المدرسة لم تكن غريبة عن المجتمع، بل هي تجمع بين كل التناقضات الطلابية، فكل سلوكيات الطلاب في مجتمعهم المحلي، تصب في المدرسة، وهي مجتمع بحدّ ذاته مفتوح على مصراعيه أمام الطلاب، وكل يوم يتعلم الطالب أشياء جديدة، وكل يوم يجد أنّه في صدام وانفصام بين المثل التي يتلقاها في المدرسة، وبين ما يجري على أرض الواقع، فكل طالب يأتي إلى المدرسة بنماذج من السلوكيات العنيفة، بكل تأكيد أوّل ما تلقاها إنّما تلقاها في بيته، فالبيت هو المنطلق الأول للتربية، والمدرسة هي ميدان يبرز فيه الطلاب ما لديهم من عادات سلوكية، ويأتي المدرس ليعالج فيبدأ بنشر الوعي، وزرع القيم والثقافات، وتعزيز الاتّجاهات الإيجابيّة، وينتهج نهجاً لتعديل السلوك، لكن ليس كل المدرسين معهم نفس طول النفس، ثمّ ليس كل الطلاب يجدي معهم أسلوب الوعظ والنصح، أو حتى التعزيز، فيلجأ المدرسون لانتهاج أسلوب العنف حيث يمارسون الضرب كنوع عقوبة، ولكن لن تجدي نفعاً هذه الوسيلة مع مجموع الطلاب، فهناك من يرتدع بمجرد التهديد بالعقوبة، وهناك من يردعه التوبيخ وهو نوع عنف آخر، لكنه معنوي وليس مادي، فهناك كم تجدي معهم بعض النتائج، ولكن في المقابل هناك خسارة عظيمة، إذا بالقدر الذي يحاول المدرس فيه أن يردع الطالب ويعدل في سلوكه، بقدر ما يزرع ثقافة العنف في نفس الطالب، وقد يكون هناك عنف معاكس من قبل الطالب ضد المدرس، وهنا ثمت مشكلة كبيرة، إذاً هي ظاهرة تستحق أن نقف عندها، وتحتاج إلى علاج.
علاج ظاهرة العنف المدرسيّ
- تكامل الدور بين المدرسة والبيت، بعمل لقاءات بين المدارس وأولياء الأمور، وعمل توصيات للحدّ منها في البيت أولاً والمدرسة ثانياً.
- استيعاب طاقات الطالب وتفريغها بما هو إيجابي بما يحقق فيه شخصيته، وينمي ما لديه من قيم إيجابية.
- اعتماد التعزيز بشقيه المادي والمعنوي أسلوباً، فهذا له أثر قوي في تعديل السلوك.
- انتهاج سياسة الحرمان من بعض الأنشطة التي يحبها الطالب كالرياضة، ولأغراض محددة، ولفترات محدودة جداً، مع متابعة ردات فعل الطالب، وما يطرأ عليه من تعديل في السلوك.
- تفعيل دور المرشد التربوي، ودراسة حالات الطلاب العنيفين كل على حدة،
- عمل مشاريع بحثية، وأنشطة مدرسية كإعداد الوسائل، وفرق فنية تمثل فيها هذه الشريحة من الطلاب دوراً ريادياً.
- تعزيز مفهوم القيادة والجنديّة لدى الطلاب كافة، وذلك بتشكيل لجان طلابية حقيقية لا صورية.
- أن يكون المعلم قدوة حسنة للطالب فيما يدعو إليه من مثل، وإلا لفقد التوجيه أثره، فلا يجوز بأي شكل أن أعاقب الطالب على التدخين، والسيجارة بيدي!! أو اطلب من الطالب أن يذهب لشراء بكيت السجائر، فهذه تعد جريمة في التربية، حتى لو رآها البعض عادية أو بسيطة.
- العمل الدؤوب وبالتنسيق مع المجتمع المحلي، على جعل المدرسة صديقة دائمة للطفل في، فينشأ على حب العلم والتعلّم.
- إنّ بناء الإنسان أهم أنواع البناء وأصعبه، وفي المدرسة تحديداً، حيث يحتاج كل طالب أسلوباً ومدخلاً للتعامل، بل ومعرفة بحالته النفسية أيضاً فهي مهمة شاقة، ولكن سلوك الخطوات الصحيحة في العلاج وإن طالت، خير من اختصار المسافات بالعقوبات، وهنا لا بدّ من تعاون الجميع حتى لا يقف المعلم وحده، فيبني من جانب وعشرات الهدامين يهدمون من جوانب أخرى. “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ” (التوبة:106 ).
جمع و اعداد
د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
قسم وقاية النبات – كلية الزراعة – جامعة سوهاج
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر
التعليقات