الجزائر وهو الأمر الذي دفع البعض للاعتقاد بشكل خاطئ أن القرار مرتبط بتداعيات أزمة مجلس الأمن. كما أثار تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي حول سوريا في مجلس الأمن غضب المجتمع السعودي الذين عبروا عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجاء هذا الاتفاق في إطار الدعم السعودي المستمر للنظام المصري، وتنفيذًا لهذا الاتفاق

بدأت الهيئة العامة للبترول، في استلام أولى الشحنات في شهر مايو الماضي، وكانت عبارة عن 700 ألف طن من المنتجات البترولية، تحتوي على 400 ألف طن سولار، و200 ألف طن بنزين، و100 ألف طن مازوت. وكان يتم ضخهم بشكل مباشر في السوق المصري. ووفقًا للاتفاق المصري السعودي الذي من المحتمل ألا يكتمل بعد التوقف السعودي عن إمداد مصر بالمساعدات البترولية، فإن الجانب السعودي كان يتحمل عن مصر بموجب هذا الاتفاق أكثر من 383 مليون دولار شهريًا، وهو كبير يفاقم مشكلة الدولار في مصر.

 أن يفاقم القرار السعودي، بوقف المساعدات البترولية، من المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد المصري في ظل تراجع مصادر تدفقات النقد الأجنبي بشكل لم يسبق له مثيل. وهو ما دفع الحكومة المصرية إلى محاولة الحصول على حزمة من القروض من المؤسسات المالية الدولية وبعض الدول، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.

ويؤثر القرار السعودي بشدة في زيادة الأعباء المالية على الحكومة المصرية، ففي الوقت الذي تقوم فيه باتخاذ العديد من الإجراءات التي يطلبها صندوق النقد الدولي لتمرير قرض 12 مليار دولار يتم دفعها على ثلاث سنوات بمعدل 4 مليارات دولار سنويًا، ومن ضمن هذه الإجراءات فرض ضريبة القيمة المضافة، ورفع الدعم عن الكثير من السلع، وإجراء تعويم محتمل للجنيه المصري، وطرح حصص من الشركات العامة والأصول الحكومية للبيع للمستثمرين.

ومع اتخاذ كافة هذه الإجراءات، بما لها من تأثيرات خطيرة أبرزها الارتفاع المفرط في معدل التضخم، وذلك من أجل الحصول على 4 مليارات دولار سنويًا لمدة ثلاث أعوام؛ نجد أن القرار السعودي بوقف الإمدادات النفطية عن مصر ربما يجهض الفائدة العائدة على الاقتصاد المصري من جراء الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، لأنه وفقًا للاتفاق المصري السعودي، فإنه كان على المملكة السعودية أن تمنح مصر حوالي 4.5 مليار دولار سنويًا في صورة إمدادات نفطية، أي أكثر من القسط السنوي لصندوق النقد الدولي. واليوم قد توقف الدعم النفطي السعودي بعد خمسة أشهر فقط من تنفيذ الاتفاق، ليضع الحكومة المصرية في مأزق من جديد.

علاقات مصر والسعودية، ليست عادية، كالعلاقات مثلا بين مصر والنرويج أو بين السعودية واستونيا. هى علاقات لها خصوصية بحكم أن البلدين هما الأكثر تأثيرا فى المنطقة العربية، ولأن السعودية بلد الحرمين الشريفين ولوجود أكبر جالية مصرية بالخارج هناك، وأسباب أخرى كثيرة منها المساعدات الاقتصادية.

ولأن المنطقة تمر بمرحلة عاصفة، تتعلق بمستقبلها، بدأت الخلافات تظهر علنا، وتخرج من الغرف المغلقة إلى الفضاء الرحب. مصر تفاجأت بأن المندوب السعودي في الأمم المتحدة عبد الله المعلمى انتقدها علنا حينما صوتت لصالح القرار الفرنسي أولا ثم القرار الروسي ثانيا في مجلس الأمن بشأن سوريا. في المقابل تعتقد السعودية أن درجة وحدة الانتقادات المصرية زادت بصورة ملحوظة في الفترة الأخيرة. وقدمت الرياض، الداعم الأكبر لمصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساعدات اقتصادية كبيرة للقاهرة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 2013، إلا أن مواقف البلدين لم تكن منسجمة في بعض الملفات الإقليمية، مثل الملفين السوري واليمني.

وبددت زيارة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة مطلع أبريل الفائت فتوراً في العلاقات، خصوصاً مع توقيع عشرات الاتفاقات الاستثمارية بنحو عشرين مليار دولار، إضافة إلى اتفاق لإمداد القاهرة بالنفط لخمس سنوات بتكلفة 23 مليار دولار. “السعودية تشعر بالقلق حول مستقبل مصر الأمور لا تسير بشكل جيد اقتصادياً. ومع الركود السياسي، فهناك قابلية لأزمة جديدة في مصر، ولا أحد يتمنى أزمة أخرى في المنطقة”.

الدكتور عادل عامر

دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام

ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية

والاقتصادية والاجتماعية

وعضو بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية

والإستراتيجية بجامعة الدول العربية

ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية

والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية

ومستشار تحكيم دولي وخبير في جرائم امن المعلومات

ورئيس اللجنة التشريعية والقانونية بالمجلس القومي للعمال والفلاحين

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك