الجمعة - الموافق 08 أغسطس 2025م

الطاقة النووية

 

د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي

رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر

إن استخدام الطاقة النووية في توليد الكهرباء قوبل قي البداية بمعارضة شديدة من كثير من الجماعات في العديد من دول العالم، و انقسم العامة بين مؤيدين ومعارضين لهذا الاستخدام السلمي للطاقة النووية، حيث من وجهة نظر المعارضين لإقامة المفاعلات النووية و المحطات الذرية هناك احتمالات كبيرة بحدوث خلل في بعض اجزاء هذه المفاعلات و المحطات قد تؤدي إلى تسرب اشعاعي منها وبالتالي انتشاره في المناطق المحيطة والقريبة من هذه  المفاعلات والمحطات. و هم يستندون في ذلك على بعض الحوادث النووية التي وقعت لبعض المفاعلات مثل مفاعل تشرنوبيل و مايلز ايلاند وما ترتب عليهما من انتشار اشعاعي فوق اوروبا وبعض دول آسيا. اما بخصوص المؤيدين للطاقة النووية فهم يستندون على تطورها تكنولوجيا و استفادتها من كل الحوادث درس و حصانة مكنتها من الوصول بها إلى مرحلة متقدمة جدا من ناحية الأمان لدرجة عمل تصاميم لأنواع من المفاعلات ذات الأمان الذاتي الذي اطلق عليها مفاعلات الجيل الرابع و هي تعتمد في تشغيلها على الكفاءة الذاتية و أقل عنصر بشري، و هذا النوع من المفاعلات يتوقف عن التشغيل ذاتياً عند ما تشعر منظومة التشغيل أي غرفة التحكم الالكترونية بأي خطر مثل ارتفاع درجة الحرارة عن الحد المطلوب للتشغيل.

من هنا، فإن الطاقة النووية اليوم آمنه للحد الذي لا يتصوره أحد. و حتى اتعمق اكثر بكم في مقالي هذا في الوقت الذي يكثر فيه اليوم الحديث حول مسألة نفاذ مصادر الوقود الأحفوري (النفط والفحم)، نجد العلماء و الباحثين والخبراء في مجال الطاقة قد اتخذوا قرارا بالعودة للاعتماد على نظم الطاقة البديلة لغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي، و من هذا المنطلق هناك العديد من العوامل التي يجب اخذها بعين الاعتبار خاصة بعد ما اتضح يقينا ان عصر الطاقة الرخيصة ( الوقود الأحفوري وهو النفط) قد ولى، و هي:

  • نضوب الموارد.
  • تواصل النمو السكاني.
  • تدني حصة الفرد الواحد من الإنتاج الغذائي.
  • التغير المناخي الشامل وظهور علامات أخرى على التردي البيئي ( ظاهرة ثقب الأوزون + الغازات الدفيئة مثل ثاني اكسيد الكربون وغيره) وهي الأهم.

وتعتبر الذرة و التكنولوجيا المرتبطة بها من المجالات التي لها إيجابيات كبيرة تسهم في حل الأربع عوامل المذكورة سلفاً رغم وجود بعض السلبيات اذا حدث تهاون في الشروط  الأساسية لاستخدام التكنولوجيا الذرية، و فهم ايجابيات الاستخدامات السلمية لهذه التكنولوجيا فأنها تسهم بشكل كبير في المحافظة على البيئة.

و اليوم بدأت تلوح في النظام المناخي نهاية تكاد تعود بشكل مؤكد إلى زيادة آثار الاحتباس الحراري الناتج عن النشاط البشري، و عليه فإن الطاقة النووية ستسهم في المساعدة على حل مشكلة تلوث الغلاف الجوي و التقليص من هذه الظاهرة إلى أدنى حد ممكن. من هذا المنطلق فإنني أرى أن الطاقة النووية هي أنسب الخيارات المتاحة في ما يتعلق بحماية البيئة نظراً لنظافتها و قلة تكلفتها على الرغم مما تحتويه من مخاطر من بينها النفايات النووية و أسلحة الدمار الشامل و مشكلة التخلص من المنشآت النووية القديمة، و أنا في مقالي هذا لا أطرح استراتيجية عامة لمصادر الطاقة بل أنبه إلى ان استهلاك الطاقة بالشكل الذي نحن عليه اليوم سوف يؤدي إلى كارثة بيئية و إنسانية نظراً لعدم قدرة البيئة على تحمل تزايد السكان فالضغط السكاني و نضوب موارد الطاقة لا يمكن ان تكونا قضيتين جانبيتين بل هما القضيتان المركزيتان اللتان يحددان مصير استهلاك الطاقة.

 

   القانون النووي والبيئة:

من المعروف ان القانون النووي هو اطار لاستخدام الطاقة النووية لأغراض  سلمية بمعنى المحافظة على الصحة و أمن الأفراد و الممتلكات و البيئة ايضاً. و الاتفاقيات الدولية التي تخص الأمان النووي و التي تجعل حماية البيئة من  ضمن أهم أهدافها الرئيسية على سبيل المثال، المادة الاولى من اتفاقية الأمان النووي سنة 1994 تنص على ان أهداف الاتفاقية المحافظة على المنشآت النووية من مخاطر الإشعاعات النووية المحتملة لأجل حماية الأفراد و المجتمع و البيئة من الآثار الضارة للإشعاعات المؤينة الناتجة من هذه المنشآت، و من ضمن هذه الاجراءات على سبيل المثال: الاختبارات المستمرة للأمان و نظم التصاريح و وضع نظام للتدخل في حال وقوع حادث مع مبدأ استرجاع الخبرة. و بخصوص الإشعاعات المؤينة فالقانون النووي يأخذ بمبدأ التناسب الذي يترجم بفرض قيود على تعرض العاملين في هذا المجال للإشعاع اعتمادا على مبدأ التبرير و لهذا يتم الأخذ بعين الاعتبار المزايا الاقتصادية و الاجتماعية مقارنة بالأضرار الصحية المحتملة.

   علاقة قوانين البيئة بالقانون النووي:

يعتمد القانون النووي على مبدأ التنمية المستدامة أيضاً، و على مبدأ أن الملوث هو من يدفع، و من هذين المنطلقين من ناحية التنمية المستدامة يجب المحافظة على مخزون اليورانيوم و كافة الموارد الطبيعية التي تتأثر بالإشعاع لأجل الحفاظ على الأجيال القادمة كما يجب تقنين استخدام اليورانيوم، و الأهم أخذ كافة الاعتبارات البيئية في الحسبان و تكون جزء من الاستراتيجية الاقتصادية و السياسية في كافة برامج التنمية الخاصة بالطاقة النووية. أما بخصوص المنطلق الثاني و هو أن الملوث من يدفع، فهذا يعني تكاليف التلوث يتحملها المشغل أو الحكومة المسؤولة عن هذا التلوث و من الاتفاقيات الخاصة بالمسؤولية المدنية النووية التي تنص على أن المشغل هو المسؤول عن الاضرار التي تصيب البيئة، و هذا ينطبق أيضاً على تفكيك المنشآت النووية و يتم ذلك عن طريق وضع نظام مالي وتشريعي لإعادة تأهيل وتفكيك المواقع النووية .

 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك