الثلاثاء - الموافق 22 أكتوبر 2024م

المفهوم الحديث للياقة البدنية بقلم الدكتور عادل عامر

لقد كان الاهتمام باللياقة البدنية قديما موجها إلى القياس الجسمي ANTHROPOMETRY حيث كان الاعتقاد السائد أن ضخامة الجسم وقوة العضلات هما المقياس الوحيد للياقة البدنية ، ففي الهند القديمة كانوا يقسمون الجسم الى (480) جزء بطريقة سميت SCLPI SASTRI وفى حضارة مصر القديمة اعدت طرق لقياس الاجزاء حيث قسمت الى 19 قطاعا متساويا كان معيار قياسها الاصبع الاوسط ، ومن الواضح أن الاجسام الطويلة الضخمة هي الاجسام المميزة فى هذا الوقت.

كما أعد بوليكليتس  POLYCLETS  نموذجا لرامي الرمح فى محاولة لوضع شكل متناسق بين اجزاء الجسم حيث صور الرياضي فى صورة شخص عريض المنكبين مرتفع الصدر.

وفى عام 1770 م وجه بولدوين BOLDWEN  الانظار الى ضرورة مراعاة الفروق بين قياسات الجسم من مرحلة الطفولة حتى البلوغ . كما اعد المثال الايطالي البرت نموذجا طوله قدم واحدة قسمه الى عشرة اجزاء ليكون معيارا لتناسب اجزاء الجسم البشري.

وفى عام 1891م اظهر هتشكون أهمية الحصول على قياسات دقيقة للسن والطول والوزن ومحيط الصدر والعضد والساعد وقوة عضلات الذراعين.

كما تطرق البحث أيضاً الى دراسة أنماط الاجسام BODY TYPE  وذلك من المحاولة التى بداها الطبيب اليوناني هيبوقراط HIPPOCRATES  (400 ق. م) بتقسيم انواع الاجسام الى قصير سمين وطويل نحيل وما تلا ذلك من تقسيمات مختلفة لهيل HALLE  وجول GALL وجاريت GARRATT وكرتشمر KRETSCHMER  وغيرهم ، حتى إلى أحدث التقسيمات على يد شيلدون SHELDON  عام 1920م وهيث – كارتر HEATH – CARTER  حتى وقتنا هذا.

وحتى قرب نهاية القرن التاسع عشر كان ما يزال سائداً أن اللياقة البدنية هي القوة العضلية، فالرجل القوي هو الافضل دائما ، حيث كانت معظم الدراسات منصبة على ذلك المفهوم ، فأخترع علماء الانثربولوجيا الفرنسيون فى القرن السابع عشر جهازاً لقياس القوة طوره بعد ذلك سارجينت SARGENT  عام 1873 م واستخدمه لنفس الغرض فى اختباره الشهير للياقة البدنية .

فى القرن التاسع عشر ظهرت مفاهيم عديدة وجهت الانظار الى ضرورة قياس بعض السمات الهامة كالسعة الحيوية VITAL CAPACITY  واستخدم فى ذلك جهاز الاسبيروميتر SPIROMETER  ونسبة الدهن فى الجسم وقوة القبضة GRIP STRENGTH  بالاضافة لقوة عضلات الرجلين والذراعين والظهر باستخدام جهاز الديناموميتر DYNAMOMETER

فى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بدأت الدراسات والملاحظات الميدانية توجه الانظار نحو حقيقة هامة، وهي أن القوة العضلية ليست وحدها السمة اللازمة للياقة البدنية، فقد اشار سارجنت SARGENT  وسيفر SEAVER  الى ان القوة العضلية وحدها لا تسهم بدرجة قاطعة فى الحكم على قدرة الشخص وكفاءته فى العمل والرياضة. وتعتبر العبارات التالية بمثابة نقطة تحول هامة فى تاريخ اللياقة البدنية:

–        حجم الجسم والعضلات لا تكفي لبيان قوة الفرد وطاقته فى العمل.

–        الرجل الضخم ليس دائما الرجل القوي

–        الرجل القوي لا يستطيع استخدام قوته فى كل الاوقات باحسن صورة

–        الرجل القوي ليس دائما الرجل الجلد.

ولقد كان لتقدم علم وظائف الاعضاء PHYSIOLOGY  دور كبير فى تأكيد أهمية مكون الجلد الدروي التنفسي CARDIOVASCULAR. OR CIRCULORESPIRATORY ENDURANCE  حيث أثبتت الدراسات الحديثة أنه مكون مستقل عن القوة العضلية ، ففي تجربة أجريت على عدد من الرياضيين أثبتت أن ثني الذراعين من الانبطاح المائل عدد 15 مرة لا تثير القلب والرئتين بمقدار ما يثيرهما الجري أو السباحة لمسافة ربع ميل.

كما لوحظ من خلال مباريات الجامعات فى الولايات المتحدة الامريكية (بدأت المقابلات الرياضية فى الجامعات عام 1852 م ) وكانت اول مقابلة فى سباق القوارب بين جامعتي هارفرد وبيل  ان الافراد اصحاب الاجسام الضخمة القوية لا يستطيعون اداء الانشطة الرياضية بالصورة المناسبة ، حيث تميز عليهم فى خفة الحركة وسرعة تغير الاتجاه ومدي الحركة وسرعتها عن اقرانهم الاقل حجما، كما انهم كانوا سريعي التعب والاجهاد.

وبدراسة هذه الظاهرة تأكد لدي العلماء أهمية سلامة الاجهزة الحيوية وكفاءتها فى ممارسة الانشطة الرياضية. وضرورة توافر التوافق العضلي العصبي والترابط بين اجهزة الجسم الحركية والعصبية فى اخراج حركات تتميز بالتآزر فكان ذلك مولدا لمكون التوافق العضلي العصبي NEUROMUSCULAR COORDINATION

كما اشارت الدراسات المتعمقة فى طبيعة الانشطة الرياضية المعاصرة باستخدام منهج تحليل المهنة JOB ANALYSIS  الى ضرورة توافر مكونات أخري حتى يتم الأداء الرياضي بصورة سليمة مثل المرونة FLEXIBILITY  والتوازن BALANCE  والدقة ACCURACY  والرشاقة AGILITY  والسرعة SPEED  والقدرة POWER  أو القوة المتفجرة EXPLOSIVE STRENGTH

    كما أن الدراسات الحديثة فى علم الميكانيكا الحيوية BIOMECHANICS  قد أبرزت بصورة جلية أهمية القوة والقدرة أو القوة المتفجرة

ويعتبر منهج التحليل العلمي FACTOR ANALYSIS   أحدث المناهج العلمية المستخدمة حتى الان فى تحديد المكونات الاولية للياقة البدنية حيث أبرزت معظم البحوث التى اجريت باستخدام هذا المنهج تاكيد ضرورة المكونات السابقة كضمان لممارسة جيدة لانشطة التربية البدنية والرياضة وكاساس لحركة الانسان فى حياته اليومية العادية.

–        ماهية اللياقة البدنية :

إن قياس اللياقة هو جزء مكمل للتدريب فى معظم الرياضيات إضافة الى أنه يستخدم غالبا لمساعدة وإرشاد الذين يهتمون بالتدريب كوسيلة للمحافظة على الصحة ، ففي عام 1988 قدمت مؤسسة التدريب الوطنية مشاركة مع جامعة لفبرا البريطانية اختبار اللياقة البدنية المتعدد المراحل كوسيلة بسيطة لعرض اللياقة البدنية الهوائية واصبح الاختبار معروفا كاحد اشهر واصلح تمرينات اللياقة البدنية الهوائية المتاحة .

إن اللياقة البدنية هي مكون اساسي لمعظم انواع الرياضة  فلاعبو القوي البدنية اشتركوا بنشاط فى الرياضة، والمدربون الذى يدربونهم وهؤلاء الذين يتقدربون ببساطة لتحسين صحتهم ومظهرهم فكلهم مهتمون جدا بقياس تقدمهم.

واللياقة البدنية إحدى مكونات اللياقة الشاملة وهى القاعدة التي تبني عليها إمكانية ممارسة الأنشطة الرياضية المختلفة فعليها تبني اللياقة البدنية الخاصة والتقدم بالمهارات الأساسية والخطط وطرق اللعب وبدونها تصبح إمكانية تحقيق هذه الأبعاد أمرا مستحيلاً.

واللياقة البدنية كأحد أوجه اللياقة الكاملة وكمظهر من مظاهرها تعتبر وسيلة وليست غاية في حد ذاتها ، إذ تهدف إلى سلامة الفرد ككل متكامل  وتعتبر اللياقة البدنية أحد مكونات اللياقة الشاملة التي تتضمن اللياقة العقلية واللياقة النفسية واللياقة الاجتماعية وغيرها من اللياقات .

واللياقة البدنية تعني سلامة البدن وكفاءته في مواجهة التحديات التي تواجه الإنسان خلال تعامله في الحياة.

وكفاءة البدن في القيام بدوره في الحياة تتطلب سلامة الأجهزة العصبية والعضلية والجهاز الدوري والجهاز التنفسي والأعضاء الداخلية ، كما أنها تتطلب قواماً جيداً ومقاييس جسمية متناسقة وخلواً من الأمراض.

واللياقة البدنية هي مستوي الحالة البدنية التي يعتمد عليها الرياضي في مكونات اللياقة البدنية الخاصة برياضته والتي يتم قياسها بأجهزة القياس والاختبارات العلمية ومقارنتها بالمستوي الامثل او عبارة عن قدرة الفرد وكفاءته البدنية للقيام بدوره في هذه الحياة دون إجهاد أو تعب.

وتنقسم اللياقة البدنية إلى قسمين:

  • اللياقة العامة ( الصحة والرفاهية(.
  • اللياقة المحددة الخاصة (يعتمد تعريفها على أساس القدرة على تنفيذ جوانب محددة من الرياضة أو أي وظيفة أخرى).

وتتحقق اللياقة البدنية عادة من خلال التغذية الصحيحة و ممارسة التمارين والراحة الكافية.

ويري لارسون ويوكم Larson & Yocom أن الوصول إلى اللياقة البدنية وتنميتها يستلزم :

1-      وراثة جيدة (صفات وراثية جيدة).

2-      تغذية متوازنة.

3-      برنامجاً متزناً للنشاط البدني.

4-      ملابس ملائمة تبعاً لمواسم السنة.

5-      كمية كافية من الراحة والاستجمام.

6-      عادات صحية لتحاشي الإصابات والتوترات.

ويري جلاجر وبروها Gallagher and Brouha أن اللياقة البدنية تتكون من:

1-      اللياقة الثابتة أو الطبية : وتعني سلامة أعضاء الجسم وصحتها مثل القلب والرئتين.

2-      اللياقة المتحركة أو اللياقة الوظيفية : وتعنى درجة كفاءة الجسم للقيام بوظيفته تحت ضغط العمل المجهد.

3-      اللياقة المهارية والحركية : وهي تشير إلى التوافق والقوة في أداء اوجه النشاط المختلفة.

كما قام قسم التربية بولاية نيويورك بدراسة للتعرف على أبعاد اللياقة البدنية فحددها في ثلاثة أبعاد أساسية هي :

1-      العمل البدني أو العمل الحركي:  Physical or Motor Function

(أ) سلامة الجهاز العضلي .

(ب) سلامة عضلة القلب.

(جـ) سلامة الجهاز التنفسي.

(د) سلامة الجهاز الهضمي.

(هـ) سلامة عمل الغدد.

(و) سلامة الجهاز العصبي.

(ز) التوافق بين كل هذه الأجهزة العضوية والذي يمثل الحالة الصحية العامة.

2-      العمل القياسي Anthropometrical Function ويشمل :

(أ) القوام وتناسب قياساته مع طبيعة العمل.

(ب) الطول والوزن وعلاقتهما ببعضهما.

(جـ) التركيب البدني (العظام ، العضلات ، نسبة الدهن … الخ).

(د) قياس مقاطع الجسم المختلفة وتناسقها.

3-      العمل البدني أو العمل الحركي Physical or Motor Function ويشمل

1- الدقة .                    2- الرشاقة.            3- التوازن.

4- القوة.                      5- الجلد.                    6- السرعة.

 7- القدرة.

–        تعريف اللياقة البدنية:

رغم الاهتمام الشديد والشامل في كل بلدان العالم باللياقة البدنية إلا أنه من الصعب إيجاد تعريف واحد لها يتفق عليه كل المهتمين والمختصين بها.

وقد عرفت اللياقة في السنوات السابقة بالقدرة على القيام بالأنشطة اليومية دون تعب مفرط ، غير أن التغيرات في أنماط الحياة عقب الثورات الصناعية وزيادة أوقات الترفيه ، تجعل هذا التعريف غير كاف في هذه الأيام، تعتبر اللياقة البدنية مقياس لقدرة الجسم على العمل بكفاءة وفعالية في أنشطة العمل وأوقات الترفيه ، لتكون صحية ، ومقاومة للأمراض و نقص الحركة، ومواجهة الحالات الطارئة.

ويعرفها Hoekey, 1981   على أنها الحالة البدنية التي يستطيع الفرد من خلالها القيام بأعبائه اليومية بكفاءة عالية . ويضيف على أنها مسالة فردية تعني قدرة الفرد نفسه على انجاز أعماله اليومية في حدود إمكانياته البدنية  والقدرة على القيام بالأعمال اليومية تعتمد على المكونات الجسمية والنفسية والعقلية والعاطفية والروحية لهذا الفرد.

وعرفها   Clarke, 1976 على أنها القدرة على القيام بالأعباء اليومية بقوة ووعي وبدون تعب لا مبرر له من توافر قدر كاف من الطاقة للاستمتاع بوقت الفراغ وممارسة الهوايات المحببة ومواجهة الضغوط البدنية التي تفرضها حالات الطوارئ.

أما كل من Corbin and Lindsey فعرفان اللياقة البدنية على أنها قدرة الإنسان على انجاز أعماله اليومية بكفاءة وفاعلية ، وهي تتكون من إحدى عشر مكوناً مختلفاً ، مختلفة كل واحد منهم يساهم في الارتفاع بمستوى الكفاءة البدنية خاصة ومستوى حياة الفرد بصفة عامة.

 أما Allsen and Vance and Harrison  فقد عرفوا اللياقة البدنية على أنها انعكاس لقدرة الفرد للعمل بهمة واستمتاع بدون ظهور حالة من التعب لا مبرر لها مع توفير بعض الطاقة لاستخدامها في أنشطة ترويجية ومواجهة حالات الطوارئ الغير متوقعة.

–        تعريف منظمة الصحة العالمية للياقة البدنية 🙁 هى المقدرة على أداء عمل عضلي على نحو مرضِ ) .

–        تعريف محمد صبحي حسانين 🙁 مدى كفاء البدن في مواجهة متطلبات الحياة ) .

–        أهمية اللياقة البدنية :

تأتي أهمية اللياقة البدنية من أهمية صحة الإنسان وخلو جسمه من الأمراض والضعف البدني الذي يعوقه عن الإنتاج بكفاءة وفاعلية.

والإنسان ككائن حي خلق ليكون نشطاً وفعالاً وقادر على الحركة والقيام بالأعمال اليومية المعتادة والغير معتادة كما أشار علماء الاجتماع في أبحاثهم إلى حاجة الإنسان القديم للحركة في بحثه عن الطعام والصيد والقتال من أجل البقاء في ظروف طبيعية صعبة.

وعندما عرف الإنسان الزراعة احتاج إلى جهد عضلي وحركي كبيرين للقيام بأعمال الزراعة البدائية التي تحتاج إلى جهد وطاقة كبيرين ، كما احتاج لهذه الطاقة والجهد عمال المصانع وتعبيد الطرق وتشييد خطوط السكة الحديد في بداية القرن الثامن عشر.

كما أن الحاجة إلى درجة عالية من اللياقة البدنية مع توافر حالة صحية جيدة أمر غاية الأهمية لكل إنسان.

وتظهر أهمية اللياقة البدنية من ارتباطها الطردي بعديد من المجالات الحيوية كالذكاء والتحصيل والنضج الاجتماعي والقوام الجيد والصحة البدنية والعقلية والنمو ومواجهة الطوارئ غير المتوقعة. واللياقة البدنية كمظهر من مظاهر اللياقة الكاملة يجب أن توضع في المكان اللائق بها باعتبار إنها وسيلة وليست غاية في حد ذاتها – أما الغاية فهي سلامة الفرد ككل متكامل – والتربية البدنية كمهنة قد قبلت وتحملت مسئوليتها تجاه هذه الغاية منذ زمن بعيد في إطار مبدأ تكامل الفرد ، وبذلك يجب ألا يستمر التركيز والاهتمام باللياقة البدنية فقط على أنها مظهر متميز للياقة الكاملة أو بأنها اكثر مساهمة من أجل حياة افضل للفرد والجماعة.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك