محمد زكى
كشف شيخ الأزهر أحمد الطيب خلال كلمته أمام جلسة مجلس الأمن قيم الأخوة الإنسانية والسلام يوم الأربعاء، عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”، عن المسؤول الأول عن الإرهاب.
وفي كلمته، قال الشيخ أحمد الطيب: “اسمحوا لي في بداية كلمتي أن أقدم شخصي المتواضع..بحسباني رجلا شرقيا مسلما، لا ينتمي إلى أي من التيارات السياسية على اختلاف مواطنها ومذاهبها ولا يتبنى أية أيديولوجية من أيديولوجيات اليمين أو اليسار، أحب السلام، وأبحث عنه وأتطلع إليه وأتمناه للناس جميعا، وأشعر شعورا عميقا بأخوة إنسانية تربطني ببني البشر جميعا، على اختلاف ألوانهم وأديانهم وعقائدهم ولغاتهم.. تعلمت ذلك من الدّين الإسلامي الذي أتبعه، ومن الكتب الإلهية التي أنزلها الله على أنبيائه ورسله، وآخرها القرآن الكريم الذي نزل على نبي الإسلام محمد، وكلها تُجمع على أن الله كرم بني آدم وفضلهم على كثير من مخلوقاته، وأنه خلقهم مختلفين في لغاتهم وألوانهم وأديانهم وعقائدهم، وأن هذا الاختلاف باق فيهم إلى آخر لحظة في عمر هذا الكون، وأن محاولات اصطفاف الشعوب خلف دين واحد، أو ثقافة أو حضارة واحدة، محاولات مقضي عليها بالفشل الذريع، طال الزمن أو قصر، لأنها تسبح ضد إرادة خالق العباد، والعليم بما يصلحهم وينفعهم”.
وأضاف شيخ الأزهر: “وقانون الاختلاف هذا هو حجر الزاوية في مفهوم الخلق الإلهي للإنسان، بكل ما يستلزمه من حقوق وواجبات حددها القرآن في وضوح لا لبس فيه، في مقدمتها حق حرية الاعتقاد، وحق حرية الرأي، وواجب المسؤولية الفردية والأسرية والمجتمعية، لذلك حرم القرآن كل ما يصادر هذه الحقوق أو يعبث بحرمتها، حتى إنه ليحرم أية ممارسة لإجبار الناس على تغيير عقائدهم وأديانهم.. ومن يقرأ القرآن قراءة موضوعيّة محايدة تُطالعه النّصوص الآتية:
▬ لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ[البقرة: 256].
▬ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ[الكهف: 29].
▬ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22]”.
وأردف: “من يقرأ سنة النبي محمد، تطالعه رسالته الواضحة في التأكيد على حرية الاعتقاد..وأمر منطقي أن يتأسس على قانون الاختلاف وتقريره أن تكون العلاقة بين المختلفين دينا ولغة وثقافة وحضارة، علاقة “أمن وسلام”، عبر عنها القرآن بعلاقة “التَّعارُف”، واتخذ منها قانونا إسلاميا يحكم العلاقات الدولية بين الأمم والشعوب، وغني عن القول أنه في ظل هذه النظرية القرآنية في العلاقات الدوليّة..لا مكان لنظريات الصدام والصراع، أو نظرية العرق، أو نظرية رسالة الرجل الأبيض وهيمنته على باقي عباد الله، واستعمار بلادهم واستنزاف خيراتهم.. فقط، علاقة “السلام” بين الناس هي ما يعتمده الإسلام، وسائر الأديان الإلهية من قبله”.
وتابع: “إذن فليس من العدل، ولا من العلم في شيء ما يقال من أن الإسلام دين السيف ودين الحروب.. واسألوا التاريخ يُنبئكم بأن الحرب في الإسلام حالة استثنائية وضرورة من ضرورات الدفاع عن النفس وعن الأرض والعرض والشرف.. وليس صحيحا ما يقال من أنّ الإسلام هو المسؤول عن ظاهرة تفريخ “الإرهاب، والصحيح أن يقال إن المسؤول الأول عن ظاهرة “الإرهاب” التي يبرأ منها الإسلام نفسه قبل غيره، هو سياسات الهيمنة العالمية، والفلسفات المادية، والمذاهب الاقتصادية المتنكرة لضوابط الأخلاق”.
التعليقات