عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ: ((قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ)). قَالَ إِبْرَاهِيمُ وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَنْهَوْنَا وَنَحْنُ غِلْمَانٌ أَنْ نَحْلِفَ بِالشَّهَادَةِ وَالْعَهْدِ ..صحيح البخاري ..
* شرح الحديث *
هذا الحديثُ بيانٌ جليٌّ لفَضلِ الصَّحابةِ رضي اللهُ عنهم وفَضلُ التَّابعين وتابِعيهم، وفيه يقول عبدُ الله بنُ مسعودٍ رضِي الله عنه: “سُئلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟”، أي: أَيُّ الناسِ خيرٌ من غَيرِهمْ أو أفضلُ مِنهمْ؟ فقالَ النبيًّ صلَّى الله عليه وسلَّم موضِّحًا أنَّ أفضلَ الناسِ هُم «قَرْني»، أي: أهلُ زَماني ومَن عاصَرَ النُّبوَّةَ، وهم الصَّحابةُ رضي الله عنهم، والمرادُ بالقَرْنِ: أهلُ كلِّ زمانٍ، “ثُمَّ الذينَ يَلُونَهمْ”، أي: ثُمَّ القَرْنُ الذي يكون بعد الصَّحابة، وهم التابعون ،، “ثُمَّ الذينَ يَلُونَهمْ”، ثُمَّ القَرْنُ الذي يلي التَّابعين، وهم أتباعُ التَّابعين ؛؛ فالصَّحابةُ همْ أفضلُ المسلمينَ؛ ثمَّ أخذَ التابِعونَ العِلمَ مِنهمْ وتابَعوا مسيرةَ الجِهادِ، وهكذا إلى أن يتباعدَ الزَّمانُ عنْ زمانِ النبوَّةِ فيبعُدونَ عن الهَدْي والسنَّةِ وصحيحِ الدِّينِ شيئًا فَشيئًا..
“ثم يجيءُ قومٌ تسبقُ شهادةُ أحدِهمْ يمينَه ويمينُه شَهادتَه”، أي: يأتي زمانٌ يتهَاونُ فيه الناسُ في أمر الدِّينِ بعدَ أن كانوا يخافونَ من الشُّبُهاتِ، وهو كنايةٌ عن كَثرةِ شهادةِ الزُّورِ واليمين فيشْهَدونَ دُون أن تُطلَبَ منهمْ الشَّهادةُ؛ استِهْتارًا وليسَ منْ بابِ الحِرصِ على إيصالِ الحقوقِ لأصحابِها، وكذلكَ يُقسِمونَ بالأَيْمانِ مثل الشَّهادةِ دونَ أن يُطلَبَ منهم الأَيْمانُ ..
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى لزومِ اتِّباعِ سَبيلِ القُرونِ الثلاثةِ الأُولى؛ فإنَّ مَن قَرُبَ زمنُه من زَمنِ النُّبوَّةِ فهو أَوْلَى بالفضْلِ والعِلمِ والتأسِّي والاقتداءِ بهدْيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم..
وفيه: ذمُّ التَّساهُل في أُمورِ الشهاداتِ والأَيْمانِ..
التعليقات