الإثنين - الموافق 30 ديسمبر 2024م

التعصب الرياضي الداء والدواء بقلم الدكتور عادل عامر

تعد الرياضة أحد الأنشطة الإنسانية المهمة ، فلا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات الإنسانية من شكل من أشكال الرياضة ، بغض النظر عن درجة تقدم أو تخلف هذا المجتمع ، ولقد عرفها الإنسان عبر عصوره وحضاراته المختلفة ، وإن تفاوتت توجهات آل حضارة بشأنها. إن الرياضة نظام اجتماعي آبير , وهي واقع ملموس في حياتنا يحدث فيها آل أنماط السلوك التي تحدث في الحياة العادية .

فالرياضة جزء من نسيج هذا المجتمع أي أنها صوره مصغره من المجتمع الأ آبر لذا فهي تتأثر بكل ما يسود في هذا المجتمع من فلسفة وقيم وعادات وتقاليد وظروف اجتماعية واقتصادية وسياسيه .

التعصب الكروي هو مصطلح يستخدم لوصف سلوك غير منضبط في تشجيع نادٍ رياضي معين، أو فريق معين، ويتسبب في العديد من المشكلات ربما تصل للتخريب أو إحداث تصرفات عدوانية. وقد ينجم عن التعصب ظواهر سلبية كإتلاف ممتلكات عامة وخلافات أسرية ومشكلات صحية تصل إلى أزمات قلبية وحالات وفاة.

إن هناك برنامجا علاجيا نفسيا يشمل 14 جلسة يتعرض خلالها الشخص المتعصب إلى مواقف مختلفة تؤهله لأن يقلل من رد فعله العنيف أو العصبي بنسبة 50%، ويمنحه القدرة على أن يتعامل مع العالم الخارجي بشكل مناسب مضيفا أن البرنامج يدعم القوة النفسية للمتعصب ويؤهله، ليتخلص من الضغوط والأزمات ويجنبه ربط حالته المزاجية بنتائج فريقه مهما كانت. وإذا نظرنا إلى الرياضة نظرة موضوعية فسوف نلاحظ أن الرياضة بأنشطتها المتعددة ومجالاتها المتنوعة تؤثر على المجتمع .

فالرياضة لها تأثير حيوي على الممارسين لها , فهي تكسبهم العديد من صفات المواطنة الصالحة التي تؤهلهم لان يكونوا مواطنين نافعين لأنفسهم ولمجتمعهم. من الدلائل الهامة في مجتمعنا اليوم والتي تدل على تأثير الرياضة على المجتمع وهو تخصيص مساحات زمنية للرياضة ( عرض مباريات , برامج رياضيه ) في البرامج التلفزيونية وبرامج الإذاعة , آما تخصص لها صفحات عديدة الصحف الرسمية , بل وأثر من ذلك هناك العديد من الصحف الرياضية المتخصصة التي تتناول الموضوعات الرياضية فقط . لم تعد الرياضة عموماً وآرة القدم خصوصاً في الآونة الأخيرة مجرد منافسات عادية يسعى آل فريق فيها على آساب لقاء معين أو بطولة معينة

بل أصبحت ذات قوة آبرى سياسية واعتبارات اقتصادية وإعلامية فضلاً عن آونها رياضية ، ولا أدل على ذلك من ما حدث في اجتماع اللجنة الدولية لكرة القدم (الفيفا) في مدينة زيورخ بألمانيا خلال يومي ٢٠١٠/١٢/٢-١م من تنافس عدد من دول العالم على استضافة منافسات كأس العالم لعامي ٢٠١٨و٢٠٢٢ مستعينة بذلك على آل الإمكانات البشرية والمادية.

وتعد الرياضة من أهم الوسائل وأجداها لتحقيق النضج الاجتماعي وإشاعة روح الجماعة بين الأفراد ، وذلك لما تتيحه مجالاتها العريضة الواسعة من فرص اللقاء والتعارف والأخذ والعطاء وما تضيفه أنظمتها من أسس ومبادئ اجتماعية العمل الصالح العام واحترام الآخرين وضرورة التحكم في الانفعالات في مواقف مشحونة بالإثارة آما يحدث في أثناء النشاط الرياضي

. فالرياضة نظام اجتماعي يقيس آثرا من الأبعاد الاجتماعية الموجودة في الحياة ، ووظيفة الرياضة أنها تراز على المضامين الخاصة بالقيم الاجتماعية والمعتقدات والتي يمكن أن تعبر عنها وتنتقل من خلال الرياضة التي تعد مرآة للمجتمع التي تعكس عناصر الحياة الاجتماعية لأنها توضح العلاقات الاجتماعية المتعلقة بالإنسان

وهكذا يمكننا القول أن هناك علاقة تأثير متبادل بين آل من الرياضة والمجتمع , وتختلف تلك العلاقة من مجتمع لأخر في ضوء الفلسفات السائدة في تلك المجتمعات فعندما نقوم بدراسة الجماعة الرياضية اخليه من خلايا المجتمع , فنحن في الحقيقة نقوم بدراسة المجتمع وعلاقته بالرياضة , حيث يتأثر التفاعل الاجتماعي بين الجماعات الرياضية المختلفة بالثقافة العامة للمجتمع والمعايير التي تحكمه . آذلك فان الرياضة تحتوي على جميع العناصر الاجتماعية للحياة مثل : الاتصال الاجتماعي بين الأفراد , والقيم ونظام الملابس , واللغة , والحراك الاجتماعي , والتدرج الاجتماعي . لذا أصبحت الرياضة في العصر الحاضر ظاهرة حضارية لها تأثيرها الفعّال ومداها الواسع ،

ولذلك فقد أصبحت أيضاً ( ظاهرة اجتماعية ) تخدم التربية والاقتصاد والفن والسياسة ، ووسائل الاتصال والعلاقات الدولية ، بل إن مداها أآثر من ذلك ، فكل فرد أصبح مهتماً بشكل أو بآخر بالرياضة ، وأنها على الرغم من ذلك لم تجد الاهتمام والدرجة الكافية من الدراسة بالشكل الذي تستحق

). آنت الرياضة تمثل منذ منتصف القرن التاسع عشر موضوعا مشروعا لدراسة العلوم الاجتماعية وذلك باعتبارها ممارسة عالمية تمتد جذورها في ٧ أعماق ثقافة المجتمعات البشرية وفي واقعها المعيش . وقد ظهرت هذه المحاولة أولا عند هاربار سبانسر Spencer Herber الذي اهتم بالتربية البدنية ثم ظهرت في أعمال جورج سميل Simmel Georg وماآس ويبار weber Max اللذين شرعا بتقديم بحوث اجتماعية حول الرياضة في حين اهتمت الأنثروبولوجيا بوظائف الألعاب الاجتماعية والثقافية وذلك ضمن ما يسمى بالمجتمعات البدائية

وتتيح عملية التنشئة الاجتماعية من خلال الرياضة الفرصة للممارسين لا آتساب العديد من القيم , وفي تغيير وتقوية بعض القيم الأخرى . فقيم مثل التعاون والأمانة والنظام والطاعة والشرف والصدق والانتماء , آلها قيم تكتسب من خلال الممارسة الرياضية , وتختلف الأهمية النسبية لكل قيمة من هذه القيم من مجتمع لأخر في ضوء اختلاف الثقافات في هذه المجتمعات واختلاف المعايير الاجتماعية التي تسود تلك المجتمعات .

وان الأهمية البالغة للحماس الذي تثيره المباراة الرياضية في مجتمعاتنا المعاصرة الهادئة والمعتدلة قد وقعت الإشارة إليه من قبل ايلياس (Elias( ودونينق (Dunning (ويعتقد إيلياس أن العنف في الرياضة قد اصبح سلوآا راسخا يرتبط مباشرة بمسيرة التمدن التي تصاحب تعصير المجتمع

وقد بين ماتيجكو Matejko) سلامة ، ١٩٨٦م: ص٥٢ ـ ٥٣) الظروف التي يتجاوز فيها النزاع المنظم تجاوزا آبيراً قضية العلاقة بين الرياضة والنزاع فأشار إلى وجود تجانس بين مراقبة النزاعات في البحث عن تعصير الرياضة وبين مراقبة النزاعات في البحث عن العلاقات النقابية . ويلاحظ “ماتيجكو” أن عملية الإحاطة بالنزاعات وحلها غير مضمونة ولكنها تتطلب فهم مصادر النزاع أساسا والمبادرة باتخاذ التدابير المناسبة لذلك ويضيف ماتيجكو Matejko قائلا : إن المنظمين للمباريات الرياضية غالبا ما تهاونوا بمسؤولياتهم وقد دلت التجربة أن العنف الذي يندلع في صفوف المتفرجين خلال إحدى المباريات يعزى على الأرجح إلى تأطير فاشل للجماهير أو إلى تخلي المسئولين عن القيام بهذه المهمة ليلقوا بها على آاهل ٨ الشرطة . ومن الغريب أيضا أن نلاحظ أن المنظمات الرياضية قد جدية.

في حالات العنف الشديد دفاعا قويا عن عدالة نظامها التشريعي في الميدان الرياضي وذلك اتقاء لكل تدخل من قبل العدالة المدنية. وفي الوقت الراهن تشكو قضايا النزاع في الميدان الرياضي نقصا في إدراك خفاياها سواء تعلق الأمر بمراقبة تلك النزاعات عن طريق اتخاذ التدابير الواقية لذلك أم تعلق الأمر بتعقد التشابك الموجود بين تلك النزاعات ومؤسسات أخرى مثل العدالة أو أجهزة الإعلام التي تميل في الحصص التلفزيونية إلى تعقيد الثنائية الملازمة للمباريات الرياضية . ويبدو أن آل هذه القضايا لم تحظ إلى اليوم بدراسة جدية .

أن التعصب الرياضي قاد الكثير من المتعصبين إلى الأمراض النفسية وكذلك العضوية، وقال ”هناك من أصيب بجلطة إثر ارتفاع ضغط الدم معه نتيجة تدهور نتائج فريقه مما أدى لضعف القدرة الحركية عنده وألزمه السرير وكذلك هناك من الشباب من قاده التعصب إلى كثرة التفكير والقلق والتشتت الذهني مما سبب له الإصابة بمرض السكري الدائم وهناك الكثير من الشباب صغار في السن حضروا إلي في العيادة واكتشفت أن إصابتهم بالسكري وكان من ضمن الأسباب قلقهم الدائم وتوترهم وكثرة الغضب نتيجة تدهور ناديه وهم من يفصحون لي بذلك”.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك