الإثنين - الموافق 23 ديسمبر 2024م

مخططات العدو واستراتيجية ضرب الإسلام بالإسلام القاديانية سابقاً وداعش الآن.. بقلم : هند درويش

إن فكرة تمويل جماعات إرهابية ترتكب أبشع الجرائم في حق الإنسانية لتشويه صورة الإسلام، لم يكن شيء جديد في تاريخ البشرية، بل أن هذا الأسلوب لجأ إليه أعدائنا أكثر من مرة لتشويه الإسلام أمام العالم، ولكي يثبتوا أن الإسلام دين يحث على العنف والإرهاب، ولكي يقنعوا

شعوبهم بضرورة غزو هؤلاء والقضاء عليهم وتخليص البشرية منهم ليعيش العالم في سلام، وهذه الحرب تم شنها منذ فجر الإسلام من خلال تظاهر اليهود دخولهم في الإسلام بهدف نشر الفتن وتشتيت صفوف المسلمين محاولة منهم للقضاء على هذا الدين، وكان يعلم النبي ذلك واطلق عليهم المنافقين، الذين يتظاهرون بالدين ويبطنون عكس ما يبدون، وهذا ما أعترف به أعدائنا في برتكولاتهم: انهم يدخلون في الديانات الأخرى كالإسلام وغيره ولا يعترفون انهم من أصل يهودي ويؤلفون الجمعيات الدينية والاحزاب السياسية التي تهدف أولا لتشويه الأديان كمحاولة للقضاء عليها، فهى تهدف إلي خدمة مصالح العدو ولكن تتخفي في زي الأديان لذلك حذر الله اليهود من لبس الحق بالباطل في كل زمان ” يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ” (آل عمران: 71). وهذه الاستراتيجية تعرف ” بضرب الإسلام بالإسلام ” ويقول في ذلك المستشرق الإنجليزي خدوري ” لا نقطع رقبة الدين إلا بالدين ” ويقول المستشرق تاكلي: ” يجب أن نستخدم القرآن في ضرب القرآن, والإسلام في ضرب الإسلام، حتى يقول أحدهم: “اذبحوا الإسلام بسكين الإسلام”. فإن حرب اعدائنا ضدنا على مر الزمان لم تهدف إلا إلي القضاء على الإسلام ” ُ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (المائدة:64). بهدف اطفأ هذا النور الذي أخرج البشرية من ظلمات الجهل والوهم إلي أنوار العلم والمعرفة ” يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ” ( التوبة:32).

فإن العدو قبل أن يشن هجوم على العالم الإسلامي على مر التاريخ لابد أن يكسب عطف الشعوب وتأيدها له فيما سيقوم به من اعتداء، إلا كانت هذه الحرب غير مشروعه ويتم إدانته أمام الشعوب، وهذا ما حدث بالفعل قبل شن الحملات الصليبية، حيث يعتبر بعض المؤرخين أن غزو السلاجقة لآسيا الصغرى هو البداية الحقيقية للحروب الصليبية التي شنتها أوربا على العالم الإسلامي. فقد ذاع أن السلاجقة مسلمون وهذا تزيف للحقائق وتشويه للتاريخ ، وفي الحقيقة يقول المؤرخ ” كيستلر” أن السلاجقة هم عناصر من يهود الخزر تسللوا لدولة السلجوقية إلي أن وصلوا للحكم، ثم شنوا هجوم على ” آسيا الصغرى ” وفعلوا بهم اشياء لم تخطر على قلب بشر من الجرائم الغير إنسانية، هم ينتمون إلي يهود من القبائل الخزرية، فكان نتيجة لذلك أرسلو يستنجدون بأوربا من أجل دفع هذا الخطر الداهم، وبالفعل توحدت الدول وتكاتفت الجهود وساروا لرد السلاجقة عن اراضي الإمبرطوراية البيزنطية ” آسيا الصغرى ” ثم استمروا في غزوهم وقتال المسلمين في الشام ومصر وتونس، إلي أن انتهوا بالعودة إلي أراضيهم دون تحقيق نتائج إيجابية، ويقول المؤرخين فإن الهدف من الحروب الصليبية اليهودية الخزرية أن يقتتل الجانبان في حروب شديدة لكي تفني الفئتين ويخلو المجال لليهود، وتحقق الهدف وقتل من أبناء الطائفتين مئات الالوف. وهذا ما اعترف به رئيس وكالة المخابرات الأميركية CIA السابق جايمس وولسي James Woolsey يعود لعام 2006 يقول فيه: سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا ثم نجعلهم يقومون بالثورات فيتم إنقسامهم على بعضهم لنعرات تعصبية ومن بعدها قادمون للزحف وسوف ننتصر، مؤكدا في نهاية خطابه ” إنها حرب صليبية جديدة ” .

وهذا ما قام به أيضا الاستعمار الانجيليزي في منتصف القرن الماضي عندما اصطنع القاديانية كبديل مزيف للإسلام في أواسط أسيا، لتشويه صورة الإسلام وتفرقة صفوف المسلمين، ونظرا لإدراك الإمام أبو الأعلى المودودي بمدى خطورة هذه الجماعة الإلحادية على الإسلام تصدى لها بقوة ووصمها بالكفر فحكم علية بالإعدام، وظل في انتظار الحكم، إلي أن تراجع القاضي عن الحكم، وظل هو متمسك بفتواه. نظرا لأن فتوى مثل هذه تمثل خطورة وضرب لمخطط العدو وتعني فشل المخطط في تشويه صورة الإسلام في العالم.

وما يثير الدهشة والغرابة أن اعدائنا دائما يستفيدون من التاريخ لتخطيط ضدنا، وهذا ما اعترفوا به في برتكولاتهم ” بأنهم استفدوا من تجارب التاريخ ومن ملاحظة الأحداث الجارية في حين يقولون أن الأممين ” غير اليهود” لا ينتفعون بالملاحظات التاريخية المستمرة، بل يتبعون نسقاً نظرياً من غير تفكير ” . حقاً إن التاريخ يعيد نفسه من جديد، وهاهم أعدائنا يمكرون ويكيدون لنا على غرار أسلافهم السابقين بتمويل جماعات إرهابية متطرفه لا تمت للإسلام بصلة ليوهمون شعوب العالم أن هذا هو الإسلام، وإن موقف االشرع من هؤلاء المرتزقة لحسم هذه القضية جاليا ًفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم بأن هؤلاء خارجين عن الإسلام عن يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي الْخَوَارِجِ شَيْئًا قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ ـ وَأَهْوَى بِيَدِهِ (أشار) قِبَلَ الْعِرَاقِ ـ ‏”‏ يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ‏”‏‏.‏ (متفق عليه). يمرقون من الإسلام: أي خارجين عن الإسلام ، وفي حديث أخر يخبرنا النبي بأن من قتلهم له أجر عند الله “يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ (صغار السن) سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ (صغار العقول غير ناضجين) يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ النَّاسِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ (يخرجون) مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فَمَنْ لَقِيَهُمْ فَلْيَقْتُلْهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ” (حديث صحيح ) ” سَيَكُونُ بَعْدِي مِنْ أُمَّتِي – قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَلاَقِيمَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَخْرُجُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ثُمَّ لاَ يَعُودُونَ فِيهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ‏”‏‏.‏( رواه مسلم). شر الخليقة: صدق رسول الله هم حقا يتسمون بوجوه المجرمين ” يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ ” ( الرحمن:41). كما كشف الباحثون في علم الجريمة مؤخراً وجود علاقة بين سمات المجرم ومدى الإجرام الذي يقوم به، إلي أن يصبح شكل هذا المجرم مميزاً وتصبح له سمات شخصية خاصة تظهر بوضوح على وجهه ويميزها المحققون.

إذن بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خارجين عن الإسلام، وليس ذلك فحسب بل من يقتلهم يؤجر، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا إلا بما فيه الخير لنا، فمعنى ذلك جواز تكفيرهم لانهم يمثلون خطر على الإسلام، وفي تكفيرهم أكبر خدمة للإسلام وضرب لمخطط العدو، وفي عدم تكفيرهم نجاح لمخطط العدو، ورداَ على من أن يقول أنه لا يجوز تكفيرهم لأنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولو كانوا حقا مؤمنين لما قال النبي يؤجر من قتلهم، لأن حرمة دم المؤمن غالية على الله ” زَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ” (رواه الترمذي)، وبين لنا الله أن جزاء من يقتل مؤمن متعمدا جهنم خالدا فيها ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ” (النساء: 93). وأمر الله بقتل وتقطيع أيد وأرجل المفسدون في الارض، فهل هناك فساد أكبر مما ترتكبه داعش من جرائم في حق الإنسانية ؟!!، قال تعالى: ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” (المائدة:33). فإن هؤلاء المجرمون الذين يتحدثون بأسم الدين هم في الحقيقة اعوان للشياطين وولائهم لاعداء هذا الدين وهذا نفاق بين وخيانة عظمى، وهم في الحقيقة شوكة في ظهر الإسلام يسعون لمحاربة الله ورسوله بتشويه الصورة السمحة لهذا الدين العظيم وهناك علاقة وثيقة بين ظهور هؤلاء المرتزقة وارتفاع نسبة الإلحاد وخاصة بين الشباب.

فإن الحرب التي تشن علينا الآن هي حرب فكرية في المقام الأول، ولذلك فإن الجهاد الفكري لا يقل أهمية عن الجهاد القتالي بل يزيد وخاصة في زمن الملاحم والفتن لنبين للعالم جوهر الإسلام. وهذا ما أمر الله به نبيه في قوله تعالى ” وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ” ( الفرقان: 52). الجهاد الأكبر: الجهاد بالقرآن أي الجهاد الدعوي، فإذا أردنا أن نخرج من هذه الفتن فيجب علينا التمسك بجوهر الدين ” تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ ” (رواه الإمام مالك). ومعرفة أصل التاريخ ، وأن نعرف كيف يفكر أعدائنا وبما يمكرون ! وهذا ما أمر به النبي زيد بن ثابت “من تعلم لغة قوم أمن مكرهم ” وفي ذلك إشارة إلي معرفة كيف يفكر أعدائنا. ” وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ” (التوبة: 47).

بقلم: هند درويش
ماجستير في التفكر في القرآن الكريم وعلاقته بالتفكير الإبداعي

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك