فإن من أُصول العقيدة الصحيحة: السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين في غير معصية الله، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]، وأولو الأمر هم (الأمراء) على الصحيح من أقوال أهل العلم.
وعن أبي سلام قال : قال حذيفة بن اليمان قلت يا رسول الله إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر قال نعم قلت هل وراء ذلك الشر خير قال نعم قلت فهل وراء ذلك الخير شر قال نعم قلت كيف قال يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس قال قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك قال تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع ” . أخرجه مسلم رقم ( 1847 ) 3/1476.
وعن أبي هريرة عن النبي أنه قال من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه ” . أخرجه مسلم رقم ( 1848 ) 3/1476.
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله (( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة ثم مات مات ميتة جاهلية ومن قتل تحت راية عمية يغضب للعصبة ويقاتل للعصبة فليس من أمتي ومن خرج من أمتي على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاش من مؤمنها ولا يفي بذي عهدها فليس مني ” أخرجه مسلم رقم ( 184 ) 3/1477.
وعن جندب بن عبد الله البجلي قال قال رسول الله من قتل تحت راية عمية يدعو عصبية أو ينصر عصبية فقتلة جاهلية ” . أخرجه مسلم رقم ( 1850 ) 3/1478.
وعن نافع قال جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله يقوله سمعت رسول الله يقول من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . أخرجه مسلم رقم ( 1851 ) 3/1478.
وعن زيد بن وهب سمعت عبد الله قال قال لنا رسول الله إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ” .
أخرجه البخاري في صحيحه رقم ( 6644 ) 6/2588 .
وعن أبي هريرة عن النبي قال : ” إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله وعدل كان له بذلك أجر وإن يأمر بغيره كان عليه منه ” . أخرجه مسلم رقم ( 1841 ) 3/ 1471.
وعن أبي حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي قال كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم ” . أخرجه مسلم رقم ( 1842 ) 3/ 1471.
وعن عبادة بن الصامت قال : ” بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ” . أخرجه مسلم رقم ( 1709 ) 3/ 1470.
قال الشيخ السعدي – رحمه الله – «وأمر بطاعة أولي الأمر، وهم: الولاة على الناس، من الأمراء، والحكام، والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس، أمر دينهم ودنياهم، إلا بطاعتهم والانقياد لهم؛ طاعة لله؛ ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط أن لا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
أيها المتقون الأبرار: إن القارئ لأخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم، وما ذكره مِن تتابع الفتن، لَيَعلم صدقَ نبوته، وحرصَه على الخير لأمته، فما ترك خيرًا إلا دلَّنا عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرنا منه.ويدل على هذا أحاديث ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها الآمر بالطاعة، ومنها الناهي عن المخالفة، ومن ذلك ما يلي:
الأمر بالطاعة وإن ظهر منهم معصية: ومما أرشد إليه في آخر الزمان، وعند تغير الأحوال: (التمسكُ بكتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم)، و(طاعةُ مَن ولاه الله عليكم في المعروف)، وإنْ حصل منهم تقصير، أو ظلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أَلَا مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ»
التحذير من خطر الخروج على الحاكم: كما يجدر التنبيه إلى أنه يجب أن يعتقد المسلم أن له إمامًا، وأن له أميرًا يَدِينُ الله له بالطاعة في غير معصية الله؛ فإنه مَن مات وليس له إمام، فإنه يموت ميتةً جاهلية والعياذ بالله. وقال: «مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»
وهو عند الحاكم في المستدرك بلفظ: «من فارق الجماعة واستبدل الإمارة لقي الله ولا حجة له عنده»
وكان السلف الصالح لا يخرجون على حكامهم، ولو كانوا على مذهب مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم. قال حنبل: «اجتمع فقهاء بغداد في عهد الواثق إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل – وقالوا له إن الأمر قد تفاقم وفشا – يعنون إظهار القول بخلق القرآن وغير ذلك – ولا نرضى بإمرته ولا سلطانه، فمنعهم الإمام أحمد من ذلك، وقال: «عليكم بالإنكار بقلوبكم، ولا تخلعوا يدا من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم، ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح برٌ، أو يُستراح من فاجر، وقال ليس هذا بصواب، هذا خلاف الآثار».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( وأما أهل العِلم والدين والفضل فلا يرخصون لأحد فيما نهى الله عنه من معصية ولاة الأمور وغشهم والخروج عليهم بوجه من الوجوه، كما قد عُرف من عادات أهل السُنة والدين قديماً وحديثاً، ومن سيرة غيرهم ). مجموع الفتاوى 35/12
وقال الطحاوي في عقيدته التي تلقتها الأمة بالقبول«ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا، وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم، ولا ننزع يدا من طاعتهم؛ فإن طاعتهم من طاعة الله عز وجل، فريضة ما لم نؤمر بمعصية، وندعوا لهم بالصلاح والمعافاة».
التعليقات