تعتبر المراهنات من الأنشطة المحظورة في معظم الدول العربية نظرا لمرجعتيها الإسلامية التي تعتبرها قمارا يؤدي إلى فساد النفس والمال والأخلاق. ولا تحيد جمهورية مصر العربية عن هذه القاعدة ولكن بدرجة أقل تشددا مقارنة مع دول الجوار على الخصوص.
فالمراهنات في الجمهورية المصرية غير منظمة، وهناك هامش مهم لعشاق هذا النوع من الأنشطة لممارستها بطريقة أو بأخرى، خاصة عبر الدخول إلى المواقع المتخصصة في هذا المجال على شبكة الإنترنيت.
تعد المراهنات الرياضية ومعها اليانصيب قانونية تمامًا لكل مقيم في البلاد بمن فيهم حاملي الجنسية المصرية، لكن المراهنات في الكازينوهات وما شابهها محظورة على المصريين ما عدا الأجانب القادمين للعمل أو السياحة أو غيرها
أما المراهنات المحرمة -التي هي القمار بعينه- فهي أن يأتي اثنان من المشاهدين (المتفرجين) ويراهن أحدهما الآخر أنه إذا نجح الفريق الفلاني فلك مني مبلغ معين من المال، ويقول الآخر: إنه إذا نجح الفريق الثاني فهو يدفع مبلغاً من المال؛ فهذه مراهنة لا علاقة لها بالمسابقة بين الفريقين الرياضيين؛ لأنها تتم بين طرفين لا علاقة لهما
فإن المراهنة بعوض، إنما تجوز فيما دل الدليل الشرعي على جوازه. وأما سوى ذلك: فالرهان فيه بعوض محرم، ولو كان دفع العوض من طرف واحد عند عامة العلماء.
ويجرم القانون المصري القمار والمراهنات حيث تقول المادة 352 من قانون العقوبات ” كل من أعد مكاناً لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس فيه يعاقب هو وصيارف المحل المذكور بالحبس وبغرامة لا تجاوز ألف جنيه وتضبط جميع النقود والأمتعة في المحلات الجاري فيها الألعاب المذكورة ويحكم بمصادرتها.
ونصت المادة 353 من الفصل الخاص بأحكام ألعاب القمار والنصيب بقانون العقوبات رقم 73 لسنة 1957 على “يعاقب بهذه العقوبات أيضا كل من وضع للبيع شيئاً في النمرة المعروفة باللوتيري دون إذن الحكومة وتضبط أيضا لجانب الحكومة جميع النقود والأمتعة الموضوعة في النمرة”.
ومع التقدم التكنولوجي، وانتقال المقامرة إلى الأونلاين، وأهمها المراهنات الرياضية لم يضع قانون الجرائم الإلكترونية رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ نصًا واضحًا على العقوبة ولكن يواجهها بالمادة ٢٣ من الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة وتقنيات المعلومات
والتي تقول “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية.
فإن قصد من ذلك استخدامها في الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير.
فعلى عكس الجزائر أو المملكة العربية السعودية مثلا، والتي يحظر فيهما فتح محلات المراهنات والقمار بشكل نهائي، توجد في جمهورية مصر العربية العديد من الكازينوهات بترخيص رسمي من السلطات المشرفة على هذا المجال، لكنها لا تفتح أبواب الدخول إلا لحاملي جوازات السفر الأجنبية سياحا كانوا أو عاملين. وبالنسبة للمواطنين المصريين، وبغرض تقنين أنشطة المراهنات، فقد وضعت السلطات المصرية رهن إشارتهم الشركة اليونانية “إنترالوت” المتخصصة في المراهنات الرياضية بترخيص وشراكة مع هيئة البريد الوطنية المصرية.
وعلى النقيض من بعض الدول الشرق أوسطية، لا تنظر الحكومة المصرية للمراهنات ككل لا يتجزأ، بل على العكس من ذلك تماما، تقوم بتقسيم أنشطة المراهنات إلى مجموعة من الأصناف، بعضها محظور والبعض الآخر مسموح به ولكن بشروط. وهكذا، تعد المراهنات الرياضية ومعها اليانصيب قانونية تمامًا لكل مقيم في البلاد بمن فيهم حاملي الجنسية المصرية، لكن المراهنات في الكازينوهات وما شابهها محظورة على المصريين ما عدا الأجانب القادمين للعمل أو السياحة أو غيرها. ويعتبر “تحالف اليانصيب” الهيئةَ الرسمية المشرفة على تدبير اليانصيب في بلاد الفراعنة، بينما تتكلف بالإشراف على كازينوهات القمار وتنظيمها وزارة السياحة المصرية.
وبعيدا عن الجوانب التنظيمية، تجد المراهنات في جمهورية مصر العربية شعبية منقطعة النظير. فبفضل تألق الأندية والمنتخبات المصرية في رياضات ككرة القدم وكرة اليد على الخصوص، ومع بروز أسماء رياضية مصرية في سماء كرة القدم العالمية كمحمد صلاح مع ليفيربول مثلا، تعزز عشق المصريين وشغفهم بكرة القدم خصوصا، والرياضات الجماعية عموما، ليبلغ درجة لا يمكن تخيلها. وموازاة مع هذا الشغف، اكتسبت المراهنات الرياضية على الخصوص شعبية جارفة عززتها مظاهر الفقر، وصعوبة العيش في ظل عدد من الاضطرابات خاصة بعد الربيع العربي.
