الأحد - الموافق 23 فبراير 2025م

الشراكة بين القطاعين العام والخاص نهج أصيل في السياسة الاقتصادية العُمانية

كتب :- محمد زكي

مع تدهور أسعار النفط العالمية ومردوداتها السلبية على اقتصادات الدول المنتجة والمصدرة للنفط، انتهجت سلطنة عُمان منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي استراتيجية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعملت على تفعيلها بكثافة ضمن آليات خطتها الخمسية التاسعة والتي بدأت منذ مطلع العام الحالي 2016، لدفع عجلة التنويع الاقتصادي، وتعظيم المكاسب الاقتصادية.

هذه الاستراتيجية العُمانية ليست وليدة الظروف والأحداث فحسب، إنما هي استراتيجية مدروسة منذ ستة وأربعين عاماً، وبعد مرور ستة أشهر على تفعيل هذه الاستراتيجية، بات للقطاع الخاص نصيب وافر في دفع محفزات الاقتصاد العُماني، وخرج الإطار العام لدور القطاع الخاص في الخطة الخمسية التاسعة من حيز النظرية إلى واقع التطبيق، وتم إنجاز العديد من الخطوات العملية المهمة والتي تعد ترجمة فعلية لأهداف الخطة من حيث زيادة الدور الذي يلعبه القطاع الخاص.

إذ تم الإعلان عن شراكات جيدة تجمع بين صناديق الاستثمار الحكومية، خاصة صندوق الاحتياط العام وبين شركات من القطاع الخاص في مجالات محددة تستهدف دعم وتعزيز القطاعات الأساسية التي يرتكز عليها النمو خلال فترة الخطة الخمسية مثل الصناعة والتعدين والسياحة، وتم الإعلان عن بدء تنفيذ واحداً من أضخم الاستثمارات الأجنبية الخاصة التي شهدتها السلطنة وهو مشروع المدينة الصناعية الصينية في المنطقة الاقتصادية بالدقم ، كما يجري حاليا وبوتيرة متسارعة الانتهاء من المسودة الخاصة بتعديلات قانون الاستثمار الأجنبي والذي من المنتظر أن يؤدي إصداره إلى نقلة نوعية جديدة في تحسين مناخ الأعمال ودعم تنافسية الاقتصاد.

وبشكل عام يعد تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي وزيادة مساهمة مختلف القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي أهم أهداف الخطة الخمسية التاسعة بما يساهم في التقليل من اعتماد الاقتصاد الوطني على النفط سواء في الإيرادات أو الصادرات والتقليل من تداعيات الصدمات الخارجية التي تترتب على التذبذب في أسعار النفط في السوق العالمي، وجنبا إلى جنب تسير عملية تعزيز التنويع الاقتصادي مع ما أنجزته الحكومة العُمانية من إصلاحات مالية خاصة إلغاء دعم الوقود وإقرار إصلاحات في ضرائب الشركات وزيادة مصادر الدخل من الرسوم والقطاعات غير النفطية فضلا عن ترشيد الإنفاق العام.

وتستهدف الخطة الخمسية التاسعة تحقيق معدل نمو في حدود 3 بالمائة وتحقيق الاستثمارات الإجمالية متوسطا يبلغ 8.2 مليار ريال عماني سنويا، في حين يبلغ حجم الاستثمارات المستهدفة بالخطة نحو 41 مليار ريال عماني و 52 بالمائة من هذه الاستثمارات من القطاع الخاص بما يوازي نحو21 مليار ريال عماني وبما يعادل 14.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي كمتوسط سنوي لفترة الخطـة.

فالرؤية الحكومية العُمانية لدور القطاع الخاص ترى أنه قادر على تنفيذ مشروعات كبرى، متى توفرت البيئة المناسبة له، وسيتم طرح عدد من المشروعات التي كانت ستنفذها الحكومة منفردة ليتم تنفيذها من قبل القطاع الخاص أو بالشراكة بينه وبين القطاع العام، منها الأعمال المتعلقة بأكبر مشروع سياحي تشهده السلطنة وهو الواجهة البحرية في مطرح ومشروع ميناء شناص ومشروع ميناء خصب والمنطقة اللوجستية في جنوب الباطنة والمنطقة الاقتصادية في الظاهرة بجانب عدد من المشروعات السياحية وعدد من المشروعات المتعلقة بالقطاع السمكي.

وعلى أرض الواقع تم مؤخرا إعلان عديد من مشروعات الشراكة التي تخدم النمو في القطاعات التي تركز عليها الخطة الخمسية التاسعة، وبتعاون بين صندوق الاحتياطي العام للدولة ومستثمرين من القطاعين العام والخاص، وتم تأسيس شركة تعمل في قطاع التعدين هي “تنمية معادن عمان” برأسمال 100 مليون ريال، باعتبار قطاع التعدين واحدا من القطاعات الخمس الرئيسية لدعم النمو في الخطة الخمسية التاسعة، كما بدأ نشاط أول شركة استثمارية لتمويل المشروعات المبتكرة وهي الشركة العُمانية لتطوير الابتكار القابضة ابتكار عمان برأسمال مبدئي 50 مليون ريال، وهي ثمرة شراكة بين صندوق الاحتياطي العام للدولة وشركة النفط العُمانية وعُمانتل وبالتعاون مع مجلس البحث العلمي، كما تعد شركة “أساس” ثمرة تعاون مشترك بين 10 مؤسسات حكومية، هدفها الرئيسي المساهمة في تعزيز العائدات الوطنية للقطاعات غير النفطية من خلال تحديد الفرص الاستثمارية الجديدة والحلول الذكية.

لا شك أن كل هذه الشراكات بين القطاعين العام والخاص التي تم الإعلان عنها وتلك التي قيد الإعداد خلال الخطة الخمسية التاسعة هدفها الأساسي هو التكيف مع مرحلة النفط الرخيص وتحقيق الأهداف الملحة لدعم معدلات النمو وتعزيز نمو الاقتصاد بشكل مستدام

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك