كانت احداث 11 سبتمبر 2011 وسقوط برجي التجارة العالمي هي الحدث الاعظم الذي تحولت عنده البوصلة الامريكية صوب العالم الاسلامي . ومن اعلي نقطة فوق انقاض البرجين اعلن الاسد الجريح الحرب علي الاسلام .
وقد استخدم جورج دبليو بوش في اعلان ذلك لفظ الحرب الصليبية في اشارة الي معتقداته التلمودية المتأصلة في تركيبته ونشأته . واستخدمت الولايات المتحدة الامريكية في لغة الخطابة للعالم الخارجي عبارة شهيرة ساقها بوش الابن نفسة منساقا خلف احلام المسيح الدجال ان من لم ينضم لنا فهو ضدنا فكانت الحرب علي أفغانستان 2001 ومن بعدها الحرب علي العراق 2003 وسقطت الالة العسكرية الامريكية في مستنقع افغانستان ونظام طالبان في جبال تورا بورا الوعرة والتي لم تستطع حسم معركتها هناك الي اليوم ومن بعدها مستنقع العراق لتفقد الولايات المتحدة الامريكية في حربها علي الارهاب مصداقية المجتمع الدولي . فبينما العلم بأسرة متفهما لدخول الالة العسكرية للأراضي الافغانية من اجل القضاء علي الارهاب لم يكن متفهما للأسباب غزو العراق ولم يقتنع المجتمع الدولي بالأسباب التي روجت لها الادارة الامريكية للغزو من اجل القضاء علي اسلحة الدمار الشامل التي بحوزة الرئيس الراحل صدام حسين ولم تستطع الولايات المتحدة الامريكية الي اليوم اثبات وجود نووي عراقي مما دفعها الي استرجاع شعارها القديم عن نشر الديمقراطية من مخزونها الذهني لتبرير الحرب علي العراق وحتي ذلك لم يكن مقنعا ايضا للمجتمع الدولي وخاصة حينا بات النموذج الامريكي للديمقراطية في العراق يتحقق علي جثث واشلاء شعبها يوما بعد يوم وادت الي تقسيم الشعب العراقي علي اساسين من العرق والدين فينما عراقيو السنة في الوسط انزلقت الشيعة الي الجنوب العراقي وصعد الاكراد الي الشمال علي الحدود التركية واليوم اعلنوا عن انفصالهم عن الدولة الامم العراق وبدأ واضحا معالم التقسيم الجغرافي علي الارض علي الرغم من احتفاظ الخريطة الجغرافية الي حددوها المتعارف عليها انتظارا لانضمامها الرسمي لمشروع الشرق الاوسط الجديد .
اصبحت الشهية الامريكية للاستخدام الالة العسكرية منهكة اقتصاديا وادركت الادارة الامريكية انها لا تسير علي الطريق الصحيح في حربها علي الارهاب وادركت ان عصر حرب الافكار الذي استخدمته بنجاح باهر ابان الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي لا مناص من استدعائه مجددا والاستفادة من الخبرات السابقة مع مراعاة المتغيرات الدولية الجديدة . ومن هنا اصبح الصراع الموجود حاليا في معظم انحاء العالم الاسلامي عبارة عن حرب للأفكار ( الجيل الرابع للحروب ) لتغيير العقول والقلوب هذه الاستراتيجية الجديدة في التعامل مع العالم الاسلامي كشف عنها تقرير اعده المحلل السياسي الامريكي ( ديفيد كابلان ) ونشرته مجلة يو اس نيوز اند ورلد ريؤبوت احدي اهم المجالات السياسية الامريكية الي جانب التايم والنيوزويك بعدد 17 ابريل من عام 2005 والذي انتهي فيه الي ان قال استطع ان اؤكد انك اذا ذهبت الي بعض نقاط التماس غير المتوقعة في العالم الاسلامي فستجد ترحيبا ( يقصد للأفكار الامريكية ) اكبر مما كنت تظن .
ان الاخوان المسلمين هم علي الارجح جزء من الحل اكثر من كونهم جزاء من المشكلة . قطعا كانت هناك لقاءات بين ضباط في المخابرات الامريكية وبين الاخوان المسلمين . كما كانت هناك ايضا لقاءات مع فرقة الديوباندي في باكستان .
اذن مجموعة الازمات الدولية الامريكية في 4 اكتوبر 2005 طالبت القاهرة بالاعتراف رسميا بجماعة الاخوان المسلمين واشراكهم في الحياة السياسية وتعديل القوانين المكبلة لشرعية التنظيم وهو ما حدث نسبيا بالفعل فقد تم السماح لبعض اعضاء الاخوان بالترشيح والفوز بعدد ثمانية وثمانون مقعدا برلمانيا في انتخابات مجلس الشعب التي بدأ فاعلياتها في 9 نوفمبر 2005 ( بعد شهر من التوصيات )
ان البحث في خزائن اسرار العلاقة بين الاخوان المسلمين والولايات المتحدة الامريكية نجد ان التعاون مع تنظيم الاخوان المسلمين لم يقف عند تقديم الدعم لاستكمال المساعي الرامية الي تطويق الاتحاد السوفيتي بجيوش ثابتة العداء له علي المستوي الفكري فحسب في ثمانينيات القرن الماضي بل كان قبل ذلك لذلك تجاهلت الادارات الامريكية المتعاقبة المطلب المصري الذي كان يلح عليه الرئيس الاسبق حسني مبارك في كل المحافل الدولية عن وجوب عقد مؤتمر دولي تشارك فيه كل الدول المعنية بالأمر للخروج بتعريف دولي واضح للإرهاب فيكيف ستمنح الولايات المتحدة الامريكية المجتمع الدولي تعريفا واضحا للإرهاب في الوقت الذي تنتوي فيه استخدام ارهابيي الامس وتقديمهم لمجتمعاتهم كمردين للحرية والديمقراطية من اجل وصولهم الي سدة الحكم في بلدانهم العربية والاسلامية .
الا ان اختزلت امريكا الي تعمد قضية الارهاب في القضاء علي الانظمة الديمقراطية ومواجهتها بأكذوبة الديمقراطية هذه التي تبعث عن الريبة ولا تبعث علي الامل في النيات الحقيقية للإدارة الامريكية وهل اذا كانت معنية حقا بحلول جذرية لمجتمعات عاشت تحت الفقر والبطالة وتدني مستويات الصحة والتعليم بها والتي تسبب في انتشار التطرف كما حدث بالفعل ام اننا بصدد انتاج نفس اساليب التفكيك مع تغيير الملعب وللاعبين في اللعبة الاساسية التي تسمي الديمقراطية الامريكية !
وبصرف النظر عن مفهوم الديمقراطية الامريكية التي تطلب من الحكومة المصرية الاعتراف رسميا بتنظيم سري يعمل طيلة اربعون عاما تحت الارض خرجت من تحت عباءته معظم التيارات الجهادية والتكفيرية والتي دعمتها الولايات المتحدة الامريكية خلال الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي وضد الشاة في ايران ثم تم التعامل معهم كإرهابيين هذه الحقيقة التي كشفت عن طبيعة تكوين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وهل الاخوان المسلمين في مصر معنيون حقا بقيم الديمقراطية ؟
وهل حقا الاخوان المسلمين معتدلون كما اعيد وصفهم من مؤسسات اوعية الفكر الامريكية ؟ وما اذا كانوا حقا مؤمنين بنبذ العنف ام هي مجرد تكتيكات ؟ وفي اطار الشراكة التي تحدث عنها اوباما مع المجتمعات الاسلامية يمكن هنا ان نلقي الضوء علي طبيعة هذه الشراكة التي لم تكن سوي تحالف مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين من خلال مركز ( كير ) ومركز ( اسنا ) ورئيسة الشيخ محمد ماجد وهي مراكز اخترقت البيت الابيض حيث قال اوباما في هذا الشأن : لا يوجد طريق سهل ومستقيم لتلبية هذا الوعد ولكن الامر الواضح بالتأكيد هو ان الحكومات التي تحمي هذه الحقوق هي في نهاية المطاف الحكومات التي تتمتع بقدر اكبر من الاستقرار والنجاح والامن . ان قمع الافكار لا ينجح ابدأ في القضاء عليها .
ان امريكا تحترم حق جميع من يرفعون اصواتهم حول العالم للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمي يراعي القانون حتي لو كانت آراؤهم مخالفة لآرائنا سوف نرحب بجميع الحكومات السلمية المنتخبة شرط ان تحترم جميع افراد الشعب في ممارستها للحكم .
وفي خطوة جديدة من خطوات الاستقواء بالخارج طالب هؤلاء الرئيس الامريكي بالتدخل في منطقة الشرق الاوسط وتبني مجموعة من الخطوات الاصلاحية فالشعوب العربية تتوق للحريات والديمقراطية وعلي استعداد للكفاح من اجلها وان التيارات الاسلامية لا تتسم بالعنف وتحترم التحول الديمقراطي وطالب هؤلاء الرئيس الامريكي بالمزيد من الضغط السياسي والاقتصادي علي حكام المنطقة من اجل حقوق الانسان وهذا هو الدور التي قامت به قطر وتركيا .
وتتجلي خيوط المؤامرة علي الشعوب العربية حين دعا اوباما عشرة من قيادات جماعة الاخوان المسلمين وعلي راسهم الدكتور سعد الكتاتني لحضور لقائه بجامعة القاهرة مما دفع الرئيس الاسبق مبارك الاحجام عن الحضور حيث كانت جماعة الاخوان المسلمين في مصر في هذا التوقيت جماعة دينية محظورا عليها العمل السياسي بحكم القانون والدستور وطبقا لمقومات الدولة المدنية كما دلت الدعوة علي اعلان رسمي منهم بالتخلي عن نظام مبارك الذي كان حليفا استراتيجيا لهم بالمنطقة العربية طبقا لقول اوباما نفسة في مقابلة له علي قناة البي بي سي عام 2009 ان مبارك هو قوة الخير والاستقرار في المنطقة وهو ما يعني ايضا ان الولايات المتحدة الامريكية قد اتخذت قرارها بالتخلي عن الاستقرار في منطقة الشرق واستبداله بزعزعة الاستقرار في سياق مخطط الشرق الاوسط الجديد.
التعليقات