الإثنين - الموافق 23 ديسمبر 2024م

من أهم الأمراض التي تسببها الفئران

لم تكن الهواجس من انتقال الأمراض من القوارض للإنسان حديثة العهد، بل كانت قديمة جدا، فكان الفراعنة يرسمون القط كعدو للقوارض وصديق للإنسان ويتعاملون معه بقدسية عالية. كما أن هناك في العقائد الهندية القديمة بأن القوارض هي مخلوقات لها صفات الآلهة، ولا يزال الآن في معبد (دشنوك) في الهند يعيش أكثر من عشرة آلاف من الجرذان داخل المعبد، يقدم لها الطعام وتكرم، وهذا سلوك وثني واضح.
أما في التاريخ البابلي القديم فقد وجد العلماء أن سكان العراق القديم، كانوا يستخدمون القير والزفت في البناء، لا لربط مواد البناء ببعضها، بل لمنع دخول القوارض.
أثبت العلم الحديث أن هناك مجموعة من الأمراض تنتقل عن طريق الجرذان، إما عن طريق تناول المواد الغذائية الملوثة بالبراز والأتربة التي تختلط ببول وبقايا القوارض، أو عن طريق التنفس، من خلال تلوث الهواء بذرات الغبار الملوث ببقايا القوارض، أو عن طريق كائنات حية وسيطة كالقمل والبراغيث التي تمتص دم القوارض وتعاود لامتصاص دم الإنسان.
ومن الأمراض التي تنتقل للإنسان عن طريق القوارض، (السالمونيلا) والطاعون والحمى النزفية والتولاريميا والتهاب الكبد واللشمانيا وغيرها من الأمراض .وسنمر على أهم تلك الأمراض باختصار شديد.
1- الطاعون: (Plague)
عرف الإنسان مرض الطاعون منذ أكثر من خمسة آلاف عام، ولكن إحصائيات الموتى منه التي دونت، كانت في عام 522 أو 542 ميلادي، حيث انتشر من مصر إلى ما حولها واستمر ستين عاما قضى خلالها على مائة مليون ضحية. كما أنه انتشر في أوروبا الغربية لمدة خمسة سنوات بين عامي 1345و 1350م وأطلق عليه اسم الموت الأسود وراح ضحيته 43 مليون إنسان. وفي عام 1660م كان عدد الوفيات في مدينة لندن كل أسبوع عشرة آلاف. وفي موسكو عام 1700 كانت الوفيات مشابهة لوفيات لندن، وفي مارسيليا قتل عام 1720 ما يزيد عن 68 ألف إنسان. وفي اسطانبول قتل الطاعون عام 1802 ما يقارب 150 ألف نسمة. وفي الهند عام 1896 انتشر من مدينة بومباي واستمر عشرة سنوات فقتل 3.5 مليون إنسان.
في عام 1894 اكتشف عالمان أحدهما ياباني (Kitazato) والآخر فرنسي(Yersin)، لكن كل على حدا، ودون التنسيق فيما بينهما، بأن هناك علاقة بين الطاعون والبكتيريا ( (Pasterella pestis التي وجدت في دم وإدرار وبراز القوارض المريضة. وفي عام 1897 وجدت العلاقة للبرغوث كناقل للمرض من القوارض للإنسان.لقد وجد أن هناك 200 نوع من القوارض في العالم تنقل الطاعون، وأهمها الجرذ الأسود والجرذ النرويجي. وتستطيع جرثومة الطاعون البقاء حية لعدة شهور في أعماق الجحور حيث تتلاءم الظروف هناك.
وهو من أهم الأمراض التي تنتقل للإنسان تلعب القوارض الدور الرئيسي فيها مرض الطاعون الذي يعتبر من أخطر الأمراض حيث أهلك الملايين في العالم والذي اصيبت به مصر منذ عام 1899 – 1940 بصورة متقطعة ثم أقتصر حدوثه منذ عام 1941- 1947 في بعض المناطق الساحلية ويسبب هذا المرض بكتريا Pasterella pestis وينقلها اساسا برغوت الأر الشرقي.
أ‌- الطاعون Plague
مرض معد حاد يتميز بحمى مرتفعة مع أعراض تسمم بالدم وصدمة مع هبوط في ضغط الدم وسرعة في النبض مع عدم انتظامه والقلق والإعياء والهلوسة والغيبوبة وكثيراً ما يحدث احتقان في ملتحمة العين وقد يصل إلى درجة النزف. ويظهر مرض الطاعون في ثلاثة صور وهي :
 الطاعون الدملي Baboeic plague
وهو أكثر شيوعاً وفيه تستقر الميكروبات في بعض الغدد الليمفاوية في الأرب والإبط والعنق ويؤدي هذا إلى التهاب هذه الغدد وتتعمق نوعاً ويمتد الالتهاب لما حول الغدد فيتكون ما يشبه الدمل وقد ينصرف أو يتقيح ويحتاج لفتح وقد تسوء حالة المريض ويتحول إلى طاعون تسممي أو طاعون رئوي.
 الطاعون التسممي Septicaemic plague
وهو نادر الحدوث عن الدملي وفيه تستمر الأعراض العامة السابق ذكرها دون ظهور التهاب الغدد الليمفاوية وتنتهي الحالة غالباً بالغيبوبة والوفاة.

