الجمعة - الموافق 22 نوفمبر 2024م

التجربة الديمقراطية العمانية … خصوصية الفكر والمسار

كتب :- محمد زكي

أثبتت التجربة الديمقراطية العمانية طوال مشوارها، أنها تجربة ذات خصوصية متفردة في الفكر والنهج والمسار، فقد سجلت نجاحًا ربما لم تسجله أي ديمقراطية أخرى في المنطقة، حيث أسهمت السياسات الحكيمة للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان، بشأن المسار الديمقراطي في الحفاظ على استقرار الوطن، وبناء مؤسسات الدولة؛ وفق نهج التدرج.

وحققت مسيرة الديمقراطية العديد من الإنجازات، سواء على صعيد الممارسة الفعليّة لحق الانتخاب والترشح، أو من خلال المنظومة التشريعية ممثلة في مجلسي الدولة والشورى، ليكون بذلك مجلس عُمان أحد أهرامات السلطة الثلاثة؛ وهي السلطة التشريعية.

والمتابع السياسي لمسيرة مجلس عمان يرى أنّها مرّت بالعديد من التطورات وعمليّات التحديث، حتى بلغ المجلس ما يتمتع به الآن من صلاحيات رقابية وتشريعيّة، تعزز نضج التجربة البرلمانية.

إذ ارتكز بناء الدولة العصرية الحديثة في سلطنة عُمان كما أراد لها السلطان قابوس سلطان عُمان على مجموعة من الثوابت والمبادئ، من أهمها أن يتم البناء وفق الخصوصية العُمانية وفي إطار من النهج التدريجي الذي يستوعب النخب السياسية الجديدة التي تثري التجربة السياسية العُمانية، وأن يكون في إطار من التكامل والتعاون بين مؤسسات الدولة العصرية الحديثة التي يحكمها القانون، باعتبار أن هذا التعاون بين مؤسسات الدولة تنفيذية وتشريعية يصب في خدمة الوطن والمواطن، الآن وفي المستقبل.

وخلال الجلسة المشتركة التي عقدها مجلسا الدولة والشورى لحسم مواد التباين بينهما في مشروع قانون الجزاء العماني تجلى النضج الديمقراطي، إذ أتيح لكل مجلس على حدة أن يتدارس ويناقش ويعدل مواد مشروع القانون، ومن ثمّ تبقت عدد من المواد لم يتم التوافق عليها بشكل منفرد، ليحتكم المجلسان إلى النص التشريعي في هذه الحالة، والذي يقضي بعقد جلسة مشتركة يتم من خلالها التصويت أو التوافق على المواد محل الاختلاف، ومن بعدها إقرار مشروع القانون ورفعه إلى السلطان قابوس.

لقد جسدت هذه الجلسة المشتركة خصوصية ذات مذاق خاص للبرلمان العُماني، من خلال العمل التكاملي بين المجلسين، والدور البارز لأعضاء المجلسين في طرح وجهات النظر، وتفنيد الحجج وعرض نقاط التباين. ومثل هذه الجلسات تعمّق كذلك من خبرات الأعضاء في هذه المسائل القانونية بالغة التخصص، وتنقل للمواطن العماني والعالم أجمع، آلية عمل السلطة التشريعية بما يضمن نزاهة القوانين.

ولعل من أبرز المواد التي صاغها الأعضاء المادة (214) الخاصة بالموظف العام والعقوبة التي يمكن أن يواجهها في حالة قيامه بالوساطة أو التدخل أو التوصية لإنجاز مهام؛ سواء في إطار وظيفته أو الإخلال بها. وتكمن أهميّة هذه المادة أنّه لأول مرة في السلطنة يتم تجريم “الوساطة” ووضع عقوبة السجن والغرامة لها.

ويبقى القول إنّ مسيرة الديمقراطية العُمانية وتجربتها التنموية تواصل التقدم إلى الأمام بالتوازي مع تطوير مؤسسات الدولة وإشراك المواطن في آلية اتخاذ القرار وصناعته، بما يضمن تطورًا ديمقراطيًا يليق وعراقة الشعب العماني.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك