من ارشيف الكاتب الصحفى محمد زكى – سبق نشر المقال بتاريخ 27 / 01 / 2012
عام كامل مر علي ثورة 25 يناير وهي فترة أراها كانت كافية لأن نجلس اليوم ونحن راضون عن ثورتنا وأوضاعنا وكانت السعادة يمكن أن تكون ساكنة في قلوب جميع المصريين.
ولذلك لا أدري لماذا يتعجب البعض مما يحدث الآن في ميادين الدولة من خروج أطياف الشعب المختلفة في مسيرات إحتجاجاً علي الأوضاع وتعبيراً عن عدم الرضا عما يتم من خلال المجلس العسكري الحاكم.
وإن قال البعض أن هناك الكثير من الإنجازات وأننا الآن لدينا مجلس شعب مُنتخب بإرادة وطنية وإنتخابات الشوري تطل علي الأبواب وأن الأمور تسير وليست راكدة وأننا يجب أن ننظر إلي النصف المملوء من الكوب.
لذلك خرج أصحاب هذه الرؤية إلي الميادين والشوارع تعبيراً عن إحتفالهم بما تم وأغلبهم بالطبع من الأحزاب التي شكلت بل إحتكرت عضويات البرلمان المصري وهم أنصار حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لتيار الإخوان المسلمين ومعهم مؤيدي التيار السلفي الذي شكل حزب النور وفي خلال ستة أشهر فقط إستطاع ان يكون الحزب الثاني في البرلمان المصري الذي يحلو للبعض ان يسميه برلمان الثورة لإطفاء طابع وطني عليه.
ولكن الغالبية العظمي من المتظاهرين في أنحاء مصر هم من الشباب الذين ثاروا العام الماضي وكانت لهم طلبات محددة ولكنهم وجدوا أن الأمور تسير ببطء غريب وعجيب وأن المجلس العسكري يحاول إبقاء الأوضاع ساكنة وأنه يماطل في الإجراءت الكفيلة بنقل السلطة وأن العام الماضي لم يتحقق فيه إلا مايري هؤلاء الثوار أنه إغتيال للثورة بتسليم البرلمان لجماعة الإخوان تمهيداً لتسليمها بالكامل لرئيس ينتمي للتيار الإسلامي.
وبهذا فإن الثوار قد خرجوا من المعركة التي فقدوا خلالها الغالي والنفيس بإخراج جماعة الإخوان المسلمون من الحظر الي حكم الدولة وأنهم إستبدلوا الحزب الوطني بحزب الحرية والعدالة وأنه لاتوجد دولة حرة أبداً يحكمها فقط حزبان ينتميان لتيار نوعي واحد.
وأن مصر الشاسعة المتسعة الممتدة الأطراف الزاخرة بالأطياف بها عشرات الأحزاب وعشرات التيارات ولولا الظروف الغير طيبة التي جرت فيها الإنتخابات لكانت الأطياف كلها ممثلة في برلمان الثورة وأنهم خدعوا سياسياً ولم يأمنوا من مكر جماعة الإخوان التي لها باع طويل في المناورة مع الدولة وتستطيع بكفاءة الآن أن تكسب أي معركة لآنها خرجت من الحظر الذي فرض عليها خلال العقود الماضية.
ويعتبر الثوار أن المجلس العسكري هو المسئول عن ما آلت إليه الأحوال وأن هناك ربما صفقات بين الإخوان والمجلس لإخراج الأمر بهذه الطريقة لدرجة أن المجلس العسكري ضن حتي علي الثوار بالعشرة مقاعد التي يأتي أعضاؤها بالتعيين وخصصوها للمرآة والأقباط ولم يشمل الإختيار أي من الثوار.
يصرخ الثوار في الميدان مطالبين بسقوط حكم العسكر وهم أول من يعلم ان سقوط حكم العسكر معناه تسليم مهام الرئيس لرئيس مجلس الشعب وهنا فالثوار بين خيارين أحلاهما مُر..
يصرخ الثوار في الميدان مطالبين بالإسراع في إجراء إنتخابات رئيس الجمهورية وهم أول من يعلم أن الإنتخابات لم تكن ولن تكن أبداً في صالحهم بل أنهم إنتقدوا كثيراً إجراء إنتخابات مجلس الشعب اولاً..
يصرخ الثوار الآن ويطالبون أن لا تكون المناسبة إحتفالية بل محاولة لإعطاء رسالة أنهم مستمرون وماضون في ثورتهم وهم مغلولون الأيادي لأنها لابد أن تكون سلمية لأنهم كانوا يحاربون النظام الفاسد في أشخاص ومؤسسات تمت مهاجمتها لإزالتها وكان الشعب معهم.
ولكن الآن كيف ومن يمكنهم مهاجمته ؟ .. وليس أمامهم إلا بعض المجندين الذين لاذنب لهم ولا حول لهم ولا قوة وأن الشرطة إختفت وتختفي دائماً وبعيدة عن المواجهة بل لم تعد الشرطة مصدر تهديد للمصريين ووزارة الداخلية تحاول بشتي الطرق إرضاء الشعب لمحو الصورة الذهنية السيئة العالقة في الأذهان عنهم.
الثوار حائرون .. ماذا يفعلون ؟…
الحكام العسكريون أيضاً حائرون .. هل يتم الإستمرار رغم أن الشعب لم يعد يريد حكمهم ؟ .. هل يتم تسليم كامل الصلاحيات لرئيس الوزراء وهو في الأصل عليه إعتراضات كثيرة من جانب الثوار ؟ .. هل يتم إعطاء صلاحيات الرئيس لمجلس الشعب الذي إحتكره الإسلاميون ؟ وبهذا لن يسلم المجلس من إنتقادات اليبراليين والأحزاب الراسبة في الإنتخابات الأقباط والثوار والعالم الخارجي .. هل يتم الإسراع في محاكمة الرئيس المخلوع والفاسدين ومخالفة القانون والعدالة من أجل إرضاء الثوار ؟ .. هل تتم المحاكمة البطيئة التي تشتهر بها المحاكم المصرية وعدم الإلتفات للمطالبة بالردع في المحاكمة ؟.
مصر حائرة وقلوب المصريين تعتصر ألماً وكما أسلفت دائماً الكل بين خيارين أحلاهما مُر.
وفق الله الجميع لما فيه خير مصرنا الغالية..
التعليقات