الأحد - الموافق 08 سبتمبر 2024م

(صفاء القلوب ونقاء السريرة) أعده وكتبه/الشيخ/طه أبو بكر طه عبدالمعطي

كثر اليوم في الناس الشحناء، وصارت الأحقاد في القلوب كثيرة، وجدنا تقطع العلاقات وقطيعه الأرحام وسوء النية واذراء الآخرين والأنانية وتجهم الوجوه، وجدنا خيانة وعمالة لهدم الدين والثوابت وجدنا خيانة للاوطان وجدنا تعدي الأبناء علي الآباء وجدنا تعدي الزوج علي الزوجة بلارحمة بلا إنسانة. وجدنا صراعات أدت إلي الغل والحقد والحسد والضغينة. فأين الرحمة أين العطف أين الحنان الذي دعا إليه ديننا الحنيف وحث عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لماذا كثر الشر والفساد أين الطيبين أين الصالحين حينما كثر الشر ضاع المصلحون وتاهوا في المجتمع حتي صرنا في حيرة لكن هناك الأمل والخير في أمه النبي صلى الله عليه وسلم إلي قيام الساعة فالخيرفي وفي أمتي إلي يوم الدين. فما أحوجنا إلى صدور سليمة، وقلوب مطمئنة؛ فالقلوب هي منبع المشاعر، ومصدر العواطف، ومحرك الأخلاق، وموجه التصرفات، فإذا صلَحت صلَحت كل الأعمال والأخلاق، وإذا فسدت فسدت كل الأعمال والأخلاق؛ كما في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلَحتْ صلَح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب))، وفي مسند الإمام أحمد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه،))

سلامة الصدر، ونقاء السريرة وصفاء النفس من الأمور الدالة على الإيمان والطمأنينة واليقين ومن دوافع العمل الصالح، ومن موجبات الأجر والثواب وهي صفات تقرِّب صاحبها من الأعمال التي تفتح له أبواب الخير، وتورده مسالك الطريق إلى الجنة.. لمعرفة أهمية سلامة الدواخل.. والتصالح مع النفس وخلو الصدور والقلوب من العلل والحقد والحسد وسوء الظنون
: إن سلامة الصدر تعني سلامته من كل غل وحسد وحقد وبغضاء على المسلمين، وهي من أعظم الخصال وأشرف الخلال، ثم هي من بعد خلة لا يقوى عليها إلا الرجال، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على سلامة قلبه فكان يقول في صلاته: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسألك قلباً سليماً ولساناً صادقاً، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، واستغفرك لما تعلم» (النسائي (7821) عن شداد بن أوس)، وكان يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه ابن مسعود: «لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئاً فإن أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» (أبو داود، الأدب: 8124).

إن سلامة الصدر ونقاءه نتاجه مجتمع متماسك لا تهزه عواصف ولا تؤثّر فيه فتن، سلامة الصدر.. نعمة ربانية، ومنحة إلهية، سلامة الصدر.. من أسباب النصر على العدو، قال تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ . وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال:62-63]. فائتلاف قلوب المؤمنين من أسباب النصر التي أيد الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال الإمام القرطبي، (فتح القدير: (2/223))، وسلامة الصدر سبب في قبول الأعمال، ففي الحديث: «تُعرَض الأعمال كل يوم اثنين وخميس، فيغفر الله عزَّ وجلَّ في ذلك اليوم لكل امرئٍ لا يشرك بالله شيئاً إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول: انظروا هذين حتى يصطلحا» (رواه مسلم)، فانظر كم يضيع على نفسه من الخير من يحمل في قلبه الأحقاد والضغائن.

سلامة الصدر علامة فضل وتشريف روى ابن ماجة عن عبد الله بن عمرو قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب صدوق اللسان» قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: «هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غلٍّ ولا حسد» (ابن ماجة: 6024 الزهد)، وصاحب هذا القلب هو الذي ينجو يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، قال سعيد بن المسيب رحمه الله الله: “القلب السليم هو القلب الصحيح، وهو قلب المؤمن”، وسُئل ابن سيرين رحمه الله، ما القلب السليم؟ قال: “الناصح لله عزَّ وجلَّ في خلقه”، أي: لا غش فيه ولا حسد ولا غل.

سلامة الصدر طريق إلى الجنة أيضاً، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من الوضوء»، تكرّر ذلك ثلاث مرات في ثلاثة أيام، فأحب عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن يعرف خبيئة هذا الرجل، فبات عنده ثلاثاً فلم يره كثير صلاة ولا صيام فسأله فقال: “ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغتَ بك وهي التي لا نطيق” (أحمد: (63221))، أفرأيت كيف سمت به سلامة صدره حتى بشِّر بالجنة ثلاث مرات؟!!

سلامة الصدر، ونقاء السريرة وصفاء النفس من الأمور الدالة على الإيمان والطمأنينة واليقين ومن دوافع العمل الصالح، ومن موجبات الأجر والثواب وهي صفات تقرِّب صاحبها من الأعمال التي تفتح له أبواب الخير، وتورده مسالك الطريق إلى الجنة.. .

، مع أن هذه الشريعة قد جاءت فيما جاءت به تصفية القلوب والنفوس، ومراعاة المشاعر، وقد قال الله تعالى: وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُم ْسورة النور:28
علم الله تعالى أن بعض الناس إذا استأذن فلم يؤذن له، وقيل له: ارجع أنه قد يجد في نفسه، على أخيه صاحب البيت، فقال الله تعالى معزيًا، ومسليًا، حتى يرجع المؤمن ونفسه راضية عن أخيه المؤمن، قال: فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ، فسلاه وعزاه بالتزكية التي تحصل له في قلبه، إذا رجع لما يقال له: ارجع، ولذلك كان بعض السلف، يفرح إذا قيل له: ارجع، ولم يؤذن له بالدخول؛ لأنه يريد موعود الله بحصول التزكية التي وعد الله هو أزكى لكم.
فقد جاءت هذه الشريعة بالأمر بالتحاب بين المؤمنين، وسلامة صدور بعضهم لبعض، (كونوا عباد الله إخوانًا)، ووفرت الشريعة كل فرصة فيها تقوية لرابطة الأخوة، كما نهت عن كل أمر فيه إيذاء لهذه الرابطة.

سلامة الصدور وصفاء القلوب من أهم ما ينبغي على كل مسلم أن يولِيَه اهتمامه وعنايته؛ إذ كيف ينجح المربي إن لم يحمل صفاء القلب ونقاء المشاعر؟! وكيف يتلذذ بمناجاة الله من لم يصفِّ قلبه تجاه إخوانه المسلمين؟! أم كيف يرجو التوفيق من امتلأ قلبه ضغينة على إخوانه المسلمين؟! والحق أنه يستحيل قيام حضارة سليمة على قلوب عليلة، وأنه ما لم تستقم الضمائر وتصفُ النيات، فلن تصلح الأحوال، ولن تنجح الحضارات ولا الدعوات.

ولذلك فقد حرص دين الإسلام حرصًا شديدًا على أن تكون الأمة أمةً واحدة في قلبها وقالبها، تسودها عواطف الحب المشترك، والود الشائع، والتعاون على البر والتقوى، والتناصح البنَّاء الذي يثمر إصلاح الأخطاء، مع صفاء القلوب وتآلفها، دون غل ولا حسد، ولا كيد ولا بغي؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك