السبت - الموافق 07 سبتمبر 2024م

عقود الاستثمار في القانون الدولي الخاص مشكلاتها والقانون الواجب التطبيق بشأنها” بقلم الدكتور عادل عامر

يعتبر قطاع الاستثمار من أهم القطاعات الرئيسية التي تنهض باقتصاديات الدول وهذا ما يوفر اهتمام الدول خاصة الدول النامية منها بهذا الجانب من الاقتصاد سعيا منها لجذب أكبر عدد من للمستثمرين عامة والمستثمرين الأجانب خاصة.

بهدف استقطاب رأس المال الأجنبي من اجل تحقيق نموها وتطورها اقتصاديا وتكنولوجيا إذ يعتبر الاستثمار الأجنبي من أهم السبل لبلوغ ذلك المعنى. ومن أجل تحقيق ذلك أوجب على هذه الدول أن تهيئ مناخا ملائما الاستقطاب المستثمرين الأجانب ومن الملاحظ أن أغلب الدول تعمل على ذلك ويشمل مناخ الاستثمار مجموعة القوانين والسياسات والخصائص الهيكلة المحلية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية التي تؤثر في ثقة المستثمر وتقنعه بتوجيه استثماراته إلى بلد دون آخر

ومن أجل إيجاد مثل هذا المناخ الملائم فعلى الدول أن تقدم كل التسهيلات والضمانات التي تندفع المستثمر الأجنبي الاستثمار رأس ماله في أراضيها.

إن هذه الضمانات تتمثل في المبادئ الأساسية التي تتضمنها أغلب تشريعات هذه الدول

وتتمثل هذه المبادئ:

– مبدأ المساواة

– مبدأ تجميد التشريع

– مبدأ حرية التحويل

– مبدأ اعتماد اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لتسوية منازعات الاستثمار إن اكبر العوائق التي تواجه الاستثمار هي تخوف المستثمر الأجنبي من المناخ التشريعي لدولة المضيفة ويتمثل هذه المخاوف أساسا في تخوف المستثمر الأجنبي من عدم حياد القضاء الوطني لدولة المضيفة للاستثمار، إضافة إلى تخوفه من استعمال الدولة لسلطاتها في تعديل تشريعاتها الوطنية التي يخضع إليها عقد الاستثمار، والذي من شأنه أن يؤثر في العالقة التعاقدية بين المستثمر والدولة المضيفة، وينعكس ذلك وبصفة غير مباشرة على حقوق الاستثمار، ولذلك يسعى المستثمر الأجنبي أطراف العالقة التعاقدية فيعقد وجاهدا من أجل انتزاع عقد الاستثمار من حكم القانون الوطني لدولة المضيفة بشتى الطرق أما بإلحاقه بنظام قانوني أخذ أو إدراج شرط الثبات التشريعي إذا لم يتمكن من ذلك.

اعتبار عقود الاستثمار التي تعقد بين الدولة المضيفة والمستثمرين الأجانب من العقود الدولية التي تتضمن طرف أجنبي والتي لا تنتمي إلى نظام قانوني معين بل يمكن لطرفي العقد معين بل يمكن لطرفي العقد الدولي اختيار القانون الواجب التطبيق على عقدهم في حالة نشوء

أي نزاع في إطار تنفيذ هذه العقد، إذ أن للقانون الواجب التطبيق على العقد أهمية كبيرة جدا، تتمثل هذه الأهمية في أن تحديد القانون الواجب التطبيق على العقد يمكن من تحديد أي طرف في العقد تجوز حقوقه أو قصر في أداء التزاماته، فهو القانون الذي من خلاله يمكن تحديد كل من الالتزامات وحقوق كل طرف في العقد، وبالضافة إلى هذا فالقانون الواجب التطبيق يحدد مشروعية العقد ممن عدمها، أي أن القانون الواجب التطبيق يمثل القاعدة التي من خلالها يتم

تقدير مدى صحة العقد وتحديد التزامات أطرافه، وبيان القوة الملزمة للعقد، وكذلك كيفية انقضاء العقد.

إذا كان للقانون الواجب التطبيق هذه الأهمية، فإنه يكتسي أهمية أكبر في إطار عقود الاستثمار، وذلك يرجع للطبيعة الخاصة التي تتميز بها هذه العقود، لتعلقها بالخطط التنموية للدولة المضيفة، إضافة إلى عدم التساوي في المراكز القانونية لأطراف هذه العقود، فالطرف الأول فيها دولة ذات سيادة، أما الطرف الثاني فهو مستثمر أجنبي لا يتمتع بأدنى قدر من السيادة،

هذا ما يجعل مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق، مسألة في غاية الأهمية، في ظل الاختلافات الجوهرية في أهداف ومصالح كل من طرفي عقد الاستثمار فالدولة المضيفة للاستثمار لها أهداف عامة تتمثل في تطبيق خطط التنموية وتحقيق نمو الاقتصادي مع تمسكها بكامل حقها في السيادة على إقليمها، أما أهداف المستثمر الأجنبي فهي أهداف شخصية خاصة تتمثل أساسا في تحقيق الربح المادي بزيادة رأس المال، وهذا ما يجعل من القانون الواجب التطبيق أمر بالغ الأهمية والحساسة بانعكاساته البالغة التأثير على الأهداف المراد تحقيقها من قبل أطراف عقود الاستثمار.

إن هذه الأهمية البالغة التي تتمتع بها مسألة القانون الواجب التطبيق على عقود الاستثمار، كانت من أهم الأسباب والدوافع وراء اختيار موضوع القانون الواجب التطبيق على عقود الاستثمار إضافة إلى كون قطاع الاستثمار من أهم قطاعات التنمية الاقتصادية خاصة بالدول النامية، كذلك من بين الأسباب التي قد تؤدي إلى دراسة هذا الموضوع هو وجود عدة أراء واتجاهات فقهية مختلفة

وقد تصل حد التناقص والتي أوجبت دارستها وإيضاح الحجج التي استندت إليها وانتقادات التي تعرضت لها، إضافة إلى الحساسية البالغة لمسألة القانون الواجب التطبيق وثقلها في العالقة التعاقدية، فإنها تمس سيادة الدولة في حالة تطبيق قانون أجنبي، إذ تتعارض هذه الحالة مع مبدأ إقليمية القوانين المعترف بها دوليا هذا من جهة، ومن جهة أخرى تمس بمصالح المستثمر الأجنبي في حالة

ما إذا كان القانون المطبق هو القانون الوطني للدولة المضيفة وقامت هذه الأخيرة باستخدام سلطاتها في تعديل تشريعاتها الوطنية، أما الأسباب الشخصية وراء اختيار موضوع القانون الواجب التطبيق على عقود الاستثمار، فهو المحاولة للإزالة الغموض الذي يعتري مسألة القانون الواجب التطبيق على عقود الاستثمار بصفة خاصة.

لا يؤثر وجود الدولة كطرف في عقد الاستثمار في خضوعه لمبدأ قانون الإرادة الذي أضحى من المبادئ المستقرة في إطار القانون الدولي الخاص، لذلك فالأطراف يتمتعون بسلطة اختيار أي قانون يرونه ملائما ليحكم علاقاتهم التعاقدية، سواء كان قانونا وطنيا لدولة معينة، أم كان نظاما قانونيا لا ينتمي لسيادة إقليمية معينة، غير أن المستثمر الأجنبي في حالة اختيار قانون الدولة المضيفة يأمل في أن يظل قانون العقد ثابتا كما هو وقت إبرام العقد، و هذا ما يتحقق من خلال إدراج شرط الثبات التشريعي، أما في حالة غياب اختيار الأطراف، ونظرا لتضارب مصالح الأطراف المتعاقدة، برزت عدة اتجاهات فقهية مختلفة، سواء تلك التي هدفت إلى تطبيق قانون الدولة المضيفة،