ونتيجة لولع المصريين بالرياضات من جهة، وإلمامهم بالشبكة العنكبوتية من جهة أخرى، تلقى المراهنات عبر الإنترنيت في هذا البلد إقبالا واسعا، تعززه المكاسب المالية المحققة من طرف العديدين والتي يتم تداول القصص بشأنها عبر المنتديات وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي وإن بهويات مجهولة. ومن أشهر وأفضل مواقع المراهنات على الإنترنيت في مصر، نذكر على سبيل المثال لا الحصر؛ موقع www.1xbet.com العالمي، وموقع www.22bet.com وموقع Betway وغيرها كثير.
ولأسباب لها علاقة بالخصوصية، غالبا ما يلجأ عشاق المراهنات في جمهورية مصر العربية إلى تقنيات إخفاء المواقع عند ممارسة أنشطتهم على الإنترنيت، من خلال الاستعانة بتطبيقات VPN التي تتيح لهم تغيير عنوان الاتصال الخاص بهم وجعلهم يظهرون كما لو أنهم متواجدون في بلد آخر غير مصر. وهناك من يلجأ إلى محلات متخصصة في المراهنات داخل التراب المصري لكنها تعمل بشكل غير قانوني، أي في سرية تامة غالبا، وبتواطؤ مع السلطات المحلية أحيانا.
وعلى غرار معظم الدول العربية والإفريقية، تعد المراهنات متنفسا مهما لملايين المواطنين الحالمين بفرص عيش أفضل في ظل البطالة والفقر وقلة ذات اليد. فقد نجح الكثيرون في كسب ملايين الجنيهات عن طريق المراهنات عبر الإنترنيت، فتغيرت حياتهم للأفضل، وأصبحوا نموذجا يحتذى به ويتمنى الآخرون أن يحظوا بالمثل يوما. عرفت المراهنات الرياضية الإلكترونية طريقها إلى الشباب المصري، وأصبحت شعبيتها بينهم تزداد يوماً بعد يوم؛ مما أثار قلقاً وتساؤلات حول المخاطر الناجمة عنها، وتأثيرها السلبي عليهم، واتساع دائرة الفئات التي تستهويهم هذه اللعبة، لا سيما في ضوء اعتبار البعض لها بمثابة روتين يومي، أو نوع من الإدمان، فهل يمكن أن تكون خطراً إلكترونياً قادماً يهدد مستقبل الشباب؟
حدد قانون العقوبات المصري رقم 73 لسنة 1957 أحكام ألعاب القمار والنصيب، حيث عرف القانون ألعاب القمار بأنها الألعاب ذات الخطر على مصالح الجمهور لأن الربح فيها يكون موكولاً للحظ أكثر منه للمهارة، إلا أن هذه العقوبة تختلف ويتم تحديدها بحسب المكان والوسيلة.
فبما استثنى القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشأت الفندقية والسياحية حالة واحدة من عقوبة لعب القمار، حيث نص في مادته رقم 3 على إنه لا يجوز مزاولة العاب القمار في المنشآت الفندقية والسياحية إلا لغير المصريين وبقرار من وزير السياحة.
ويحدد القرار المنشآت الفندقية والسياحية التي يجوز لغير المصريين مزاولة ألعاب القمار فيها وشروطها والإتاوة التي تستحق عليها بما لا يتجاوز نصف إيرادات ألعاب القمار، على أن يقتصر دخول الأماكن التي تزاول فيها تلك الألعاب على غير المصريين وأن يكون التعامل فيها بالعملات الأجنبية التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية.
كما نص في مادته رقم 21 على إنه يعاقب كل من خالف أحكام المادتين 2 ، 3 من هذا القانون بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وذلك فضلا عن الحكم بغلق المنشأة ، ويجوز لوزير السياحة في هذه الحالة غلق المنشأة إداريا بصفة مؤقتة إلى أن يصدر حكم .
مع تقدم التكنولوجيا، ظهر نوع آخر من المقامرة الإلكترونية أو الأونلاين، ومنها ألعاب المراهنات الرياضية وسباق الخيل والهجن والكازينوهات أون لاين، والتي انتشرت بشكل كبير بسبب عناصر جذب اللاعبين المتمثلة في سهولة الحصول على بونص بدون إيداع أموال.
لم يضع القانون نصا واضحا لتجريم المقامرة الإلكترونية، إلا أنه حرص على معاقبة المتلاعبين في حسابات وأموال الأشخاص عبر الأنترنت، حيث نص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر والغرامة التي لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الوصول بدون وجه حق إلى أرقام أو بيانات أو بطاقات البنوك والخدمات أو غيرها من أدوات الدفع الإلكترونية. وإن قصد من ذلك استخدامها في الحصول على أموال الغير أو ما تتيحه من خدمات، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة، والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا توصل من ذلك إلى الاستيلاء لنفسه أو لغيره على تلك الخدمات أو مال الغير.
التعليقات