تعد مشكلة النقص الغذائي من المشكلات التي تعاني منها الدول النامية نظرا لتزايد السكاني غير المتوازن مع الإنتاج الزراعي. وتقدر خسارة الإنتاج العالمي من الحبوب مابين 5% إلي 10% ، وهذه الخسارة تتعدى 30% في المجتمعات المتأخرة تكنولوجيا، وفقا لما ورد في احصائيات المنظمة العالمية للزراعة والتغذية.
ويقول ” ديفيد بلومبرج ” المدير التنفيذي لشركة (جيران بلومبرج ) فى الشرق الأوسط وأفريقيا، لوكالة أنباء” بلومبرج” أن سوء التخزين يأكل نصف المخزون القومي من القمح الذى تشتريه الحكومة من المزارعين سنويا لتعرضه للحمام والقوارض واللصوص الذين ياكلون منه. ويعتبر التخزين السيء للقمح دون مراعاة عوامل الحرارة والرطوبة جريمة نكراء في حق البشر، لأن تعرض حبوب القمح للرطوبة الجوية وإرتفاع درجة الحرارة يؤدي إلي إصابتها بالعديد من أنواع الفطريات التي تفرز سموم الميكوتوكسين بمختلف أنواعها وأشرسها وأخطرها سموم الأفلاتوكسين التي تؤدي للإصابة بسرطان الكبد وتليفه.
لذلك أصبحت مشكلة النقص الغذائي من المشكلات التي تحظى باهتمام الباحثين مما دفع الدكتورعبد المجيد بلعابد وزملاؤه بجامعة الرباط بالمغرب بإجراء دراسة تجريبية عن ترك بذور القمح في سنابلها لمدة سنتين مقارنة مع بذور المعزولة من سنابلها، وأظهرت النتائج أن البذور التي تركت في سنابلها فقدت كمية من الماء وأصبحت جافة مع مرور الوقت بالمقارنة مع البذور المعزولة من سنابلها، فالحبوب الجافة أفضل لأن وجود الماء يسهل من تعفنها، وأظهرت الدراسة أيضا أن البذور في السنابل هي أحسن نمواً بنسبة 20% بالنسبة لطول الجذور و 32% بالنسبة لطول الجذوع. ووجد أن البذور التي عزلت من السنابل انخفضت كمية البروتينات والسكريات العامة بنسبة 32% بعد سنتين بينما لم تتغير هذه المركبات في البذور المحفوظة في سنابلها.
قال تعالى: ” يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِيقُ أَفْتِنَا فِى سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ” (يوسف 45-49).
أى فسر لنا تلك الرؤيا التي رآها الملك، والتي عجز الناس عن تفسيرها، وهي أن الملك رأى في منامه «سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات» (تفسير الوسيط)
” فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنْبُلِهِ إلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ” وهناك وجهاً من وجوه الإعجاز العلمي في هذه الآية الكريمة:
1 – تحديد مدة صلاحية حبة الزرع في خمس عشرة سنة، سبع سنوات يزرع فيها الناس وهي سنوات الخصب والعطاء، يليها سبع سنوات شداد عجاف هي سنوات الجفاف، يليها سنة واحدة هي السنة الخامسة عشرة وفيها يغاث الناس وفيها يعصرون من الفواكه، وقد أفاد البحث العلمي أن مدة 15 سنة هي أقصى مدة للحفاظ على الحبوب.
2 – طريقة التخزين التي أشار بها نبي الله يوسف عليه السلام – في قوله تعالى: ( فذروه في سنبله ) وهي أحسن وأفضل طريقة لتخزين الحبوب وهي وحي إلهام من الله، للحفاظ عليها، دون أن تتأثربالتقلبات المناخية.
فإن هذا القرآن ليس كتاب هداية فقط، بل كتاب علم وهداية، حيث يزخر بالعديد من الإشارات العلمية في شتى مجالات المعرفة، فمن خلال تدبر آيات القرآن الكريم نستطيع استخلاص القوانين التي تيسر علينا الحياة، فإن الله لم يترك شيء فيه الخير لنا إلا وجعل في القرآن دلالة عليه مصدقا لقوله تعالى: ” وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ ”
( النحل:89).
التعليقات