الإثنين - الموافق 23 ديسمبر 2024م

فى طريق الهدايه ومع تربية الأبناء مسؤلية مَن ؟” الجزء الثالث ” إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع تربية الأبناء مسؤلية مَن؟ وقد توقفتا عند دور الأسرة فى التربية، فإن على الأسرة المسلمة أن تقوم بغرس الدين وشعائره ومحبته في قلوب أبنائها وبناتها، وعليها أن تغرس حب العبادة والقرآن والذكر فيهم، كما تغرس فيهم قيم الإسلام وأخلاقه الفاضلة وآدابه، وعليها أيضا أن تحفظهم من وسائل الانحراف والضلال، ومن الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، وأن تحذرهم أصدقاء السوء، وأن تربطهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والمساجد وأهل العلم فإن الأمانة عظيمة، وإن خطب الأمة جلل، وعليك أيها الأب أن تهذب أطفالك بالحب، فكل الأطفال يحتاجون إلى الإرشاد والتهذيب وتقويم السلوك، وهذا لا يعنى تنفيذ العقاب بحقهم، بل رسم خطوط وحدود معقولة لهم للتصرف، ويجب على الآباء تذكير الأطفال دائما بعواقب أعمالهم ومكافأتهم بشكل لافت في حال تصرفوا بطريقة إيجابية، فالأب الذى يهذب أطفاله بطريقة هادئة ولا يصرخ عليهم يظهر لهم حبه بشكل واضح.
وعليك أيها الأب أن تكون القدوة لهم، فإن الأطفال يتخذون الآباء قدوة لهم بشكل تلقائي، سواء أدرك الأب ذلك أم لا، فالطفلة التى تمضي وقتها مع والدها، الذى يظهر لها الحب، ستكبر لتعلم أنها امرأة تستحق الحب، ولن تقع ضحية للرجال، ويمكن للآباء أن يكونوا مثالا للصدق والتواضع وتحمل المسؤوليات، ويا أيها الأب كن معلما، فإنه يعتقد الآباء أن التعليم مهمة لا تخصهم، ولكن الأب الذى يعلم أطفاله الخطأ من الصواب، ويشجعهم على الدراسة، سيرى أطفاله يتخذون القرارات الصائبة في حياتهم، كما أن الآباء الذين يدمجون أطفالهم فى حياتهم اليومية، يعلمون الأطفال الدروس والعبر من الحياة، ويا أيها الأب تناول وجبة الطعام مع أطفالك، فإن تناول وجبة واحدة على الأقل من الطعام مع الأطفال والعائلة أساسى ومهم، لتكوين عائلة صحية، فهي تعد فرصة للمة الأسرة والتحدث فى شتى المواضيع، وخصوصا إذا كانت العائلة دائمة الانشغال، وهى فرصة للأب أن يستمع لمشكلات أطفاله ومتطلباتهم، ويا أيها الأب اقرأ لأطفالك.
فإن الأطفال يتعلمون من خلال الأفعال والقراءة، وكذلك يتعلمون بالنظر والسمع، والقراءة للأطفال من قبل الأب، تعزز العلاقة بين الطرفين، خصوصا إذا ما بدأت هذه العادة فى سن مبكرة، وعلى الآباء تشجيع الأطفال على القراءة وحدهم، ومن أهم فوائد القراءة للأطفال، ضمان مستقبلهم ونموهم الفكرى، ويا أيها الأب اظهر عاطفتك، فإن الأطفال يحتاجون للشعور بأنهم مرغوبون ومحبوبون، ويحتاجون من آبائهم أن يشعروهم بالحب، وأن يحتضنوهم باستمرار، والقيام بهذا السلوك يشعر الأطفال بالحب ويجعلهم ينمون عاطفيا بطريقة سليمة، وكذلك أيها الأب ادرك أن مهمتك لن تنتهى، حتى بعد أن يكبر الطفل ويستقل بذاته، سيعود لوالده مرارا وتكرارا، ويطلب منه المعونة والنصح والاستفادة من خبراته، وخصوصا فى الزواج والحياة المهنية والدراسة فى الجامعات، ويقول قائل كثيرا ما نلوم أنفسنا على تقصيرنا فى تربية أبنائنا على الوجه الذى يرضاه الله، فمن خلال متابعتنا للبرامج الدينية، والثقافية.
والنفسية على القنوات الفضائية، والآفاق الواسعة التي تفتحها للمربين للعمل على تربية الأبناء تربية سليمة، ناضجة، متدينة تحب الله ورسوله، ومن خلال النماذج الناجحة التي تعرضها لنا لآباء وأمهات أحسنوا تربية أبنائهم تربية ناجحة صالحة فإن الحزن يداخل أنفسنا لجهلنا لكثير من طرائق التربية حتى وقعنا في هذا التقصير، ولو كانت الفضائيات موجودة في زمان تربيتنا لأبنائنا في ذلك الزمان لكانت تربيتنا لهم أفضل من كافة النواحى فكيف سنلقى الله على تقصيرنا في حق تربيتنا لهم ؟ فلا شك أن تربية الأولاد واجبة على الأبوين، ومن فرط وقصر في هذا الواجب، كان آثما، وقال على بن أبى طالب رضى الله عنه “علموهم وأدبوهم” وقال الحسن البصرى مروهم بطاعة الله، وعلموهم الخير، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير راع على الناس وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته.
وامرأة الرجل راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” رواه البخارى، وإن من قبح هذا الذنب أن يمنع وصول الخير والنفع للأبوين من جهة أولادهم، وقال ابن القيم رحمه الله وقال بعض أهل العلم إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما أن للأب على ابنه حقا فإن للابن على أبيه حق، فكما قال تعالى “ووصينا الإنسان بوالديه حسنا” قال تعالى “قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة” فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا، وقد ذكر أهل العلم القدر الواجب في تربية الأولاد وتأديبهم، حتى يعرف أولياء أمورهم ما يجب عليهم من ذلك، ويتبين لهم إن كانوا مقصرين أم لا.
فالواقع أن عوامل ومدارس التربية كثيرة، فالبيت أساس التربية، والمدرسة والجامعة لها دور آخر كبير الأثر، والمساجد لها دور عقدى إيماني واضح، لكن الإشكال أن هذه المدارس الثلاثة الكبرى للتربية كانت محورا أساسا فى هذا الباب إلى عهد قريب منا، لكننا اليوم أصبحنا نرى خلطا وتشويشا في توجهات الأجيال المسلمة الناشئة وذلك لوجود عدد من الوسائل الأخرى والتى تشارك وبقوة وتأثير في مهمة التربية، ومن أهمها وسائل الإعلام المرئية، والمسموعة، والمقروءة، على حد سواء، والتي بدورها تسهم فى تشكيل العقل والفكر والسلوك، وتشاركهم طريقة مطعمهم وملبسهم، حتى تسريحة شعرهم، ولون حذائهم، ولقد أصبح لهذه الوسائل جاذبية كبيرة في استقطاب نظر الناشئة، وطبقات الشباب والفتيات، والواقع الذى لا محيد منه أن معظم القائمين عليها إلا من رحم الله لا يرقبون فى شباب الأمة إلا ولا ذمة، ولا يحملون الأمانة بصدق وحكمة، فأفسدوا كثيرا بما يقدمون للأجيال من البرامج الغنائية الساقطة، والثقافية التافهة.
والمسرحية والدرامية الهزيلة، إلى جانب ذلك الركام من الأفلام والمسلسلات، والتي تجمع في أهدافها هدم القيم والأخلاق الثابتة من شعائر الإسلام وشرائعه، وتميع الهوية المسلمة فى قلوب أبنائنا، وتذوبهم فى المد الغربى والعلمانى الجارف، بعيدا عن وحى الله تعالى ومنهجه، وتحثهم على قتل قيم الحياء والأدب فى نفوسهم، وتحثهم على الوقوع فى الفواحش والرذيلة، والمعاصى والمنكرات، كما تغريهم وتعلمهم وسائل الانحراف، وتناول المسكرات والمخدرات، إضافة إلى الانحراف العقدى والفكرى، وكما لا ننسى دور المجلات والدوريات التي تأخذ حيزا كبيرا من أوقات الشباب والفتيات، في مطالعة قَصص الحب والغرام والهيام، وأخبار اللاعبين والفنانين والمطربين، الذين سرقوا أوقات وعقول هذه الأمة، وسرقوا أموالها وثرواتها تحت مسمى رسالة الفن والإبداع، وكما لا ننسى أيضا بعض التوجهات المشبوهة فى التعليم تلك التى تطمس نور الإيمان والعقيدة فى قلوب الأجيال، وتزور بعضا من حقائق التاريخ الإسلامى والإنسانى.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك