يعرف مرض السرطان (Cancer) علميّاً بأنه انقسام شاذ وغير طبيعي لمجموعة من الخلايا، ثمّ اجتياح وتخريب هذه الخلايا للأنسجة المجاورة، وأحياناً ينتشر إلى مناطق أخرى في الجسم عن طريق الدم والسائل الليمفاوي. هذه الخلايا السرطانية عمرها أبدي فمهما طال عمرها لا تشيخ ولا تضعف ولا تتوقف عن التكاثر ولا تموت إلا إذا جاءها عدومن الخارج كالعلاج الكيماوي، في حين أنّ الخلية السليمة تنقسم وتتكاثر لأجلٍ محدود وعمرها محدود فيأتيها الموت من داخلها باستنفاد الطاقة الحيوية الكامنة فيها.
النمو غير المسيطر عليه والاجتياح والتفشّي من الخصائص الأساسيّة للأورام الخبيثة التي يمكن تمييزها عن الأورام الحميدة. يُعزى حدوث الشذوذ في المادة الوراثية للخلايا المتحولة السرطانية إلى أسباب كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، خاصةً في القرن الحالي المليء بالمواد المعدلة جينياً، والصبغات، والهرمونات الضارة، وأشعة الأجهزة الإلكترونية الضارة كإشعاعات جاما وبيتا وأشعة إكس، والتدخين والمواد المهيجة كالأسبستوس (Asbestos )، والالتهابات، والفيروسات، والمواد القطرانية كالبنزوبايرين ( benzobyrene ) وبعض أنواع المبيدات الحشرية.
يمكن أن يصيب السرطان الشباب والشيوخ والنساء وحتى الأجنة، ولكن تزداد نسبة الإصابة مع التقدّم بالعمر. وحسب جمعية السرطان الأمريكية فإنّ 1 من كل 4 أشخاص مصاب بالسرطان أي ما يقارب 1500 شخص يموت بالسرطان يومياً، كما أنّ هناك أكثر من مئة نوع من السرطان، ولكن خمسة منها مميتة وبشكل خاص لدى النساء، وهي :
- سرطان الرئة.
- سرطان الثدي.
- سرطان البنكرياس.
- سرطان القولون.
- سرطان المبيض .
بإمكان مرض السرطان أن يؤثّر على مختلف أنسجة الجسم أيّاً كانت، وقد يَختلف شكله حسب المنطقة المصابة، ومعظم أنواع السرطان تُسمّى حسب نوع الخلايا أو حسب العضو الذي نشأت فيه، لذلك إذا انتشر سرطان ما فإنّ الورم الثانوي (في المنطقة التي انتشر اليها) يأخذ نفس اسم الورم الابتدائي.
نسبة حدوث سرطان ما فتعتمد ربّما على الجنس؛ إذ يُعتبر سرطان الجلد أكثر أنواع السرطانات الخبيثة انتشاراً عند كلا الجنسين، وسرطان البروستات ثاني أكثر الأورام انتشاراً عند الرجال ومثله سرطان الثدي عند النّساء، ومع ذلك لا تُعتبر نسبة الحدوث مِقياساً لخطورة السرطان، فسرطان الجلد قابل للعلاج عادةً، بينما يُعتبر سرطان الرئة السبب الرئيسي للوفاة عند كلا الجنسين في الولايات المتحدة الامريكية. ولا تعتبر الأورام الحميدة سرطاناً بل الخبيثة منها، وكذلك فإنّ مرض السرطان ليس مُعدياً.
أعراض السرطان
هناك العديد من الأعراض التي تظهر على من يصاب بإحدى أنواع السرطانات، فبعض هذه الأعراض والعلامات تكون عامّةً يُعاني منها معظم مرضى السرطان مهما كان نوعه وبعضها تظهر بشكل خاص في أنواع مُحدّدة من السرطان، أمّا الأعراض العامّة فقد تأتي مصاحبةً لأمراض أخرى غير السرطان لذلك لا يعني وجودها إصابةُ الشخص بالسرطان بالضرورة، ولكن يجب على من يعاني منها مراجعة الطبيب إذا استمرّت هذه الأعراض لفترة طويلة أو إذا ازدادت سوءاً. ومن هذه الأعراض العامّة:
الفقدان غير المبرّر للوزن: إذ إنّ معظم مرضى السرطان سيعانون من فقدان الوزن في مرحلة ما، ويكون فقدان الوزن غير مبرر إذا حدث دون أي سبب معروف. ومن الممكن أن يكون الفقدان غير المبرر لأكثر من 10 باوندات( أي ما يعادل 4.5 كغ) العلامة الأولى للإصابة بالسرطان، وغالباً ما يحدث هذا في سرطان البنكرياس والمعدة والمريء والرئة.
ارتفاع درجة حرارة الجسم: ويعتبر عرضاً شائعاً للسرطان، ولكنّه يحدث على الأغلب في حالة انتشاره، وتقريباً جميع مرضى السرطان سيعانون من الحمّى، خصوصاً إذا أثّر السرطان أو علاجه على جهاز المناعة في الجسم، مما يُصعّب من مهمّة الجسم في محاربة العدوى، وقليلاً ما يكون ارتفاع الحرارة أولَ الأعراض مثلما هو في سرطان الدّم.
الإعياء: وهو الشعور بتعبٍ شديدٍ لا يتحسن حتى مع الاستراحة، ومن الممكن أن يكون عرضاً مهمّاً يدلّ على تفاقم المرض، ولكنه قد يحدث مبكراً في بعض أنواع السرطانات مثل سرطان الدم، وهنالك طريقة أخرى كي يُسبّب السرطان التعب الشديد وهي فقدان الدم غير الظاهر كما يحدث في سرطان المعدة والقولون.
الشعور بالألم: قد يكون الألم عرضاً مبكراً في بعض السرطانات كسرطان العظم وسرطان الخصية، وكذلك ألم الرأس غير القابل للتحسّن حتى مع تناول الأدوية قد يصاحب سرطان الدماغ، أما ألم الظَّهر فقد يكون عرضاً لسرطان القولون أو المستقيم أو المبيض، وفي معظم الأحيان يعتبر وجود الألم كعرضٍ للسرطان إشارة على انتشار المرض.
تغيّرات في الجلد: بالإضافة الى سرطان الجلد تسبب عدة سرطانات هذه التغيرات؛ كفرط تصبّغ الجلد ( فيصبح لون الجلد أغمق)، واصفرار الجلد والعينين، واحمرار الجلد، والحكّة، وتزايد نمو الشعر.
وهنالك أيضاً أعراض وعلامات محددة تصاحب أنواعاً معينةً من السرطان، وتواجدها لا يعني إصابة الشخص بالسرطان، ومن هذه الأعراض:
تغيّرات في الإخراج أو التبول: فمثلاً قد يدلّ الإمساك لفترة طويلة أو الإسهال أو التغيّر في حجم البراز على الإصابة بسرطان القولون، وكذلك الإحساس بألم عند التبوّل، أو وجود دم مع البول أو تغير في عادة التبول ( كالحاجة للتبول أكثر من المعتاد) قد يكون مرتبطاً بسرطان المثانة أو البروستات.
تقرحات في مختلف مناطق الجسم: فسرطان الجلد قد يُسبّب تقرحات لا تختفي مع الأدوية وقد تنزف في بعض الأحيان، وقد يصاحب سرطان الفم وجود تقرحات لا يمكن شفاؤها أيضاً، وكذلك وجود تقرحات في القضيب أو المهبل قد يدل إما على التهابهما أو على إصابتهما بالسرطان.
بقع بيضاء داخل الفم أو نقاط بيضاء على اللسان: حيث قد يمثل وجودهما ما يُسمّى بالطلاوة الفموية؛ وهي عبارة عن بقعة محتملة التسرطن تنتج من التهيّج المتكرر، وتصيب عادةً المدخنين، ومن الممكن أن تتطور إلى سرطان الفم.
ظهور كتلة في الثدي أو في مكان آخر من الجسم: إذ إنّ ظهور الكتل يُعتبر عرضاً شائعاً لسرطان الثدي والخصية والغدد اللمفاوية، وفي حالة ظهورها يجب الانتباه لأي تغير عليها كأن يزداد حجمها مثلاً عندها تجب مراجعة الطبيب.
عسر الهضم وصعوبة في البلع: وقد يكونا عرضين لسرطان المريء والبلعوم والمعدة، ولكنّهما كباقي الأعراض المذكورة تنتجان عن أمراض بشكل أكثر شيوعاً من السرطان.
السعال المستمر وبحّة الصوت: فمن الممكن أن يصاحب سرطان الرئة سعال مستمر غير قابل للعلاج، وقد تدلّ بحّة الصوت على الإصابة بسرطان الحنجرة أو الغدة الدرقيّة.
عوامل تزيد من فرصة الإصابة بالسرطان
هنالك عدّة عوامل بيئية وجينية قد تزيد من فرصة الإصابة بالسرطان. على كل حال، ليس بالضرورة أن يصاب الشخص بالسرطان إذا كان عرضة للمسرطنات أو كانت لديه إحدى عوامل الخطورة. ومن هذه العوامل:
وجود تاريخ عائلي بالإصابة بالسرطان وتواجد عوامل جينية: فقد تزيد فرصة الإصابة بالسرطان إذا تواجدت مثل هذه العوامل الجينية، وقد تساهم العوامل البيئية في تحفيزها، كما عند الأشخاص المصابين بمتلازمة داون حيث تزيد نسبة إصابتهم بسرطان الدم بمعدل 12 إلى 20 ضعفاً.
العمر: فهنالك بعض أنواع السرطان يُصاب بها الأطفال على وجه الخصوص، ولكنّ معظم أنواعه تصيب البالغين؛ إذ تشير إحدى الدراسات أنه في الولايات المتحدة الأمريكية توجد أكثر من 60% من السرطانات تصيب الأشخاص الأكبر من 65 عاماً.
العوامل البيئية: كالتدخين أو التعرّض للمُلوِّثات في الهواء أو الماء كالصوف الصخري والمخلفات الصناعيّة، وكذلك التعرّض للمبيدات الحشرية أو لمختلف أشكال الأشعة.
الغذاء: فمثلاً تناول وجبات غنية بالدهون غير المشبعة قد يزيد من فرص الإصابة بسرطان القولون والثدي والبروستات، وكذلك وُجد أنّ شرب كميات كبيرة من الكحول مرتبط بالإصابة بسرطان الرأس والعنق وسرطان المريء.
تناول بعض الأدوية: فمثلاً الأستروجين الموجود في حبوب منع الحمل قد يزيد بنسبة طفيفة من فرصة الإصابة بسرطان الثدي، ولكن هذه النسبة تقل مع مرور الوقت.
الإصابة بالالتهابات: كتلك التي يسببها فيروس الورم الحليمي المرتبط بسرطان عنق الرحم عند النساء وسرطان الشرج والقضيب عند الرجال.
علاج السرطان
توجد أكثر من طريقة لعلاج السرطان، وهو طريق طويل متعب ويحتاج إلى عزمٍ وإصرار، يبدأ العلاج بأخذ خزعةٍ نسيجية وتحليلها للتأكد من وجود السرطان بشكل قاطع على الرّغم من وجود دليل أولي قائم على ملاحظة الأعراض والصور الشعاعية، كما أنّ الكشف المبكر عن الورم السرطاني هو العامل الأساسي للشفاء والعلاج .
يتمّ القضاء على السرطان بسلسلة متتابعة من العمليات الجراحية والكيماوية والإشعاعية. وقد شهد القرن الواحد والعشرين تطوّراً كبيراً في مجال عقاقير علاج الأورام الخبيثة؛ حيث تقوم هذه العقاقير على التعرّف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها دون التعرّض للخلايا السليمة والإضرار بها أو على الأقل الحد الأدنى للضرر. وبشكل عام فإنّ مصير مرضى السرطان يتأثر بالمرحلة التطورية للسرطان ونوعه ونوع المعالجة التي سيتلقاها ويستجيب لها جسمه.
جمع و اعداد
د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
قسم وقاية النبات – كلية الزراعة – جامعة سوهاج
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر
التعليقات