يقال بأنّ العلم نور، فهو الذي يوسّع آفاق ومدارك صاحبه، ويزيد من ثقافته ويطور معلوماته ويمنحه قوة المعرفة، وهو عبارةٌ عن كل أشكال المعارف
والمعلومات، غير أنّ العديد من المجتمعات في وقتنا الحاضر تعاني من الجهل أو ما يعرف بالأميّة، وهي ظاهرةٌ مجتمعيةٌ ذات تأثيراتٍ سلبية، وتنتشر في العديد من البلدان عبر العالم، وتعني عدم القدرة على الإتقان الفعلي للقراءة والكتابة، وتختلف مقاييسها من مجتمعٍ لآخر تبعاً لتفوقه التكنولوجي وتبعاً لاختلاف الزمن أيضاً، فقديماً وفي المجتمعات البدائية البسيطة كانت الأميّة تتعلّق بالقراءة والكتابة مثل غالبية الدول النامية ودول العالم الثالث، أمّا في وقتنا الحاضر وفي المجتمعات المتقدّمة فإنّ مقياس الأميّة هو معرفة استخدام الحاسوب والإنترنت كحال معظم الدول الغربية والمتقدّمة أمثال اليابان وألمانيا.
إنّ محو الأمية يعتبر من أهمّ العناصر والمتطلّبات لتنمية المجتمع وتطوّره، وهو من الحقوق الأساسية للأفراد بكلّ فئاتهم العمرية، وأساس عملية التعلّم طوال الحياة ويساعد بشكل كبير على تنمية المجتمع، ويشكّل أداةً فعالة في تحسين الحياة من جميع النواحي الاجتماعية والصحيّة والاقتصاديّة، وزيادة الدخل.
تعني الأمية عدم معرفة القراءة والكتابة، والشخص الأمّيّ هو الشخص الذي لا يستطيع القراءة والكتابة للجمل القصيرة وفهمها، أو الشخص الذي فات سنّ تعليمه وظلّ جاهلاً بالقراءةِ والكتابة.
أسباب تفشّي الأمية
تشكّل الأمية عائقاً كبيراً أمام تحسين الظروف الحياتيّة لذلك تعمل الأمم على إيجاد الحلول لهذه المشكلة، وهي مشكلة مزمنة وشائكة لها عدّة أسباب تربوية واجتماعية واقتصادية وتاريخيةٍ من أهمّها:
- الظروف السياسية التي تعيق التعليم
- فقرالأسرة الذي لا يسمح لها بسداد تكاليف المدارس ويجبرها على تشغيل أبنائها للمساعدة في مصاريف الأسرة ، فالعلاقة بين المال والعلم علاقةٌ مباشرة، والدول الفقيرة التي لا تستطيع تحمّل نفقات تعليم مواطنيها، تظلّ تعاني لوقتٍ طويلٍ من الجهل والتخلف العلمي والثقافي.
- انخفاض مستوى تعليم الأسرة التي لا ترى مدى أهمية التعليم لذلك تحرم أبنائها منه
- موت الوالدين واضطرار الأبناء إلى تحمّل مسؤولية الأسرة
- عدم قيام أجهزة الإعلام بدورها في توعية الأمّيين على ضرورة التحاقهم ببرامج محو الأميّة.
- الاستخفاف بأهمية التعليم ودوره، فالعديد من الناس لا يعتقدون بأهميّته على صعيد اكتساب ثقافةٍ ومعلوماتٍ، ثمّ الحصول على شهادةٍ تعليمية.
- المجتمع الذي لا يقوم على أسس العلم والمعارف لعدّة أهدافٍ أهمّها الحصول على الوظائف بل يقوم على أسس الوظائف البدائية البسيطة مثل الزراعة والرعي.
- المجتمعات التي تمنع تعليم المراة، نتيجة العادات والتقاليد وانتشار ثقافة العيب التي تمنع خروج المرأة إلى الأوساط العامة والاختلاط بغيرها.
- التسرّب التعليمي للأطفال، والذين يصلون لمرحلةٍ تعليميةٍ معينة، ويتركون الدراسة لعدة أسبابٍ منها الحالة الاجتماعية والاقتصادية للأهل فيساعدهم، ولعدم تفوقّه في مجال الدراسة.
- ضعف مرافق التعليم وتزايد عدد السكّان، وبالتالي عدم قدرة الدولة على استيعاب احتياجاتهم، كالعلم على سبيل المثال.
يمكن التغلّب على مشكلة الأميّة بعدةّ وسائل، منها:
- إلزامية التعليم، فالدولة التي تفرض على مواطنيها العلم والتعلم تكون في مقدّمة الأمم وبالتالي تنهض بنفسها وبأفرادها، مماّ يؤدّي إلى القضاء على الظواهر الاجتماعية السيّئة مثل الأميّة.
- التوعية المجتمعية من خلال مؤسسات المجتمع بأهمية وضرورة التعليم وأهميّة دوره في الحياة.
- جمع الأميين صغاراً وكباراً في مراكز مختلفة وإعطائهم دوراتٍ متنوعة.
- البرامج التي تعمل على محو الأمية في تطوّر مستمرّ نتيجة للتطوّر التكنولوجي السريع والمتواصل في العالم، لما لمحو الأمية من آثار إيجابية لمستقبل أفضل لذلك تعمل العديد من المنظمات على تطوير برامج رائدة تساعد للتخلّص من المشكلة، والتخفيف منها؛ لأنّها أساس التعليم والتعلّم في الحياة، ويعتبر من الحقوق الأساسية التي ينصّ عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- كون التعليم هو الوسيلة الفعالة، والركيزة الأساسية في التغيير الاجتماعي، وكون الأمية إحدى ظواهر التخلف الاجتماعي، يجب أن يتاح التعليم لكل أبناء المجتمع باعتباره أحد المخارج المهمّة من دائرة الأوبئة الاجتماعية كالفقر، والجهل وغيرها، وهو من الثروات الحقيقية لأيّ مجتمع والتي تساعد على استغلال قدرات وطاقات ومهارات الموارد البشرية.
- تعمل المنظمات على عدّة مشاريع مثل مشروع “توفير التعليم الأساسي للشباب والكبار” حيث يعمل على تعليم المشاركين وتشجيعهم على المشاركة في مشروع القراءة والكتابة بلغتهم الأم، ويتمّ إعطاؤهم جوائز في نهاية المشروع.
- في بعض المناطق يتمّ التركيز على تعليم النساء حيث إنّهنّ يشكلن نصف المجتمع، وهنّ أساس الأسرة، ولا يمكن تحقيق التنمية المستدامة بدون أن تتمتع النساء بحقوق متساوية وفرص متكافئة، ويسعى البرنامج لتزويدهن بمهارات الكتابة والقراءة لتحسين حياتهن وتدريبهن في مجالات الصحّة والتنمية الاقتصادية المستدامة.
- باعتبار أن الشباب هم عماد المجتمع، تقع عليهم مسؤولية البحث عن حلول لهذه المشكلة والمساهمة في حلّها، من خلال عمل فصول لمحو الأمية، وتشجيع الأميين وتوعيتهم لمدى أهمية الالتحاق بهذه الصفوف، ومدى أهمية التعليم وتحفزيهم على الاستمرار فيه.
- كون مشكلة محو الأمية من أخطر المشاكل التي تواجه المجتمع، فإن ّكفاحها مهمة المجتمع ككلّ فلا تنمية، ولا تطور، ولا ديموقراطية مع وجود خطرالأمية ولذلك فإن حلّها من أهمّ الأولويات.
- يتمّ الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية تحت شعار “محو الأمية والتنمية المستدامة” في الثامن من سبتمبر كلّ عام، باعتبار أنّ حل هذه المشكلة يساعد الناس على اتخاذ القرارات الصحيحة في كلّ المجالات الاقتصادية والاجتماعية، ويشكل مفتاحاً لكلّ معرفة.
تعتبر الدول التي تهتم بالتعليم ونبذ الجهل والقضاء عليه من أهم الدول وأكثرها تطوراً، فالتقدم يقاس بالعلم والعمل فهما أساس التطورالإنساني، والدول التي استطاعت القضاء على الأميّة فيها في مختلف شرائحها هي دولٌ ناجحة، وترقى لتكون في طليعة الأمم، يُذكَر أن الدين الإسلامي حث على العلم، حيث كانت آية “إقرا” هي أول آية نزلت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
جمع و اعداد
د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي
قسم وقاية النبات – كلية الزراعة – جامعة سوهاج
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر
التعليقات