أم تلك التي سعت إلى تحرير هذه العقود من سلطان قانون الدولة المضيفة، كما ظهرت قواعد عامة في القانون الدولي الخاص تعتبر الحل الأمثل للخروج من هذا الخلاف الإيديولوجي، تتمثل في المنهج الجامد والمنهج المرن ونظرية الأداء المميز، هذه الأخيرة تعتبر الأكثر ملائمة لتحديد القانون الواجب التطبيق، لما تتسم به من مزايا عديدة. عقود الاستثمار، عقود الدولة، قانون الإرادة، قانون الدولة المضيفة، قانون التجارة الدولية، القانون الدولي العام، القانون الدولي الخاص، شرط الثبات التشريعي، نظرية الأداء المميز.

1. لعل من ابرز سمات هذا النظام ، غلبة الوسائل القانونية ( التحكيم ) في تسوية المنازعات ، وتفعيل الاحكام التي يتم بموجبها تفعيل القواعد الاجرائية ، مع اعطاء دور مهم للوسائل الودية ، مما جعله يستجيب اكثر من غيره لمتطلبات العلاقات الدولية الخاصة في مجال التجارة الدولية

إذ نرى ان التحكيم في اطار المنظمة يقدم نموذجا مماثلا للتحكيم التجاري في اطار العلاقات الخاصة من حيث المفهوم والمضمون غير انه يتميز عنه من حيث التنظيم والية اصدار القرار التحكيمي وحرية اطراف النزاع في تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع واجراءات النزاع وكذلك تنفيذ القرار التحكيمي .

2. يحتل القانون الواجب التطبيق سواء على اجراءات النزاع او على موضوعه في اطار العلاقات الدولية الخاصة أهمية كبيرة للطرفين المتنازعين ، لذا فانهم يملكان حرية كبيرة في الاتفاق عليه لاسيما انه لا يوجد قانون معين يرغمها على اتباع قواعد معينة وبالتالي فان قانون الإرادة يكون له الدور الرئيسي في تعيين ذلك القانون ،

اما في التحكيم في اطار منظمة (WTO) فالامر مختلف ، ذلك ان القانون الموضوعي يتركز اساسا في الاتفاقيات المشمولة بمعنى ان القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع هو القواعد الموضوعية الواردة في اتفاقية المنظمة والاتفاقيات المشمولة اضافة الى القواعد الموضوعية الواردة في المبادئ العامة للقانون الدولي والاعراف التجارية باعتبارها قواعد تكميلية او احتياطية لايجاد حلول لمسائل لم تنظمها هذه الاتفاقيات في حدود عدم التعارض مع هذه الاتفاقيات .

غير انه ينبغي ان لا يفهم من ذلك عدم إعطاء أي دور للإرادة في اختيار القانون واجب التطبيق فقد اعطت الاتفاقية للارادة دور ولكن بشكل ضيق بموجب قاعدة أسناد .

وفيما يخص القانون الإجرائي فالأمر لا يختلف في شيء عن القانون الموضوعي حيث تتضاءل حرية الأطراف في اختياره وذلك يعود للولاية الجبرية بجهاز تسوية المنازعات التي تحتم خضوع الطرفين المتنازعين للقواعد والاجراءات الواردة فيه .

3. الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة لدور المحكم في تحديد القانون الواجب التطبيق حيث وجد الباحث ان المحكم في تحكيم (WTo) لا يملك الحرية ولا يستطيع القيام بالدور الموكل للمحكم في التحكيم التجاري في العلاقات الخاصة للأسباب التالية :

‌أ. ان هذا الدور يستند على عدة مؤشرات عامة وخاصة منها مكان أبرام العقد ومكان تنفيذه واللغة المستخدمة في أبرامه في حين ان هذه المؤشرات لا دور لها هنا .

‌ب. ان دور المحكم هو دور احتياطي لا يبرز إلا عند عدم تعين الطرفين للقانون الواجب التطبيق ، وفي نظام (WTo) فان هذا القانون قد تعين سلفا بقواعد الاتفاقيات المشمولة .

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك