ونكمل الجزء ستة وعشرون عشر مع داهية العرب، وقد توقفنا عندما قال الخليفة عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص فى رسالته ولقد أكثرت في مكاتبتك في الذي على أرضك من الخراج، وظننت أن ذلك، سيأتينا على غير نزر ورجوت أن تفيق فترفع إلى ذلك، فإذا أنت تأتيني بمعاريض تعبأ بها لا توافق الذي في نفسي، ولست قابلا منك دون الذي كانت تؤخذ به من الخراج قبل ذلك، ولست أدري مع ذلك ما الذي أنفرك من كتابي وقبضك، فلئن، كنت مجربا كافيا صحيحا إن البراءة لنافعة، ولئن مضيعا نطعا إن الأمر لعلى غير ما تحدث به نفسك، ولقد تركت أن أبتلى ذلك منك في العام الماضي رجاء أن تفيق فترفع إلى ذلك، قد علمت أنه لم يمنعك من ذلك إلا أن عمالك عمال السوء، وما توالس عليك وتلفف اتخذوك كهفا وعندي بأذن الله دواء فيه شفاء عما أسألك فيه.
فلا تجزع أبا عبد الله أن يؤخذ منك الحق وتعطاه، فإن النهر يخرج الدر والحق أبلج ودعني وما عنه تلجلج فإنه قد برح الخفاء والسلام ” وقد ذكر المقريزي أكثر من كتاب بينهما في هذه المسألة وكان آخرها رد عمرو بن العاص على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فكتب إليه ” من عمرو بن العاص سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين يستبطئني في الخراج ويزعم أني أحيد عن الحق، وأنكث عن الطريق، وإني والله ما أرغب عن صالح ما تعلم، ولكن أهل الأرض استنظروني إلى أن تدرك غلتهم، فنظرت للمسلمين فكان الرفق بهم خيرا من أن نخرق بهم، فيصيروا إلى بيع ما لا غنى بهم عنه، والسلام” وقيل أنه كان عمرو بن العاص، يجبي الخراج اثني عشر ألف ألف دينار.
وجباها المقوقس قبله عشرين ألف ألف دينار، وجباها عبد الله بن سعد بن أبي السرح حين استعمله الخليفه الراشد الثالث عثمان بن عفان أربعة عشر ألف ألف دينار، ويُروى أن محمد بن عمرو بن العاص تسابق مع رجل من أهل مصر، فغلبه الرجل، فضربه محمد، فذهب الرجل إلى الخليفة عمر بن الخطاب بمنى واشتكى له، فكتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص أن يأتي مع ابنه، ولما أتيا المدينة أمر عمر بتجريد محمد من ثيابه وضربه المصري بالسوط، ثم أمر بعمرو فخرقت ثيابه، وعن أنس بن مالك أنه قال بينما نحن عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، بمنى إذ دخل عليه رجل من أهل مصر فقال يا أمير المؤمنين إنني استبقت أنا ومحمد بن عمرو بن العاص فسبقته فعدى علي فضربني بين ظهراني المسلمين وهو يقول خذها وأنا ابن الكريمين.
فجئت أباه أستأذنه فيما صنع بي فحبسني أربعة أشهر، ثم أرسلني فخرجت في حاج المسلمين فجئت إليك لتأخذ مظلمتي فقال أعجل علي بعمرو بن العاص وابنه قال فأوتي بهما فقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ويحك ما بينتك على ما تقول قال الجند كلهم يا أمير المؤمنين من وافى الحاج منهم فسأل الناس فأخبروه ذلك فدعا بمحمد بن عمرو بن العاص فجرد من ثيابه ثم أمكن المصرى من السوط ثم قال له اضرب فضرب المصري وعمر بن الخطاب يقول خذها وأنت ابن اللئيمين حتى تركه، قال ونحن والله ما نشتهي أن يزيده حتى نزع عنه وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أما والذي نفسي بيده لو ضربته ما أمسكت يدك عنه ما ضربت ثم قال علي بعمرو فأوتي به شيخ أصلع فمزقت ثيابه ونحن والله نشتهي أن يوجعه ضربا.
ثم قال اضرب فقال يا أمير المؤمنين إنه حبسني ولم يضربني، قال أما والله لو ضربته ما أمسكت يدك عنه ما ضربت، قال عمرو بن العاص أما قد فعلت هذا لا نعلم لك، قال أجل فاذهب حيث شئت والله يا معشر قريش إن تريدون إلا أن تردوا الناس خولا ما مثلهم ومثلكم إلا كقوم اصطحبوا في سفر فقالوا لرجل تقدم فأمنا في صلاتنا وأقسم علينا فيئنا أفأساءوا بذلك أم أحسنوا، وتوفي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وتولى عثمان بن عفان الخلافة في شهر ذي الحجة سنة ثلاثة وعشرين من الهجرة، وقد عيّن الخليفه عثمان بن عفان، عبد الله بن سعد بن أبي السرح على خراج مصر، مع بقاء عمرو على الجيش والإدارة في مصر، فاختلف عمرو بن العاص وعبد الله بن سعد، فكتب عبد الله بن سعد إلى عثمان يقول له ” إن عمرو كسر الخراج “
التعليقات