 الطاعون الرئوي Pneumonic pleague
وغالباً ما يحدث كمضاعف للطاعون الدملي أو التسممي . ويسمى في هذه الحالة طاعون رئوي ثانوي ونادر ما يحدث كإصابة أولى للمرض ويسمى طاعون رئوي أولى وأهم أعراضه المميزة اللهث الشديد والبصاق المدمم.
ويتأكد تشخيص الطاعون باكتشاف المسبب النوعي وهو باسيل الطاعون Pasteurella في عينات من الدمامل أو الدم أو البصاق حسب الطاعون.
المستودع الطبيعي للطاعون هي القوارض البريه Wild rodents وتحدث بينها أو بينه دورية وقد تنقل العدوى .ومنها الفئران المنـزلية في الريف أو الحضر، حيث تلتقي بالقوارض البريه ومصدر العدوى المباشر للطاعون الدملى هو البرغوث المعدي وللطاعون الرئوي الرذاذ والبصاق المتطاير من المرضى بطاعون رئوي .
طرق نقل العدوى:
عندما ينتشر الطاعون بين الفئران فإنه يؤدي إلى وفاة عدد كبير منها فتترك البراغيث أجسام الفئران وتبحث عن مضيف مناسب فتهاجم الإنسان ويتم نقل العدوى بالطاعون الدملى في الإنسان بواسطة لدغة برغوث الفأر المصاب بانسداد في معدته (نتيجة تكاثر باسيلات الطاعون التي كانت موجودة في الدم الذي سبق وامتصه من فأر مريض بالطاعون ونتيجة لهذا الانسداد يرتد جزء من الدم ثانية محملاً بميكروبات الطاعون من معدة البرغوث إلى داخل جسم الإنسان .
أما في الطاعون الرئوي فتتم العدوى من المريض إلى مضيف جديد بواسطة الرذاذ الرئوي 3 إلى 4 أيام أو أقل.
والطاعون الدملي لا ينتقل من شخص لشخص إلا بعد تحوله إلى طاعون رئوي وتستمر البراغيث معدية لأيام وأسابيع وفقاً للظروف ولا تعيش البراغيث المصابة بانسداد في معدتها إلا من 3 إلى 4 أيام – أما الطاعون الرئوي فهو شديد العدوى وخاصة في الأماكن شديدة الازدحام وسيئة التهوية .

أمراض أخرى تصيب البشر تنقلها القوارض:
2- التولاريميا: Tularemia
مرض يصيب القوارض والأرانب، ومنها ينتقل الى الإنسان، وتعد القوارض من أهم الخازنات لبكتيريا هذا المرض المسماة (Tularence) وينتشر هذا المرض في كل أنحاء العالم، وهو مرض مميت ينقله القراد والبعوض، من فضلات القوارض التي تهرب من البرد والحر وتلتجئ للعمارات وقرب الإنسان. وأكثر فترات تناقله تحدث بين شهري حزيران/يونيو الى أيلول/سبتمبر. وتستطيع البكتيريا المسببة للمرض أن تحتفظ بحيويتها بين 247ـ 530 يوما. وأكثر الإصابات تحدث عند السكان القريبين من البساتين والمساحات المائية.
3- اللشمانيا:Leishmaniasis
اللشمانيا مرض جلدي معروف في العراق باسم (حبة بغداد)، منه الرطب والجاف، والمرض منتشر في ايران وآسيا الوسطى وروسيا. وتعتبر القوارض خازنا لبكتيريا هذا المرض والإصابات السنوية فيها تزيد 40% وتنتقل الى الإنسان عن طريق اللسع في الأذان والمناطق الحساسة المكشوفة في الإنسان بواسطة البعوض.
4- التهاب الكبد المعدي:
ينتشر هذا المرض في أنحاء عديدة من العالم. ويصيب الإنسان والقوارض والمواشي والكلاب.ويعيش ميكروب هذا المرض في (كلى) الجرذان ويطرح مع الإدرار، فيصاب الإنسان إذا ما لامس الماء أثناء السباحة في مناطق ينتشر بها المرض، أو من خلال غبار المخازن المتواجد داخلها الجرذان المصابة، أو تناول أغذية مرت عليها الجرذان. ومن أعراضه الحمى والقشعريرة وآلام الجسم والتقيؤ، وهناك أعراض أخرى غير مباشرة كاليرقان والتهاب السحايا وأنزفة الجلد المخاطية.
ويجب التذكير بأن المواشي والخنازير والكلاب أكثر أهمية من القوارض في نقل المرض للبشر.
5- التيفوس Murine typhus :
يصيب هذا المرض الإنسان والقوارض، وهو من الأمراض واسعة الانتشار، وقد شُخِص أول مرة كمرض وبائي عام 1939 في الاتحاد السوفييتي، ووصلت ضحاياه السنوية في الولايات المتحدة الأمريكية الى 5000 ضحية في ذروتها عام 1940. ومسببه هو Rickettsia typhi وهو ميكروب يعيش على براز البراغيث التي تعيش على القوارض. والخطورة ليست من لسعة البرغوث بل من البراز الذي يوجد بقرب اللسعة، فعند حك الإنسان مكان اللسعة فيدخل الميكروب الى الدم. وقد كان لاكتشاف ال(DDT) الأثر الأكبر في تقليل خطورة هذا الوباء.
6- السالمونيلا Salmonellosis:
يضم جنس السالمونيلا حوالي 600 نوع Serotypes من البكتيريا الممرضة للإنسان والحيوانات (المواشي و الخنازير و القوارض والطيور)، وتُعَد أنواع هذه المجموعة من البكتيريا من مسببات التسمم الغذائي الذي يصل حد الإصابة المميتة. وتحدث الإصابة عن طريق تناول غذاء ملوث بتلك البكتيريا. وقد شخصت القوارض كناقل للمرض عن طريق البول والبراز الذي تضعه في الحقول والمخازن قرب المواد الغذائية. ودور فأر البيت هو أكثر خطورة من جرذان الحقل.
7- التهاب السحايا والمشيمة الخلوي اللمفي Lymphocytic
مرض فيروسي يصيب فئران البيوت، ولم تكتشف علاقة الفأر إلا من وقت قريب بعد أن عزلت فيروسات من أحشاء فأر البيت، فوجد أن 50% من مسببات المرض تصل عن طريق فئران البيت. يبدأ المرض بأعراض تشبه أعراض الأنفلونزا ثم تظهر أعراض المرض بعد عدة أيام، حيث تبدو على المريض حالات عدم اتزان ردود فعله والخمول (النعاس) وأحيانا الشلل، يشفى أكثر المرضى بعد عدة أسابيع من إصاباتهم ولكن هناك حالات مميتة.
8- حمي عضة الفأر :
الناتج عن تلوث الجروح بأنواع من الميكروبات من فم الفئران
9- السعار:
في بعض الحالات نتيجة لعضة القوارض.
10- التسمم الغذائي:
الذي يحدث نتيجة تلوث الغذاء ببراز القوارض التي تكون مصدر الإصابة بمسببات التسمم: الدوسنتاريا الباسلية والأمبية ومسببات التيقود عن طريق براز القوارض.
11- الإلتهاب السحائي وشلل الأطفال نتيجة بعض الفيروسات:
علاوة علي بعض الأمراض الطفيلية مثل الديدان الورقية من جنس Heterophusوديدان البلهارسيا من جنس Schztasoma والديدان الأسطوانية من جنس Trichynella spinalis التي لم يثبت وجودها في مصر كما تنقل الفئران أمراض آخري مثل Rickettsisa pox وهي نوع من التيفوس يقوم حلم القوارض بنقلها للإنسان.

وفي النهاية تلعب القوارض دور هام جدا في تأثيرها علي التنمية في العديد من المجالات مثل المجال الزراعي والصناعي والصحي والسكاني ولابد من اهتمام البحث العلمي لهذه الافات الخطيره في البحث عن احدث الاساليب الامنه بيئيا في برامح مكافحتها، وتطبيق الحكومات والجهات المختصه لذلك .

د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
استاذ مساعد علم الحيوان الزراعي
قسم وقاية النبات – كلية الزراعة – جامعة سوهاج
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك