ومازال الحديث موصولا عن أنبياء ورسل الله عز وجل الذين حملوا الرسالات ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم، ويقول رب العزة فى الحديث القدسى “عبدي أخرجتك من العدم إلى الوجود وجعلت لك السمع والبصر والعقل، عبدي أسترك ولا تخشاني، وأذكرك وأنت تنساني، أستحي منك وأنت لا تستحي منى، من أعظم منى جودا ومن ذا الذي يقرع بابي فلم أفتح له ومن ذاالذي يسألني ولم أعطيه، أبخيل أنا فيبخل على عبدي؟ وجاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله “من يحاسب الخلق يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” الله ” فقال الأعرابي بنفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” بنفسه ” فضحك الأعرابي وقال” اللهم لك الحمد” فقال النبي صلى الله عليه وسلم” لما الابتسام يا أعرابي؟ فقال يا رسول الله إن الكريم إذا قدر عفا، وإذا حاسب سامح، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ” فقه الأعرابي” ويقول رب العزة سبحانه وتعالى فى الحديث القدسى “أنا عند ظن عبدى بى, وأنا معه إذا ذكرنى فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى, وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منهم, وإن تقرب إلي بشبرا تقربت إلية بذراعا, وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتانى يمشى أتيته هروله” ويقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “إن الله تعالى يباهى بأهل عرفات فيقول للملائكة أنظروا إلى عبادى جاؤنى شُعثا غُبرا ” رواه ابن حبان.
ويقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “إذا مات ولد العبد يقول الله للملائكه قبضتم ولد عبدى ؟ فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون نعم، فيقول ماذا قال عبدى ؟ فيقولون حمدك فيقول الله ابنوا لعبدى بيتا فى الجنه و سموه بيت الحمد “رواه الترمزى و ابن حبان، وسوف يدور الحديث عن شخصيه نسائية عظيمة إنها زوجة نبى وأم نبى، وهى سيدة فياضة بالعطاء والعطف والحنان، وقد سجل لها التاريخ مواقفها العطرة الخيرة، وكانت مثال الأم العطوف والزوجة الوفية العابدة الشاكرة والصابرة، فكانت زوجة نبي وأم نبي منحه الله جمال الوجه والصورة وبهاء الطلعة لكل من ينظر إليه، إنها راحيل زوجة سيدنا يعقوب، وأم سيدنا يوسف الصديق عليهما السلام، حقا إنها السيدة العظيمة راحيل بنت لابان وهي الزوجة الثانية للنبي يعقوب وهو إسرائيل عليه السلام، وهى ابنة خاله لابان، وهي أيضا الأخت الصغرى لزوجته السيدة ليا بنت لابان، وهي أم النبي يوسف الصديق عليه السلام، فالسيدة راحيل بنت لابان هي أم النبي يوسف وأم بنيامين بن يعقوب أيضا، وقد تزوجها النبي يعقوب عليه السلام بعد سبع سنوات من زواجه من أختها الكبرى ليا بنت لابان، وكانت راحيل تتميز بصفات حسنة منها الجمال والذكاء والعبادة لله، والنبي يعقوب عليه السلام هو نبي الله المرسل الذي أكرمه الله سبحانه وتعالى بالنبوة، واسمه يعقوب ابن النبي إسحاق بن إبراهيم.
وهو نبي ابن نبي ابن نبي، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم حيث ورد ذكره ست عشرة مرة في مواضع مختلفة، وقد وُلد نبى الله يعقوب عليه السلام لأبيه إسحاق عندما كان عمره ستين عاما، وكان عمر جده الخليل إبراهيم عليه السلام مائة وستين عاما، أما أم يعقوب فهي السيدة رفقة بنت بتوئيل، ويوجد الكثير من الأقاويل بإن نبى الله يعقوب عليه السلام هو أحد توأمي إسحاق، واسم شقيقه التوأم عيسو الذي يسمى أيضا اسرائيل، ويبلغ عدد زوجات النبي يعقوب عليه السلام أربع زوجات، أنجبن له اثني عشر ولدا ذكرا وبنتا، وأبناء النبي يعقوب هم بني إسرائيل، أما زوجاته فهنّ السيدة ليا أو ليئة بنت لابان، وهي ابنة خال يعقوب عليه السلام، وأنجبت له روبين الذي يعد أكبر أبناء النبي يعقوب عليه السلام، ويهودا، ولاوي، وشمعون، وزبولون، وياساكر، وابنته الوحيدة دينا، وزوجته الثانيه هى السيدة راحيل بنت لابان، وهي ابنة خال النبى يعقوب عليه السلام وهى أخت زوجته ليا، وقد أنجبت له نبى الله يوسف عليه السلام وبنيامين، والجدير بالذكر أن نبى الله يوسف عليه السلام كان أحب أبناء النبى يعقوب إليه، لأنه كان يرى فيه علامات النبوة والنجابة، وعانى كثيرا لفقده كما وردت قصته في القرآن الكريم في سورة يوسف، كما أن الكثير من المؤرخين يقولون إن جميع أبناء النبى يعقوب ولدوا في العراق باستثناء بنيامين الذي ولد في فلسطين.
وكانت أيضا من زوجات النبى يعقوب عليه السلام هى السيدة بيلها أو بلها، وقد أنجبت له دان ونفتالي، وكانت أيضا من زوجات النبى يعقوب عليه السلام هى السيدة زيلفا أو زيلفي، وقد أنجبت له جاد وعشير، وقد ورث نبى الله يعقوب عليه السلام عن والده نبى الله إسحاق عليه السلام النبوة والعلم، وكان هذا سببا في تميزه، فشبت الغيرة والحقد في قلب أخيه عيسو منه، فخافت أمه عليه من هذا الحقد فطلبت منه أن يرتحل إلى خاله في العراق وهو لابان كي يقيم عنده، وكان لخاله لابان ابنتان الكبرى اسمها ليئة، والصغرى اسمها راحيل، فخطب نبى الله يعقوب عليه السلام راحيل من خاله، والتي كانت تتميز بجمال أخاذ وساحر، ووافق خاله على هذه الخطبة مقابل أن يخدم يعقوب عند خاله سبعة أعوام في رعاية الأغنام فوافق يعقوب على هذا، وبعد انقضاء المدة، جمع خاله لابان الناس في الليل كي يزف ابنته إلى يعقوب، وزف إليه ابنته ليئة بدلا من راحيل، فسأل يعقوب خاله عن سبب غدره به، فقال له خاله إن من عاداتهم ألا يزوجوا البنت الصغرى قبل الكبرى، فطلب منه أن يخدم لديه سبعة أعوام إضافية كي يزوجه براحيل، فوافق يعقوب على هذا، وجمع بين الأختين حيث لم يكن هذا الفعل محرما في شريعتهم، ولكنه حُرم فيما بعد في التوراة والقرآن الكريم، وقد وهب لابان جارية لابنته ليئة واسمها زلفي.
وجارية لابنته راحيل واسمها بلها، ووهبت كل واحدة منهما جاريتها لنبى الله يعقوب عليه السلام، وهكذا تزوج بأربع نسوة، وأنجبت ليا الأبناء ليعقوب لكن راحيل كانت عاقرا، وحين وهبت ليعقوب جاريتها بيلها ودخل عليها، أنجبت له ولدين وبعد أن توقفت ليا عن الولادة ومنحت جاريتها زيلفي ليعقوب أنجبت له ولدين، وبعدها أكرم الله سبحانه وتعالى راحيل فأنجبت له ولدين، أما أبناء النبي يعقوب والذين يدعون بني إسرائيل فهم، النبي يوسف وبنيامين وأمهما هى السيدة راحيل بنت لابان وهي ابنة خال يعقوب، وروبين وهو أكبر أبنائه ويهودا ولاوي وشمعون وزبولون وياساكر وبنتا واحدة اسمها دينا وأمهم هى السيدة ليا بنت لابان وهي أخت راحيل وابنة خال يعقوب، ودان ونفتالي وأمهما هى السيدة بيلها، وجاد وعشير وأمهما هى السيدة زيلفا، وإن اسم راحيل ترجمته إلى العربية رخل، حيث أن الحرف العبري في هذه الحالة هو خ وليس ح، ومن الممكن أن يستخدم نفس الحرف للفظين وكلمة الرَّخل تعني الأنثى من أَولاد الضأن، والذكر حمل وما زالت الكلمة تستخدم في اللغة الدارجة حتى الآن وخصوصا في جزيرة العرب وتلفظ بتاء التأنيث وهى رخلة، والسيدة راحيل أبوها هو لابان بن بيتويل وهو اسم عبري معناه الأبيض وهو خال النبي يعقوب عليه السلام وأبو زوجتيه ليا وراحيل، وقد أقام لابان مع عائلته في سهل فدان في بلاد مابين النهرين وعندما شب يعقوب أتى للعمل لدى خاله لابان في رعي الأغنام وتزوج من ابنته الكبرى ليا ثم من ابنته الصغرى راحيل.
وقد ظل النبي يعقوب يعمل لدى خاله لابان في بلاد مابين النهرين إلى أن توفي والده إسحاق عليه السلام الذي كان يقيم في أرض كنعان فاضطر يعقوب إلى ترك خاله والعودة إلى أرض كنعان مصطحبا معه عائلته، ولابان هو ابن بتوئيل وحفيد ناحور أخي الخليل إبراهيم عليه السلام، وهو أخو رفقة أم نبى الله يعقوب، وقد سكن حاران في فدان أرام، ولما رأى الهدايا الثمينة التي أعطاها عبد الخليل إبراهيم عليه السلام لرفقة، قبل فورا أن تذهب هي معه إلى أرض كنعان لتصير زوجة لإبنه إسحاق، ولما هرب يعقوب من وجه عيسو ذهب لابان خاله ووجده رب عائلة كبيرة وأبا لعدة بنين وابنتين على الأقل وسيد عبيد كثيرين ومالك قطيع غنم وماعز، وبقي يعقوب عند خاله لابان عشرين سنة على الأقل، وقد خدمة مدة سبع سنوات منها، أولا لقاء الحصول على ابنته راحيل ولكن لما خدعه خاله وأعطاه ليئة عوضا عنها اضطر إلى خدمته سبع سنين أخرى للحصول على راحيل الفتاة التي أحبها، ثم بقي عنده مدة ست سنوات أخرى يخدمه للحصول على المواشي فتمكن بحيل متنوعة من كسب جانب عظيم من المواشي الأمر الذي أثار حفيظة لابان وأبنائه عليه فاضطر إلى الهرب آخذا معه زوجتيه وأولاده ومواشيه واتجه نحو أرض كنعان فتعقبه لابان وأدركه على جبل جلعاد وإذ كان الله قد أنذره بأن لا يوقع أضرارا بيعقوب عقد معه عهدا وافترق الاثنان على غير لقاء.
وعبد لابان إله آبائه يهوه إله ناحور، على أنه جمع عبادته هذه عبادة الأوثان أي الترافيم كما أنه استخدم طريقة العرافة والرجم بالغيب، وكانت السيدة راحيل واحدة من نساء الأنبياء اللائي سجل التاريخ مواقفهن في دعم الرسالات السماوية، فكانت مثالا للزوجة الوفية والأم العطوف والمرأة العابدة الشاكرة والصابرة وعندما بلغ نبي الله يعقوب عليه السلام سن الزواج، أشار عليه أبواه بأن يتوجه إلى خاله لابان في أرض حران بالعراق ليخطب إحدى ابنتيه، فقد آمنتا بدين إبراهيم عليه السلام، ولما قدم على خاله في أرض حران، وجد له ابنتين وهما ليا، الكبرى، وراحيل الصغرى، وكانت راحيل أوتيت حظا من الذكاء، وكانت تفوق أختها في الحسن فتقدم يعقوب عليه السلام إلى خاله وخطب منه ابنته راحيل وسأله خاله هل من مال أزوجك عليه ابنتي راحيل؟ فقال يعقوب لا يا خالي، إنني غريب هنا ولكني مستعد للوفاء بما تطلب مني، ثم قال يا خالي إن شئت أن تأخذني أجيرا حتى تستوفي صداق ابنتك راحيل فأنا على استعداد لذلك، وعندئذ قال له خاله وقد ظهرت عليه أمارات الرضا قبلت، وأن صداق راحيل أن تأجرني سبع سنين، فقال يعقوب وقال قبلت، فزوجني راحيل وهي شرطي، ولك أن أخدمك سبع سنين، وأجاب لابان يعقوب على شرطه، وفى الزفاف جمع الناس وأخذ يعقوب يرعى لخاله سبعة أعوام، فلما وفى بشرطه، صنع خاله طعاما من أجل الزفاف وجمع الناس عليه.
التعليقات