خاص: مسقط
ارتكز بناء الدولة العصرية الحديثة في سلطنة عُمان كما أراد لها السلطان قابوس سلطان عُمان على مجموعة من الثوابت والمبادئ، من أهمها أن يتم البناء وفق الخصوصية العُمانية وفي إطار من النهج التدريجي الذي يستوعب النخب السياسية الجديدة التي تثري التجربة السياسية
العُمانية، وأن يكون في إطار من التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة العصرية الحديثة التي يحكمها القانون، باعتبار أن هذا التعاون بين مؤسسات الدولة تنفيذية وتشريعية يصب في خدمة الوطن والمواطن، الآن وفي المستقبل.
وعلى مدار ستة وأربعين عاماً، قطعت سلطنة عُمان شوطاً كبيراً في إرساء دولة المؤسسات العصرية الحديثة المتكاملة التي يحكم طبيعة تفاعلاتها القانون.
فإضافة إلى مجلس الشورى بتطورات مراحله الثمانية، ومجلس الدولة بمراحله السادسة، وبالتالي مجلس عُمان بفتراته السادسة أيضًا، كانت تجربة سلطنة عمان في المجالس المحلية البلدية والتي بدأت الاستعدادات المبكرة لانتخابات الفترة الثانية وهي تجربة جديرة بالمتابعة لأنها تمثل إضافة لبنة جديدة في مؤسسات الدولة وفقا لقواعد قانونية منضبطة وذلك بالنظر إلى الشروط الواجب توافرها في المترشح لعضوية المجلس، والتي من أهمها، ألا يكون عضوًا في مجلسي الدولة أو الشورى، وألا يكون موظفًا بإحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة.
قامت فكرة البناء المؤسسي العُماني المتدرج على عدد من الأسس، أبرزها: توسيع عملية المشاركة السياسية وإشراك المواطنين في صياغة القرارات السياسية والاقتصادية باعتباره شريكاً أساسياً في التنمية والبناء، ولتحقيق قيم التحديث عبر مراحل متتالية، مع الحفاظ على الخصوصية التاريخية والاجتماعية للواقع العماني، والأخذ بأسلوب التطور التدريجي السلمي البعيد عن النظريات المستوردة التي لا تتفق مع الثقافة السياسية العمانية.
وتمثلت أهم الخطوات العملية التدريجية في البناء المؤسسي في إدخال التعديلات المستمرة على مجلس الشورى، فعبر مراحله الثمانية التي امتدت على مدى أكثر من ربع قرن من العام 1990 وحتى العام الحالي 2016، شهد المجلس بعض التعديلات التي تشكل في مجموعها نقلة نوعية في تجربة الشورى العُمانية وتكاملها مع مؤسسات الدولة الأخرى، إذ تترجم هذه المرحلة نجاح فكرة التكامل بين المجلسين الشورى والدولة، وتكاتف مؤسسات المجتمع المدني مع الحكومة، ناهيك عن تكاتف المواطنين العُمانيين في الدفع بمسيرة البناء والتنمية قدمًا إلى الأمام.
ولا شك أن الجلسات المشتركة لمجلسي الدولة والشورى والتعاون بين مجلس الوزراء وبين مجلس عمان، بجناحيه (الدولة والشورى)، يعتبر أحد أهم الوسائل، لتوحيد الرؤى في استمرار البناء والتنمية، وبما يتيح، في الوقت ذاته، أكبر قدر ممكن من الشفافية في تناول الموضوعات التي تهم حياة المواطنين، أو تؤثر عليها، بشكل أو بآخر.
كما أن التعاون والتكامل بين مؤسسات الدولة وفقاً للقانون، يؤسس دعائم راسخة تضمن لها التطور الطبيعي الذي يلبي متطلبات كل مرحلة من مراحل العمل الوطني وبما يستجيب لحاجات المجتمع ويواكب تطلعاته إلى مزيد من الإسهام والمشاركة في صنع القرارات المناسبة التي تخدم المصلحة العليا للوطن والمواطنين ضمن رؤية مستقبلية واعية وخطوات تنفيذية واعدة.
التعليقات