الجمعة - الموافق 22 نوفمبر 2024م

منهج النبي في التعامل مع غير المسلمين وفتن آخر الزمان – بقلم: هند درويش

 

المسلم الذي يعبد الله على بينة (علم) المتبع لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم، تجد رؤيته صحيحة عن الإسلام ، يرى أن دعوة النبي أساسها الرحمة والهداية وإخارج الناس من الظلمات إلي النور، ويتمنى أن يدعوهم إلى الله وهدايتهم إلى الصراط المستقيم خوفا عليهم من عذاب يوم عطيم، ولكن المتشدد والمتعصب الغير متفكر في آيات القرآن الكريم في صورة كلية تجده يكن لغير المسلمين العدواة والبغضاء والحقد، بل قد يصل الأمر عند الكثير من المتطرفين فكريا عن نهج النبي صلى الله عليه وسلم، استحلال دمائهم واباحة قتلهم، وهذا ابعد ما يكون عن نهج النبي صلى الله عليه وسلم، الذى لم يقتل عمه ( أبي طالب )، ولم يأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، بالرغم من أنه بقى على كفره حتى مات، وأمرنا الله بالإقتداء بالنبى ” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ” وفي ذلك حكمة من الله وحجة دامغة في الدنيا والآخرة على كل من يدعى أن الإسلام يستحل دماء غير المسلمين.

قال تعالى: ” لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ” .
وفي تفسير السعدي: لا ينهاكم الله -أيها المؤمنون- عن الذين لم يقاتلوكم من الكفار بسبب الدين, وأخرجوكم من دياركم أن تكرموهم بالخير, وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم وبركم بهم.
تفسير الطبري: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، من جميع أصناف الملل والأديان أن تبرُّوهم وتصلوهم، وتقسطوا إليهم، إن الله عزّ وجلّ عمّ بقوله: ( الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ) جميع من كان ذلك صفته، فلم يخصصْ به بعضًا دون بعض.
ولكن آمرنا الله بأن نقاتل الكفار الذين يصدون الناس عن سبيل الله ويخرجون المسلمين من ديارهم، ويحاربون الله ورسوله حتى يكون الدين كله لله أي حتى تكون كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ” وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ {البقرة:193}. وقد جاءت الآية الكريمة في سياق حديث القرآن عن الأمر بقتال الكفار بعدما طغوا وتجبروا وأخرجوا المسلمين من ديارهم، قال الله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ”
” إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ” ( الممتحنة:9).

إذا كان هذا هو هدى النبي فى التعامل مع غير المسلمين، فمن الغريب والمثير للدهشة أن نجد في هذا الزمان قتل المسلمين بعضهم لبعض بل ويعتبرونه جهاد في سبيل الله، بدلا من محاربة العدو، وهذا ما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم وانها من فتن آخر الزمان ” أَنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ الْهَرْجَ “. قِيلَ: وَمَا الْهَرْجُ؟ قَالَ: ” الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ “. قَالُوا: أَكْثَرُ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ. قَالَ: ” إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمُ الْكُفَّارَ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا……. حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ ” (رواه أحمد في مسنده).
” زَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ ” ( رواه الترمذي ).
لقد حرم الله قتل نفس مؤمنة بغير حق ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [النساء: 93].
” وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا ”
أكثر حاجة أدت إلي انقسام المسلمين إلي أحزاب وطوائف هو الأخذ ببعض آيات القرآن وترك البعض الآخر، وهذا ما نهانا الله عنه ” أفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ” ( البقرة: 85)

” إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينهمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْت مِنْهُمْ فِي شَيْء إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّه ثُمَّ يُنَبِّئهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ” ( الأنعام : 159 )
وفي تفسير الدكتور راتب النابلسى: أن الله سبحانه وتعالى يبلغ نبيه أن من يفرق الدين إلى أحزاب وطوائف ليس على منهجك يا محمد. شأن الله مع المؤمنين أن يوفق بينهم، وشأن الشيطان مع المؤمنين أن يفرق بينهم، فأي إنسان يؤلف تابع لمنهج الله، وأي إنسان يفرق تابع لمنهج الشيطان.

فالإسلام دين يدعو للرحمة وحب الخير للبشرية ولم يأمر بقتل أي إنسان حتى ولو كان كافر مادام لم يؤذينا ولم يحارب ديننا، إذن علماء الفتنة ( المذاهب والأحزاب الطائفية) الذين يأمرون بسفك دماء المسلمين في كل بقاع الأرض إلي أي دين ينتمون، وعلى أي آية أو حديث يستندون؟!!!
صدق الله العظيم ” ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ” (الروم: 30)

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك