الثلاثاء - الموافق 21 مايو 2024م

 (2) “أهل مصر.. أمة قبل التاريخ” – بقلم الكاتب والباحث: محمد السني

 

أوضحنا سابقًا في مقالتنا الأولى بعنوان “الثورة والاستقلال الوطني”، كيف كان الاستقلال الوطني بمفهومه التقدمي، هدفًا

أساسيًا من أهداف الثورة المصرية (25-30)، عبر عنه الثوار برفع صور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في جميع ميادين الثورة، وكذلك بترديد الشعارات والأغاني الوطنية التي صبغت تلك الفترة من تاريخ مصر، وإذا كان الاستقلال الوطني أو السيادة الوطنية، من أهم وأعز ما تملك الشعوب، فإنه في الحالة المصرية وبعيدًا عن النزعة الشيفونية، له معنى وقيمة تتخطى ذلك بكثير، حيث ارتبط تقدمنا وتطورنا وتحضرنا دومًا بمدى الاستقلالية والاستقلال الذي تحظى به المحروسة، وتلازم التخلف والإنحطاط بفقد استقلالنا وتبعيتنا لمستعمر أجنبي، ويرجع ذلك لوحدة المصدر الوحيد للحياة والثروة في مصر وهو نهر ووادي النيل، وما يتطلبه ذلك من إدارة مركزية قوية وموحدة، وبذلك انعدام المراكز الاقتصادية المستقلة أو شبه المستقلة، وتمركز القوة والسلطة كاملة بيد الحاكم سواء وطني أو أجنبي، ومن ثم يكون دور الفرد الحاكم أكبر بكثير من الاقتصاديات اللامركزية، حيث تتعدد وتتنوع القوى الاقتصادية والاجتماعية،  وتوفر قدرًا من المنافسة والمناروة والمشاركة في السلطة، وأيضًا إفساح المجال أمام الحراك الاجتماعي، وهو ما كان شبه معدوم في الحالة المصرية، إلا أن هذا الوضع كان دافعًا للتطور والتقدم حيث سمح بإحداث وفورات اقتصادية هائلة ومبكرة تاريخيًا، إضافة إلى الاستقلالية الكاملة التي تميزت بها مصر نتيجة للاكتفاء الذاتي من عناصر الحياة الضرورية، والتي أدت إلى احداث نهضة حضارية عملاقه مبكرة جدً في تاريخ البشرية، حيث نمت وتطورت حضارة عظيمة للمصريين في عصر ما قبل التاريخ، وهذا ما نود التطرق إليه في مقالتنا هذه.

عصر ما قبل التاريخ هو مصطلح يطلق على الحقبة التي تسبق اختراع الكتابة عند قدماء المصريين وفي سومر في العراق تقريبًا بين 3400 – 3200 ق. م، تلك الحقبة تشكل العصور الجيولوجية والعصور الحجرية والتقسيمات الزمنية لهذه الحقبة الطويلة. وتشير المستحاثات (الأحافير أو المتحجرات) إلى أن الإنسان الحالي (الإنسان الحديث) لم يكن الوحيد على الأرض، وإنما الأخير فقط، إذ عاش قبله أنواع أخرى من البشر، ومن المثير أن الإنسان الراهن عاصر إنسانًا آخر لفترة حوالي 150.000 عام هو الإنسان المسمى “النياندرتال”، وحدث هذا حتى قبل حوالي 35 ألف سنة فقط. وقد فشل إنسان النياندرتال وانقرض في حين نجح الإنسان الحالي في تجربة “الصراع على البقاء”. ويعتقد العالم “ريتشارد كلين” أن النياندرتال انقرض بسبب الجوع، وأن هذا الأمر جرى بشكل سريع، حوالي مئتين من السنوات لكل مجموعة. هذا التوضيح يتطابق مع الصورة التي تظهر أن الإنسان الحديث كان يمر بمرحلة انفجار أو ازدهار إبداعي في فترة ماقبل 70 ألف سنة، رافقتها انتشار سريع في مختلف المناطق اجبرت الأنواع الأخرى من البشر على الانحسار. ورغم ظهور الإنسان الحديث كنوع منذ أكثر من 200 ألف سنة إلا أنه لم يبدأ الهجرة والتوسع بالانتشار إلا قبل 60-70 ألف سنة، وقد تطابق وقت هجرته مع فترة بدء ظهور زخم أكبر من الأدوات المتطورة والمنتجات الفنية. وإضافة إلى ذلك يظهر تحليل موروثات الإنسان الحالي أن جميع البشر خارج أفريقيا ينتمون إلى المجموعة نفسها التي تعيش في شرق أفريقيا. وهذا يقدم لنا صورة عن حدوث تغيير نوعي عند الأجداد الأوائل جعلهم أكثر قدرة على الإبداع مما مهد الطريق لانتشارهم بفترة قصيرة والتضييق على الأنواع الأخرى وإخراجها من حلبة المنافسة خاسرة. وهذا التغيير النوعي هو الأساس الذي جعل نوعنا متفوقًا على بقية الأنواع الإنسانية وهو الذي ميز الإنسان الحالي وخلق القدرة لدينا للإبداع، بدأت في الصيد ثم الزراعة فالثقافة.

ينقسم عصر ما قبل التاريخ إلى خمس فترات، أولها الفترة الضاربة في عمق التاريخ ما بين 70 مليون سنة – 100.000 سنة ق.م، وقد بدأ ظهور الإنسان على الأرض قبل نحو 2,5 مليون سنة “الإنسان المنتصب”. ثانيًا الفترة المتوسطة من ما قبل التاريخ، ما بين 100.000- 30.000 ق.م، وفيها كان ظهور “الإنسان الماهر” و “النياندرتال”، كما شهدت انتشار الإنسان الحديث على الأرض خارجًا من أفريقيا (حسب نظرية الخروج من أفريقيا). ثالثا الفترة العليا من ما قبل التاريخ، ما بين 30.000- 10.000 ق.م، وهي فترة انقراض النياندرتال وانتشار الإنسان الحديث في جميع بقاع العالم. رابعًا الفترة ما بين 10.000 – 5.500 سنة ق.م، أي العيش في جماعات وزراعة الأرض، حيث عاش الإنسان في أوروبا كصياد وجامع للثمار. وخامسًا الفترة ما بين 5500 – 3100 سنة ق.م، التي شهدت الحضارات الأولى على ضفاف الأنهار، قبل عصر الأسرات في مصر والعراق والهند والصين. وابتكار أدوات لزراعة الأرض وجني المحاصيل، وصناعة الفخار، وصناعة النسيج، واختراع الكتابة، والأساطير الأولى، فقد تعلم الإنسان الحديث قبل نزوحه من أفريقيا إلى أوروبا وآسيا على الأقل خمس حرف لم يعرفها إنسان النياندرتال ولم يتعلمها، وهي استخدام لون المغرة في التلوين (أصفر). وصناعة القوارب، وقد عبر الإنسان الحديث البحر الأحمر والبحار في الصين والهند وأندونيسيا إلى أستراليا، في حين أن النياندرتال لم يعبر حتى مضيق جبل طارق من أوروبا إلى أفريقيا ولم يسكن جزر البحر الأبيض المتوسط. وتعلم الإنسان الحديث صيد السمك بالزعف المجدول أو بالشبكة وما يشابهها. وطحن الحبوب، فقد كان النياندرتال لا يعبأ بها كصياد للحيوانات في الغابات الأوروبية. كما تعلم الإنسان الحديث المقايضة وتبادل الأشياء (البضائعويتضح ذلك من استخدامه حجر صوان أتى من مناطق بعيدة، كما كان يتزين بأنواع من المحار في مناطق بعيدة كثيرًا عن الشواطيء. وقد تكون الأشياء الحجرية التي كان النياندرتال يستخدمها مشابهة لما كان يستخدمه الإنسان الحديث، ولكنها كانت دائما من مصدر محلي. وبعد انزياح الإنسان من أفريقيا إلى أوروبا ثم حدوث العصر الجليدي جاء اختراع الإبرة، كما كان  ترويض الكلاب واستئناسها سابقا لترويض الإنسان للأبقار والدواب المفيدة الأخرى .

وفي مصر يمثل عصر ما قبل التاريخ، الفترة ما بين بدايات الاستيطان البشري في مصر وحتى بداية عهد الأسرات حوالي عام 3100 قبل الميلاد مع حلول عهد نارمر (مينا). حيث بدأت الحضارة في مصر قبل نحو 150.000 سنة، ويرجح أن الإنسان ظهر على أرض مصر لأول مرة منذ ذلك التاريخ، وقد وفد إليها أقوام من ليبيا ومن الصومال وقبائل آسيوية من الجنس السامي، وظل المصريون القدماء منذ أواخر العصر الحجري القديم (110 آلاف عام قبل الميلاد) فرعًا من سلالات البحر المتوسط الجنوبية، واعتبروا أنفسهم أمة قائمة بذاتها وأطلقوا علي أنفسهم “تاوي تم” أي أهل مصر أو ناس الأرض.

عاش المصريون خلال العصر الحجري القديم (230,000 – 12,000سنة ق.م) علي الهضاب حول النيل في كهوف من الصخور هربًا من قسوة الطبيعة والحيوانات البرية، وعاش الإنسان على صيد الحيوان، واستخدام الأدوات الحجرية. وبعد العصر المطير حدثت نوبات من الجفاف أدت إلى تجمع السكان في وادي النيل بعد أن أصبحت الصحراء فقيرة في مواردها من ماء ونبات وحيوان. وكانت أكبر انجازات هذا العصر اكتشاف النار واستخدمها القدماء المصريون في الطهي وتخويف الحيوانات المفترسة. كما استطاع الإنسان أن يتوصل إلى صناعة بعض أنواع بدائية من الفخار استعملها كأدوات له. وفي مناطق أخرى من العالم نشأت حضارة شبيهة لحضارة قدماء المصريين على شواطئ الأنهار في المناطق الدافئة، مثل بلاد الرافدين وفي الهند والصين ونيجيريا. أما في الشمال البارد مثل أوروبا فكانت الأمطار وفيرة وكثرت الغابات، وعاش الناس على الصيد، واستخدموا رماحًا لصيد الحيوانات، وكانوا يعيشون في جماعات صغيرة. وتبين الدراسة المقارنة لجماجم يرجع تاريخها إلى عصور ما قبل الأسرات والعصور التاريخية، أن مصر سكنت بعنصرين رئيسين، العنصر الأول أفريقي وكانت له جماجم متطاولة، والآخر جاء من شرق مصر وله جماجم مستديرة، وقد طغى الأخير على العنصر الأقدم (الزنجي)، وأكد الباحثون رأيهم هذا من خلال الآثار الرافدية والشامية التي عُثر عليها في مصر، فضلًا عن الخصائص اللغوية العربية الموجودة في اللغة المصرية القديمة، سواء من حيث المفردات أو النحو، وكذلك عبادة الآلهة التي أدخلها المهاجرون العرب الشرقيون إلى مصر، وكان من أعظم الآلهة “الإله حورس” وهو إله عربي شرقي ينطبق وصفه على الصقر الحر العربي تسمية وشكلًا.. ثم كان العصر الحجري الوسيط، ويمتد هذا العصر من 12000 إلى 8000 ق.م، ويعد مرحلة انتقالية بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، ويعد أهم المراحل الثلاثة حيث ظهرت صناعات حجرية وانتشرت صناعة الآلات وتطورت، وخلاله ازداد الجفاف وقل المطر وانتشرت الأحوال الصحراوية.. وبظهور العصر الحجري الحديث (6000 – 3200 ق.م)، تغيرت الأحوال المناخية، بعد أن قلت الأمطار وساد الجفاف واختفت النباتات في أواخر العصر الحجري الوسيط، وعندها اضطر الإنسان إلى ترك الهضبة واللجوء إلى وادي النيل (الدلتا والفيوم ومصر الوسطى) بحثًا عن الماء، وقد تعددت إبداعات الإنسان الحضارية وتنوعت في هذا العصر، بحيث يمكن القول إن ثورة حضارية متعددة المظاهر قامت في هذا العصر، فقد أصبح الجفاف في المشرق العربي القديم حقيقة واقعة فالطبيعة أصبحت غير قادرة على تقديم الطعام له، ولذلك هاجر الإنسان من الصحاري إلى السهل الرسوبي على جانبي النيل والدلتا، بعد أن أخذ النيل شكل مجراه الحالي منذ نحو 14000ق.م، وفي هذه البيئة الجديدة اهتدى الإنسان إلى الزراعة، وأنتج الحبوب مثل القمح والشعير، واستأنس الحيوان واعتنى بتربية الماشية والماعز والأغنام، وعاش حياة الاستقرار والنظام والإنشاء بدلًا من حياة التنقل، وأقام المساكن من الطين والخشب، فظهرت التجمعات السكانية على شكل قرى صغيرة، واعتنى الإنسان بدفن موتاه في قبور، كما تطورت في هذا العصر صناعة الآلات والأدوات حيث تميزت بالدقة وصغر الحجم، وارتقاء صناعة الأدوات والأسلحة، وأخيرًا صناعة الأواني الفخارية. وهكذا نشأت التخصصات وقامت المشاغل لإنتاج الفخار والأدوات الزراعية وأدوات الزينة، مما أدى إلى نشوء الحرف، وأخيرًا لابد من الإشارة إلى ظهور الإدارة في هذا العصر، وقد ساعد على وجود إدارة مبكرة في مصر عاملان رئيسان، الأول حاجة المجتمع الزراعي إلى الأمن الذي يحفظ له محصوله من عبث العابثين، والثاني طبيعي يتمثل بإحاطة مصر بصحراوين قاحلتين، لا يستطيع الإنسان تجاوزهما، لأن جفاف الصحراء سيقتله.

عرف المصريون القدماء المعادن مثل النحاس والبرونز والذهب وذلك خلال عصر المعادن، وهو العصر الذي يلي العصر الحجرى الحديث، وينتهي ببداية عصر الأسرات في مصر القديمة، وفي هذا العصر ومن هذه المعادن صنعوا أدواتهم وآلاتهم وحليهم. في البداية كان النحاس أوسع المعادن انتشارًا، وعرفت هذه الحقبة بالعصر النحاسي (4500 – 3200)، حيث كان لوجود المصريين المستمر في سيناء أثره في الكشف عن المعادن وأولها النحاس الذي استخدم في بادئ الأمر لصناعة الحلى للنساء، ثم بدأ عصر جديد لتقدم الإنسانية بصنع القدماء الإبرة النحاسية وهي أول أداة صناعية معدنية استخدمها الإنسان. كذلك استخدم المصريون منذ بداية هذا العصر الذهب في صناعة الحلى، ثم كان عصر البرونز، والبرونز هو سبيكة تحتوي بنسبة 90% على النحاس و10% قصدير، وإبتكرت تلك السبيكة قرب نهاية الألفية الرابعة قبل الميلاد (نحو 3800 قبل الميلاد)، والبرونز أشد صلابة من النحاس وأمكن صناعة الأزاميل منه لتقطيع الأحجار، كما ارتقت صناعة نسيج الأقمشة والجلود والعاج، وتطورت صناعة الخزف، وبدأ الفن المصري القديم في الظهور مع نقش الأواني، كما تطورت مساكن القدماء وأصبحت تبنى من الطوب اللبن والخشب وبدأ استخدام الأثاث والوسائد من جلود الحيوانات. ورغم أن النحاس كان أكثر المعادن استخدامًا في تلك الفترة، لكن استعمال الأدوات الحجرية كان هو الغالب، وأهم ما يميز هذا العصر ظهور بعض العبادات، مثل تقديس الإنسان لبعض الحيوانات. وينبغي الإشارة إلى أن البذور الأولى في الفن والدين والإدارة والكتابة واللغة قد نمت في هذا العصر، وقد سادت في هذا العصر حضارتان، الأولى “حضارة نقادة” قامت في أقصى جنوبي مصر بالصعيد، ولذلك كانت نشأتها ذاتية لم تؤثر ولم تتأثر بغيرها من الحضارات، والثانية “حضارة جرزة” قامت في شمالي مصر، ولذلك أثرت وتأثرت بالحضارة الرافدية والسورية، ويشهد على ذلك الآثار الصوانية والمقامع الفلسطينية والآثار الرافدية المتعددة من فخار وأختام أسطوانية ومظاهر فنية، وقد عد الباحثون وصول هذه الآثار إلى مصر دليلًا على وصول هجرة بشرية عظيمة إليها من المشرق العربي القديم، وقد حملت معها إلهها حور الذي مثله الصقر الحر العربي في الحضارة المصرية القديمة، ولذلك سُمي المهاجرون «شمسوحور» أي عباد حورس، وقد طبعت هذه الهجرة مصر بطابعها اللغوي والديني والفني والبشري إلى حد بعيد. وكان من أهم مظاهر سيادة عُباد حورس، اعتلاؤهم عرشي مملكتين واحدة في الدلتا والثانية في الصعيد، وقد تُوج ملوك كل مملكة بتاج خاص بمملكتهم، واستطاع الشمال الذي اتخذ من “دمنهور” الحالية عاصمة له، أن يوحد مصر بضم الجنوب إليه، وليس من المستبعد أن “اون” (هليوپولس أو عين شمس) كانت عاصمة مصر الموحدة، ولكن هذه الوحدة لم تدم طويلًا، فقد انفصل الجنوب عن الشمال وأصبحت مصر تتكون من مملكتين ولكل منهما عاصمة سياسية وأخرى دينية، ومعبود وملك وتاج، أما فيما يتعلق باللغة والكتابة المصريتين، فقد تأثرت اللغة المصرية بالمهاجرين الذين قدموا إلى مصر منذ نهايات العصور الحجرية، نتيجة للجفاف الذي ألم بمنطقة الصحراء الكبرى الأفريقية، كما وصلت إلى مصر هجرات قدمت من بلاد الشام عن طريق سيناء وطريق باب المندب والبحر الأحمر عمومًا. وهكذا طُبعت اللغة المصرية القديمة بطابع عربي سواء بنحوها أم مفرداتها.

تعددت حضارات وثقافات وديانات مصر قبل التاريخ، ويرجع ذلك لاتساع رقعة البلاد، وتنوع الروافد الثقافية، والتنوع النسبي البيئي والمناخي، وكانت حضارة “مرمدة بني سلامة” حوالي 4800 – 4300 ق.م، باكورة هذه الحضارات، وهي قرية صغيرة تقع فى جنوب غرب الدلتا بالقرب من قرية “الخطاطبة”، على بعد حوالى 50 كم شمال غرب القاهرة، وتتبع إداريًا مركز “إمبابة”، محافظة الجيزة، وقد أظهرت الاكتشافات الأثرية التى تمت فى هذه القرية أن سكانها قد مارسوا الزراعة، وتوصلوا إلى طريقة تخزين الحبوب فى مطامير (صوامع) من الخوص والقش، وأنهم قد مارسوا أيضًا صناعة الفخار، وحاولوا أن يضفوا عليه طابعًا جماليًا عن طريق زخرفة سطوحه بعناصر زخرفية بسيطة، ويستدل من آثار “مرمدة” على أن أهلها كانوا يرعون الماشية، ويطحنون الغلال على الرحى، وأنهم صنعوا رؤوس سهام مثلثة الشكل، كما عرفوا صناعة النسيج، فنسجوا ملابسهم من الكتان، وتزينوا ببعض الحلى على هيئة خواتم وأساور من العاج، وعقود من الخرز، وعرف سكان “مرمدة” نوعين من المساكن، كلاهما بيضاوى الشكل، ولكنهما يختلفان فى مادة وأسلوب البناء، فالنوع الأول كان يُبنى من كتل من الطين، ويقع أساسه تحت مستوى سطح الأرض، أما الثاني فكان يُبنى من البوص، وعلى مستوى سطح الأرض، وذلك بأن شيدوا مساكنهم فى صفوف تكاد تكون مستقيمة، يفصل بينها شارع ضيق، وأُعتبر ذلك تفكيرًا مبكرًا في أسلوب تخطيط المدن، وكان أهل “مرمدة” يدفنون موتاهم بين مساكنهم، وليس فى جبانة خاصة كما هو الحال فى بقية المراكز الحضارية الأخرى فى مصر، ومازالت هذه الحضارة غير معروفة كباقي الحضارات.. وفي العصر النحاسي تكونت “حضارة البداري”، وهي تنسب إلى قرية “البدارى” الواقعة فى محافظة أسيوط، وتعتبر هذه الحضارة أكثر تطورًا من حضارة “مرمدة بنى سلامة”، على اعتبار أن العصر النحاسي أكثر تطورًا، وفيه بدأ الإنسان استخدام النحاس فى صنع أدواته، وتشكل حضارة “البداري” العنصر الأول لعصر ما قبل الإسرات، بمعنى أنها كانت تختلف اختلافًا جذريًا عن ما سبقها من حضارات العصر الحجرى الحديث، وقد صنع البداريون بعض المثاقب والدبابيس وحبات الخرز من النحاس، إضافةً إلى الأواني الفخارية، ورؤوس السهام. وقد تميزت حضارة “البداري” بتقدم صناعة الفخار بدرجة ملحوظة، حتى أنه يمكن اعتبار فخار “البداري” من أرقى أنواع الفخار فى مصر القديمة، إذ تميزت جدرانه بالرقة، وزخرفتها ببعض الرسوم والرموز. والاهتمام بأدوات الزينة، كالعقود والأساور، والخواتم، وأمشاط العاج، والتى لم تكن قاصرة على النساء فحسب، بل استعملها الرجال أيضًا. وكذا ظهور الفن التشكيلى الذى يتمثل فى مجموعة من التماثيل المصنوعة من الطين والفخار والعاج. وإعداد المساكن التى تميزت بوجود بعض الأثاث بداخلها، كالأسِرة الخشبية غير المرتفعة، والوسائد المصنوعة من الجلد. ودفن الموتى فى قبور خارج المساكن، وكان المتوفى يوضع على لوح بسيط من الخشب، وكانت جوانب المقبرة تُكسى بالحصر. كما تميزت هذه الحضارة بإيمان البداريين بعقائد دينية من نوع ما، ودليل ذلك هو العثور على بعض التمائم، بالإضافة إلى دفن بعض الحيوانات معهم، كالقطط والكلاب.. ثم حضارة “دير تاسا”، وهي قرية صغيرة على الشاطئ الشرقي للنيل بمركز البداري بمحافظة أسيوط، حضارتها قامت حوالي 4800 ق.م، وكان الموتى يكفنون في جلود الحيوانات والحصيرة وكانوا يدفنون ناظرين تجاه الغرب ومن مميزات تلك الحضارة صناعة الفخار الأسود، ويعتقد أن هذه الحضارة طور من أطوار حضارة البداري.. وحضارة “حلوان” النيوليتية التي امتدت بين حلوان الحالية ونهاية وادي حوف أو مصبه، وهو وادي قديم كان يجري بالسيول إلى النيل، ثم جف من زمن طويل، وقد اتسعت هذه المنطقة لمجموعتين من السكان، كان لكل مجموعة منها عاداتها فى بناء المساكن والمقابر، نزلت مجموعة منهم إلى الشرق (منطقة العمري حاليًا)، وأخرى سكنت إلى الغرب قليلًا منها، ولعل أهم مقومين لقيام حضارة حلوان هما، أولًا توافر المادة الخام من خلال جبل “طره” من ناحية، وجبل “حوف” من ناحية أخرى، فهما يمثلان مخزنين جيدين لحجر الصوان، والذي استطاع الإنسان أن يحصل عليه بأقل مجهود، فتمكن الإنسان من أن يصنع من هذا الحجر أدواته المختلفة التى تعينه في إقامة حضارته، ولعل ذلك هو السبب في وجود أول مقابر أفراد من الحجر في الأسرتين الأولى والثانية. ثانيًا مصدر المياه المتمثل في “وادي حوف”، والذي كانت المياه تجري به فينمو النبات، ويأتي الحيوان طلبًا للماء، ثم يأتي دور الإنسان لكي يستفيد من هذا وذاك في مثل هذه البيئة التي توفر الاستقرار. وهكذا استقر الإنسان بمنطقة “العمري” وأقام حضارته. وهذا الاستقرار البشري له بعد زمني يرجع إلى 5000 سنة ق.م فى العصر الحجري الحديث.. وحضارة “الفيوم”، وهي تقع على الضفة الغربية للنيل جنوب القاهرة وترجع الى عام 4400 ق.م، وقد استمرت 1000 عام، ومن بقايا الفخار الذي وجد لم يعثر الباحثون في مركز حضارتها على آثار للموتى والغالب أنهم قد دفنوا في مكان بعيد وتعد محافظة الفيوم صورة مصغرة لمصر حتى أن البعض يطلقون عليها مصر الصغرى، وترجع تسمية الفيوم إلى اصل الكلمة “بيوم” أي “بركة الماء” والتي حورت مع الاستخدام إلى فيوم ثم أضيف إليها الألف واللام. وفي عام 1889 نجح العالم “بتري” من دخول “هرم هوارة” الذي يقع بقرية هوارة على بعد 9 كم جنوب شرق مدينة الفيوم، وتمكن من الوصول الى حجرة الدفن والتي تتكون من كتلة واحدة ضخمة من الحجر الكوارتسيت ويصل وزنها إلى 110 طن، ، وشيد هذا الهرم من الطوب اللبن ثم كسى من الخارج بالحجر الجيرى ويبلغ ارتفاعه 58 متر وطول كل ضلع 100 متر.

كانت “حضارة نقادة” حوالي (4500 – 3000 ق.م)، جسر التواصل بين حضارات ما قبل التاريخ وبين حضارة عصر الأسرات الفرعونية، وتنسب هذه الحضارة لبلدة “نقادة” إحدى مدن محافظة قنا، وقد مرت بمراحل حضارية ثلاثة متمايزة، اصطلح العلماء على تسميتها (الأولى، والثانية، والثالثة). وقد وجدت آثار حضارة نقادة الأولى (4500 – 3500 ق.م) فى أكثر من موقع ابتداءً من مصر الوسطى وحتى الجندل الأول (شلال أسوان)، وهى ترتبط حضاريًا بحضارة “العمرة” (جنوب شرق “العرابة المدفونة”، مركز البلينا، محافظة سوهاجوكانت “نقادة” جبانة لواحدة من المدن المصرية الهامة، وهى مدينة “نوبت”، حالياً طوخ مركز نقادة، والتى كانت مركزًا لعبادة المعبود “ست”، وتشتهر “نقادة” بفخارها الذى لعب دورًا بارزًا فى تاريخ حضارات ما قبل التاريخ فى مصر من خلال دراسات التوقيت المتتابع المعتمدة على طرز الفخار، والتي أعدها العالم الإنجليزي “ﭙتري”. وقد عرف أهل “نقادة” أنواعاً كثيرة من الفخار، منها الفخار ذو الحافة السوداء، والفخار ذو الزخارف البيضاء المتقاطعة، والفخار ذو الزخارف الحمرا. وقد صور أهل “نقادة” أحيانًا على السطوح الخارجية والداخلية  لفخارهم الحيوانات الكائنة فى بيئتهم، ومناظر لراقصين وراقصات، ومناظر الصيد البري والنهري، كما سجلوا الكثير من العناصر الزخرفية الهندسية والنباتية، وقد خطا سكان “نقادة” خطوات طيبة فى مجال صناعة التماثيل من الصلصال والفخار، كما شكلوا صلاياتهم على هيئة الحيوانات، ونحتوا من العاج تماثيل لرجال ونساء، وقد عُثر فى جبانة “نقادة” على بعض الدبابيس، وأدوات أخرى صغيرة مصنوعة من النحاس. وكانت بسيطة تشيد من أغصان الأشجار التى تُكسى بالطين، أما مقابرهم، فقد كانت عبارة عن حفر بيضاوية قليلة العمق، وكان المتوفى يدفن فى وضع القرفصاء، ويُلف أحيانًا بجلد الماعز.. وكانت حضارة نقادة الثانية (3500 – 3200)، أوسع انتشارًا من الحضارة السابقة، وقد وجدت ملامحها فى مواقع أخرى فى الشمال في كل من طرخان، وجرزة، وأبو صير الملق، وفي الجنوب فى بلاد النوبة، في كل من وادي السبوع، وعمدا، وعنيبة. وتميزت حضارة “نقادة” الثانية بأنها قد أرست قواعد الحضارة الزراعية، وبأنها خطت خطوات واسعة في الصناعات الحجرية والمعدنية، وتوسعت في استخدام النحاس في صناعة الأدوات، كما تميزت هذه الحضارة أيضًا بتقدم صناعة الفخار، وتنوع العناصر الزخرفية والموضوعات التي كانت تُسجل على سطوحها، والتي تعبر عما يشغل النقاديين في حياتهم اليومية، كحرف الصيد والزراعة، وغير ذلك. وقد نجح سكان “نقادة” الثانية فى تصوير المراكب بشكل دقيق نسبيًا على سطوح فخارهم، وتقدموا إلى حد كبير فى صناعة الأسلحة من حجر الظران، كالسكاكين ورؤوس السهام، وغيرها، كما ازدهرت صناعة الصلايات التى كانت تستخدم لصحن الكحل، وكذلك أدوات الزينة، والحلى المصنوعة من العاج، وقد تطورت المساكن قياسًا بمساكن أهل “نقادة” الأولى، إذ كانت مستطيلة، وتبنى من الطوب اللبن. أما عن المقابر، فقد بدت هي الأخرى أكثر تطورًا عن ذي قبل، حيث جرى تحديد جوانب الحفرة وتقويتها بكسوتها بالطمي أو بالبوص والحصير. ولم يقتصر الأمر فى بعض المقابر على حجرة الدفن، وإنما ألحقت فى بعض الأحيان حجرة صغيرة كانت مخصصة لحفظ الأواني والأثاث الجنزي. ويتبين لنا مما تقدم أن البوتقة الثقافية والحضارية لمصر خلال عصر نقادة الثانية، هو أمر غير مستبعد من خلال تناول الشواهد الأثرية السابقة، إلا أن ذلك لا يعني على الإطلاق أن هذه المراكز السياسية الكبرى لم تتميز بوجود خصوصية ثقافية مستقلة في كل منها، فوحدة البلاد الثقافية لم تلغي التمايز والاستقلال الحضاري لمراكز الجنوب والشمال في عصر نقادة الثانية، فكانت هناك سمات مشتركة تجمع بينهم وسمات مميزة ومختلفة تميز كلًا منهم عن الأخرى، ومما لا ريب فيه أن ذلك التفاعل الثقافي كان خطوة أولى نحو تفاعل أكبر وأعمق في العصر الذي تلاه وهو عصر نقادة الثالثة (الأسرة صفر) مما يؤكد حقيقة هامة وهي وجود وحدة ثقافية في مصر ساعدت على إتمام الوحدة السياسية كنتيجة طبيعية للمعطيات السابقة، وبذلك يمكن القول أن عصر نقادة الثانية هو عصر شهدت فيه البلاد تقدما سياسيًا واضحًا من خلال مفهوم الزعامة والسيادة على الإقليم أو المركز، فظهرت الرسوم والزخارف التى تروج سياسيًا ودينيًا لمفهوم الملكية الناشئة والتي برزت إرهاصاتها الأولى من خلال ذلك العصر إلى أن تبلورت فى عصر نقادة الثالثة، فجاءت على شكل ناضج وقوي. ثم كانت حضارة “نقادة الثالثة” 3200 – 3000 ق.م، وهي الفترة التي تمت خلالها عملية تشكيل الدولة، والتي كانت قد بدأت في عهد نقادة الثاني وأصبحت بادية للعيان، من خلال أسماء الملوك التي تترأس حكومات قوية. وحضارة نقادة الثالثة عادة ما يشار بها إلى “الأسرة صفر” أو فترة ما قبل الأسرات، وقد حكم في هذه الفترة حوالي 13 حاكما منهم (إري حور – كا – الملك عقرب)، وكان آخرهم الملك نارمر (مينا) حوالى عام 2950 قبل الميلاد، حيث يعتبر كثير من العلماء أن الملك مينا آخر ملوك الأسرة صفر، لتعكس وجود الملوك على رأس الدول ذات النفوذ، وقد أدرجت أسماء ملوك هذا العصر في شكل سرخ على مجموعة متنوعة من الأسطح بما في ذلك صناعة الفخار والمقابر. وتعددت مراكز حضارة نقادة الثالثة، ومن هذه المواقع “منشأة أبو عمر” (مركز “فاقوس”، محافظة الشرقية)، و”كفر حسن داود” (مركز القصاصين، محافظة الإسماعيلية)، و”تل الفرخة” بالقرب من (السنبلاوين، محافظة الدقهلية)، و”الهمامية” بالقرب من “البدارى”، و”سماينة” (قرب نجع حمادى)، و”المحاسنة”، و”الحرجة” على بعد 20 كم من “جرزة”، والتي كشف عنها “إنجلباخ” عام 1912 م، و”أبو صير الملق”، وتقع بين “الحرجة” و”جرزة”، وكشف عنها “شارف” عام 1914م، وغيرها.

إن فترة ما قبل الأسر في مصر القديمة كانت تتميز بعملية مستمرة للتوحيد السياسي، وعلاوة على ذلك، في هذا الوقت تم تسجيل اللغة المصرية لأول مرة في الهيروغليفية. لقد بدأ تكوين الدولة في هذه الحقبة وربما حتى في وقت سابق. حيث نشأت مختلف الدول والمدن الصغيرة على طول النيل. فلقد بدأ المصريون بناء نواة المدنية قبل التاريخ بقرون عديدة، فكانت الكثير من المدن على جانبي نهر النيل مثل طيبة، وممفيس، وبوتو، وهيراكونوبليس، وأليفاتانين، وبوباستيس، وتانيس، وأبيدوس، وسايس، وأكسويس، وهليوبوليس. والتي تقلصت على مر القرون إلي ثلاث مدن كبيرة في صعيد مصر، وهم ثينيس، نخن، نقادة، فكانت فترة ماقبل الأسرات هي البداية. وكان التبادل التجاري جاريًا بين الشمال والجنوب، وكان النيل هو أسهل وسيلة للانتقال ونقل البضائع. وفي عهد الملك العقرب الثاني في الجنوب، قام بتعديل نظام الحكم وتوزيع موظفي الدولة ورتب أعمال الإنشاءات، وانضمت بعض المحافظات في الجنوب مع بعضها البعض وشكلت محافظات كبيرة. في نفس الوقت كان الملك “كا” وغيره يحكمون في الشمال، وشهدة أقاليم الشمال تطورًا مماثلًا، فيبدو أنهم فطنوا إلى أن العمل الجماعي يحميهم ويقويهم، وتدل الآثار على نشاط تجاري بين الشمال والجنوب وتبادل للسلع والمواد، فنجد أواني في الدلتا من أنواع أواني الصعيد وبطريقة تزيينها وبالعكس، وتدل الآثار على تقارب كبير في الأفكار والمعتقدات في تلك الفترة، ومن مخطوطات كثيرة وتزيينات مختلفة لأواني ولوحات يتبين أن عهد الملك “العقرب الثاني” كان زاخرًا بتقدم اجتماعي في الجنوب، كما انتشر نفس الفكر الاحتماعي والديني والعقائدي أيضًا في الشمال . فكانت معالم وحدة البلاد قد بدت. وكان هناك تقسيم كبير في هذا الوقت يذكر صعيد مصر ومصر العليا، وكان التاج الأحمر هو تاج الشمال، والتاج الأبيض تاج الجنوب ويلبسه ملوك الجنوب، وكان الخط الذي يفصل بين وجه بحري ووجه قبلي خلال تلك الفترة غير محددًا بالضبط، فأحيانًا كان ملوك محليون ويحتفظون بحق حكم مناطق أخرى مجاورة متنازع عليها، وتتطورت العوامل الاقتصادية والسياسية بصفة كبيرة من أنظمة ري الأراضي الزراعية، حيث وصل استغلالها في زمن الملك عقرب الثاني تطورًا كبيرًا. ويقول أستاذ التاريخ الألماني “ميشائيل هوفمان” بالاستعانة بالأطروحة العلمية التي قدمها “كارل بوتسر” إنه في هذا الوقت حدث تطور كبير في نظام الري، ولم يقتصر ذلك فقط على الضيعات الملكية. فقد أدى نظام الري الجديد إلى زراعة مختلف الحبوب والخضروات، وكذلك زيادة في تربية الماشية والحيوانات المستأنسة. فكان ذلك من اهم العوامل على طريق بناء دولة، حيث أن الحكم يحتاج إلى سيطرة وتنظيم للمناطق المزروعة. وكانت قلة المواد الغذائية أو ضيق الأماكن والصراع عليها يؤدي إلى ثورات الأهالي والغضب، ومما يزيد المشاكل كان انحصار الأراضي الخصبة في مساحات صغيرة وضرورة اتخاذ طرق لمد الأراضي بالمياه، ونحو عام 3150 قبل الميلاد اشتدت الرغبة في توسيع نطاق الحكم واقتناء أراضي جديدة في مصر، وتم ذلك على يد الملك نارمر (مينا) الذي كان يحكم الصعيد، حيث شن حملة على الشمال بغرض توحيد البلاد. وهزم الشمال وتوحدت مصر، واستمرت وحدتها الفريدة على مر العصور، وكان الاستقلال الوطني الكامل مرادفًا للاستقلالية الاقتصادية والجغرافية الفريدة، وبذلك ولدت الأمة المصرية قبل التاريخ، ثم بدأ التاريخ، وأصبح فرعون يسمي نفسه “ملك الوجهين “الشمالي والجنوبي”، وبدأ عصر الأسرات… وهو موضوع مقالتنا القادمة.

 

 

 

 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك